موقف من موقف صادر عن جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية:
دأبت جريدة الديار” منذ مدّة على تسويقٍ ممنهج يُحمّل القوى المسيحية مسؤولية الأزمات التي يمرّ بها لبنان، وذلك بِخلاف كلّ الوقائع والحقائق الملموسة والموثّقة.
إنّ الأزمات التي تعصف باللبنانيين وأبرزها شغور موقع رئاسة الجمهورية وتفاقم الوجود السوري غير الشرعي في لبنان، ليست بمشكلة مسيحية ولا تنعكس تداعياتها على المسيحيين حصرًا، بل هي ترتبط بالمشكلة اللبنانية وتحديدًا الانقسام حول مشروع الدولة وطريقة إدارتها.
أوّلاً، إنّ الكلام عن أزمة رئاسيّة بسبب “غياب الاتفاق المسيحي على هويّة الرئيس ولو لمرّة واحدة”، وتاليًا تحميل المسيحيين مسؤولية الأوضاع الاقتصادية والنقدية والاجتماعية جرّاء عدم إنتخاب رئيس، هو كلام باطل وتضليلي، لأنّ المسيحيين سبق واتّفقوا على انتخاب ميشال عون رئيسًا للجمهورية، لكن الأزمات لم تنتهِ، لأنّ أسبابها ترتبط بفريق يُصرّ على خطف قرار الدولة وفريق آخر لا يتردّد في تأمين الغطاء المؤسساتي له ولو على حساب الشرعية وأرزاق اللبنانيين لقاء أثمانٍ سلطويّة، كما أنّ المسيحيين في أغلبيتهم الساحقة قد تقاطعوا منذ فترة مع قوى نيابية أخرى في المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، لكن الانتخابات الرئاسية لم تحصل، لأنّ ح ز ب ال له وفريقه الممانِع يُصرّ على ممانعة الدستور وعلى عدم احترام إرادة اللبنانيين وقواهم النيابية وضمنًا المسيحية.
ثانيًا، إنّ ربط عدم الاتّفاق المسيحي بسبب أنّ “كلّ زعيم مسيحي يطمح إلى كرسي بعبدا”، هو كلام خاطىء وعارٍ من الصحة، لأنّ الاتفاق سبق وحصل أكان بالتفاهم مرّة أو بالتقاطع مرّة ثانية، كما أنّ الحديث عن عرقلة الزعماء المسيحيين للاتفاق المسيحي لأنّ طموحهم جميعًا هو الوصول إلى كرسي بعبدا، يصحّ على البعض ولكن حتمًا يسقط سقوطًا مدوّيًا عند الكلام عن رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع الذي قدّم أمثولة تاريخيّة غير مسبوقة في الصّمود ومواجهة كلّ التحدّيات ورفض كلّ الاغراءات السلطويّة تمسّكًا بمبادئه ونضالات شعبه وسيادة وطنه، وهو الذي ركل السلطة والكراسي واختار المعتقل الجسدي حفاظًا على كلّ المقدّسات اللبنانيّة، كما أنّه سار بخصم المقاومة اللبنانية ميشال عون للرئاسة سعيًا منه لجرّه إلى مشروع الدولة بعد أن غرق الأخير في مستنقع الدويلة، عدا عن أنّه لم يترشّح إلى الانتخابات الرئاسيّة مؤخّرًا وفضّل السيّر بمرشّح أغلبية القوى المعارضة، على الرّغم من أنّه الأحقّ والأولى شعبيًا وسياسيًّا ووطنيًّا وفق ما أفرزته صناديق الاقتراع في الانتخابات العامة، توازيًا مع ما أثبتته التجارب الوطنية بعد العام ٢٠٠٥، من أنّه يقود الفريق الأكثر جدارة للنّهوض بالوطن وهو مَن قدّم نماذج رياديّة في الأعمال التشريعية والرقابية والتنفيذية داخل مؤسسات الدولة.
ثالثًا، إنّ ربط أزمة النزوح بالهواجس المسيحية دون غيرها، هو تسويق غير دقيق وغير موفّق، لأنّه عمليًّا، المناطق الأكثر تأثّرًا هي مناطق لا أغلبية مسيحية فيها، وعلى سبيل المثال بعلبك الهرمل، حيث أنّ البيئة الشعبية في هذا المنطقة قد ذاقت الأمرّين في أعمالها واقتصادها وبُناها التحتيّة، فما الهدف من حصر نتائج النزوح على القوى المسيحية؟ إنّ هذه الأزمة هي لبنانية وتأثيراتها تطال الجميع دون استثناء، وبالتالي مقاربتها يجب أن تكون من هذا المنطلق حصرًا.
رابعًا، إنّ تحميل المسيحيين مسؤولية الفشل في مواجهة معضلة النزوح هو تمييع للمسؤوليات التي تقع على عاتق “حكومة النزوح” والتي استمرّت منذ العام ٢٠١١ حتّى العام ٢٠١٤، حيث تمترست الممانعة بكافّة فواصل ومفاصل مجلس الوزراء وتمنّعت عن مواجهة هذه الأزمة أو الحدّ من مخاطرها، كما رفضت اقتراح رئيس “القوّات” عام ٢٠١٣ للتواصل مع المجتمع الدولي لإنشاء مخيّمات للنازحين السوريين داخل الحدود السورية برعاية أمميّة، وقد واصلت حكومات الممانعة لامبالاتها مع العهد الرئاسي الذي تقاسم فيه التيار الوطني الحر وح ز ب ال له ولفيفهما كلّ الإدارة والأجهزة والرئاسات، فحضرت الشعارات وغابت القرارات.
أخيرًا، كلّ أزمات لبنان يتحمّلها فريق الممانعة، بفروعه المسيحية والمسلمة، وأيّ تسويق شمولي يرتبط بالمسيحيين، لا يعدو كونه تضليل خارج عن كلّ منطق وسياق، يهدف لرفع المسؤولية عن ح ز ب ال له وتبرئة ذمّة فريقه.