يبدو أن “المجارف” تحولت إلى سلاح “فتاك وثمين” بالنسبة للقوات الأوكرانية التي تحارب للسنة الثانية على التوالي القوات الروسية.
وأضحت تلك الأدوات الخفيفة التي غالباً ما ترمز إلى العمل الشاق إلى وسيلة فعالة في الحرب. كيف ذلك؟ الجواب بسيط، فعبر استعمالها دأب الجنود الأوكرانيون على حفر الخنادق، مسترجعين تكتيكاً من الحرب العالمية الأولى.
إذ حين تنفد أسلحة الجنود المتطورة على الجبهات، ولا يمكنهم التنقل بسهولة تحت نيران العدو، لا يبقى أمامهم بالمنطق العسكري القديم سوى حفر الخنادق.
كما أن الخنادق، التي غالباً ما تكون التربة فيها مضغوطة بشكل كبير تعتبر واحدة من أفضل الطرق لامتصاص المواد الشديدة الانفجار.
فضلاً عن أنها تحمي الجنود بشكل كبير من المدفعية وقذائف الهاون والهجمات الجوية، إلا إن كانت الضربة مباشرة بطبيعة الحال.
ويعتمد الجنود الأوكرانيون تكتيك الخنادق خصوصاً في شرق البلاد، وتحديداً في مدينة باخموت، التي تشهد حرب خنادق فعلية بكل ما للكلمة من معنى بين الروس والأوكرانيين، بحسب ما أفادت صحيفة تليغراف.
غير أن الروس أيضا بدأوا يكثفون اعتمادهم على الخنادق في الشرق الأوكراني. ففي باخموت التي وصفها يفغيني بريجوزين، قائد مجموعة فاغنر التي يقاتل عناصرها منذ أسابيع في المدينة، بمفرمة اللحم، عمد المقاتلون الروس إلى التحصن في الخنادق أيضا من مدفعية القوات الأوكرانية.
وبدأت بعض الإعلانات على Avito، وهي نسخة روسية من eBay ، تظهر مؤخراً، باحثة عن حرفيين للمساعدة في بناء وتحصين الخنادق في شبه جزيرة القرم أيضا، بمعدل أجر يبلغ 7000 روبل (72 جنيهاً إسترلينيًا).
وباتت باخموت البالغ عدد سكانها قبل الحرب حوالي 70 ألف نسمة، رمزا للمعركة بين الروس والأوكرانيين للسيطرة على منطقة دونباس الصناعية، بفعل طول المعركة الجارية حولها والخسائر الفادحة التي لحقت بالطرفين. وتقدمت القوات الروسية في الأشهر الأخيرة في شمال المدينة وجنوبها، فقطعت عددا من طرق الإمدادات الأوكرانية وسيطرت على القسم الشرقي منها.
يشار إلى أنه منذ الحرب العالمية الأولى والثانية وغيرها من الصراعات انتشرت “حروب الخنادق”، ولعل معركة ستالينغراد الشهيرة أبرز مثال عليها.