القمة الرباعية اليوم في اسطنبول… تليها قمة ترامب بوتين في باريس… ودعوة أميركية لبوتين
لقاء صادم لقابوس مع نتنياهو في مسقط… وحديث عُماني عن وعود بحل الدولتين
الحريري يحاول ترتيب وضع القوات… وتمثيل سنة 8 آذار يثبت كخط أحمر
المحرّر السياسيّ – البناء
على خلفية الانحدار في الدور السعودي تسارع واشنطن لترتيب بوليصة تأمين لكيان الاحتلال، فيأتي اللقاء الصادم عربياً من مسقط، حيث استقبل السلطان قابوس بن سعيد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، مثيراً عاصفة من الاستهجان والاستغراب، بعد سلسلة مواقف تميزت بالعقلانية تجاه أزمات المنطقة منحت مسقط مكانة خاصة كموقفها من الحرب على سورية، والعلاقة بإيران والحرب على اليمن، ولم ينجح وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي بتبديد الذهول بكلامه عن مراجعة إسرائيلية تسمح بالعودة للتفاوض على أساس حل الدولتين والتراجع عن الرفض الإسرائيلي للتفاوض على القدس، فصدر بيان لحركة فتح يندّد بالزيارة معتبراً التطبيع مع كيان الاحتلال نحراً للمبادرة العربية للسلام طالما أنه يسبق أي تنازلات إسرائيلية بمنح ميزات ومكاسب مجانية لكيان الاحتلال.
الموقف العُماني الذي ستتواصل تردداته وتداعياته خلال الأيام المقبلة لا يبدو منفصلاً عن مسارات متسارعة تشهدها المنطقة ويشهدها العالم على خلفية الاستعداد لمرحلة جديدة تفقد خلالها السعودية المكانة والدور التقليديين، فتوزيع الأدوار التي كانت محصورة بيد الرياض يشغل دول المنطقة، كما هو حال تركيا التي تقبض على قضية مقتل الخاشقجي كورقة قوة تريدها لمقايضة الرياض بزعامة العالم الإسلامي، وتسعى لتحظى هذه المقايضة بتغطية روسية أميركية بدت هي الأخرى تحقق تقدماً مع التحسن الذي دبّ في شرايين العلاقات الأميركية الروسية من جهة والتنشيط الذي تشهده العلاقات الروسية الأوروبية.
من جهة ثانية، تشهد اسطنبول اليوم القمة الرباعية التركية الروسية الفرنسية الألمانية المقرّرة لبحث الوضع في سورية بعناوين الحل السياسي وعودة النازحين وإعادة الإعمار، فيما يبدو الحدث السعودي متقدماً إلى الصف الأول من اهتمامات القمة، كما هي القمة التي ستشهدها باريس بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، والتي ستشهد توجيه دعوة أميركية لبوتين لزيارة واشنطن، ودعوة مماثلة من بوتين لترامب لزيارة موسكو، وهي زيارات كانت آخرها قبل عقود.
التسارع في الحدث السعودي وتداعياته الدولية، لم يحجب الاستحقاقات القريبة كوضع العقوبات الأميركية المشدّدة على إيران وبيعها للنفط موضع التنفيذ بعد أسبوع، وتعقيدات تشكيل اللجنة الدستورية الخاصة بالحل السياسي في سورية مع محاولات المبعوث الأممي الذي سيُنهي مهمته نهاية الشهر المقبل ستيفان دي ميستورا، بفرض الوصاية على ما تعتبره سورية وفقاً للقرار الأممي 2254 شأناً سيادياً سورياً، فترفض تدخلاته في تسمية ثلث أعضاء هذه اللجنة بعدما قامت كل من الحكومة والمعارضة بتسمية ثلث هذه اللجنة، ويتوقع بقاء الموضوع عالقاً حتى نهاية ولاية دي ميستورا وتعيين بديل له، ما لم تخرج قمة اسطنبول بمخرج مناسب.
لبنانياً، لم يقرّر الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري بعد أن يقدّم من حصته حقيبة ترضي طلبات القوات اللبنانية، أسوة بما فعله رئيس مجلس النواب نبيه بري في الحكومة السابقة بالتنازل عن حقيبة الأشغال لحساب المردة، ولذلك لا تزال مساعي التشكيل تراوح بين عروض تقوم على تجميع حقائب يمكن أن يتنازل عنها الآخرون، بينما قالت مصادر متابعة للاتصالات حول التشكيلة الحكومية أن تقدّماً حصل في ملف تمثيل القوات ينتظر جوابها خلال الساعات المقبلة، بينما صار ثابتاً أن تمثيل النواب السنة في الثامن من آذار من الخطوط الحمراء التي لا يمكن تخطيها في التشكيلة الحكومية، ويجري البحث عن إخراج لهذا التمثيل، حيث يتقدم الخيارات توزير النائب فيصل كرامي من حصة رئيس الجمهورية.
