نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرا، تحدثت فيه عن عودة رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق، سيلفيو برلسكوني، إلى الساحة السياسية الإيطالية، حيث قدم ترشحه للانتخابات التشريعية الإيطالية التي ستنعقد يوم غد الأحد. وقد أثارت هذه العودة المفاجئة جدلا واسعا في الشارع الإيطالي نظرا للغموض الذي يحيط بهذه الشخصية السياسية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن إيطاليا ستنتخب برلمانا جديدا يوم غد الأحد. في خضم هذا الاستحقاق الانتخابي، يحظى التحالف، الذي يقوده رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق، سيلفيو برلسكوني، بحظوظ وافرة للفوز بأغلبية المقاعد. حيال هذا الشأن، صرح أحد أستاذة الفلسفة الإيطاليين أن "برلسكوني شخص عبقري، فعلى الرغم من تقدمه في السن وإرهاقه، إلا أنه عاد إلى الواجهة السياسية مجددا".
وأشارت الصحيفة إلى أن برلسكوني يعد مستثمرا مشهورا في مجال الإعلام. وفي السابق، تولى برلسكوني منصب رئيس الوزراء في ثلاث مناسبات. وعلى الرغم من الضربات التي تلقاها، إلا أن برلسكوني كان، وفي كل مرة، يعود إلى الساحة السياسية من جديد. ولعل الأمر المثير للاشمئزاز في هذا الصدد أن فترات حكم برلسكوني اقترنت بالعديد من الفضائح، حيث كان يستغل منصبه من أجل التأثير على القضاء. خلال سنة 2013، تم منع رئيس الوزراء الإيطالي من الترشح للانتخابات والمشاركة فيها على خلفية اتهامه بالتهرب الضريبي.
وأوضحت الصحيفة أن برلسكوني شوه المشهد السياسي والثقافي الإيطالي بسبب ما يروج عن علاقاته بالمافيا الإيطالية. في الأثناء، مثلت عودة رئيس الوزراء السابق المفاجئة للمشهد السياسي لغزا محيرا خاصة وأن الرأي العام الإيطالي كان يعتقد أن برلسكوني سياسي قد أفل نجمه على خلفية ما راج عن علاقاته بالعاهرات وعارضات الأزياء، علاوة على الأزمة الاقتصادية التي مرت بها إيطاليا خلال عهده، ناهيك عن حل حزبه.
وأضافت الصحيفة أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن التحالف الذي يقوده برلسكوني، سيحقق نجاحا نسبيا خلال الاستحقاق الانتخابي. ويضم هذا التحالف كلا من حزب فورزا إيطاليا وحزب رابطة الشمال المعروف بعدائه للأجانب ومعارضته للاتحاد الأوروبي برئاسة ماتيو سالفيني، فضلا عن حزب إخوة إيطاليا المعروف بتوجهاته الفاشية برئاسة السياسية جورجيا ميلوني. على ضوء نتائج استطلاعات الرأي، من المنتظر أن يحصد تحالف برلسكوني 36 بالمائة من المقاعد البرلمانية.
وأفادت الصحيفة أن استطلاعات الرأي كشفت أن الحزب الديمقراطي الذي يترأسه رئيس الوزراء الإيطالي الحالي، باولو جينتيلوني، سيحصد 27 بالمائة من الأصوات، في حين ستحصد حركة النجوم الخمسة التي يترأسها الكوميدي السابق، بيبي غريللو، 25 بالمائة من المقاعد.
وأوردت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق عزا ظهوره المفاجئ على الساحة السياسية إلى فقدان الشعب الإيطالي الثقة في الأحزاب السياسية التقليدية. والجدير بالذكر أنه وخلال الثمانينات، أسس برلسكوني خمس قنوات تلفزية على غرار "كنالي 5" "وإيطاليا 1" "وريتي 4". في الأثناء، يعتبر الشعب الإيطالي برلسكوني شعبويا نتيجة مشاركته في برامج تلفزيون الواقع وبرامج المواهب، علاوة على ألفاظه السوقية والنابية.
وأوضحت الصحيفة أن حزب فوزا إيطاليا تأسس في سنة 1994 بدعم من الشركة الإشهارية "بوب إيطاليا". وخلال فترة حكمه، اتسمت مواقف برلسكوني بالتذبذب والغموض خاصة وأنه كان منقسما بين محلولة تلافي الفضائح تارة والترويج لإنجازاته الوهمية تارة أخرى. أما في الوقت الراهن، فيريد برلسكوني الظهور في ثوب السياسي المتزن والمسؤول. وعلى الرغم من أن الفكر الفاشي الذي راج بشكل كبير في إيطاليا يشكل تهديدا للبلاد، إلا أن برلسكوني يرى أن الحركات المعادية للفاشية هي من تشكل خطرا جديا في إيطاليا.
وأوردت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق شخص متناقض، حيث يضم التحالف الذي يترأسه حزبي فورزا إيطاليا ورابطة الشمال الذين يختلفان تماما فيما يتعلق بالعلاقة مع الاتحاد الأوروبي. أما بعد الانتخابات، فيبقى احتمال تشكيل حكومة وحدة وطنية بين حزب فورزا إيطاليا والحزب الديمقراطي الإيطالي الاحتمال الأقرب للتحقق. في هذه الحالة، قد تكون مختلف الأحزاب طرفا في الحكومة باستثناء حزبي رابطة الشمال وحركة النجوم الخمسة.
وتابعت الصحيفة أن الأجواء الانتخابية غابت عن روما خلال الأسبوعين الأخيرين، حيث خلت الشوارع من الملصقات الانتخابية، فيما كانت المناظرات التلفزيونية شبيهة بعروض الوان مان شو. ولعل الأمر المثير للاستغراب يتمثل في أن أغلب السياسيين يتجنبون مواجهة برلسكوني نظرا لما يتميز به من ثقل سياسي، في حين يبدو أن رئيس الوزراء السابق طرفا لا غنى عنه في تشكيل الحكومة الإيطالية.
وذكرت الصحيفة أن الإيطاليين ضاقوا ذرعا بالأزمة التي تمر بها بلادهم، الأمر الذي دفع بالكثير منهم إلى الفرار من مسقط رأسهم. ويحظى برلسكوني بشعبية واسعة في المناطق الميسورة ولدى رجال الأعمال المتورطين في التهرب الضريبي، إلى جانب المناطق الفقيرة.
وبينت الصحيفة أن برلسكوني شخص يحرص على خدمة مصالحه. في هذا الصدد، أورد رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق برلسكوني أن "التهرب الضريبي أمر مقبول على المستوى الأخلاقي".
(عربي 21)