يحاول تنظيم "داعش" النهوض من جديد في بعض المناطق المتواجد فيها في سوريا والعراق، من خلال استغلاله للمدنيين وإجبارهم على دفع أموال الـ"زكاة" لتخصيصها لأغراض إرهابية، ولتغذية خزينته المالية.
ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان تقريراً مطولاً عن انتهاكات تنظيم داعش للمدنيين في سوريا، للضغط عليهم وابتزازهم. ويؤكد المرصد أن "ملثمين يتبعون لتنظيم داعش الإرهابي استهدفوا بقنبلة يدوية، منزل رئيس قسم الصيانة بدائرة المياه في المجلس المدني لديرالزور في مدينة البصيرة، دون إلحاق خسائر بشرية حيث يعد هذا الاستهداف الثاني من نوعه خلال شهر أيلول الجاري"، وأبلغت مصادر موثوقة المرصد السوري أن الاستهدافات لم تكن هدفها قتل العلي، بل للضغط عليه بغية الخضوع لمطالب التنظيم المتمثلة بدفع مبلغ 15 ألف دولار أميركي "كزكاة".
وتشير التقارير إلى أن تنظيم "داعش" يستخدم طرقاً جديدة لترويع السكان وترهيبهم، وابتزازهم، ومنها إرسال رسائل نصية على هواتف المدنيين المحمولة تتضمن مطالبات بضرورة تسليم "الزكاة" وفي حال عدم الخضوع للأمر، يهدد التنظيم مستلم الرسالة بالقتل.
ومن الطرق الأخرى، التي يتبعها التنظيم، إلقاء "كفن" يكتب عليه "اسم الشخص المُهدد" كرسالة تهديد له بالقتل في حال عدم دفع "الزكاة المقررة عليه" من قبل التنظيم، إذ يعمد التنظيم على تمويل نفسه من خلال جباية الزكاة من التجار والمتعهدين وخصوصاً العاملين بمجال النفط والتوريد وذلك إما عبر الحديث مع الشخص المطلوب وجهاً لوجه بطرق باب منزله تحت جنح الظلام وتهديده بشكل مباشر.
وأكد المرصد السوري في الرابع من أيلول الجاري، أن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي ضمن شرق الفرات تشهد نشاطاً متصاعداً بشكل كبير لتنظيم داعش وخلاياه بشكل سري وعلني، فعلى الرغم من الحملات الأمنية الكبيرة للتحالف وقوات "قسد" المتمثلة بعمليات إنزال جوي ومداهمات واعتقالات بشكل يومي والقبض على عناصر من خلايا التنظيم، إلا أن الأخير يواصل نشاطه بشكل متصاعد في الرقة وريفها وريف دير الزور ومدينة الحسكة وريفها وأماكن أخرى في منطقة شرق الفرات، سواء عبر اغتيالات ينفذها بزرع عبوات وألغام أو تفجير آليات.
وتجاوز التنظيم النشاطات السرية في المنطقة، وأصبح يهدد على العلن كل من يتعامل مع "قوات سوريا الديمقراطية" باستهدافه، بالإضافة لفرضه إتاوات مالية على التجار وأصحاب الأموال في ريف دير الزور مقابل عدم التعرض لتجارتهم ومهاجمة آبار نفط وصهاريج تابعة لهم.
وتؤكد التقارير أن مقاتلي تنظيم داعش عمدوا إلى تعليق منشورات على أبواب المساجد في بلدة أبو حردوب بريف دير الزور الشرقي، وتحوي هذه المنشورات أسماء لأشخاص "وقعوا بالردة" بحسب التنظيم وذلك بعد التحاقهم بصفوف قوات "قسد" وعليه طالبهم عناصر خلايا التنظيم "بالتوبة" وإلا سوف تتم محاسبتهم، وتأتي هذه الحادثة كدليل بارز يثبت جرأة خلايا التنظيم الناتجة عن تواجدهم بشكل كبير جداً ضمن مناطق سيطرة "قسد" شرق الفرات على الرغم من الحملات الأمنية اليومية من قبل "قسد" والتحالف الدولي، إلا أن التنظيم لا يزال له قوة كبيرة عبر خلايا المنتشرة في عموم المناطق، حيث يفرضون إتاوات على أصحاب الأموال مقابل عدم التعرض والهجوم على أماكن تواجد عملهم.
أموال من الخارج
وتشير الدراسات إلى أن داعش استحدث مصادر جديدة للتمويل تعتمد بشكل أساسي على معطيات نفوذه المتنوعة داخل بعض المناطق التي ما زال يتمتع فيها بسيطرة كبيرة خاصة في بنغلادش والعراق والصومال والفلبين وغرب وشمال أفريقيا ووسط آسيا.
وتؤكد الدراسات، أن التنوع المالي أعطى مرونة واسعة للتنظيم في تحقيق بعضٍ من الاكتفاء الذاتي، الذي ساعده على الاستمرار في القتال وتمويل عملياته الإرهابية ومقاومة الجهود الدولية التي تحول عرقلة وتعقب مصادره المالية وفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تتورط في تقديم تسهيلات مالية له واتخاذ إجراءات قانونية حيالهم بوضعهم على قوائم العقوبات الجنائية الدولية.
وتعتمد الشبكة المالية لتنظيم داعش على الاستفادة من الوفرة المالية التي تحققت له من مصادره الاقتصادية خلال فترة سيطرته على أجزاء واسعة من العراق وسوريا بين عامي 2014 و2017، وإعادة تدويرها خلال فترة الانهيارات المتتالية لمعاقله خلال عامي 2017 و2018؛ بل استحدث موارد جديدة من خلال عدد من الآليات التقليدية وغير التقليدية والتي مكنته من الحفاظ على بقائه واستمرار قدرته على إحداث حالة تهديد للأمن والسلم العالمي.
ويجمع التنظيم أموالاً من "المنظمات الخيرية" التي لا يزال يستخدمها كواجهة لتمرير أمواله إلى خلاياه حول العالم؛ والتي تبدأ بجمع التبرعات لصالح جمعية خيرية ثم تقوم بدورها بإرسالها إلى داعش من خلال أفراد يحملون أسماء مستعارة عبر مواقع المراسلة والتواصل الاجتماعي مثل فيس بوك أو تطبيقات واتس آب وماسنجر وتليغرام.