أطلقت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، قبل ظهر اليوم، تقريرها بعنوان "أود الذهاب الى المدرسة: حواجز تعليم الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان"، الذي أشار الى أن النظام التعليمي في لبنان يميز ضد الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وغالبا ما ترفض المدارس قبولهم بسبب تحدياتهم، حتى الذين يلتحقون منهم في المدارس لا تتخذ لهم اي خطوات معقولة تؤمن لهم تعليما جيدا، وعوض ذلك، يلتحق العديد منهم بمؤسسات غير مخولة للتعليم او لا يحصلون على اي تعليم على الاطلاق.
وأكدت نائبة مديرة قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة لما فقيه ان "ممارسات القبول التمييزية تحرم الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من التعليم في غياب اي فرصة حقيقية للحصول على تعليم شامل، فيترك الاف من هؤلاء الاطفال بدون تعليم".
وأعلنت انه "بموجب القوانين اللبنانية والدولية يجب تمكين جميع الاطفال من الوصول الى تعليم جيد بدون تمييز. ويضمن القانون اللبناني رقم 220 الذي أقر عام 2000، حق ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم وخدمات اخرى، لكنه غير مطبق حسبما وجدت هيومن رايتس ووتش".
واعتبرت ان "المسار التعليمي للاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان محفوف بالعديد من العقبات الادارية والاجتماعية والاقتصادية، ما يعني انهم غالبا ما يخوضون تجربة سيئة، هذا اذا ما قبلوا اصلا".
واشارت الى "ان القليل من المدارس تؤمن مداخل ملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة ولا تقدم الا القليل من التسهيلات التي يحتاجونها للنجاح". وقالت: "وجدت "هيومن رايتس ووتش" في كل الحالات تقريبا ان المعلمين واداريي المدارس يفتقرون للتدريب اللازم على التعليم الشامل، كما تفتقر المدارس للتمويل لتوظيف ما يكفي من الاشخاص.
وقالت: "تمثل 103 مؤسسات متخصصة وممولة من وزارة الشؤون الاجتماعية البديل للاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يتمكنون من التسجيل في المدارس. غير ان الموارد التعليمية في العديد من هذه المؤسسات سيئة جدا. ويثير غياب المراقبة وآليات التقييم السيئة والشح في الموارد الملائمة قلقا حول اذا ما كانت هذه المؤسسات تحفظ حقوق الاطفال".
أضافت: "وجدت "هيومن رايتس ووتش" ان الظروف التي توفرها بعض هذه المؤسسات تثير مشاكل. ففي اثنين من المؤسسات الداخلية لا يوجد اي فاصل بين الاطفال والراشدين الذين لا تربطهم بهم علاقة قرابة، ما يقوض الخصوصية والمراقبة. في العديد من الحالات، يجبر طول المسافة وكلفة المواصلات الاطفال على النوم في المؤسسات، ما يؤدي الى فصلهم عن اسرهم ومجتمعاتهم المحلية لفترات طويلة".
وأعلنت انه "لا توجد بيانات واضحة حول عدد الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان ولا عدد المسجلين في المدارس". وقالت: "من بين 8,558 طفل لبناني بين 5 و14 سنة مسجلين في وزارة الشؤون الاجتماعية كأطفال ذوي احتياجات خاصة، 3,806 يرتادون مؤسسات ممولة من الحكومة، بينما يتوزع عدد قليل على المدارس الخاصة والرسمية".
اضافت: "غير ان بيانات اخرى تثير مخاوف من ان عشرات الاف الاطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة غير مسجلين رسميا. وتقدر "اليونيسف" و"منظمة الصحة العالمية" و"البنك الدولي" ان 5 في المئة من الاشخاص تحت سن 14 سنة هم من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما يعني ان العدد التقريبي للاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة اللبنانيين بين 5 و14 سنة، هو 40 الف".
وأكدت "ان الحكومة اللبنانية قامت بخطوات في الاتجاه الصحيح في السنوات الاخيرة، فوزارة التربية والتعليم العالي بذلت جهدها لادماج الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الرسمية، وهي تخطط لبرنامج تجريبي في العام 2018 تستقبل 30 مدرسة رسمية بموجبه اطفالا يعانون من صعوبات في التعلم و6 مدارس تستقبل اطفالا يعانون من اعاقات بصرية وسمعية وجسدية وعقلية خفيفة".
وشددت على "ان الحق بالتعليم يشمل الجميع، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة"، وقالت: "على لبنان، بصفته طرفا في "اتفاقية حقوق الطفل" و"العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، ان يؤمن التعليم الابتدائي الالزامي المجاني وامكانية الحصول على التعليم الثانوي بدون تمييز لجميع الاطفال. التعليم الشامل يفيد جميع المتعلمين، وهو وسيلة لتحقيق تعليم عالي الجودة ويمكنه ان يعزز شمول المجتمع".
واكدت ان "العقبات التي يواجهها الاطفال ذوو الاحتياجات الخاصة، ليست مقتصرة على لبنان، فاليونيسكو تقدر ان اكثر من ثلث الاطفال الذين هم في سن التعليم الابتدائي والمتوسط ولا يرتادون المدارس، والمقدر عددهم ب 121 مليون، هم من ذوي الاحتياجات الخاصة"، مشيرة الى ان "هيومن رايتس ووتش" دعت الحكومة اللبنانية الى ان تطبق وتعزز قوانين حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، وان على وزارة التربية تأمين التعليم الشامل في جميع المدارس بطريقة تحقق اعلى مستوى من الاندماج للاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الرسمية والخاصة العامة، بما في ذلك عبر تعديل المناهج وتوظيف اشخاص ذوي خبرة. اما وزارة الشؤون الاجتماعية فعليها ان تضع خطة عمل محددة زمنيا للخروج من المأسسة والانخراط في المجتمع".
وختمت فقيه: "بعد 18 عاما من إقرار الحكومة اللبنانية قانونا يضمن حق الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالتعليم، لم يحصل اي شيء تقريبا ليتحول الى واقع. على لبنان ان يتخلص من تبعيته للمؤسسات فورا وضمان حصول الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على تعليم جيد في الصف مع زملائهم".