فشل سعودي بتبرئة إبن سلمان رغم دعم ترامب والاعتراف بمقتل الخاشقجي وتقديم رأس العسيري
الحكومة بين الفول والمكيول تتأرجح ولا تترنح… إجماع على السقوط الممنوع
الناشف: متمسكون بتمثيلنا… ولا يفسر استبعادنا إلا نيّة إقصاء التيار اللاطائفي
المحرّر السياسيّ – البناء
مصير ولي العهد السعودي محمد بن سلمان صار عنوان الحدث الدولي والإقليمي الأول، والعلاقات الغربية بالسعودية أمام مأزق التطبيع بعد نجاح الحملة الإعلامية التي رافقت مقتل جمال الخاشقجي بمحاصرة حكومات الغرب بمطالبات قطع العلاقات وإغلاق السفارات ووقف بيع السلاح، حتى رحيل إبن سلمان، ولم تنفع في وقف هذه الحملة التي أصابت شظاياها مباشرة وبقصد ومن دون قصد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كمدافع أول عن إبن سلمان تحت شعار أهمية المال السعودي ولو تلوّث بدماء الضحايا، للاقتصاد الأميركي، بعدما نأت حكومات فرنسا وبريطانيا وألمانيا عن موقف الداعم لإبن سلمان وتبنت معادلة الحاجة للتحقيق الشامل والشفاف، وكل ذلك يجري تشكيكاً بصدق وصدقية ما تعلنه الرياض عن تفاصيل مقتل الخاشقجي، حيث رواية تنسف سابقتها، وحيث لم ينفع الاعتراف بقتل الخاشقجي في وضع حد للأسئلة عن المسؤولية التي حاولت الرواية السعودية تقديم رأس نائب رئيس الاستخبارات الذي يتولى قيادة حرب اليمن الجنرال المقرّب من إبن سلمان أحمد العسيري، كبش فداء، دون جدوى.
الإعلام الغربي كله يعزف نغمة واحدة، إبن سلمان كاذب والرواية السعودية غبيّة وتستغبي العالم، فمن سيصدّق أن خمسة عشر قاتلاً محترفاً وصلوا لمقابلة الخاشقجي في القنصلية السعودية لمهمة «الإقناع» بالعودة إلى السعودية؟ ومَن سيصدّق أن صوت الخاشقجي المرتفع أربك المهمة «الإقناعية» فانتهت بكتم صوت أدى لقتله؟ ومَن سيصدق أن وجود طاقم إبن سلمان في كل الوزارات والقطاعات قد تجمع لهذه المهمة من دون معرفته، بل من دون أوامره، وهو الرجل القوي الذي يهاب غضبه الجميع؟ ما هي قضية هؤلاء الخاصة مع الخاشقجي ليتحمّلوا وزر مخاطرة بغضب إبن سلمان للقيام بمهمة «الإقناع» بدون أمر منه؟ وأين هي جثة الخاشقجي؟ وهل هناك خدمة ديليفري تتعامل عبرها القنصلية مع متعامل يتيح التخلص من الجثث؟ كلها أسئلة تطرحها الصحافة ووسائل الإعلام ورجالات الكونغرس والبرلمانات والحكومات لتصل في الخاتمة للقول، بن سلمان مسؤول ويكذب ولن ندعه ينجو بفعلته.
ما نقلته الواشنطن بوست من حوار إبن سلمان مع جارد كوشنر صهر الرئيس ترامب، زاد القناعة بمسؤوليته عن مقتل الخاشقجي، كفرصة يجب عدم تضييعها لمحاسبته، وهو يتهدّد الغرب بأنه لن ينسى وقوفهم ضده في هذه القضية.
أسبانيا وحدها تجرأت ودعت لنقل التحقيق من يد الرياض إلى لجنة دولية، بينما الرئيس التركي يدعو لانتظار غد الثلاثاء لسماع نتائج التحقيق التركي.