الفرصة الأخيرة لـ»القوات»؟
لم ترسُ بورصة الحقائب المتنازع عليها على توزيعة نهائية بين القوى السياسية، بل استمرّت عملية استدراج العروض والعروض المقابلة لا سيما بين الرئيس المكلف سعد الحريري وكل من التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، فعلى وقع احتدام المواقف والسجالات على محاور بيت الوسط بعبدا ميرنا الشالوحي – معراب، ووسط سقوط المهل وتقلّص هامش الوقت قبيل نهاية الشهر الحالي الذكرى السنوية الثانية لانتخاب الرئيس ميشال عون، تكثفت مفاوضات تأليف الحكومة حيث شهد مقرّ رئيس حكومة تصريف الاعمال حركة سياسية حكومية لافتة، أبرزها كان لقاء الحريري والوزير ملحم الرياشي حيث تم البحث في عقدة الحقيبة الرابعة للقوات ونقاش العروض المقترحة من معراب على الرئيس المكلف، فبحسب معلومات «البناء» فقد اقترح الحريري على القوات في اللقاء الأخير بينهما ثلاثة مقترحات أبرزها نيلها 4 حقائب من ضمنها نائب رئيس الحكومة مقابل تنازلها عن الحقيبة الأساسية، حيث نفت مصادر نيابية لـ»البناء» موافقة رئيس الجمهورية على طرح منح الحريري وزارة الاتصالات للقوات ويأخذ العدل من رئيس الجمهورية، مشيرة الى أن «الرئيس عون متمسّك بالعدل التي باتت خارج المساومة والتفاوض»، كما جزمت المصادر أن حقيبة الأشغال باقية عند المردة وللوزير الحالي يوسف فنيانوس بعد وضع التيار الوطني الحر فيتو على اسمه، وقد بات واضحاً من خلال المفاوضات الجارية بأن ولادة الحكومة تقف على حصة القوات، وسط معلومات عن أن الرئيسين عون والحريري منحا القوات الفرصة الأخيرة للقبول بأحد العروض المطروحة انطلاقاً من حرصهما على مشاركتها في الحكومة، وإلا سيصار الى تأليف حكومة أمر واقع وإن بقيت القوات خارجها. وقد أُضيف أمس الى سلة الاقتراحات اقتراح جديد يقضي بمنح القوات حقيبة الاقتصاد كتعويض لها، لكن التيار الوطني الحر لم يعط جواباً على هذا الطرح. وقالت مصادر تكتل لبنان القوي لـ»البناء» إن «رئيس الجمهورية مصرّ على تأليف الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري لكن بنظره الأهم من تأليف الحكومة هو أن تكون حكومة متجانسة ومنتجة بلا مناكفات وتعطيل وهدفها الأول خدمة المواطن»، وأكدت بأن النقاش مستمر بين الرئيسين عون والحريري لتحقيق ذلك». وتحدّثت مصادر المؤسسة اللبنانية للإرسال «ال بي سي» عن لقاء مرتقب بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ورئيس الحكومة المكلف من أجل بند ما زال عالقاً في ما يتعلق بعقدة القوات ».
وإذ لم تظهر مفاعيل زيارة الحريري الى السعودية على الواقع الحكومي، دعت أوساط نيابية الى الحذر والترقب خلال الـ48 ساعة المقبلة التي ستكون حاسمة ويظهر الخيط الأبيض من الأسود، بحسب الأوساط التي أشارت لـ»البناء» الى أن «تعاطي الرئيس المكلف مع شروط ومطالب القوات سيظهر ذلك، فإن سار بحكومة من دون مراعاة مطالبها يكن قد أخذ الضوء الأخضر السعودي بالإفراج عن الحكومة أما إذا تمسك بمطالبها فيعني أنه تلقى ضغوطاً سعودية بعدم تأليف حكومة بلا رضى القوات».
وإذا كانت القوات تصرّ على تمثيلها في الحكومة وأنها لن تقدّم انسحابها هدية لخصومها، فإن هذا يجب أن يدفع الرئيس المكلف الى الخروج من مربع شروط معراب بتشكيلة الأمر الواقع يتفق عليها مع الرئيس عون وأقصى ما يمكن أن تفعله القوات هو التحفظ وربط استمرار وجودها في الحكومة بأدائها وبيانها الوزاري كمخرج لائق لها. وأشارت مصادر التيار الوطني الحر الى أن «لا يمكننا الانتظار طويلاً موافقة القوات على حصتها وتعطيل تأليف الحكومة، فإن أرادت البقاء خارجها. فهذا شأنها لكن الأهم تأليف الحكومة لمواجهة الظروف الاقتصادية الداهمة».
وفي سياق ذلك، دعا عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية إلى وقفة مسؤولة في مواجهة تردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، واستنباط الحلول الناجعة لكلّ الأزمات والمشكلات التي تثقل كاهل اللبنانيين.
