ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد، على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة”، لمناسبة ذكرى مرور 70 عاما على تأسيس الرابطة المارونية، عاونه فيه المطارنة: مروان تابت بيتر كرم، انطوان عوكر، شكرالله نبيل الحاج، ولفيف من الكهنة، ومشاركة القائم باعمال السفارة البابوية المونسينيور جيوفاني بيكياري، في حضور وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، النائبين نعمة افرام وفريد البستاني، رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم واعضاء الربطة، ممثل قائد الجيش العقيد طوني معوض، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمر، عميد المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، نقيب المحررين جوزيف القصيفي، نقيب الصيادلة جو سلوم، رئيس المجلس العام الماروني ميشال متى، رئيس رابطة الروم الكاثوليك مارون ابو رجيلي، الامينة العامة للمؤسسة المارونية للانتشار هيام البستاني، رؤساء الرابطة المارونية السابقين نعمة الله ابي نصر، جوزيف طربيه وانطوان قليموس، ممثلين عن الأحزاب المسيحية، رؤساء الاتحادات المسيحية، وحشد من الفاعليات والمؤمنين.
وقال الراعي، “من نتائج هذا الواقع أنه كلما وصلنا إلى استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، يبدأ اختراع البدع والفذلكات للتحكم بمسار العملية الانتخابية ونتائجها على حساب المسار الديمقراطي. علما أن الدستور واضح بنصه وروحه بشأن موعد الانتخاب، ونصاب انعقاد الجلسات ودوراتها الأولى والتالية، ونصاب الانتخاب. ويتكلمون عن رئيس توافقي. الفكرة مرحب بها في المبدأ، شرط ألا تكون حقا يراد به باطل، وشرط أن يتم اختيار رئيس حر يلتزم بقسمه والدستور؛ ويكون قادرا على وقف النزاعات وإجراء المصالحات، وشد أواصر الوحدة الداخلية. الرئيس التوافقي بمفهومنا هو صاحب موقف صلب من القضايا الأساسية، وصاحب خيارات سيادية لا يساوم عليها أمام الأقوياء والمستقويين، ولا أمام الضعفاء والمستضعفين، لا في الداخل ولا في الخارج. الرئيس التوافقي هو الذي يحترم الدستور ويطبقه ويدافع عنه، ويظل فوق الانتماءات الفئوية والحزبية، وهي تلتف حوله وتؤيده ويكون مرجعيتها وتطمئن إلى رعايته. ليس الرئيس التوافقي رئيسا ضعيفا يدير الأزمة، يداوي الداء بالداء، ويداري العاملين ضد مصلحة لبنان. ولا رئيسا يبتعد عن فتح الملفات الشائكة التي هي السبب الأساس للواقع الشاذ السائد في كل البلاد. ولا رئيس تحد يفرضه فريقه على الآخرين تحت ستار التفاوض والحوار والتسويات والمساومات، أو يأتون ببديل يتبع سياسة الأصيل نفسها. فيتلاعبون به كخف الريشة ويسيطرون على صلاحياته ومواقفه ويخرجونه عن ثوابت لبنان التاريخية ويدفعونه إلى رمي لبنان في لهيب المحاور”.
وأضاف، “الرئيس الذي نريده هو رئيس على مقياس لبنان واللبنانيين، يرفع صوته في وجه المخالفين والفاسدين ومتعددي الولاءات انطلاقا من موقعه المترفع عن كل الأطراف؛ والذي يقول للعابثين بمصير البلاد، كفوا إساءاتكم إلى لبنان، وكفوا عن تعذيب اللبنانيين، وكفوا عن المضي في مشاريع مكتوب لها السقوط الحتمي آجلا أو عاجلا لأنها ضد منطق التاريخ، وضد منطق لبنان. الرئيس الذي نريده هو الذي يتحدى كل من يتحدى اللبنانيين ولبنان، والذي يقضي على المساعي الخفية والظاهرة إلى تغيير هوية لبنان الوطنية والتاريخية. مهما كان شكل لبنان الجديد مركزيا أو لا مركزيا، فلن نسمح بالقضاء على خصوصيته وهويته وعلى تعدديته، وعلى كل ما يمثل في هذا الشرق من وطن شكل ملاذا وطنيا آمنا للمسيحيين كما لسواهم كي يعيشوا بإخاء ورضى ومساواة، وشراكة في ما بينهم في دولة ديمقراطية حضارية. فمن أجل هذه الأهداف السامية نشأ لبنان سنة 1920 وهكذا سيبقى. فلا يمكن التنكر لكل تضحياتنا من أجل لبنان وكل اللبنانيين، وللشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن هذا النموذج الحضاري وإنقاذا للشراكة الوطنية. هذه خصوصية ثابتة مدى الدهور. وبقدر ما نحن حاضرون للنضال والكفاح لمنع تغيير وجه لبنان بقيمه وبخصوصيته، فإنا مستعدون أكثر فأكثر للتفاوض والحوار حول تطوير لبنان في إطار الحداثة والعدالة والحياد واللامركزية الموسعة ومقترحات أخرى… إن الرئيس التوافقي المنشود لا يمكن اختيارها إلا بالاقتراعات اليومية المتتالية والمشاورات بين سائر الكتل النيابية”.
وأردف، “أمام فشل مجلس النواب الذريع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بحيث كانت الجلسات الخمس في مثابة مسرحية-هزلية أطاحت بكرامة الذين لا يريدون انتخاب رئيس للبلاد، ويعتبرون أنه غير ضروري للدولة، ويحطون من قيمة الرئيس المسيحي-الماروني، بالإضافة إلى فشل كل الحوارات الداخلية أو بالأحرى تفشيلها من سنة 2006 حتى مؤتمر إعلان بعبدا سنة 2012، لا نجد حلا إلا بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يعيد تجديد ضمان الوجود اللبناني المستقل والكيان والنظام الديمقراطي وسيطرة الدولة وحدها على أراضيها استنادا إلى دستورها أولا ثم إلى مجموع القرارات الدولية الصادرة بشأن لبنان. فإن أي تأخير في اعتماد هذا الحل الدستوري والدولي من شأنه أن يورط لبنان في أخطار غير سلمية ولا أحد يستطيع احتواءها في هذه الظروف”.