لبنانياً، بدت الحكومة تتأرجح من دون أن تترنح، بين الفول والمكيول، أي التشكيل والمعيار، وفقاً لتوصيف رئيس المجلس النيابي نبيه بري. فالحكومة واقعة بين نية الولادة، والعجز عن حل المشكلات العالقة، والرئيس المكلف لا يريد أن يمنح النواب السنة الذين يسلّم بأحقية تمثيلهم، مقعداً وزارياً من حصة تمثيل طائفتهم، التي يريد احتكارها بل يسعى لإرضائهم من حصة رئيس الجمهورية، بينما إرضاء القوات اللبنانية يشغل باله، وإقصاء القوميين عن المشهد الحكومي يصير مستغرباً، في ظل الحديث عن حكومة وحدة وطنية، قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف إنها لا تمتلك هذه الصفة بدون القوميين، لأن القوميين لا لون طائفي لهم وإقصاؤهم يعني تحويل الحكومة إلى حكومة محاصصات طائفية، آملاً أن لا تتزاحم حصص التمثيل الطائفي لإطاحة تمثيل اللون المختلف الذي يمثله القوميون، ولا سبب موضوعي أو معياري يبرّر استبعادهم كممثلين لتيار لبناني واسع يؤمن بالخيارات اللاطائفية، ولكتلة نيابية لا يجوز تجاهل حضورها.
بعد تدهور الحالة الحكومية يوم الجمعة، لاعتبارات حقائبية بات مؤكداً بحسب مصادر مطلعة لـ»البناء» أن اتصالات الساعات الماضية أفضت الى أن وزارة العدل باتت محسومة لرئيس الجمهورية في موقف لا تراجع عنه، وأن سقف التنازل العوني لصالح القوات هو منصب نيابة رئاسة مجلس الوزراء. أما على خط المعارضة السنية، فيبدو أن حزب الله يشترط أن تمثل بوزير في الحكومة.
وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف، أن الحزب القومي ليس معنياً بالمنازعات على الأحجام الطائفية، لأنه من لون آخر مختلف، هو لون اللبنانيين المتساوين في الحقوق والواجبات دون النظر إلى الطائفة أو المذهب، وهذا اللون هو الذي يضفي على هذه الوزارة المرتقبة وأية وزارة أخرى صفة الوطنية.
وأمل الناشف في تصريح له أمس، أن تقف المحاصصات الطائفية والمذهبية عند حدود، فلا تمس بحقنا الطبيعي الذي يضمن تمثيلنا في الحكومة، لأننا حزب عابر للطوائف ولنا كتلة نيابية ونمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين اللاطائفيين الذي يطالبون بإلغاء الطائفية واعتماد القوانين المدنية في التشريع، ولأننا حافظنا على وحدة لبنان ووجهه الوطني المنفتح على بيئته الطبيعية وقدّمنا مئات الشهداء والكثير من التضحيات لأجل ذلك.
أضاف: نحن والقوى التي تشبهنا في صفّ واحد نمثل إرادة شعبنا في لبنان بالمساواة أمام القانون وبالمطالب الوطنية المحقة وبمحاربة الفساد والفاسدين وبتأمين الخدمات من كهرباء وماء ودواء وطبابة وبيئة نظيفة وغيرها من المطالب الطبيعية التي ينعم بها الناس في الدول كلها.
وختم بالقول: نحن متمسكون بحقنا في أن نكون ممثلين في الحكومة، ولا نرى سبباً موضوعياً ومعيارياً لتجاهل هذا الحق، إلا إذا كان لدى البعض نيات إقصائية ضدّ أصحاب الخيارات الوطنية، وعندها لن تكون هناك حكومة وحدة وطنية بل حكومة محاصصة طائفية، وحكومات كهذه ولّادة للأزمات التي لا تنقطع ولن تحصل على تأييدنا.
وبانتظار ما ستسفر عنه الخلطة الحريرية الجديدة، لم يشهد يوما السبت والأحد اية لقاءات على المستوى الحكومي باستثناء الحركة على خط بيت الوسط معراب، حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري يوم السبت رئيس حزب القوات سمير جعجع، ثم التقى مساء أمس الوزير ملحم الرياشي، الذي أكد أنّ الجو إيجابي جداً، واللقاء مع الحريري كان ممتازاً وان شاء الله خير، علماً أنّ أوساط بيت الوسط أشارت لـ«البناء» الى انّ الحريري أجرى اتصالات عدة لتذليل العقد التي عطلت في اللحظة الأخيرة التأليف ولم يتوقف عن تعطيل اندفاعة التأليف رغم ما ألحقه من ارتدادات سلبية، لكنّها نفت أن يكون التشكيل قريباً. وهذا يتطابق مع ما أكده القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش لـ«البناء» أن لا جديد على الصعيد الحكومي وأنّ الأمور تراوح مكانها، قائلاً لو كانت الأمور إيجابية لكنتُ في لبنان. وتجدر الإشارة الى انّ علوش مطروح لتولي حقيبة شؤون النازحين وفق التشكيلة الحكومية الأخيرة التي سرّبت.
