رُصد أطفال بالزي العسكري ضمن القوات الخاصة الإيرانية التي تتواجه مع المحتجين في الشوارع بغية قمعهم، مما وضع طهران في حالة منافسة غير معلنة مع حركة نمور التاميل الانفصالية السيريلانكية وحركة فارك اليسارية الكولومبية في مجال تجنيد الأطفال.
وأثار استغلال الأطفال عسكرياً وظهورهم بزي القوات الخاصة إلى جانب الباسيج والشرطة ردود فعل واسعة، ولا تزال صور الأطفال الذين يرتدون الدروع والقبعات الخاصة ويحملون الهراوات تنتشر بين الإيرانيين في وسائل التواصل الاجتماعي.
طهران تجند الأطفال مجدداً
مع اتساع رقعة الاحتجاجات من الناحية الجغرافية وديمومتها أكثر من 8 أسابيع، فقد لجأت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرة أخرى، بعد الحرب العراقية-الإيرانية، إلى استغلال الأطفال، لكن هذه المرة بهدف زجهم في قمع الاحتجاجات الشعبية التي شهدت مشاركة المراهقين والأطفال ضمن حشود المحتجين.
ونشر موقع “إيران واير” تقريراً لـ”بهنام قُلي بور” عن هذا الموضوع جاء فيه أن “في الأسابيع القليلة الماضية، كانت هناك تقارير وأخبار وصور ومقاطع فيديو لأطفال تم تنظيم صفوفهم لقمع الاحتجاجات العامة في الشوارع، وقد أدت هذه القضية لردود فعل من مؤسسات حقوق الإنسان وحقوق الطفل المحلية والأجنبية”.
كما ندد نشطاء حقوق الأطفال بهجوم قوات الأمن الإيرانية على المدارس وقتلها الأطفال خلال قمع الاحتجاجات، وطالبوا بـ”وقف جميع الإجراءات التي تنتهك حقوق الطفل في إيران”.
من ناحيتها، تجاهلت السلطات الإيرانية هذه الدعوات، طبقاً لما أكده مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران. في المقابل، أمرت طهران بتشديد عمليات القمع.
وانطلقت احتجاجات الإيرانيين على مستوى البلاد في أيلول الماضي، وهي واحدة من الحركات الاحتجاجية القليلة في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ تأسيسها في 1979 التي يستغل فيها رجال الدين الذين يحكمون إيران “الأطفال الموالين لقمع الأطفال المعارضين”.
تستغل طهران 100 ألف طفل عسكرياً
وأشار لـ”إيران واير” إلى أن “ما لا يقل عن 100 ألف طفل دون سن الـ15 انضموا رسمياً إلى القوات المسلحة الإيرانية”.
يذكر أن للنظام الإيراني تاريخ طويل في استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة. فخلال الحرب مع العراق، والتي دامت ثماني سنوات، تم إرسال ما لا يقل عن 550 ألف طفل دون سن الـ18 عاماً إلى جبهات الحرب، وقتل وفقد 36 ألفا منهم، بينما أصيب 2853 بإعاقات مختلفة، كما أسرت القوات العراقية نحو 2433 منهم.
وتقوم طهران بهذا الإجراء في الوقت الذي يحظر البروتوكول الإضافي لـ”اتفاقية حقوق الطفل” الاستخدام المباشر للأطفال دون سن 18 في الحروب وإخضاعهم للتجنيد الإجباري من قبل الحكومات والميليشيات والجماعات المسلحة غير الحكومية.
5 ملايين عضو في منظمة “باسيج التلاميذ”
ويبلغ عدد أعضاء “منظمة باسيج التلاميذ”، أي حشد طلاب المدارس التي تعمل تحت الإشراف المباشر للحرس الثوري الإيراني، أكثر من 5 ملايين عضو. وهذه المنظمة كانت خلال الحرب العراقية الإيرانية من أهم المؤسسات في تجنيد الأطفال وإرسالهم إلى ساحات القتال.
وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية في 1988، تمت ترقية هذه المنظمة إلى منظمة ذات ميزانيات ضخمة، ووضع لها هدف لتجنيد الأطفال من خلال أكثر من 45 ألف قاعدة من قواعد الباسيج في جميع أنحاء البلاد. وفي العقود الثلاثة الماضية، لعب أعضاء هذه المنظمة دوراً مهماً في قمع الاحتجاجات في إيران بشكل دموي.
وخلال الاحتجاجات الحالية في جميع أنحاء إيران، تم نشر صور للأطفال الجنود الذين اصطفوا في الشوارع بهدف قمع الاحتجاجات الشعبية.
وقوبل نشر هذه الصور إلى جانب اعتداءات واسعة النطاق تعرضت لها المدارس واعتقال التلاميذ وقتل عدد منهم، باحتجاج من قبل العديد من المؤسسات المحلية والأجنبية المدافعة عن حقوق الطفل.
كما دانت “جمعية الإمام علي” وخبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الطفل، من خلال بيانات لها، استغلال وإساءة معاملة الأطفال من قبل المؤسسات العسكرية التابعة للنظام الإيراني.
تجنيد الأطفال من قبل الحوثيين وفارك ونمور التاميل
ويأتي تجنيد إيران للأطفال في القتال متناسقاً مع ما تعتمده أجنحتها في الوطن العربي خاصةً ميليشيا الحوثيين التي أكدت عدة تقارير دولية أنها تلجأ بشكل ممنهج إلى زج الأطفال بالقتال.
والقوات المسلحة الإيرانية والحوثيون ليسوا الوحيدين عبر العالم الذين يستغلون الأطفال في النزاعات المسلحة، إذ سبق أن استغلت القوات المسلحة الثورية التابعة لمنظمة “فارك” اليسارية في كولومبيا الأطفال في زرع الألغام الأرضية والحروب المسلحة.
والمقاتلون في حركة “نمور التاميل” الانفصالية في سريلانكا لهم أيضاً تاريخ مظلم في مجال تحقيق أهدافهم العسكرية والسياسية من خلال تجنيد أكثر من 6000 طفل في الحروب.
يذكر أن حماية الأطفال في النزاعات المسلحة مبدأ يتفق بشأنه المجتمع الدولي اليوم، مشدداً على الحاجة إلى الدعم الشامل لهذه الفئة المعرضة للأضرار. وقد تم توقيع معاهدات قيمة على الساحة الدولية والإقليمية في هذا السياق، إلا أن النظام الإيراني ينتهكها بشكل منهجي ويلتف عليها من خلال رياض الأطفال والمدارس والمساجد وقواعد الباسيج.