عقّدت الخلافات حول المواصفات التي يفترض أن يتحلى بها الرئيس اللبناني المقبل، جهود التوافق على اسم واحد؛ حيث لا تزال هذه المواصفات مدار انقسام بين القوى السياسية، فيما اصطدمت الجهود الأخيرة لتشكيل حكومة بإصرار «التيار الوطني الحر» على شروطه، وهو ما قلّص إلى حد كبير فرص تشكيلها.
وتتضاءل التوقعات بأن تسفر جلسة البرلمان لانتخاب الرئيس، التي تعقد غداً (الاثنين)، عن انتخاب رئيس جديد، وقالت مصادر نيابية مواكبة للاتصالات إنه لن يتم انتخاب رئيس في جلسة الغد، «إلا إذا حصلت معجزة»، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، أن الخلافات لا تزال حول مواصفات المرشح، قبل أن تنتقل إلى الأسماء. وقالت المصادر: «لا يزال الخلاف قائماً بين طرفين، الأول يسعى لأن يكون الرئيس توافقياً كي يحظى بإجماع وبالتالي يستطيع أن يحكم»، وهو ما يدفع له «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل» و«حزب الله»، بينما ينظر الطرف الآخر إلى إمكانية انتخاب رئيس بالأكثرية العددية، و«أن يكون سيادياً وإصلاحياً»، وهو ما يدفع له «القوات اللبنانية» وحلفاؤه، فيما يصر رئيس البرلمان نبيه بري على أن يكون الرئيس، إلى جانب كونه توافقياً، ملتزماً باتفاق الطائف وتطبيقه وضامناً له.
وقالت مصادر نيابية مواكبة للملف الرئاسي، إن الاتفاق على مواصفات الرئيس لم يتم بعد، و«يظهر ذلك من خلال الترشيحات والتسميات التي جرت في الجلستين الأخيرتين لمجلس النواب» اللتين كانتا معدتين لانتخاب رئيس.
وتعد هذه التباينات حول مواصفات الرئيس، مدار الانقسام الأول، قبل الدخول في فرضية الأسماء، رغم أن «القوات اللبنانية» والقوى الحليفة له، سمّت النائب ميشال معوض، في مقابل تحفظ من جانب «الثنائي الشيعي» أي «حزب الله» و«حركة أمل» من جهة، و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى، على إعلان الأسماء المطروحة.
ووسط هذا المشهد، حمّل رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، رسالة إلى المجتمع الدولي، يناشده من خلالها مواكبة لبنان والعمل على ضمان إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، «لمنع البلد من الانزلاق نحو فراغ لا يريده أحد، ولا يمكن أن يتحمله اللبنانيون».
وبرزت، خلال الأيام الماضية، جولة لـ«التيار الوطني الحر» على بعض القوى السياسية، لعرض الورقة الرئاسية. وأشار النائب سيزار أبي خليل إلى أن «التيار الوطني الحر تعمد عبر وضع الورقة الرئاسية إطلاق حوار مع الأفرقاء السياسيين»، لافتاً إلى «ضرورة التوافق على اسم لرئاسة الجمهورية». وقال، في حديث إذاعي، إن «لقاء التيار مع رئيس مجلس النواب نبيه بري كان جيداً، حيث سُجل تفاهم على أبرز النقاط حول الاستحقاق الرئاسي»، مؤكداً أن «الانتخاب لا يتم إلا بكتابة اسم على الورقة».
على صعيد الأسماء، قال وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري إن «رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لم يعلن ترشحه حتى الآن لئلا يكون هذا الإعلان سبباً لمزيد من التجاذب، خصوصاً أن فرنجية منفتح على الجميع وتوافقي بامتياز، وفي الوقت عينه لديه خط وطني واضح، بالإضافة إلى أن الجميع يعرفون أنه ليس وصولياً، وبالتالي لا يقبل بالخضوع لأي ابتزاز أو مساومات من أجل الكرسي».
وفيما ترتفع التحذيرات من شغور في موقع رئاسة الجمهورية، لا تظهر أي مؤشرات على خرق في ملف تشكيل الحكومة. وقالت مصادر مواكبة إن مساعي اللواء عباس إبراهيم الأخيرة «اصطدمت بالشروط السابقة» المتصلة بإصرار «التيار الوطني الحر» على تغيير ثلاثة أسماء من الوزراء المسيحيين، ورفض تغيير وزير الطاقة، مشيرة إلى أنه «لا خرق حصل على هذا الصعيد».
ووسط جدل حول دستورية حكومة تصريف الأعمال، أكّد النائب بلال الحشيمي، أنّ «حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي، هي حكومة شرعيّة تستطيع تسلّم صلاحيات رئيس الجمهوريّة بعد الفراغ الدستوري الذي نرفضه». وطالب في بيان، الجميع بـ«العمل على انتخاب رئيس جديد، قبل انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون»، قائلاً: «كفاكم بدعاً وهرطقات دستوريّة وأعرافاً جديدة لا تمتّ إلى الدستور بِصلة».