لم يكن ينقص المواطن الذي يعيش حالة هلع من تداعيات الأزمة الإقتصادية والمالية التي باتت تهدّد عيشه اليومي، سوى ذاك التبرير العبقري الذي طالعنا به بعض من هم في موقع المسؤولية، والذي يفترض بهم تجنيد أنفسهم وكلّ مقدرات الدولة وأجهزتها لاجتراح الحلول ووقف عجلات الإنهيار، بما يتناسب وحالة الطارىء التي أُعلنت في بعبدا، فيما لم يتمّ اتخاذ أيّ إجراء يتناسب وهذه الحالة. وبدل أن يخرج هؤلاء إلى الناس بخطة لإدارة الأزمة وطمأنة المواطنين، أبدعوا في التنصل من المسؤولية تارة بعدم أخذ العلم وتارة باستحضار نظرية المؤامرة، وهذه المرة هي مؤامرة على العهد لإفشاله.
يخيل لنا للوهلة الأولى وكأنّ هناك من نجاحات عظيمة أو غير عظيمة قد سجُلت ليصار إلى إفشالها، من تأهيل البنى التحتية في لبنان وإنشاء شبكة طرق وأتوسترادات، وإعادة العمل بمطاري القيلعات ورياق، إلى جذب المستثمرين وتأمين فرص العمل، والحدّ من هجرة الشباب، وإبعاد صبغة الفساد عن لبنان، والعودة من مؤتمرات الإغتراب بعشرات المشاريع الإستثمارية على أرض الوطن، وغيرها العشرات من الإنجازات التي لا تتسع الصفحات لذكرها، والتي يصبح معها تأمين الكهرباء 24/24 والإستغناء عن المولدات وابتزاز أصحابها، تحصيل حاصل.
إنجازات سمت بلبنان إلى مصاف الدول المزدهرة، وقلّصت لا بل ألغت دينه العام، ورفعت من تصنيفه في مؤشرات وكالات التصنيف من درجة السلبية إلى الإيجابية.
تحقيق كل هذه الإنجازات أغاظ متآمري الداخل والخارج وأثار غضبهم، فراحوا يحيكون الخطط للإنقلاب على ما أنجز، فأغرقوا لبنان بالشائعات، واستولدوا الأزمات، وأحدثوا أزمة في الدولار والمحروقات، وهم في طريقهم لإعادة الكهرباء إلى عهود التقنين، بعدما أنعم الأقوياء على اللبنانيين بنعمة النور المستدام.
بالله عليكم كفّوا عن غسل أيدكم من دم الصدّيق، فأنتم لستم شركاء بالحكم فحسب بل العهد عهدكم والثلث المعطل لكم، وتتحمّلون المسؤولية كما غيركم بما وصلت إليه حال البلاد.
ورغم ذلك لا نريد منكم إنجازات حقيقية تليق بالدول والأوطان والشعوب، يكفينا أن تحقّقوا إنجازًا واحدًا محدودًا، وسنصفّق لكم ما حيينا، فنحن من أصحاب القناعة وطموحاتنا تبدّلت ، فلم نعد نطمح بتحقيق ما وعدتم به منذ سنوات من تأمين للتيار الكهربائي ولن نسألكم عنه، ولا نريد إزدهارًا ولا استثمارًا، ولا مطارات ولا مرافىء، فقط نريد أن تبرزوا فواتير ترحالكم في أصقاع الأرض، وما تتضمنه من مؤتمرات وحفلات ولقاءات، أهي على حسابنا؟ أم أنكم وفي زمن التقشّف والأزمات المالية والنقدية الإقتصادية، رفضتم تحميل الميزانية ما لا تحتمل وسدّدتم فواتير الأسفار من حساباتكم الخاصة؟