“هات وديعتي”، عبارة كرّرها المؤهّل أول المتقاعد من قوى الأمن الداخلي علي ديب الساحلي، في خلال اقتحامه فرع “المصرف اللبناني للتجارة” في شتورا، قبل ظهر اليوم الثلاثاء، مزوّداً بمسدس وقنبلة يدوية وبنزين، تؤازره في خطوته جمعية “صرخة المودعين”، والهدف استنقاذ وديعة مالية ليرسلها إلى ولده في أوكرانيا، على ما أوضح رئيس الجمعية إبراهيم عبدالله في تصريحاته للصحافيين.
لم ينجح علي بتحرير وديعته، وقدرها 24 ألفاً و600 دولار أميركيّ، ولا حتى 4 آلاف دولار منها كان يطالب بها، بل حصل ما كان يخشاه فاعتُقل، بعد مراوغته حتى أُنهك وتعاون عليه موظفون مع مدنيَّين آخرين كانا في داخل المصرف، لم تُعرف صفتهما بالتحديد.
لكن مصادر غير رسمية في المصرف تقول إن “علي أخطأ بخطوته، وإن المصرف كان سيؤدّي له ماله”.
قبل العاشرة من قبل الظهر بدقائق، ورد اتصال يفيد عن عمليّة اقتحام لفرع مصرف البنك اللبنانيّ للتجارة BLC في شتورة.
من خلف الأبواب الموصدة لـ”المصرف الأسود” كما يقول عنه أهالي المنطقة، كان يمكن مشاهدة رجل نحيل في الداخل، يرتدي ثياباً رياضيّة، ويحمل مسدساً، يلوّح به، لا عن طريق التصويب المباشر، بل تبعاً لحركات يديه اللتين كانتا تتحرّكان على إيقاع صراخه، ثمّ يُسدلهما والمسدس أرضاً عندما يسكت ويهمد، بين فورتي غضب. ثم علم الجميع بوجود قنبلة يدويّة بحوزته مع كميّة من البنزين، فيما كان يُشاهد مدير الفرع يتحرّك ذهاباً وإياباً متحدّثاً عبر هاتفه، وأحياناً مع علي.
في الخارج، كان مناصرون من “صرخة المودعين” يتضامنون مع علي، حاملين راياتهم، وهاتفين عبر مكبّر للصوت للمطالبة بصرف وديعة “أبو حسين” ليتسنّى له تحويل المال لابنه الذي يتابع دراسته في أوكرانيا، وقد “ضاع مستقبله كلّه” كما كان يصرخ علي في داخل المصرف، موضحين بأن “علي عرض كليته للبيع ليُنقذ ابنه المشرد في غربته، وهو العاجز عن دفع بدلات السكن، ناعتين المصارف بالحرامية والنصابين”.
بدت إحدى النساء المتضامنات مع علي أشدّ خطورة منه لمطالبتها إياه باستخدام مسدسه، خصوصاً أنها اشتبكت كلامياً مع شقيق إحدى الموظفات الذي كان غاضباً، وقال “ما حدا يتفلسف، شو خصّ الموظفين”، فيطمئنه أحد المتضامنين “لا تخاف، هو لن يؤذي أحداً، فهو ابن دولة، رجل قوى أمن سابق”.
مع الوقت بدا علي منهكاً، وأقلّ حركة وأكثر صمتاً، وكان يُمكن مشاهدته وهو يرتجف، ثمّ يجلس على الكرسي. وبعد فترة شوهد مدير الفرع يتحدّث عبر هاتفه، وفي الوقت نفسه يتحدّث من بعدٍ مع علي الجالس على الكرسي، قبل أن ينقضّ غفلةً ثلاثة رجال على عليّ، اثنان منهما بلباس مدنيّ والثالث بزيّ المصرف فينتزعوا منه مسدّسه، وبمعاونة موظف رابع يثبتونه أرضاً، وتفتح الأبواب، فيدخل عناصر الدرك وباقي الأجهزة الأمنية.
لم يقاوم علي كثيراً. أجلسوه على كرسيّ من دون تكبيل يديه، ثمّ بعد فترة أخرجوه برفقة قوى الأمن الداخلي، فاغتنم الفرصة للتوجّه إلى وسائل الإعلام محمّلاً القوى الأمنية، ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب مسؤوليّة ما هدّد به “إذا أوقفوني سأنتحر بقلب الوزارة”.