عقد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام مؤتمراً صحفياً خصصه لقطاع التأمين، أكد من خلاله أن “هذا المؤتمر يتميز بأهمية خاصة، وأتمنى ان يكون هناك وعي بالنسبة الى قطاع التأمين الذي يمثل نموذجاً لحال الانهيار التي نعيشها، ونجاح هذا القطاع او فشله سيكون مؤشراً الى اين نحن ذاهبون، والجدية التي ستتعامل الدولة مع الملفات الدقيقة.”
وأشار إلى أننا “نرفض رفضاً قاطعاً تحدي الدولة، وتهديد دورها في الرقابة والمحاسبة لأي قطاع في البلد، ونرفض استضعاف الدولة ودورها الرقابي، وخصوصاً في ملف حساس كملف التأمين، لأنه يتعلق بانفجار مرفأ بيروت وحقوق الناس وصحتهم واملاكهم وارزاقهم والشركات والمحال والمنازل وكل ما تبقى من حقوق للمواطن اللبناني بعدما شهدنا انهياراً كاملاً وواضحاً للقطاع المصرفي، الذي يتمتع بالهيكلية المالية والوطنية نفسها مثل قطاع التأمين”.
وأضاف، “بدأنا مسيرة مكافحة الفساد في الجولة الاولى عبر التحدي الكبير في ملف الدعم، وحاربنا السياسات القديمة لملف الدعم، ونجحنا ايضا بعكس ما يسوق له أخيراً بحملات عدة تشن على وزارة الاقتصاد، والنتائج واضحة لأننا تسلمنا ملف دعم، الكل يعلم حيثياته، وعملنا عليه وصولاً الى مرحلة ضبطنا هذا الملف واعدنا حقوق الناس في لقمة عيشها وخبزها عبر ما قمنا به، وهذا مثبت في النتائج من بعد قيامنا بمكافحة كبيرة جداً على النطاق الرقابي والامني واللجان التي انشأنا، ورددنا الى الناس خبزهم ووفرنا شبكة امان غذائيا للبنان، واستقرضنا 150 مليون دولار لنضمن، بعد ادخالنا عنصر البنك الدولي على هذا الملف الذي سيبدأ تنفيذ القرض في اول السنة بكل شفافية، انتقلنا اليوم الى الجولة الثانية التي بدأ الهجوم علينا بسببها، وهو ملف التأمين، ونحن بدأنا ورشة تحت اطار الاصلاحات الهيكلية لهذا القطاع بدأت منذ قرابة عام، وبدأت بإعادة ترتيب وتحصين لهيئة الرقابة على شركات الضمان، التي كان دورها مهمشا في الماضي”.
ولفت سلام إلى أنه، “تسلمنا هيئة رقابة مهمشة، ومقوماتها كانت مدمرة إما لغايات معينة او لاستغياب دورها، كل هذه الأمور هي قيد التساؤل وعليها علامات استفهام كبرى، لكن المهم انه في الاصلاحات الهيكلية لقطاع الضمان، عندما أعدنا بناء هيئة الرقابة على شركات الضمان من خلال وضع خبرات وقدرات وأنظمة تنظم هذا القطاع وتراقبه وتجول عليه وتطالب بالكشف عن حقوقه، بدأت منذ 6 اشهر حملة تحد لوزارة الاقتصاد وهيئة الرقابة على شركات الضمان دورها التخفيف من شأن هذه الهيئة ودورها في وقت التي بدأت بعمل جبار لم يكن متواجداً في المرحلة السابقة، وخير دليل النتائج التي ظهرت معنا خلال الاشهر الستة الماضية وصولاً الى المرحلة التي وصلنا اليها اليوم”.
وتابع، “أخطر ما في هذا الموضوع اننا اليوم، وبعدما بدأنا ورشة عمل كبيرة جداً في موضوع هيئة الرقابة على شركات الضمان، نفاجأ الاسبوع الماضي بحملة ممنهجة منظمة مرتبة بدقة، اعلامية وسياسية، ضد وزارة الاقتصاد وهيئة الرقابة وضد الوزير، وهذه العناصر الثلاثة هي التي تعمل اليوم على حماية هذا القطاع ومساءلته، وعلى طلب الشفافية حماية لأموال المؤمنين، حتى لا نعيد جريمة السرقة الكبرى التي شهدناها في القطاع المصرفي، لان كل ما تبقى للمواطن اللبناني من ثقة وطمأنينة نوعا ما بقطاع الضمان لأنه يحمي له صحته واملاكه ومؤسساته. هذا كل ما تبقى له اليوم بعد سرقة امواله”.
