نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده مراسلوها في موسكو كاثرين هيلي وهنري فوي وماكس سيدون، يتحدثون فيه عن الفرص التجارية في سوريا ما بعد الحرب.
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي تعرضت فيه موسكو لضغوط لممارسة نفوذها على النظام السوري؛ لوقف قصفه على الغوطة الشرقية، فإن مسؤولي الشركات الكبرى اجتمعوا في قاعة مؤتمرات لمناقشة فرص التجارة في البلد العربي الذي مزقته الحرب.
ويكشف مراسلو الصحيفة عن أن أكثر من 200 مدير شركة اجتمعوا في غرفة التجارة الروسية، حيث حضروا اجتماعا دعا إليه المنبر السوري الروسي؛ أملا في استثمار العملية العسكرية هناك، وتحويلها لفرص عمل، وناقشوا كل شيء، من مولدات الكهرباء إلى الخدمات الهندسية والشحن والعقود الأخرى التي يعتقدون أنها ستظهر بعد نهاية الحرب.
وتنقل الصحيفة عن مدير غرفة التجارة الروسية سيرغي كيترن، قوله: "هناك حاجة إلى ما بين 200 إلى 500 مليار دولار لإعادة إعمار الاقتصاد السوري، وستمنح الأولوية، كما قال الرئيس بشار الأسد، للأعمال الروسية".
ويلفت التقرير إلى أن المسؤولين السوريين كانوا من ضمن الذين حضروا اجتماع موسكو، ومعهم قائمة بـ26 مشروعا ترغب سوريا في استثمارات روسية فيها، مشيرا إلى أن هذه المشاريع تضم خط سكة حديد يربط العاصمة السورية مع المطار، ومحطات صناعية لإنتاج كل شيء، من الإسمنت إلى الخميرة وإطارات السيارات، بالإضافة إلى مولدات الطاقة في حمص.
ويعلق الكتّاب قائلين إن "هذه المشاريع تواجه تحديات، ليس أقلها من سيدفع الفاتورة، وتحاول روسيا دفع الدول الأوروبية للمساهمة في تمويل جهود الإعمار، إلا أن الحكومات الأوروبية تؤكد أهمية حصول اتفاق سياسي أولا ينهي النزاع، وهي مصممة ألا تقدم تمويل المشاريع للأسد".
وتورد الصحيفة نقلاً عن مدير القسم الأوروبي في دائرة وكالة التخطيط الرسمية طارق الجوبرة، قوله: "نعلم ماذا نريد، ونعلم أن أصدقاءنا الروس يمكن أن يساعدونا من ناحية مبدئية، لكن السؤال يظل قائماً حول توفير الأموال".
ويجد التقرير أن "هذا السؤال يبدو أكثر حضوراً في قطاع الغاز والنفط، الذي عبر الروس عن اهتمامهم الكبير به، فالعقوبات الغربية المفروضة على سوريا تعني أن التمويل غير متوفر لاستثمارات جديدة في قطاع الهيدروكربون، وأي شركة روسية تقوم بتزويد المعدات لمنتجي النفط الروس تواجه إجراءات عقابية".
وينقل الصحافيون عن مدير التصدير في شركة خدمات حقول النفط "ريميرا" ديمتري كابتانوف، قوله: "زرت سوريا أكثر من مرة، وحتى هذا الوقت ليس لدينا الكثير لنقدمه.. ذهبت إلى كل من دمشق وحمص، وكانتا هادئتين وشعرتا بالأمن، ويظل السؤال قائما حول كيفية إجراء عمليات تجارية مع استمرار العقوبات المفروضة على سوريا".
وتفيد الصحيفة بأن قطاع النفط كان قبل الحرب يساهم في ربع موارد الحكومة السورية، إلا أن إنتاج النفط في عام 2017 لم يتعد نصف ما كانت تنتجه سوريا قبل الحرب، من 383 ألف برميل نفط في اليوم إلى 8 آلاف برميل، مشيرة إلى أن موسكو تحاول الآن إدخال شركاتها أولا عندما تستأنف الصناعة عملها من جديد.
وينوه التقرير إلى أن وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك وقع اتفاقا مع نظيره السوري، حيث يقول مدير الشركة الوطنية لخدمات النفط والغاز فيكتور خيكوف، إن الاتفاق ينص على "مشاركة الشركات الروسية في المشاريع السورية والتفاوض بشكل منتظم"، ويضيف خيكوف: "رغم دمار غالبية صناعة النفط والغاز السورية، أو أنها في وضع بائس، فإن المشاركة في إعادة تأهيلها قد تعود بعوائد مربحة على الشركات الروسية".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول خيكوف: "من المحتمل حصول الشركات المشاركة على منافع إضافية للتعويض عن المخاطر التي يعيشها البلد".
(عربي 21)