احتفل مطران بيروت للموارنة بولس مطر يحيط به المونسنيور اغناطيوس الأسمر والآباء روجيه سركيس وعمانوئيل قزي وداود أبو الحسن، قبل ظهر اليوم، بقداس أحد الشعانين وزياحه في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت والشوارع المحيطة بها مع المؤمنين وأولادهم، رافعين الشموع وأغصان الزيتون، يتقدمهم كهنة ورئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن وتلامذة إكليريكيون وجوقة الكاتدرائية وكشافة الحكمة.
وبعد الإنجيل المقدس، ألقى مطر، عظة من وحي المناسبة، قال فيها: "عيد شعانين مبارك عليكم جميعا وعلى عائلاتكم وأطفالكم وعلى وطننا العزيز لبنان، راجين سلاما له ووفاقا وللمنطقة نهاية الحرب وعودة الناس كل إلى دياره وأن يعم سلام الرب كل هذه الأرض المباركة".
وأضاف: "علم يسوع ثلاث سنوات وأخبر عن الآب وشفى المرضى وفتح عيون العميان وكان يقول لم تات ساعتي بعد، ولكن عندما وصل إلى الشعانين وأسبوع الآلام الأخير في حياته على الأرض، قال أتت الساعة. وفي مثل هذا اليوم دخل يسوع إلى أورشليم راكبا حمارا، لا حصانا ولا عربات، بل حمارا بسيطا. أعلن في هذا اليوم، أنه ملك والناس قبلوه واستقبلوه، بهتاف عظيم، هوشعنا لإبن داود ملك إسرائيل. لكنه سبق وقال لهم، ملكي ليس من هذا العالم. أنا ملك روحي على القلوب. أن ملك سلام ومحبة من الله لجميع الناس. ملكوتي ليس من هذا الأرض. ونحن المؤمنون اليوم، نأتي لملاقاة هذا الملك مفسحين في المجال لأن يدخل على عرش قلوبنا وننحني أمامه قائلين: أنت ملكنا، ربنا وإلهنا، مخلصنا وفادينا. ويقول لنا يسوع، لن تكونوا في ملكي ما لم تعودوا كالأطفال، أبرياء أطهارا، حاملين النيات الحسنة بعضكم حيال بعض. لذلك كان يسوع يحب الأطفال حبا شديدا، ويقدمهم للكبار ويقول لهم: إن لم تصيروا مثل هؤلاء الأطفال لن تدخلوا ملكوتي، ملكوت السماء. لذلك تأتون بأطفالكم بهجة العين والقلب وفرح الحياة، لتقدموهم إلى يسوع، فيبارك كل طفل منهم ويعرب لهم عن محبته العظيمة. أطفالنا ونحن اليوم، نعلن يسوع ملكا علينا".
وتابع: "أيها الإخوة الأحباء، هذا الملكوت، نتمنى أن يعم العالم بأسره، فيصير الناس كلهم إخوة، بدلا من أن يلغي بعضهم بعضا. الله يريدنا أن نكون مساعدين بعضنا لبعض، من كل الشعوب والملل والأديان. والناس ، مع الأسف، يتحاربون ليلغي أحدهم الآخر. هذا ليس من الله. لا ألغي الآخر، لا جسديا ولا اجتماعيا ولا سياسيا ولا روحيا. الآخر أخ لي وأنا أخ له. هذا هو منطق المسيح، مغاير لمنطق العالم الذي فيه يكسر ويقتل الواحد على الآخر. في بلادنا نتمنى التفاهم. الناس اليوم، يتسابقون فيصل من يصل، إلى خدمة الشعب والوطن. ولكن بعد أن ينجحوا ماذا يريدون عمله في بلد متعب مثل لبنان مرهق بأثقاله الإقتصادية والإجتماعية والسياسية؟ في بلد على شفير العذاب الكبير، عليهم أن يكونوا يدا واحدة لإنقاذ لبنان، لا أن يكونوا متخاصمين. في الساعات الحرجة أبناء الوطن يكونون صفا واحدا لإنقاذ وطنهم. نتمنى من صميم القلب أن يسود هذا الروح جميع المتسابقين، حتى إذا ما وصلوا يستلهمون الله وضمائرهم لإنقاذ الشعب من محنته وإعطاء المجال لشباب لبنان أن يبنوا مستقبلهم على أرضهم. كما نتمنى، أيها الإخوة الأحباء، من كبار هذا العالم، أن يوقفوا القتل في الشرق، هم الذين يحضون الناس، من هنا ومن هنا، حتى يتقاتلوا. يشترون السلاح ويدفعون الأموال. كفى".
وقال: "نطلب من الله، بشفاعة القديسين وروح يسوع المسيح أن يلهم جميع الناس أن يوقفوا العداوة ويتضامنوا من جديد. هناك مكان لكل الناس. هذا هو ملكوت المسيح. ملكوت المصالحة، ملكوت الخير والحب لجميع الناس، من أي جهة كانوا. نحن المسيحيين مسؤولون عن هذه الروح وعن هذه الرسالة. نحن مسؤولون عن زرع هذا الكلام في العالم كله لتستفيق الضمائر، حرام أن يموت الناس هكذا وأن يشردوا، لأجل ماذا؟ لأغلب أنا ويغلب الآخر. الرب لا يقول هكذا. المسيح الذي دخل أورشليم، في دخول متواضع والذي قبل محبة الأطفال الودعاء، يطرق اليوم، كل أبواب مدائن العالم، ليفتحوا الطرقات لمحبة بعضكم البعض. أوقفوا النزاعات، تصرفوا كأبناء لأب واحد هو الذي في السماء".
وختم: "هذا هو معنى العيد الذي نحتفل به اليوم. فليغدق الرب عليكم وعلى عائلاتكم وعلى وطننا العزيز كل نعمه وبركاته، وليلهمنا، ما فيه خيرنا، حتى نقوم بواجباتنا خير قيام وننعم بنعمة المسيح، بحياة هانئة لنا ولأطفالنا الطالعين إلى الحياة. الرب كبير وحنون، يتفقدنا، يسأل عنا، يلهمنا كل عمل صالح، له المجد إلى دهر الداهرين. ولكم من الله سلام ومن ربنا يسوع المسيح أمان ومن الروح القدس إلهام، لتكونوا بحسب قول الله ونعمته أبناء له صالحين محبين وكل عيد شعانين وانتم بخير. وسوف ندخل بأسبوع الآلام لنفرح بمجد القيامة".