وفيما تردّدت معلومات أنّ لقاء عقد بين الرياشي والوزير وائل أبو فاعور مساء أمس، أكدت مصادر نيابية في اللقاء الديمقراطي لـ«البناء» أنّ اللقاء لم يحصل، نافياً التسريبات المغلوطة حول أنّ اتصالات الساعات الأخيرة أفضت إلى ان تسند وزارة التربية الى القوات.
وعلى خط وزارة العدل، لفتت مصادر تكتل لبنان القوي لـ«البناء» الى انّ وزارة العدل ستبقى في عهدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وأنّ هذا الأمر قد حُسم وبات خارج التداول وقد أبلغ الرئيس المكلف بالأمر. ولفتت المصادر الى انّ رئيس الجمهورية تنازل عن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وبالتالي على القوات الكفّ عن التعطيل.
في موازاة ذلك لفتت القوات بحسب مصادرها لـ«البناء» الى أنّ الرئيس الحريري هو مَن طرح على الدكتور سمير جعجع وزارة العدل بعدما سمع من رئيس الجمهورية عدم ممانعة على ان تذهب العدل للقوات، بيد انّ الرئيس عون عاد وغيّر رأيه، معتبرة انّ المغالطات المتواصلة حول أنّ القوات لن تشارك في الحكومة لا أساس لها من الصحة، غامزة من قناة الرئيس الحريري الذي قال إنه لن يسير بحكومة من دون القوات.
وأكد النائب ألان عون أمس أن مسار التشكيل لم يقف، وما طرأ هو إيجاد حقيبة وازنة للقوات، والأمر ليس محصوراً بوزارة العدل بل بصيغة ترضي القوات، مضيفاً «أنّ الحكومة ستشكّل هذا الأسبوع، وآخر العقد هي حقائب القوات، وهذه هي المهلة الأخيرة لتشكيل الحكومة، وأنا متفائل».
ولعلّ أصدق تعبير عن الحالة الحكومية قول نائب الأمين العام لحزب الله عن الملف الحكومي: «لم يعد بالإمكان أن نتحدث لا عن تفاؤل ولا عن تشاؤم، لأنه بحسب المعطيات المتوفرة، فما دام هناك آلية معينة للتشكيل، وفيتو يمكن أن تضعه جهة واحدة، فتمنع التأليف، ويراعى خاطرها إلى آخر مجال. فهذا يعني أنّ تشكيل الحكومة سيكون في المستقبل الذي لا نعرف إن كان قريباً أو بعيداً، ونذكّر بأنّ الحكومة مطلب للناس، وحاجة حقيقية، ولا يمكن أن يمشي هذا البلد ولا أن يستقرّ على المستوى الإنمائي والاجتماعي، ولا يمكن أن تعالج القضايا الاقتصادية إلاّ إذا كانت هناك حكومة، وبالتالي فإننا نتمنى أن تفك العقد، ونصل إلى النتيجة المطلوبة».
وأكّد وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل أنّ «حركة أمل اعتبرت أنّ الوقت لا يسمح لا بالدلع السياسي ولا بتصفية الحسابات ولا باعتبار المرحلة مرحلة تحديد الأحجام والقوى لاستحقاقات مقبلة ولا تصفية». وشدّد على أنّ «التسهيل واجب عند كلّ القوى للانتقال إلى المرحلة المقبلة».
وكان لافتاً ما أكده اللقاء التشاوري للسنّة المستقلين انه غير مطروح وغير وارد ان يتمثّل النواب السنّة المستقلين الا بواحد من اللقاء التشاوري الذي يضمّ 6 نواب، وأيّ حديث عن إيجاد مخرج بتوزير سنّي يتوافق عليه هؤلاء النواب الستة أو سواهم هو فعلياً ليس مخرجاً ويقود الى حائط مسدود.
من ناحية أخرى، كشفت ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين UNHCR في لبنان ميراي جيرار، خلال حلقة نقاشية نظمتها جمعية «إدراك» «أنّ 88 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم»، موضحة «أنّ الأسباب التي تجعلهم يتريّثون في ذلك لا تتعلق بصورة أساسية بمسألة الحلّ السياسي ولا بمسائل إعادة الإعمار، بل بإزالة عدد من «العوائق العملية»، ومنها مخاوف تتعلق بالممتلكات والأوراق الثبوتية ووثائق الأحوال الشخصية ووضعهم القانوني في بلدهم».