ورأى يونغ أنّ الحكومة الجديدة ستشغل اللبنانيين، على الأقل إذا سلّم الرئيس المكلّف سعد الحريري حقيبة الصحة لوزير من "حزب الله"، وهو الأمر الذي يبدو أنّه سيحصل، مشيرًا الى أنّ القانون الذي أقرّه الكونغرس الأميركي ووقعه الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي يفسّر سبب الصداع الذي سيحصل، فالعقوبات الجديدة قد تطال الأفراد الذين يساعدون أو يدعمون أو يجندون أو يموّلون "حزب الله"، والأهم من ذلك أنّ بموجب القانون، يمكن معاقبة "وكالات الحكومات الأجنبية" التي تزود الحزب بالأسلحة أو الدعم المالي أو غير ذلك من أشكال المساعدة.
وأوضح يونغ أنّه بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في أيار الماضي، أوضح مسؤولون أميركيون في بيروت للحريري أنهم سيعارضون أي قرار يقضي بتسليم وزارة الصحة إلى أحد أعضاء "حزب الله"، وكانت حجتهم أنه في الوقت الذي تشدد الولايات المتحدة الخناق على إيران وحزب الله، فإنها لن تتقبل قرارًا يمنح الحزب سلطة كبيرة. وأشار الكاتب الى أنّ السياسيين أو الأحزاب كثيرًا ما يستخدمون الوزارة لتقديم الرعاية الطبية المجانية إلى مؤيديهم، ويمكنها توليد رأس مال سياسي كبير.
وتابع: "كل الدلائل تشير إلى أن الحريري تجاهل هذه التحذيرات، مع إصرار الحزب على هذه الحقيبة لأسباب عدّة، أولاً، بعد تضاؤل التمويل من إيران بسبب العقوبات الأميركية، يحتاج الحزب إلى وسائل أخرى لتقديم خدمات للناخبين غير الراضين عن تركيزه على سوريا في السنوات الخمس الماضية، إضافةً الى إمكانية الإستعانة بها لمعالجة الجرحى في الحرب السورية".
وإذ أشار يونغ الى أنّ هناك قلقًا بين المسؤولين في لبنان حول الإعلان الأميركي بمعاقبة كلّ من يقدّم دعمًا ماليًا كبيرًا، سأل إن كانت واشنطن ستنظر في الرعاية الصحية المجانية لمقاتلي "حزب الله" على أنها "دعم كبير".
وتحدث الكاتب عن الجو الذي عُرف بالإيجابية من قبل واشنطن والذي يظهر جليًا من خلال المساعدات الأميركية للبنان، ولكن هناك خشية من تغيّر هذا الجو بحال تسلّم الحزب وزارة الصحة. وبمجرد حدوث ذلك، سوف يتطلب الأمر الكثير لإعادة العلاقات إلى طبيعتها، مذكرًا بالعام 1984، حين خفضت الولايات المتحدة بشكل كبير من مشاركتها في لبنان، واستغرق الأمر أكثر من عقد من الزمن لعودة التعامل الأميركي الكامل مع لبنان.
ونبّه الكاتب من أنّ لبنان يعتمد كثيرًا على المعاملات بالدولار، والاقتصاد المفتوح، وسفر مواطنيه من وإلى الولايات المتحدة، لذلك لن يكون الأمر جيدًا له بأن يبعد واشنطن، لا سيما في الوقت الذي فقد فيه الكثير من الدعم الذي كان يحصل عليه من بعض الدول.
وأشار الكاتب الى أنّه من غير الواضح ما الذي دفع الحريري إلى تجاهل النصيحة الأميركية، لا سيما أنّه قضى الأشهر الماضية في الالتفات إلى كل شرط من شركائه في الحكومة. وقال: "قد يشعر رئيس الوزراء المكلف بأنه لا يدين بأي شيء لواشنطن، ولكن لبنان الضعيف ماليًا غير قادر على مواجهة الصدام مع قوة عظمى". وختم الكانب قائلاً: "إذا كان قرار الحريري يجلب مشاكل جديدة، فسوف يلقي باللوم على نفسه فقط".