"أصبح اليوم بإمكان اللبنانيين المسجلين للاقتراع في الخارج الحصول على جواز سفر جديد بألف ليرة لبنانية فقط وبسرعة كبيرة ومن دون كلفة نقل وذلك للتمكن من استعماله في الانتخابات النيابية المقبلة خطوة جديدة من وزارة الخارجية لتسهيل انتخاب المنتشرين".
تغريدةٌ انتهت بالتوقيع "الافتراضي": GB، ولا تزال حتى الساعة بمثابة أحجية بالنسبة إلى كثيرين من اللبنانيين المقيمين والمغتربين منهم! و"GB" هو معالي وزير الخارجية جبران باسيل الذي توّسل موقع "تويتر" أمس للكشف عن هذا الإعلان، فكتب هذا "التويت" وغادر إلى أستراليا للمشاركة في المؤتمر الاغترابي الذي سيفتتحه هناك.
اللبنانيون اليوم حائرون، يفكرون، يتساءلون: "كيف تصبح تكلفة جواز السفر ألف ليرة فقط لا غير فيما لا تقلّ في العادة عن 60 ألف ليرة لجواز صالح لمدة سنة؟ أولاً يبلغ ثمن الورق والحبر أكثر من ألف ليرة؟ ومن المستفيد؟ ولماذا؟ وكيف؟ وهل يحق لوزير الخارجية اتخاذ هذا القرار من تلقاء نفسه أم أنه يتخطّى صلاحيات وزراء آخرين بل صلاحية الحكومة بأكملها؟ ولماذا لم يتبلغ العاملون في السفارات اللبنانية المنتشرة في الخارج بهذا القرار رسمياً بدليل أنّهم ينفون علمهم بالأمر عندما يتمّ الاتصال بهم لاستيضاح الموضوع؟! ولماذا اكتفى الوزير بتغريدة للكشف عن هذه الخطوة من دون أن يصدر تعميم عن وزارة الخارجية؟!".
اللافت أن الأغلبية من هؤلاء اللبنانيين الحائرين سرعان ما تخرج بخلاصة: إنها الإنتخابات، فلا عجب!
لكن فعلاً، ما هي حيثيات هذه الخطوة؟!
موقع "لبنان 24" حاول جاهداً الاتصال بوزارة الخارجية للاستفسار عن الموضوع من دون الوصول إلى أي نتيجة مثمرة، علماً بأن عدداً من الموظفين في الوزارة اعترفوا بأنهم أيضاً لم يفهموا هذا الإجراء بوضوح.
لكنّ وزير الداخلية والبلديات الأسبق مروان شربل شرح في اتصال مع "لبنان 24" أنّ وزير الخارجية له الحق في إعطاء نوعين من جوازات السفر: الدبلوماسية والخاصة!
ومن المعروف (وفقاً للمرسوم رقم 4780 تاريخ: 22/07/1960 المتعلق باعطاء وتجديد جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة) أنّ ثمة أشخاصاً معينين يحق لهم الحصول على جوازات سفر دبلوماسية ومنهم على سبيل المثال لا الحصر رئيس الجمهورية، رؤساء الجمهورية السابقين، رئيس مجلس النواب، رئيس الوزارة والوزراء، الرؤساء الدينيين الأعلى لكل طائفة، مديري المكاتب السياحية في الخارج التابعين للمجلس الوطني لإنماء السياحة اذا كانوا يعملون بإشراف البعثات الدبلوماسية والقنصلية اللبنانية....
ويلحظ المرسوم أيضاً الأشخاص الذين يُعطى لهم جواز السفر الخاص، يشملون:
1- النواب والنواب السابقين.
2- الوزراء السابقين.
3- موظفي الدولة من الفئة الاولى الحاليين والسابقين الذين انهيت خدماتهم لاسباب غير تأديبية".
4- رئيس المجلس البلدي لمدينة بيروت.
5- القضاة.
6- رئيس هيئة اركان الجيش.
6 (مكرر) - نائبي حاكم مصرف لبنان
7- رؤساء الفروع في رئاسة الجمهورية والموظفين الاداريين في وزارة الخارجية والمغتربين من الفئتين الثانية والثالثة، والمستشارين السابقين في السلك الخارجي الذين تولوا رئاسة بعثة دبلوماسية بلقب سفير.
8- زوجات الاشخاص المذكورين في الفقرات السابقة واولادهم القاصرين وبناتهم العازبات اذا كن في عيالتهم.
9- قناصل لبنان الفخريين اذا كانوا من الجنسية اللبنانية.
10- القناصل الفخريين اللبنانيين لدول اجنبية في لبنان شرط المعاملة بالمثل.
11- الرؤساء الروحيين من الرتبة التي تلي الرئيس الروحي الاعلى.
12- من يعهد اليهم وزير الخارجية والمغتربين بمهمة رسمية موقتة في الخارج او يعهد اليهم بذلك الوزير المختص بعد موافقة وزير الخارجية والمغتربين على ان لا تكون المهمة للتخصص او الدراسة.
ويعتقد الوزير شربل أنّ المقصود بتغريدة باسيل هو إمكانية منح المغتربين هذا النوع من الجوازات، سيّما وأنّ اعتراضات كثيرة علت مؤخراً من قبل المغتربين مطالبة بتسهيل عملية الاقتراع، خصوصاً وأنّ ثمة من لم يتسنّ له استخراج جواز سفر عاديّ لسبب أو لآخر، على رغم أنه سجّل اسمه منذ تشرين الثاني 2017.
ويشير إلى أنّ وزير الخارجية يمكنه في هذه الحال تحديد التكلفة التي يريد أو حتى منح هذه الجوازات مجاناً، كونها موضوعة في تصرّفه.
وإذا كان الوزير شربل يرى أن باسيل لا يقوم بهذا الأمر (مع التذكير بأنه يستخدم صلاحيته) من أجل غرض انتخابي "إذ من يضمن أن يقترع المستفيدون من جوازات السفر الخاصة له؟!" ، فإنّ ثمة من يتخوف في المقابل من أن يساء استخدام "تلك الصلاحية" وبالتالي لا تمنح مثل هذه الجوازات المفترض أنها تسهل عملية انتخاب المغترب إلا لناخبي باسيل وتياره السياسي!
يذكر أنّ جوازات السفر الخاصة لطالما وصفت بأنها "بدعة لبنانية" وهي غير معترف بها دولياً وفق اتفاق فيينا الذي يرعى العلاقات بين الدول ما عرّض حامليها في كثير من الأحيان إلى تحقيقات وتوقيفات في مطارات العالم.
إذاً، وبحسب تفسير الوزير مروان شربل، فإن المقصود بجوازات الألف ليرة هي تلك الخاصة التي تصدر عن وزارة الخارجية لا عن الأمن العام. أما إذا كان المقصود غير ذلك، فما علينا إلا انتظار عودة وزير "كل الطاقات" ليشرح للبنانيين وينير عقولهم!
وحتى ذلك الحين، قد يستمرّ اللبنانيون في التعليق الساخر على مواقع التواصل الاجتماعي، فيرددون: "الباسبور بألف...قرّب ع الطيب!" أو "أوكازيون جوازات. صولد وحرق أسعار في الخارجية"!