أخبار عاجلة
بشأن وقف النار في لبنان.. رسائل بين واشنطن وطهران! -
أميركا: قصف منشأة لتخزين الأسلحة في سوريا -
بيان جديد لمصرف لبنان -

بالصور ـ “اشتقت لبنتي”… معاناة النساء في السجون

تجد نور نفسها داخل زنزانة مكتظة في سجن للنساء قرب بيروت، عاجزة في معظم الأحيان عن توفير حليب كاف لرضيعتها وحفاض نظيف ومياه استحمام لا تؤذي بشرتها، في ظل ظروف احتجاز فاقمتها الأزمة الاقتصادية سوءاً. ومنذ ولادتها قبل أربعة أشهر، لم يعاين أي طبيب طفلتها قمر التي تكبر مع رضيعين آخرين و21 سجينة في زنزانة متواضعة داخل سجن بعبدا المركزي للنساء، الأكثر اكتظاظاً بين سجون النساء الأربعة في لبنان.

وتقول نور (25 عاماً) التي غطت رأسها بشال أسود ولم تكشف عن وجهها المتعب أمام الكاميرا لـ «وكالة فرانس برس» من داخل باحة خارجية في السجن تعلو سقفها قضبان من الحديد وأسلاك شائكة «الحليب غير موفّر لابنتي، وليس لدي حليب كاف لإرضاعها».

وتضيف بينما تحمل ابنتها ذات العينين الخضراوين «أتصل بأهلي ليحضروا الحليب، أحياناً تنقطع منه لثلاثة أيام»، في حين أن وصول أهلها الى السجن ليس سهلاً مع ارتفاع كلفة المواصلات على وقع الأزمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان منذ ثلاثة أعوام.

لم توافر تداعيات الانهيار مع انهيار قيمة الليرة أي طبقة اجتماعية أو مرفق في لبنان، بما في ذلك إدارات السجون المكتظة التي باتت عاجزة عن توفير أبسط احتياجات السجناء وتعتمد إلى حدّ كبير على تقديمات ومساعدات من منظمات محلية وأجنبية.

وتوضح الأم الشابة بحسرة “يمكن لأهلي أن يساعدونني على توفير واحد في المئة من احتياجات طفلتي فقط”، مضيفة أنها “تضطر أحياناً الى أن تترك ابنتها تنام بحفاض غير نظيف الى حين توافر الحفاضات من جديد”.

وتروي كيف أنّها في كل مرة تريد أن تحمم رضيعتها تشعر بالقلق. وتقول «أحسب ألف حساب لأنني أخشى من بثور” تظهر على بشرتها جراء عدم توافر مياه استحمام نظيفة.

وتتابع “لولا أننا نحنّ على بعضنا البعض ويحنّ الناس علينا، لما كان بمقدور أطفالنا أن يعيشوا هنا”. ومنذ أكثر من ثمانية أشهر على توقيفها بقضية مرتبطة بالمخدرات، لم يصدر أي حكم بحقها، لكنّها تقول إنّ ما تعانيه ورضيعتها أكبر عقاب.

وتضيف، “كل واحدة منا تخطئ في الخارج، لكن العقاب الذي نتلقاه هنا مضاعف”.

وتشهد سجون لبنان أساساً اكتظاظاً مع وجود قرابة ثمانية آلاف سجين، غالبيتهم لم تصدر أحكام بحقهم. وبمعزل عن الأزمة الاقتصادية، تتسبّب البيروقراطية داخل النظام القضائي بتأخير البتّ في القضايا المرفوعة وإصدار الأحكام النهائية. وفاقم إضراب ينفذه القضاة منذ الصيف احتجاجاً على تدهور قيمة رواتبهم الوضع سوءاً.

خلال ورشة عمل حول واقع السجون والاحتياجات عقدت في أيلول الماضي، اعتبر وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي أن «معاناة النزلاء في سجوننا مضاعفة من جراء الأزمة» الاقتصادية الراهنة.

