وسيحل المجلس السيادي محل المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير على يد الجيش في السادس من نيسان إثر تظاهرات شعبية حاشدة استمرت خمسة أشهر. وتأتي هذه الخطوات الأولى للانتقال بعد احتفالات كبيرة واكبت توقيع المجلس العسكري وحركة الاحتجاج المطالبة بحكم مدني، على وثيقة دستورية انتقالية في 17 آب.
وبعيد الساعة الحادية عشرة (9,00 ت غ)، أقسم الفريق عبد الفتاح البرهان الذي كان يرأس حتى الآن المجلس العسكري، اليمين ببزته العسكرية الخضراء المرقطة، واضعا يده على القرآن، في احتفال قصير.
وفي وقت لاحق، أدّى أعضاء المجلس العشر الآخرون، اليمين أمام البرهان ورئيس مجلس القضاء. وأعلنت أسماء أعضاء المجلس السيادي مساء الثلاثاء بعد تأخير يومين بسبب خلافات داخل معسكر الحركة الاحتجاجية. وسيكون البرهان رئيسا للبلاد للأشهر ال21 الأولى في المرحلة الانتقالية، على أن يتولى مدني المدة المتبقية. ويتوقع أن يتسلم عبد الله حمدوك الذي اختارته المعارضة الأسبوع الماضي رئيساً للوزراء، منصبه أيضاً اليوم.
نهاية العزلة؟
وأقيم حفل توقيع رسمي للوثيقة الدستورية السبت بحضور عدد من الزعماء الأجانب، في مؤشر على أن السودان قد يقلب صفحة العزلة التي عاشها خلال عهد الرئيس المعزول عمر البشير الذي استمر ثلاثين عاماً.
ويتوقع أن يضغط المجلس الجديد من أجل وقف تعليق عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي. واتخذ الاتحاد الإفريقي قرار تعليق عضوية السودان بعد عملية فض اعتصام المحتجين الدامية في الخرطوم في الثالث من حزيران التي أدت الى مقتل 127 شخصاً. كما سيسعى حكّام البلاد الجدّد الى إزالة اسم السودان من اللائحة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.
والبشير مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بموجب مذكرة توقيف دولية واتهامه بأن له دوراً في مجازر وقعت في إقليم دارفور حيث اندلعت حركة تمرد في العام 2003.
ومثل البشير أمام محكمة سودانية الاثنين، لكنّ فقط في اتهامات بالفساد في بداية محاكمة قال أحد المحققين فيها إن البشير أقرّ باستلام ملايين الدولارات نقداً من السعودية.
ورحبّ السودانيون على نطاق واسع بمشهد مثول دكتاتورهم السابق في قفص الاتهام، لكنّ العديد منهم حذر من أنّ تصرف محاكمته بتهم الفساد الانتباه عن الاتهام الأخطر الموجه له في المحكمة الجنائية الدولية.
وقال أحد المتحدرين من دارفور ويدعى الحاج آدم لوكالة فرانس برس "أدلة ارتكابه إبادة جماعية يجب أن تقدم... الكثير من المدنيين داخل وخارج السودان قتلوا بسببه ويجب أن يمثل أمام العدالة".
الاقتصاد
وسيحتاج المجلس السيادي للتصديق على معاهدة روما الخاصة بالمحكمة الجنائية الدوليّة قبل تسليم البشير ليخضع للمحاكمة في لاهاي. لكن رغم البهجة المحيطة بتوقيع الاتفاق حول المرحلة الانتقالية، تبرز تحفظات في أوساط الحركة الاحتجاجية، خصوصاً حول نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي محمد والذي وقع الاتفاق عن الجانب العسكري.
ويقود دقلو "قوات الدعم السريع" المتهمة بتنفيذ عملية فض الاعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلّحة في الخرطوم. ويخشى كثر أن يقوم باحتكار السلطة ويقضي على التحول الديموقراطي في البلاد.
وسيمثل إحلال السلام في بلد تسوده نزاعات في أقاليم دارفور وكوردفان والنيل الأزرق إحدى المهام العاجلة لحكام السودان الانتقاليين. فيما سيشكل إنقاذ الاقتصاد الذي انهار خلال السنوات الأخيرة تحدياً أساسياً أيضاً.
وأثار رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف في كانون الأوّل 2018 موجة الاحتجاجات العارمة التي انتهت بإطاحة البشير. ويقول بائع الفاكهة رامز التقي "إذا لم يلب هذا المجلس آمالنا ولم يخدم مصالحنا، لن نتردد أبداً في الثورة مجدداً". ويضيف "سنطيح المجلس مثلما فعلنا مع النظام السابق".