كما تواجه سعيّد عربيا بعض الصعوبات ربما في التعامل مع أنظمة من خارج المنظومة التي ينتمي لها، بين أنظمة عربية داعمة للثورات المضادة، ونظام وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري، وآخر مقعده معلق في الجامعة العربية.
ويعتبر سعيّد القضية الفلسطينية قضية مركزية للعرب، كما هو حال القادة العرب في خطاباتهم، لكنه هاجم إسرائيل كما لم يهاجمها أحد، واعتبر العلاقات معها "خيانة عظمى" تستوجب المحاكمة.
أما فيما يخص سوريا، فقد اعتبر "إسقاط النظام في سوريا شأن داخلي يجب ألا يتدخل به أحد".
الكاتب التونسي، الطيب الغيلوفي، قال إن سعيّد وإن كان من خلفية ثورية، إلا أن السياسة الخارجية لتونس لن تختلف كثيرا، لأنه لا يؤمن بـ"تصدير الثورة"، وليس لديه أي انتماءات أيدولوجية، ولن يحسبه أحد على "الإخوان المسلمين" على سبيل المثال.
وأشار إلى أن كون سعيّد مستقلا، سيكون عاملا مسهلا للتعامل مع الزعماء العرب على اختلافهم.
وأكد أن الجانب الثوري من شخصية سعيّد ستكون موجهة إلى الداخل التونسي، في قضايا الاقتصاد، والفساد، والعدالة، واستقلال القضاء، وتوسيع دائرة الديمقراطية، ولن يتصادم مع دول عربية حتى التي تنتمي إلى تيار "الثورات المضادة" لا سيما السعودية، والإمارات، ومصر.
وبخصوص سوريا، أشار إلى أن الرئيس التونسي الجديد يفرق بين "النظام السياسي" في سوريا وبين "الدولة السورية".
ولفت إلى أن العلاقات التونسية العربية ليست ممتدة وكبيرة بقدر ما هي قوية مع الجانب الأوروبي، الذي يؤثر على تونس اقتصاديا إذا أن قرابة 80% من التبادل التجاري لتونس هو مع أوروبا.
وعن الموقف المعلن لسعيّد من إسرائيل، قال الغيلوفي إنه ربما يضطر إلى التخفيف من نبرة الهجوم والنقد لإسرائيل، بضغوط خارجية، ولأن الاستقرار الداخلي أحد أهدافه.
ولفت إلى أن القرار التونسي فيما يخص إسرائيل ليس مؤثرا بشكل كبير في القرار العربي.
وأكد أن الغرب وإسرائيل سيضغط على تونس من أجل التطبيع مع دولة الاحتلال، أو على الأقل التوقف عن مهاجمتها علنا، في موقف غير مألوف من زعيم عربي.
ولفت إلى أن الحكومة القادمة ربما لا تكون على وفاق كامل مع توجهات الرئيس، وحدث في تونس سابقا أن كان لرئيس الوزراء موقف مخالف لرأس الدولة.
وهنأ قادة وزعماء عرب سعيّد بانتخابه رئيسا، وأبدوا رغبتهم بالعمل مع الرئيس الجديد من أجل تطوير العلاقات بين البلدان العربية.
كما أعرب وزير الخارجية الأميركي "مايك بومبيو" عن استعداد بلاده للعمل مع الرئيس المنتخب، متوجها بالتهنئة إلى الشعب التونسي، الذي قال إنه "توجه إلى صناديق الاقتراع لممارسة حقه المكتسب في التصويت.
ولم يصدر أي تصريح غربي حتى الآن بخصوص انتقادات سعيّد للاحتلال الإسرائيلي.
الإعلامي التونسي سمير الخالدي، قال إن تونس تعاملت سابقا بما يسمى "الحياد الإيجابي" وهو عدم التدخل في القضايا الخاصة إلا أن تكون عنصرا إيجابيا.
وأشار إلى أن سعيّد يمتلك عقلية ثورية، لكن خطاباته وكلامه خلال الحملة الانتخابية كان حماسيا، وكلام انتشاء بالنصر أمام الناخبين والشباب، وهو أمر طبيعي.
ولفت إلى أن سعيّد سيتعلم رويدا رويدا مع مستشاريه، والحكومة التي ستكون متوافقة غالبا ما آراءه، الدبلوماسية والخطاب الموزون، الأمر الذي يحتاج وقتا، وأن مواقفه لن تؤثر جذريا في سياسة تونس الخارجية التي ستبقى ضمن دائرة "الحياد الإيجابي".
وتابع: "رأينا هذا الموقف التونسي في الأزمة الخليجية، إذ تواصلت تونس مع جميع الأطراف، واستقبلت الجميع، كما كان الموقف من ليبيا إيجابيا بالتعامل مع كلا الطرفين، وسيزور الجزائر قريبا وسيتعامل مع المنظومة الحالية التي ربما تسقط لاحقا".
وأكد أن سعيّد لن يغير سياسة تونس الخارجية التي كانت من أيام بورقيبة حتى الآن.
وفيما يتعلق بالموقف من إسرائيل، أشار إلى أن التجمعات الموالية لإسرائيل، تنقل كلام سعيّد حرفيا فيما يتعلق باعتبار التعامل معها خيانة عظمى. لكنه استدرك قائلا بأن الدول واللوبيات لن تبني سياستها على تصريحات أولية، وخطابات خلال الحملات الانتخابية.
وعن التعامل الغربي مع تونس، قال الخالدي إنه من السابق الحكم على الطريقة التي سيعامل بها الغرب تونس، مشيرا إلى أن الحكومة إذا تبنت في برنامجها حدية بمثل حدية الرئيس فربما يكون هنالك حصار لتونس، التي تعتمد كثيرا على الدعم الخارجية، لموازنتها، ولتيسير أمور الدولة.
ولفت إلى أن على تونس التزامات كبيرة للمانحين، وصندوق النقد الدولي.
وختم بأن الحكومة في أغلب الأمر ستعدل من خطاب الرئيس، وستقدم برنامجا يتناسب مع علاقات تونس، فالخطابات أمر، والواقع شيء مختلف تماما.
وكان رئيس هيئة الانتخابات التونسية، نبيل بفون، أعلن في مؤتمر صحفي، إن سعيّد حصل على 72.71 بالمائة من الأصوات، بمجموع مليونين و777 ألفًا 931 صوتا، مقابل 27.29 بالمائة لمنافسه نبيل القروي، بمجموع 1مليون و42 ألفا و894 صوتا.