ينشر نادي قضاة لبنان، تباعاً مجموعة من الأسئلة والأجوبة حول ما يثار من مسائل تهم الرأي العام، حرصاً منه على صدقية السلطة القضائية وعلى الشفافية في ممارسة الشأن العام، وانفتاحاً من النادي على أي نقد بناء يشكل حافزاً للتحسين ودحضاً منه للنقد الهدام الذي يشكل تضليلا للرأي العام. السؤال الثالث الذي يطرحه النادي ويجيب عنه هو “هل صحيح أن الدولة غير قادرة على تحسين الوضع المادي للقضاة؟”، والجواب في النص الآتي:
لا يختلف اثنان على أن خزينة الدولة بحال عجز كبير منذ سنوات عدة نتيجة سياسات خاطئة وهدر وفساد ومحاصصة وغياب الخطط الإنمائية والإصلاحية البديهية لغاية تاريخه، وأيضا وبكل موضوعية لغياب قضاء مستقل قادر على المحاسبة نتيجة حرمان القضاة من قانون الاستقلالية، وعدم وضع القاضي المناسب في المكان المناسب، إلا أننا نرى في الوقت عينه أن السلطة السياسية تهرع لتلبية مطالب موظفين وقطاعات وأسلاك وتقر لها زيادات مهمة على رواتبها بعضها بالعملة الصعبة، وتهمل مطالب بديهية لسلطة دستورية تنازع كان يقتضي أن تعطى استقلاليتها المالية لتكون مترفعة عن المطالبة، كما نرى السلطة التنفيذية لا تلتزم التقشف لا بل نراها سخية أحيانا على نفقات تسيير أمورها”.
وتابع، “من المؤكد أن تسوية رواتب وأجور القطاع العام بحاجة لخطة متكاملة تترافق مع خطط إصلاحية واستثمارية ووقف الهدر وغيره من تدابير وقرارات كي لا نقع مجددا في المحظور، إنما في ظل إحجام السلطة السياسية عن المبادرة بحزم في هذا الاتجاه سواء قبل أو بعد الأزمة، وفي ظل العدد القليل للقضاة الذي لا يتجاوز ال 600 مقارنة مع قطاعات أخرى ما يحول من دون ارتداد تحسين وضعهم المادي على مالية الدولة، والأهم في ظل عدم جواز المقارنة بين الموظف والقاضي احتراما للدستور الذي يخص القضاء باعتباره سلطة دستورية، فهل تبقى كرامة القضاة التي أصبحت مهددة معلقة على أهواء السياسيين طالما أن لا استقلالية مالية للسلطة القضائية؟.
وأردف نادي القضاة، “لا يغيب عن البال أن إهمال هذا الجانب من مطالب القضاة سيعمق من أزمة هجر القضاة للقضاء ويجعل القاضي الصامد منصرفاً إلى كيفية التصدي لهموم عائلته المعيشية بدلاً من الانكباب على عمله بكل قوة وعزم وصفاء ذهن. فاذا، الفارق شاسع بين عدم الإرادة وعدم القدرة في دولة هي بأمس الحاجة إلى قضاء ينهض بها من العثرات والعيوب التي تعتريها”.