وقال “تضاف إلى الاكتظاظ معاناة الطبابة والاستشفاء، إضافة إلى الحاجة الملحة لصيانة المباني وآليات السوق والإسعاف”، عداً عن الحاجة إلى مصادر مستدامة للطاقة في ظل انقطاع الكهرباء.

وتروي سجينات تحدّثن لـ”فرانس برس” بحضور مسؤولي السجن عن ظروف معيشية صعبة. يضطررن أحياناً للانتظار ساعة قبل دخول الحمام الوحيد المخصص لزنزانة تضم 24 امرأة، ينمن على فرش مهترئة وغير نظيفة.

وعلى وقع الأزمة الاقتصادية، تضاءلت قدرة العائلات على دعم أفرادها في السجون وحتى زيارتهم.

منذ توقيفها قبل تسعة أشهر، لم تتمكن بشرى (28 عاماً) من رؤية ابنتها البالغة 13 عاماً.

وتقول بينما تحاول حبس دموعها «اشتقت لها»، مضيفة «أمهات كثر يحتجن إلى رؤية أطفالهن لا أنا فحسب».

على غرار سجينات أخريات، تشتاق تاتيانا (32 عاماً) لوالدتها التي “تعمل مقابل 50 ألف ليرة في اليوم (دولار تقريباً)، وبالكاد تؤمن إيجار منزلها”. وتسأل “كيف بها أن تأتي لزيارتي؟”.

وتضيف الشابة التي تقبع في السجن منذ أكثر من ثلاث سنوات من دون محاكمة “نحتاج الأمور الأساسية: شامبو، مزيل روائح وثياب… هذا أقل ما نحتاجه، لكن أهلنا غير قادرين على تأمينها لأنفسهم، فكيف لهم أن يأتونا بأموال لشرائها”.

ويُشكل الاكتظاظ أبرز مآسي السجون اللبنانية الـ25، والتي فاقت القدرة الاستيعابية فيها نسبة 323 في المئة، وفق تقديرات وزارة الداخلية.

ويقبع في سجن بعبدا للنساء حالياً 105 سجينات، 90 في المئة من دون محاكمة، مقابل 80 قبل الأزمة، وفق ما تقول آمرة السجن النقيب نانسي ابراهيم، مشيرة إلى أن السبب الرئيسي خلف ذلك هو غياب المحاكمات التي فاقمها إضراب القضاة.

وفي حال عقدت المحاكمات، لا تتمكن السجينات أحياناً من الحضور ببساطة لعدم توافر الآليات أو الوقود أو العناصر، وفق رنا يونس، العاملة في منظمة دار الأمل، التي تقدم مساعدات للسجون تتنوع من تأمين الحاجات الأساسية إلى تقديم استشارات قانونية للسجينات.

وأمام تأزم الوضع، تعتمد إدارات السجون بشكل رئيسي على مساعدات من منظمات غير حكومية.

وتقول ابراهيم “يؤمنون حصصاً غذائية وأدوية مفقودة في السوق واللقاحات للأطفال، و(يتولون) تصليح أعطال”.

وتسأل السجينات عن حليب أطفال وحفاضات وثياب ولقاحات وفوط صحية وبدل زيارة المستشفيات وحاجات كثيرة أخرى، وفق منظمة دار الأمل، التي تولت العام الجاري أعمال صيانة أنابيب المياه في سجن بعبدا.

وتقول مديرة المنظمة هدى قرى لـ”فرانس برس”، “يصبح الوضع أسوأ كل شهر”، مشيرة إلى أن السجينات أحياناً يضطررن إلى استخدام قطع قماش بدلاً عن الفوط الصحية.

وتضيف “لم يعد الأهالي قادرين على زيارة أولادهم أو شراء الحاجات الأساسية لهم، والدولة غائبة، نحاول بدورنا أن نملأ الفراغ”.​

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أميركا للبنان: أعلنوا وقف إطلاق النار من جانب واحد!