وأشار إلى أنه، “منذ الأيام الأولى طلبت من قطاع الضمان ان يعمل بشفافية ولا يضع الدولة التي تتحمل مسؤولية ما اوصلتنا اليه بعدما عرقلت قوانينها، لا يضعنا جميعا في مكان ان نتحدى القطاع، فوزارة الاقتصاد حريصة على نجاح القطاع الخاص واستمراره، وانا كنت حريصاً على الأمر منذ البداية، وطلبت من قطاع التأمين ان يوفر سوياً شبكة امان وطمأنينة للناس عبر هذا القطاع، لأنه يوفر الاستشفاء والدواء وحماية الاملاك والارزاق، وضرورة العمل بشفافية لكي يثق المواطن بهذا القطاع”.
وشدد سلام على أنه “استمررنا، على رغم الشوائب، بطلب تزودينا كل ما هو مطلوب وفقا للأصول والقوانين، ووصلنا الى مرحلة فتحنا ملف انفجار مرفأ بيروت الذي يحتوي على طلبات تقدر بنحو مليار ومئة مليون دولار، ومنذ وقوع الانفجار تم دفع تقريباً 500 مليون دولار للمؤمنين، لكن المشكلة تكمن في آلية الدفع والشفافية فيه والمتابعة. وهذا المبلغ لم يدفع بالفريش دولار، وبعض الشركات اليوم وليس جميعها، لان ليس كل قطاع التأمين فاسد او يستغل المواطن، بعض تلك الشركات تغنت بأنها اول من دفع للناس، ولكن لا أحد يعلم ما هي الطريقة التي اعتمدت للدفع”.
وأردف، “طلبنا ان نعرف كيف تم الدفع، حينها فوجئنا بمواجهة، وبدل ان تكون هناك شفافية وتقدم إلينا البيانات المالية وتقارير مفوضي المراقبة على التقارير، تبين لنا ان هناك شركات، وإحداها من أكبرها، لم تقدم منذ عام او عامين الى هيئة الرقابة على شركات الضمان الحد الادّنى من البيانات المالية التي تكمن أهميتها انها تعكس دور شركات التأمين في تغطية المؤمنين لديها وقوتها وصلابتها. وعندما سألت عدداً من رؤساء مجالس تلك الشركات عن السبب بعدم تقديم تلك البيانات، تلقيت إجابات ركيكة جداً، وهي عذر أقبح من ذنب، اذ قالوا ان كورونا كانت السبب، او الوضع لم يسمح”.
وتساءل، ” كيف يمكن تلك الملايين وهي اموال المؤمنين وليس الشركات ان تتصرف بها على هواها؟”، واوضح اننا “بدأنا خلال فترة الثلاثة أشهر الماضية، بإصدار نحو 40 قراراً بفرض غرامات، وأعطيت مهلة 30 يوما لتسوية الاوضاع وتقديم البيانات المطلوبة. وقد اقرت تلك الشركات بمخالفتها، وعدد كبير منها دفع الغرامات للهيئة”.
وأكد سلام، اننا “كنا أبلغنا إذا لم تتم تسوية الاوضاع في المهلة فسنلجأ الى الاجراءات الاخرى من اعتزام سحب التراخيص يليه تعليق التراخيص وفترة سنة لتسوية الأمور قبل سحب الترخيص كاملاً، بسبب تلكؤ بعض الشركات او لجوئها الى ضغوط سياسية، واكد حرصه على “هذه الاموال وهي تتعلق بشهداء مرفأ بيروت وارواح الناس ودمهم”، مشدداً على انه “لن يسمح مع كل الضغوط” التي يتعرض لها ” وكل المال المرصود لمحاربة وزارة الاقتصاد في هذا الملف وكل الاتهامات، بالابتزاز”.
ورأى سلام، أنه ” نتعرض للابتزاز، وعلى الإعلام والسياسيين والمسؤولين في البلاد ان يقفوا إلى جانبنا اليوم، وبدل ذلك نهاجم هيئة الضمان ووزارة الاقتصاد ووزير الاقتصاد لأنهم يطالبون بحقوق عدد كبير من المؤمنين، وحينما وصلنا إلى المرحلة التنفيذية الثالثة التي هي من المليار ومئة مليون، عندما تم استغلال المواطنين ووصلتنا الشكاوى، انه عرض عليهم تحت إطار براءة الذمة التي قدموها، انه في حال هناك ادعاء على شركة التأمين ب 500 الف دولار أضرارا سواء أكانت صحية ام جسدية ام بالأملاك، كانت تحصل مساومات واستغلال لضعف المواطنين في هذه المرحلة، ان يأخذوا 10% بالدولار وتنازل عما تبقى من حقوقك، او خذ باللولار وتنازل عن حقوقك، فهذه ليست براءة الذمة لأن المواطنين أعطوها تحت الضغط والتهديد، إنها إثراء غير مشروع واحتيال ان اعطي صاحب الحق 10% واطلب منه توقيع براءة الذمة، وأقول لهيئة الضمان إن هؤلاء قبلوا.
