أكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب بيار بو عاصي أن “ما يحصل في مجلس النواب خلال جلسات انتخاب رئيس الجمهورية أخطر بكثير من الظاهر، فهو اغتيال ممنهج لمساحة الحرية التي صنعت لبنان ولثقافة الديمقراطية العميقة التي ميزته”.
وفي مقابلة عبر الـ”mtv”، أوضح أن “هذا الاغتيال يتم على يد الثلاثي حزب الله وحركة أمل وحليفهما التيار الوطني الحر”، مشدّداً على أن “هذا الكلام هو توصيف للواقع وليس اتهاماً”، ومضيفاً “رشّحنا مع حلفائنا النائب ميشال معوض. نحن نحضر الجلسات ونصوت له ونقوم بتجميع القوى لمصلحته، فيما هم يعطّلون الممارسة الديمقراطية عبر تطيير النصاب”.
وتابع، “أصبح ترشيح أحد لا ينتمي إليهم جريمة من منظورهم. ثمة بدعة لم يشهدها تاريخ العمل السياسي وهي قول الفريق الآخر لنا: “طالما ترشحون أحداً في وجهنا فأنتم تتحدوننا، لذا سنعطل اللعبة الديمقراطية ونحن ممر إلزامي لانتخاب رئيس. هذا المنطق يشكّل إطاحة مطلقة بمبادئ الديمقراطية. تأمين النصاب هو واجب أخلاقي وسياسي. فماذا يبقى من لبنان إذا انتفت مساحة الحرية وأصول اللعبة الديمقراطية”.
استهتار مطلق من “8 آذار” بموقع الرئاسة
وأشار بو عاصي إلى أن “القوات صادقة في ترشيح معوّض والأمر ليس مناورة”، لكنه شدّد على أن “هناك ما هو أهم من معوض وبو عاصي ومن أي كان وهو المصلحة الوطنية العليا. فإذا إقتضت تغيير هذه المقاربة سنغيّرها بالتشاور مع معوض”، مضيفاً “لكن المشكلة اليوم لا تكمن هنا ولا بنيل معوض 40 أو 50 صوتاً ولا بتغيير الاسم والاتيان بمرشح يحصد أكثر من 65 صوتاً، بل المشكلة في رفضهم المطلق للثوابت الديمقراطية. هنا الخطورة”.
وأضاف، “ترشيح الشخصية التي نريدها هو العملية الصحيحة. فليربح الاقوى. لكن ثمة نيّة بتعطيل الانتخابات وتطيير النصاب أمر غير مقبول. هناك استهتار مطلق بموقع الرئاسة من جانب الوطني الحر وأمل والحزب عبر تعطيلهم الانتخابات فيما هم مؤتمنون كنواب منتخبين على الدستور”.
وأردف، “إذا كانت المادة 49 من الدستور بحاجة للتفسير، فذلك من صلاحيات الهيئة العامة لمجلس النواب وليس من صلاحيات طرف معيّن لا رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا القوات اللبنانية ولا اي كان”.
لم ننتظر كلمة سر ولم نقع بـ”كوما” سياسية
كما لفت بو عاصي الى أن “الى جانب قوى المعارضة التي تصوّت لمعوض هناك نواب قوى التغيير ونواب كتلة الاعتدال الوطني ولا خيار امامنا إلا التواصل معهم ومحاولة إقناعهم بالسير بمعوض”، مضيفاً “لا أخفي أن هناك صعوبات في ذلك، فهم ليسوا بكتل وفق المعنى الكلاسيكي للكتل النيابية. لا أعلم لماذا لا تزال كتلة الاعتدال الوطني مصرّة على التصويت بلبنان الجديد وشو ناطرين؟”.