وقال عميد الإعلام: اللبنانيون ضاقوا ذرعاً، ولم تعد لديهم قدرة على التحمّل، وتزعزت ثقتهم بالمؤسّسات وبالمسؤولين وبإمكانية المعالجات الجدية، ولذلك، فإنّ المطلوب هو استرداد ثقة الناس من خلال اعتماد نهج جديد لمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وإيجاد حلول جذرية لأزمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم والزراعة والتجارة والبيئة والبطالة والطرقات وغيرها، وسلوك طريق الإنماء على كلّ المستويات، تحقيقاً للإنماء المتوازن.
أضاف: إنّ استرداد الثقة يحتاج إلى إرادة سياسية جامعة، تأخذ بعين المصلحة الوطنية العليا، تتحسّس معاناة الناس، والشروع في المعالجات بعيداً عن الحسابات الضيقة والجزئية.
وأضاف: «آن الآوان لكي تنصبّ كلّ الجهود من أجل الخروج من دوّامة الأزمات، والفرصة لا تزال سانحة من خلال الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية توحي للبنانيين بالثقة. وحكومة الوحدة الوطنية لا تنشأ بالمحاصصات الطائفية والمذهبية المسكونة بالعقد. إنّ المعنى الحقيقي لحكومة الوحدة الوطنية يتحقق بمشاركة القوى اللاطائفية وفي مقدّمها الحزب السوري القومي الاجتماعي».
على صعيد عقدة تمثيل اللقاء التشاوري، أشارت مصادر اللقاء لـ»البناء» الى أنه مصر على التمثيل في الحكومة بوزير واحد على الأقل، مضيفة: «ليس المهم من اي حصة نتمثل، لأننا نعتبر في نهاية المطاف أن هذا حقنا وليس منّة من أحد، فالانتخابات النيابية على قانون النسبية أفرزت نسب تمثيل جديدة يجب أن تترجم في الحكومة»، ونفت المصادر أن «يكون اللقاء تبلّغ من المعنيين بالتأليف بتوزير أحد نوابه».
اعتداء أميركي جديد على لبنان
على صعيد آخر، واصلت الإدارة الأميركية اعتداءاتها السافرة على لبنان وشعبه وسيادته في إطار عقوباتها التي تفرضها على لبنان العالم. وقد وقّع الرئيس الاميركي دونالد ترامب أمس، قانون عقوبات جديد على حزب الله يستهدف كل مَن يموّل الحزب، او يتعامل معه أو يزوّده بالأسلحة. وكان هذا القانون قد صُوّت لصالحه مجلس الشيوخ في الثاني عشر من الشهر الحالي وسبقه تصويت مجلس النواب. واشار ترامب في كلمة في البيت الأبيض بمناسبة مرور 35 عاماً على الهجوم الذي استهدف مقر مشاة البحرية الأميركية في بيروت إلى «أن هذه العقوبات تهدف إلى حرمان حزب الله من الحصول على موارد لتمويل نشاطاته».
وقللت مصادر نيابية في فريق المقاومة من أهمية هذه العقوبات على حزب الله ودوره في مقاومة وردع الاحتلال الإسرائيلي ومساعدة الدولة السورية على مكافحة الإرهاب، مشيرة لـ»البناء» أن «هذه العقوبات ليست الأولى وتندرج في اطار الضغط على المقاومة لفرض الشروط الاميركية الاسرائيلية عليها»، موضحة أن «تطبيق هذه العقوبات شأن سيادي لبناني بامتياز».
هدوء حذر في المية ومية
أمنياً، خيم الهدوء الحذر على مخيم المية ومية بعد التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار في المخيم بين حركة فتح وحركة أنصار الله، غير أن الاتفاق تعرّض لخروق بعد تجدد الاشتباكات، وعلمت «البناء» أن «الرئيس بري أجرى سلسلة اتصالات بمختلف الفصائل الفلسطينية وبالقيادات الأمنية في صيدا لتطويق الأحداث».
وعقد اجتماع موسّع في مقر المجلس السياسي لحزب الله جمع وفدي حركتي فتح وأنصار الله جرى البحث خلاله في تثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الحياة في مخيم المية ومية إلى طبيعتها. وانتهى الاجتماع الى اتفاق على وقف إطلاق النار وسحب المسلحين وعودة الأهالي الى منازلهم وتسليم أي مخل بالأمن الى الدولة اللبنانية. ولاحقاً عُقد اجتماع مغلق في السفارة الفلسطينية بين الفصائل المعنية بمتابعة اشتباكات المية ومية، وأجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية اتصالاً هاتفياً بالرئيس عون أكد فيه أن أمن لبنان أولوية فلسطينية «وهو ما ترجمه الفلسطينيون عملياً من خلال تحييد مخيماتهم عن الأحداث الجارية في المنطقة، وعدم السماح بأن تكون منطلقاً لأي عمل يضرّ بلبنان وأمنه».