وأعلن، أنه “من واجبي حماية الناس، لأنه ما تبقى من حقوق، وتحت الضغط والألم والوجع هناك بعض الناس وبعض الشركات وقعت براءة الذمة لتيسر امورها بعدما فقدت الأمل وقّعت، وأنا لا أسميها براءة الذمة، لأن الناس وقّعوا تحت الضغط، وخصوصاً الذين ركضوا خلال الفترة الاولى من انفجار المرفأ وذهب الناس ليقوموا بمساومات معهم. هذه ليست براءة ذمة بل هي اثراء غير مشروع واحتيال، فعندما آتي واعطي صاحب الحق 10% من حقه وأقول له وقّع لي على براءة ذمة، وآتي وأقول أمام هيئة الضمان أن الناس قبلت بذلك، وانا علي واجب حماية الناس، فحتى لو قبلت الناس يوجد شيء اسمه الاصول والحماية في قانون الرقابة على شركات الضمان، والتي إن وقع الناس في هذا “المطب” علي حمايتهم وارجاع أموالهم اليهم، أو أحمي المرحلة المقبلة، لأن ما تبقى من الوطن ومن الثقة بالقطاع سيترجم في هذه المعركة التي فتحت منذ الاسبوع الماضي عندما بدأ استهداف العمل الصحيح عند فتح الملفات الكبيرة”.
وذكر سلام، أن “هناك كلام في السوق وفي البلد، وعندما اقول في السوق يعني قطاع التأمين الذي هو جزء من المنظومة المالية، ونستطيع المحافظة على هذا القطاع وحماية أموال الناس، لأن أموال شركات الضمان هي اموال المؤّمنين وليست ملكاً للشركات. هي اموال المؤمنين على صحتهم وعلى تقاعدهم وأملاكهم وشركاتهم، وإذا لم تقفوا الى جانب وزارة الاقتصاد وهيئات الرقابة، فأنا أحمّل كل من “يقوص” على وزارة الاقتصاد وعلى هيئات الرقابة مسؤولية التواطؤ مع كل من تسول له نفسه بسرقة أموال الناس، وسأحاسب عليها في المرحلة التالية، وهي الجزء المتبقي من حقوق الناس في انفجار بيروت اي اكثر من 60 في المئة، وفي رأيي هي اكثر من 80 في المئة من الاموال التي هي جزء من المليار ومئة مليون دولار المستحقة للناس، لأن الـ 500 مليون التي دفعت في البداية، جزء كبير منها دفع باللولار، مما يعني ان قيمته ليست 500 مليون دولار، والمخيف في هذا الموضوع أن معيدي التأمين، وهذه نقطة أريد التركيز عليها كثيرا، لأننا نحن طلبنا بيانات مالية تبين ماذا قبضت شركات التأمين من معيدي التأمين من الخارج أو الداخل، ولكن مجمل معيدي شركات التأمين هي شركات أجنبية، ولذلك علي أن أعرف كم دفعت هذه الشركات بالفريش دولار. منذ أول يوم بدأت معاملات انفجار مرفأ بيروت، وهذه من الضرورة تقديمها، وسنستمر في المتابعة حتى يتم تقديمها لكي نعرف كم قبضت شركات التأمين وكم دفعت ولماذا؟”.
وتابع، “عندما أتكلم بأكثر من 40 محضراً مما يعني وجود علامات استفهام كبيرة، وبالتالي شركات تأمين لا تقدم بياناتها المالية أو بالأحرى بيانات التدقيق المالي في طريقة دفع الأموال وكميتها، تطرح علامات استفهام كبيرة ومن الاحرى في كل من يشكك في عملنا أن يطرح هذه الاسئلة، لا أن يشكك ويتهم وزارة الاقتصاد بابتزاز من هم اول المتهمين ومن ترسم حولهم علامات استفهام، كيف أتت الأموال والمبلغ الذي دفع بالفريش دولار، وكم دفع منها، ولماذا؟ لأن الهندسات المالية التي تعودنا تضييع الناس فيها، والتي رأيناها في القطاع المصرفي، وأنا بدوري الرقابي لن أسمح أبدا بحصولها، وستكون هيئات الرقابة ووزارة الاقتصاد قلعة من قلاع الصمود في هذا القطاع، لأن ما تبقى اليوم في الحفاظ على الناس وتركهم ينامون مرتاحين هو أننا لا نزال نحافظ حقوقهم في قطاع الضمان، ولكن عندما تكون شركات التأمين والضمان شفافة ومتقيدة بالقوانين والاصول والانظمة المرعية”.
