ماذا تفعل هذه السيدة التي ترفع لقب Co-active coach في لبنان؟!

ماذا تفعل هذه السيدة التي ترفع لقب Co-active coach في لبنان؟!
ماذا تفعل هذه السيدة التي ترفع لقب Co-active coach في لبنان؟!

البحر رفيقها. البحر وصوته وأمديّته رفاقها. ربما لأن في البحر حرية وتمرّد. أو لأنه ينساب دون تعقيدات وخوف. وبما لأنه تلك المساحة الخلاّقة حيث تغفو الشمس ويسطع الأفق. تسارع إلى شرفتها المطلّة على زرقة سماء وماء، متباهية ومتحمسّة لإطلاعنا على مهنتها، بل رسالتها في الحياة، وهي عملياً مهنة "جديدة" على لبنان واللبنانيين.

نخال بداية أنّها تعمل كـ Life coach، بيد أنها سرعان ما تصحح وتوّضح: "أنا Co-active coach". تبتسم السيدة ميرفت بكور ابتسامة المُطمئن. سوف تشرح حالاً ماهيّة هذا العمل، وما هي مجالاته والتحديات التي تحيط به والأهم، ما هي خصائصه وأهدافه.

في حديث لـ "لبنان24"، تلفت إلى أنّ ما تقوم به يختلف قليلاً عمّا بات يُعرف بالـ Life coaching حيث يقدّم "المدرّب" نصائح عامة لطالب المساعدة، على أنّ الاختلاف الجذري يكمن في أنّ الـ "كو أكتيف كوتشينغ" ينصّب على خلق مساحة للفرد يكتشف فيها نفسه بنفسه من دون إملاءات خارجية أو أحكام مسبقة أو نصائح لا تصيب الهدف.

تضيف:"الميزة أنني كمدربّة لن اقول للشخص الذي أقوم بتدريبه وتوجيهه ماذا عليه أن يفعل! لن أفعل ذلك ابداً! تقديم النصائح ليس بالامر المفيد

احيانا خصوصا اذا كان الشخص يعرفها. في أحيان كثيرة، ما نحتاجه كأفراد لا يتعدّى مساحة للتعبير وإعادة اكتشاف الذات ومواجهة مخاوفنا وقلقنا "باللحم الحيّ"، ومن ثم وضع خارطة طريق لنسير وفقها بسلام وسعادة".

تشدد بكور على أنّ المتخصصين في تدريب الـ Co-active يؤمنون بأن كل شخص لديه قدرات وقدرة على التغيير والابتكار وخلق العالم الذي يريد. تقول:" الانسان ليس بحاجة إلى "تصحيح" بل الى من يشاركه عملية تصويب المسار. انا اعطيه مساحة أمان ليكتشف من هو في الحقيقة، ويكتشف الأهداف التي يريد أن يحققها في حياته، ويعرف الأمور التي تسعده بغية اتخاذ القرارات بناء عليها، لا استناداً إلى خوف أو إلى جرح".

ولعلّ القاعدة الذهبية التي تعطيها باكور بالنسبة إلى اتخاذ القرارات في الحياة تتمثل بهذا السؤال الذي تطرحه بالإنجليزية: Am i taking the right decision out of fear or out of faith؟

عندما تتحدث بكور عن هذه النقطة بالذات، أي قضية اتخاذ القرارات في الحياة، فإنها تبدو واثقة تماماً من قدرة الإنسان على صوغ مستقبله شرط الوعي والتحرر من كلّ الأقنعة والأثقال.

تقرّ بأن الظروف التي مرّت بها في حياتها ساعدتها ولا تزال في "إتقان" هذه المهنة التي تحاكي دوماً الفعل الإنساني، مع أنها كانت ،منذ الصغر، متعطشّة دائماً لفهم التفكير البشري والعلاقات الإجتماعيّة.

وعندما تستذكر بكور محطات حياتها "الصارخة" أمامنا، فهي تفعل ذلك في سياق الإشارة إلى الدوافع التي أوجدتها أخيراً في هذه المهنة: مدربّة ترافق الآخرين وصولاً إلى برّ أمانهم وسعادتهم.

وتلفت بكور إلى أنها عايشت محطات كثيرة مرّة في حياتها، بدءاً من وفاة والدها وكانت لا تزال في السابعة من العمر، تحملها مسؤوليات لا تقوى عليها الطفولة، إجبارها على الزواج بعمر الـ 16، طلاقها، فراقها عن ابنتها بسبب الوصاية.

ومنذ 8 أعوام، وتحديداً بعد الطلاق، وقفت بكور أمام مرآة ذاتها تسأل:" لم فشلت في علاقتي الزوجية؟ لم يحدث كل ذلك"؟

كانت السيدة تسعى إلى فهم ما يحصل كي لا تقع في الخطأ مجدداً. خاضت تجربة الحج سيراً على الأقدام على طرق سان جاك دو كومبوستيل (من فرنسا الى اسبانيا). مشت لوحدها مسافات ومسافات تفكّر في العمق. وحصل أن نظرت إلى الأمور بطريقة مختلفة، فسألت:" حسناً...ما العبرة والنعمة مما حصل معي؟"

بدأت الرحلة آنذاك. رحلة مهنة صقلتها بالعلم والشهادات والخبرة وتراكم المعرفة. وبكور ليست "دخيلة" على "هذا العالم"، كما يحصل اليوم للأسف سيّما في عصر التواصل الإجتماعي، وهو أمرٌ تتخوف منه إذ دائماً ما يقلقها أن يسيء هؤلاء الدخلاء إلى المهنة وسمعتهاـ وكذلك إلى حيوات الأشخاص. بكور تحمل شهادات في هذا الاختصاص، وميزتها أنها لم تكتف (ولا تزال) بحصولها على شهادة Co active coach من أميركا بعد دراسة دامت سنتين، بل هي تعمقت في مجالات أخرى متعلقة بهذا الاختصاص وذلك من خلال ورش عمل ودورات تابعتها، ومنها ما يسمّى "Healing the Wounds of History" والذي يمكنها من معالجة

مشاكل الماضي في حياة الشخص وليس الاكتفاء بمعالجة قضايا الحاضر والمستقبل التي يتطرق الكوشينغ عادة إليها.

