شيع لبنان بمأتم مهيب المنتج السينمائي والممثل شوقي متى، واحتفل بالصلاة لراحة نفسه في كنيسة السيدة في مسقط رأسه عين الجديدة، بحضور ممثل رئيس الجمهورية ميشال عون وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام مرتضى، ممثل كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الاعمال جورج كلاس، ممثل رئيس “التيار الوطني “الحر النائب جبران باسيل النائب سيزار ابي خليل، النائب آلان عون، نقيب الفنانين نعمة بدوي، نقيب محترفي الموسيقى فريد أبو سعيد، رئيس بلدية عين الجديدة ايلي متى وعدد من رؤساء بلديات الجوار، وحشد من الفنانين والفنانات، إضافة الى عائلة الراحل وأصدقائه وأبناء البلدة.
ومنح مرتضى باسم رئيس الجمهورية، وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط للراحل اعترافًا بإنجازاته وافضاله على مسيرة الثقافة في لبنان، وقال، إن “شوقي متى سيبقى في كتاب الإبداع اللبناني صفحة ناطقة بالجمال الذي عاشه وصنعه. شوقي متى الذي زرع في نفس كلّ من التقاه الدهشةَ بحضوره المتميّز الراقي جعلنا جميعاً نحصُدُ من بعده دهشةَ الغياب. لذلك تقفُ الثقافة اللبنانيةُ اليومَ حزينةً في موضعِ أساه، تتقبّلُ العزاءَ وتشاركُ الأهلَ الوَداعَ، وتحفظُ في محرابِها منه صورةً، بل أيقونةً، لمبدعٍ رفع اسمَه واسمَ وطنِه عاليًا.”
وأشار إلى أن، “في هذه العشية، يأوي شوقي متى إلى ترابِ عين الجديدة، بعدما طاف في سماءِ الفنِّ نجمًا لبنانيًّا مضيئًا على الشاشات والمسارح وخلف الكواليس. فمن يا ترى كان أشدَّ حنينًا إلى الآخر؟ أرضُه إليه أم هو إليها، حتى أسرعَ المآبَ وأسرعَتْ إلى احتضانه؟ لكنَّ شوقي متى ضوءٌ لا يحتويه تراب. هو أبدًا ساطعٌ مهما اكتنفَتْهُ عَتْمةُ الموتِ، وطالعٌ من خلفِها فجرًا مستمرًّا في كلِّ عملٍ إبداعيٍّ تتداولُه المسامع والأبصار، وتجري به وسائلُ المعرفةِ قديمُها والجديد.”
وأضاف، “شوقي متى سوف يبقى في كتاب الإبداع اللبناني صفحةً ناطقةً بالجمال الذي عاشَه وصنعَه. ويعرف الجميعُ أنه لم يكن ساعيًا إلى نجوميةٍ دانَت له عن يدٍ صاغرة. كان همُّه أن يكونَ هو… بطبيعته المباشرة النفّاذة، غير مُجهِدٍ نفسَه إلى بلوغ الصورةِ الفُضلى التي بلغها فعلًا في العمل التمثيلي. لقد تمَّ له ذلك عن استحقاقٍ، عبر قيامه بكلِّ ما هو أصيلٌ عميق، وفي الوقت نفسِه بسيطٌ عاديٌّ غيرُ متكَلَّف. ولهذا لم يكن ثانويًّا حتى في غير دور البطل، بل كان على الدوام إضافةً نوعية قيّمة إلى الدور الذي يلعبُه، بل إلى العمل الفنّيِّ كلِّه؛ ذلك أنَّ صاحبَ الموهبةِ تكفيه موهِبتُه جسرًا إلى فوق، تَدُلُّ عليه بألقِها، فيعلو بها… وتعلو به، حتى يصيرَ أداؤه بحدِّ ذاتِه حديثًا فصيحًا عن عمق التجربة الفنيةِ، مقدماتٍ ونتائج. كأنه، في كتابة النصوص وتمثيلها وإنتاجها، كان يخاطبُ نفسَه والناسَ أجمعين، بقول الأديب الفرنسي روجيه مارتان دو غار (Roger Martin Du Gard) يوم حاز جائزة نوبل للآداب عام 1914، وجاءه أهلُ الصحافةِ ليحدثوه ويسألوه في الأدب فقال: “عن الأدب لا تكلموني. اِصنعوا منه، أرجوكم؛ هكذا شوقي متى كان يصنعُ الدهشة في فنه أكثرَ مما يتكلَّم عنه.”
وتابع، “لكنَّ شوقي متى الذي زرع في نفس كلّ من التقاه الدهشةَ بحضوره المتميّز الراقي جعلنا جميعاً نحصُدُ من بعده دهشةَ الغياب. لذلك تقفُ الثقافة اللبنانيةُ اليومَ حزينةً في موضعِ أساه، تتقبّلُ العزاءَ وتشاركُ الأهلَ الوَداعَ، وتحفظُ في محرابِها منه صورةً، بل أيقونةً، لمبدعٍ رفع اسمَه واسمَ وطنِه عاليًا… ثمَّ ما لبِثَ في آخرِ العمرِ أن انحنى، ضوءًا مستقيمًا لكنه مكسور، يفتِّشُ عن عينٍ جديدةٍ يأوي إلى إنسانِها، فكانت له هذه البلدة جِفنًا يحرسُ ضوءَه المكسور المـُغْمَضَ على وجعِه ووجعِ الوطن.”
وأردف، “فيا أيتها البلدة الحبيبةُ إلى قلب الراحل الكبير. ضُمّيه إلى قلبِك، وصوني ذكراه بأهدابِ أشجارِك، واحفظي أعمالَه كما تحفظين مرورَ الشمسِ على قِرميدِ بيوتِك، اِصنعي هذا كلَّه من أجل الفن والثقافة ومن أجل لبنان، وبالنيابة عنّا أجمعين.