وأردف، “إذا سألنا لا نكون نرتكب جريمة، واذا طالبنا بالأصول والتقيد بالمبادئ الاساسية أو التقارير والبيانات التي يجب أن تتم طبيعيا، ففي الدول المتحضرة اذا كان هناك من شركاء لم تتقدم بهذه البيانات ومن دون حاجة السؤال عنها، يحاسب عليها وتسحب التراخيص، وبالتالي يجب أن تقدم هذه البيانات تلقائيا من دون أي سؤال، حيث تغلق الشركات ويسحب أصحابها الى السجون وكل من يكون وراء هذه الممارسات المخالفة، فكيف بالأحرى أذا لم تتقدم منذ 3 أعوام بأي بيانات وتأتي اليوم لتتهم وتصوب السهام في وجه كل من يشتغل في ملف لمكافحة الفساد أو لتغيير طبيعة العمل التي تعودنا عليها فتهاجم الدولة وهيئة الرقابة والحرصاء على حماية حقوق المواطنين”.
وأضاف، “نحن مكملون في هذه المسيرة، ولن نتراجع ولا لحظة واحدة عن حماية اموال الناس في هذا القطاع ولو هاجمتنا الدنيا كلها، وبالتالي نطلب من الناس اولا ومن المسؤولين أيضا ومن الاعلام الوقوف الى جانبنا خلال هذه المرحلة، لا أن تقفوا ضدنا لأننا نحافظ على حقوق الناس ولا نريد تجربة المصارف في قطاع التأمين. رجاء ان يكون هذا الامر واضحا لأن الكل مسؤول إذا سمحنا أن نعيد بأموال المؤمّنين المسلسل نفسه الذي لا نزال نعيشه اليوم في القطاع المصرفي”.
وقال رداً على سؤال عن اتهام أحد اقرباء الوزير سلام بالتواصل مع شركات التأمين، إن “هذه حملة تعودت عليها منذ بداية تسلمي وزارة الاقتصاد، ورأيت التهميش والتهجم نفسيهما عندما عملنا في ملف الخبز، وفي النهاية ظهرت الحقائق وظهر من هو السارق للطحين والخبز، وقد ضبطنا الوضع وأعدنا الحقوق الى أصحابها. وفي موضوع الاقرباء والاصدقاء والمقربين وكل التفاصيل التي تعودنا عليها، أنا ليس عندي أي شخص معني أو يعمل في هذا الموضوع الا أخي، والكل يعرف أنه مستشار لي وليس عندي أقرباء غيره، وهو فقط يعمل مستشارا لوزير الاقتصاد، وقد كلفته لأنه مصرفي ولديه خبرة في قطاع المال والمصارف والتأمين، طلبت مساعدته، لأنه عندما تسلمنا هيئة الرقابة على شركات الضمان اكتشفنا أن دورها كان مهمشا، ولما حاولنا بناءها ونجحنا في بناء قسم منها، وعيّنا رئيسا لها أيضا دفع بناء لخسارة الرئيس فيها.
وأوضح سلام، أن “أخي بصفته مستشاراً كان يتحرك بتوجيهاتي، لأنه عندما يغيب رئيس هيئة الرقابة يصبح الوزير هو المعني، وشكلنا فريقاً قانونياً ومالياً داخل هيئة الرقابة يقدمون الي تقارير بالأمور التي تتطور عندنا من خلال الدور الرقابي وأنا أعطي التوجيهات ولكون أخي كنت أعطيه التوجيهات بفرض الغرامات والاصول والمتابعات، وأعود لأقول ان الكلام على أقرباء أو غيرهم أمر مغلوط كلياً وتشهير سنواجهه في القضاء، وهو كله غير صحيح، والزمن كفيل بإظهار الحقيقة وهذه التفاصيل واكثر، مما يؤكد صحة عملنا هو هذه الهجمة والمحاربة، فعندما تقر الشركات بـ 40 غرامة على مخالفاتهم، معنى ذلك علينا التركيز على الخطأ وماذا يحصل، لا أحد يمكنه فرض غرامات وأخذ الشركات على تراخيص وتعليق تراخيص وتكون لديه، لا سمح الله، أي نية أخرى غير خدمة البلد وحماية أموال الناس. وأنا أقول كل ذلك كذب ونفاق ولا أساس له من الصحة، لأنه ليس لديهم أمر يتكلمون فيه على وزير الاقتصاد الذي يقوم بمهماته كاملة. وانا أوكل أخي لمتابعة مهمات مع شركات الضمان بسبب خبرته في هذا الموضوع”.