وبكور كانت قد تخصصت في الجامعة منذ سنوات في "إدارة الأعمال" وأرادت أن تكمل دراسات عليا في ما يُعرف بـ consumer behavior science (أو سلوك المستهلك)، لكنّ مشوارها مع الكوشينغ أغناها عن هذا التخصص بل كان خيارا أفضل ذلك أن فهم المستهلك سيصب في نهاية المطاف في فهم الفرد!

أيضاً، تخصصت بكور في الـparentology وهو علم يلحظ العلاقات بين الأهل وأولادهم، وهذا ما أضاف كذلك إلى تخصصها كمدربة.

بدأت بكور عملها في لبنان منذ عام، وهي تستقبل الأشخاص الباحثين عن مساعدة وتغيير في حياتهم. تقيم ورش عمل كثيرة تحت عناوين مختلفة، لكنها كلها تهدف إلى مرافقة الأشخاص للتعرّف على ذواتهم والتخلص من مشاكلهم.

وعن "بروفايلات" الأشخاص الذين يقصدونها، فتلفت بكور إلى أنهم من مختلف الأعمار والشخصيات: يدق بابي طلاب مدارس يعيشون ضياع اختيار التخصص الجامعي. ويدق بابي أزواجٌ يريدون إزالة مشاكل تعيق علاقتهم أو يسعون الى تخطي مرحلة الطلاق. وأشخاصٌ يواجهون مشاكل في العمل أو في نسج علاقات اجتماعية أو في فهم الذات وتحقيق الأهداف ما يعيق الشعور بالسعادة…

المجال مفتوح كالبحر الواسع. الصعوبات في لبنان موجودة حتماً، سيّما في ظلّ خصائص العلاقات العائلية والاجتماعية اللبنانية. مثلاً، لم قد يلجأ

شخص إلى مدرّب أو استشاريّ فيما يمكنه طلب النصيحة من أمه أو اخته أوصديقه؟!

سرعان ما تجيب بكور: "أكرر، أنا لا اقدم النصائح أولاً بل أرافق الشخص بطريقتي العملية والمنهجية وصولاً إلى التغيير المنشود. ثانياً، من المعروف أن الفرد لن يكون على راحته وطبيعته أمام أي من أهله وأصدقائه ولن يبوح بكل ما يشعر به أو يعاني منه، خوفاً من أن يحكموا عليه".

ورداً على سؤال حول الاختلاف ما بين "الكوشينغ" والعلاج النفسي الذي يقوم به أطباء علم النفس والمتخصصون النفسيون، تقول:"عندما ألاحظ أنّ ثمة مرضا نفسيا أو حالة نفسية خطيرة، فإني أحيل الشخص فوراً إلى متخصص لتلقي العلاج اللازم". وتذكّر بكور في هذا السياق بتميّزها في القدرة على معالجة مشاكل الماضي والعمل على التخلص من الموروثات السلبية بفضل تخصصها في مجال Healing the Wounds of History، وهو ما يتشابه مع العلاج النفسي نوعاً ما.

إذاً، كيف يحدث الـ "كو أكتيف كوشينغ" عملياً؟

تجيب بكور:" الأمر مختلف تبعاً لكل حالة وفرد. الأكيد أنني أملك الحرية والخبرة الكافية للتماشي مع احتياجات الشخص في رحلة المرافقة. قد تكون الجلسات في الطبيعة او في غرفة تحتكم إلى الحرية والموسيقى وكأنها مرآة يرى الشخص ذاته الداخلية فيها!....المهم أنني أقدم للشخص الأدوات التي تساعده على اكتشاف ذاته بغية الوقوف على الرجلين مجددا. الأمر أشبه بمرافقة أحدهم ممن لا يجيدون ركوب الدراجة الهوائية حتى نقطة

الوصول، وهذا ما يميّزنا عن الاستشاريين العاديين الذين يقولون لهذا الفرد: هيا اركب على الدراجة وافعل كذا وكذا".

وتؤكد بكور أنها لا تخلق اتكالية عليها بمعنى أن الشخص لن يظلّ طوال حياته متعلقاً بها كلما "دق الكوز بالجرة". ما نفعله يعطي الشخص حصانة يحملها معه أينما ذهب.

استطاعت هذه المهنة أن تحوّل بكور سيدة فخورة بنفسها وسعيدة كلما نجحت في إحداث تغيير في حياة شخص ما على وجه هذه الكرة الأرضية. واستطاعت هذه المهنة أن تدفع بكور إلى ابتكار أحلام جديدة بشكل يومي. على هذا النحو تجيب عندما تُسأل عن أحلامها وأهدافها الجديدة: "أحلام أمس أم اليوم أم الغد؟!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أميركا للبنان: أعلنوا وقف إطلاق النار من جانب واحد!