أجّلت السفارة السويسرية في لبنان العشاء الذي كانت تنظمه مساء اليوم لعدد من ممثلي الكتل النيابية، واعتُبر لقاء تمهيدياً لعقد مؤتمر موسع في جنيف يبحث في الأزمة اللبنانية، بما في ذلك طبيعة النظام.
وقد فُسّر اللقاء بأنه محاولة للانقلاب على اتفاق الطائف والدستور، وبالتالي الذهاب إلى البحث عن صيغة جديدة للتركيبة اللبنانية وفق موازين قوى جديدة تصب في مصلحة حزب الله، لاسيما أن حزب الله والتيار الوطني الحرّ كانا يستعجلان الاستثمار في نتائج ترسيم الحدود للحصول على مكاسب سياسية ودستورية برعاية غربية لقاء إنجاز هذا الاتفاق.
وفيما بدا أنه رفض لهذا المؤتمر، غرّد السفير السعودي في لبنان وليد البخاري على «تويتر» قائلاً: «وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ، والبديلُ عنهُ لن يكونَ ميثاقًا آخر، بل تفكيكًا لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ».
الموقف كان في غاية الوضوح، وهو رفض «الانقلاب على الطائف» والذهاب إلى تطبيق كل مندرجاته، لأنه يحمي الميثاق الوطني. وهذا الموقف ردده البخاري خلال لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون أمس في قصر بعبدا.
ورأى البعض فيما جرى مؤشراً إلى دخول سعودي قوي على الساحة اللبنانية للحفاظ على «الطائف»، وللسعي لإنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها انطلاقاً من الحفاظ على الدستور.
وفتح هذا الحدث النقاش بشكل واسع حول مصير ومستقبل النظام في لبنان، خصوصا أن هناك من يعتبر أن ثمة محاولة من قبل إيران وحزب الله للاستثمار بنتائج ترسيم الحدود لتكرار السيناريو العراقي، حيث تمكّن حلفاء ايران من التوصل الى تسوية منحتهم رئاسة الحكومة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية.
ويبدو أن تكرار هذا السيناريو في لبنان لا يزال متعثّرا وسط إجماع التوقعات بأن البلد ذاهب الى فراغ رئاسي معطوف على تفسيرات متناقضة للدستور، إذ تنقسم البلاد حول رأيين دستوريين؛ الأول يشير إلى جواز تولي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئاسة، ويؤيده رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ورأي آخر يعتبر أن الحكومة يجب أن تكون مكتملة حتى تتولى هذه الصلاحيات ويؤيده عون. ولذلك تتكثف المساعي للوصول إلى اتفاق حول تشكيل حكومة جديدة في الأيام الأخيرة المتبقية من ولاية عون، لتجنّب الدخول في هذا الصراع الدستوري.