أطلّ وريث الزعامة الدرزية في لبنان مساء أمس ضمن مقابلة خاصة لبرنامج "كلام الناس"، تيمور جنبلاط نجل رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط والمرشح للإنتخابات النيابية المقبلة الذي ترعرع في بيت درزي عريق، كان قد شقّ طريقه السياسي منذ مدّة ليست بطويلة، إذ اختار له والده التوقيت المناسب لخوض غمار العمل السياسي مهيّئاً له جميع الظروف لإثبات نفسه.
لم يبدُ ابن زعيم المختارة منسجماً مع الظهور الإعلامي، أقلّه حتى الآن، رغم بساطته وعفويته، ومع أنّ هدوءه واتزانه عكسا صورة منهجية لوالده، إلّا أنّ نقص الخبرة السياسية قد تجلّى من خلال إجاباته المقتضبة والتي خلت بمعظمها من الحنكة وسرعة البديهة التي عوّدنا عليها "هرم المختارة" في لقاءاته.
ربّما لأنّ الشاب لم يشأ أن يكون ابن ابيه، بل أصرّ على أن يرسم صورة خاصة به، تجسّده زعيماً خارج جلباب العائلة، أو ربّما لأنّ تولّي القيادة خلفاً لوالده، لم يكن من إحدى طموحات تيمور، أقلّه تلك القيادة التقليدية التي يفرضها زعماء الوطن على أبنائهم على مبدأ "التسليم" ليصبح معها العمل السياسي رضوخاً للأمر الواقع وقبولاً للمسؤولية وأعباء الزعامة للحفاظ على الإرث الكبير.
لم ينكر "تيمور" على والده سنواته الأربعين في العمل السياسي، بل يؤكّد على أنّه لا يمانع من تدخّله لتحديد خياراته، معتبراً أنّه اكتسب منه الدقّة وحبّ الحياة، وتعلّم التاريخ على يده ومن "حيطان المختارة"، مشدّداً على أنّه لن يلغي وليد جنبلاط من داخله لكنّه يأبى أن يكون سوى تيمور!
شعبية تيمور جنبلاط في المختارة لا تقلّ عن شعبية والده، فهو يلتقي الناس باستمرار معتبراً أنّ من واجبه الإستماع إلى مطالبهم والوقوف إلى جانبهم، لافتاً إلى عتبه على الدولة التي لا تسعى إلى تأمين احتياجات اللبنايين، "للأسف ما في دولة.. وفي طلبات".
عشية الذكرى الـ41 لاغتيال كمال جنبلاط، أعلن وريث الأمبراطورية الدرزية أسماء مرشحين "اللقاء الديمقراطي"، وحدّد خارطة التحالفات مع "المستقبل" و"القوات" في عاليه والشوف، مشيراً إلى أنّ قانون النسبية الجديد يفرض جملة من التحالفات مع فرقاء واحزاب آخرين.
وعلى الرغم من تأكيد تيمور جنبلاط حسن العلاقات مع جميع السياسيين، مسايراً المير طلال أرسلان بقوله إنّ الإختلاف السياسي معه لا يلغي العلاقات التاريخية والسياسية، إلّا أنّه لم ينسَ أن يطلق سهامه باتجاه الوزير السابق وئام وهاب، ملمّحاً إلى أنّه لن يسافر مجدّداً خارج البلاد "لأنو كتار لاح يكونوا مبسوطين وخصوصا حدا من الشوف ما بدي قول اسمو"!
لم تخلُ مقابلة "تيمور" من الكثير من الإرباك، وبعض "العكّات" السياسية ان لم نقل زلّات، وفي مقارنة ما بين اطلالته واطلالة طوني, الوريث السياسي لآل فرنجية نجد ان الفرق لم يكن بالحد المبالغ به سوى أن حفيد المختارة قد اطلق الرصاص الطائش على بعض المرجعيات السياسية، في حين أن "فرنجية" أراد أن يبدأ المسيرة برسالة سلام.
مما لا شكّ فيه، أنّ أبناء الزعماء ساسة بالوراثة، هذا الواقع الذي لا مفرّ منه أبداً، حيث أنّ الطبقة السياسية الحاكمة تسعى دوما لتسليم زمام القيادة الى ابنائها، وعلى الرغم من تدفّق الوجوه الجديدة لإعلان ترشيحاتها للانتخابات النيابية القادمة، ورغبة اللبنانيين في التغيير، إلّا أنّ السياسيين "لعبوها صح" وقدّموا لنا اولادهم على أنهم نموذج سياسي جديد بفكر شبابي غير نمطي، ليبقى الزعيم نفسه "قاعد عقلبنا" و"إلى أين"؟...