وتابع، “اكرر انه اذا اقتضت المصلحة الوطنية العليا التخلي عن ترشيح معوض، فهو غير متمسك بترشيحه وسننسق معه ونعمل على مرشح يتمتع بحظوظ أكبر للفوز. لكن للأسف في لبنان، هناك من ينتظر كلمة السر. هناك للأسف أيضاً من “تدجّن” ومنذ زمن الاحتلال السوري أصبح معتاداً على انتظار موقف الخارج. أدعوهم لعدم الانتظار، إذ ما من أمر جعل دور الخارج يطغى على دور الداخل إلا الشلل الداخلي. كذلك هناك قسم يعتبر أن الوقت لم يحن بعد لانتخاب رئيس وهناك قسم آخر غير مدرك لقدرته على تغيير المعادلة وهو يخلق ارباكاً داخل صفه عوض توحيد الصف. لذا أهميّة ما فعلناه بترشيح ميشال معوّض هو أننا بادرنا لطرح مرشح، فلم ننتظر كلمة سر ولم نقع بكوما سياسية”.
تعطيل النصاب عملية ابتزاز
أشار بو عاصي الى أن “فريق 8 أذار يرمي الاوراق البيضاء قنابل دخانية كي يخفي إرباكه وإحراجه”، موضحاً “هو في ورطة، لا يريد ترشيح جبران باسيل ولكن في الوقت عينه لا يريد ان يخسره ويخسر الغطاء المسيحي الذي يؤمنه له. حاطين الحجة بمرشّح التحدّي، فأريد أن أسألهم بتخافوا من التحدّي ومبارح كنتوا عم تتباهوا بمئة ألف مقاتل ومئة ألف صاروخ وبحجم كتلتكم النيابية وبتمتعكم بقوة لا يستهان بها؟”.
ورداً على سؤال عن تأمين “القوات” النصاب ولو أدى ذلك لإيصال مرشح من “8 آذار”، أجاب “لا يمكن القول “لا أؤمّن النصاب الا لانتخاب سمير جعجع” بل انا أؤمّن النصاب لانتخاب رئيس وهذا احترام لروح الديمقراطية. من يجمع 65 صوتاً فهنيئا له، قد نعطل لجلسة أو جلستين للتأكد من جدية هذه الأكثرية ولكن نحن نحترم العملية الديمقراطية. لذا التعطيل المتكرّر للمرة السابعة الذي يقوم به فريق “8 آذار” هو عملية ابتزاز تحت عنوان “إما تنتخبوا مرشحي متى أعلنته وإما أضرب عمل المؤسسات”.
وأضاف، “كما نعمل بكل طاقتنا لإيصال مرشح لا يشبه “8 آذار”، فنحن نريد رئيساً إنقاذياً اصلاحياً سيادياً وينتخب ديمقراطياً. هل من يحترم الآلية الديمقراطية يكون متواطئاً؟ المصلحة الوطنية تقتضي حضور الجلسات ونحن نؤمّن النصاب للرئاسة وليس لمرشّح معيّن. آخر اعتبار عندنا أن يكون الرئيس الجديد يحمي ضهر المقاومة أساساً عنّ أيّ مقاومة نتحدّث؟”.
عن مدى إمكانية التوافق بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل و”القوات” لقطع الطريق على وصول فرنجية، أجاب “استبعد جدا الاتفاق مع باسيل رغم انه يجب عدم الجزم إذ بالسياسة كل الأمور مفتوحة. لكن التجربة السابقة معه كانت كارثية من اتفاق معراب الى اليوم ولا ميل لدينا بإعادة إنتاجها. أما المصالحة مع تيار المردة فنصونها برموش عيونّنا، لكن لا اتفاق مع فرنجية فمسارنا السياسي معاكس لمساره وخطه”.
وعن طبيعة النظرة الفرنسية والسعودية للاستحقاق الرئاسي، أوضح بو عاصي أن “الموقف الفرنسي يتميّز عن الموقف السعودي، فالفرنسي يقول لا مرشحّ ولا فيتو بينما السعودي يقول لا مرشّح لكن مع فيتو على مرشح من 8 آذار”، مضيفاً “إلا انه إن وصل مرشح من هذا الفريق، فبالتأكيد لن تجابهه السعودية عبر إرسال الاساطيل ولكن التواصل مع لبنان سيبقى مقطوعاً والدعم بطبيعة الحال”.