كتب ميشال غندور في “الحرة”:
اعتبر السفير الأميركي الأسبق في بيروت، جيفري فيلتمان، أن التوصل إلى اتفاق إطار بين لبنان وإسرائيل برعاية أميركية لبدء محادثات حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين فرصة جيدة للبلدين لتمكينهما من استخدم مواردهما الطبيعية في البحر.
وتساءل فيلتمان، الذي عمل أيضا وكيلا للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية ومساعدا لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، عما إذا كان حزب الله قد سهل عملية الوصول إلى الاتفاق مع إسرائيل الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري لتحويل الأنظار عن عرقلته لتشكيل الحكومة اللبنانية على أن يقوم بعرقلة المفاوضات في وقت لاحق.
وتوقع فيلتمان في حوار مع “الحرة” أن يبقي حزب الله على ورقة مزارع شبعا “كذريعة وحجة للحفاظ على ترسانته العسكرية التي تشكل خطراً على لبنان”.
لماذا الاتفاق الآن؟
كاد يكون هناك اتفاق في الماضي. عندما كانت إليزابيت ريتشارد سفيرة في لبنان، وحصل تقارب كبير بين الجانبين وكذلك قام السفير ديفيد ساترفيلد بدبلوماسية مكوكية بين البلدين.
الذي تغير اليوم، أعتقد أنه الإصرار الأميركي بأن هذا الأمر يمكن إنهاؤه وكذلك الأزمات الاقتصادية التي يواجهها لبنان.
وعملية استكشاف النفط الأولى التي جرت في البلوك رقم 4 في شمال لبنان لم تكن جيدة ولم تشر إلى وجود احتياط كاف من الغاز.
والاعتقاد السائد اليوم هو أن البلوكات في الجنوب والموجودة في المناطق المختلف عليها تحتوي على موارد أكبر.
إضافة إلى الوضع الاقتصادي المالي العام في لبنان، بحيث أنه لو استطاع لبنان استخدام احتياط الغاز الموجود في البحر تجارياً فإنه قد يوفر على المدى الطويل وليس على المدى القصير موارد كبيرة للدولة اللبنانية.
هل من علاقة للعقوبات الأميركية على مساعد الرئيس بري على القرار اللبناني؟
أنا مقتنع أن رئيس مجلس النواب نبيه بري، كالمسؤولين الإسرائيليين، أخذوا هذا القرار لأنهم رأوا أنه يصب في مصلحة أمنهم القومي.
بري رآه في مصلحة الأمن القومي للبنان لمحاولة إيجاد سبيل لحل الخلافات الحدودية البحرية والبرية.
أما في ما يتعلق بحزب الله، علي أن أتساءل إن كان الحزب سيسمح بتقدم الاتفاق دون أن يحاول عرقلته هذه المرة، كما حاول عرقلة ترتيبات مشابهة في الماضي لأنه يحاول تحويل الأنظار عن حقيقة عرقلته تشكيل حكومة في لبنان.
وآمل أنه عندما تبدأ المحادثات التي تستضيفها الأمم المتحدة وبتسهيل ووساطة من الولايات المتحدة أن نرى الطرفين يأخذان مقاربة عقلانية وبناءة وإيجابية لحل هذه المسألة استناداً إلى سنوات من المحادثات في السابق.
وآمل ألا يحاول حزب الله تحويل الأنظار الآن عن موضوع عرقلته تشكيل حكومة جديدة وبعد ذلك يحاول عرقلة المحادثات عندما تبدأ.
هل يمكن لبري أن يوافق على الحوار مع إسرائيل دون ضوء أخضر من حزب الله؟
أتوقع أن يكون الرئيس بري قد قام بمشاورات مع كل الأحزاب الأساسية قبل الموافقة على اتفاق الإطار.
ولا أعتقد أن بري، الذي يتمتع بالدهاء السياسي، قد وافق على الاتفاق دون أن يعرف إن كان لديه الضوء الأخضر من حزب الله أو على الأقل عدم وجود ضوء أحمر من الحزب، شريكه في البرلمان.
لماذا يجري الأميركيون المحادثات مع الرئيس بري وليس الحكومة اللبنانية أو رئيس الجمهورية؟
عليك أن تسأل الحكومة الأميركية التي لديها سفيرة جيدة في بيروت. المحادثات كانت تجري وعلى مدى الأعوام الماضية مع الرئيس بري حول هذه المسألة.
السفير ساترفيلد تحادث مع الرئيس بري كثيراً. وكذلك فعل فريدريك هوف قبل ذلك. السفيرة إليزابيت ريتشارد تحادثت مع بري حول ذلك.
وحتى لما كنت أنا سفيراً في لبنان تحدثنا عن هذا الموضوع في عدة مناسبات. مهما كان السبب علينا أن نعطي بعض الرصيد لرئيس مجلس النواب بري وللإسرائيليين وللأميركيين لديفيد شينكر وآخرين الذين تمكنوا من الوصول إلى هذا الاتفاق.
هل سيمنع هذا الاتفاق من وقوع حرب في المستقبل بين إسرائيل وحزب الله؟
كأميركي أتمنى أن يتوصل الإسرائيليون واللبنانيون إلى إيجاد سبيل لإنهاء حال الحرب بين الدولتين وتخفيف مخاطر وقوع حرب في المستقبل.
إذا نجحت المحادثات في حل مسألة الحدود البحرية ومسألة الثلاثة عشرة نقطة المتحفظ عليها عبر الخط الأزرق وحل، على الأقل، بعض المشاكل الحدودية البرية فقد يكون ذلك خطوة إيجابية ولكنها لن تكون مشابهة لإقامة علاقات دبلوماسية كاملة مثل العلاقات بين الأردن وإسرائيل ومصر وإسرائيل ومؤخراً بين الإمارات والبحرين وإسرائيل.
لنركز الأنظار الآن على البناء على اتفاق الإطار للوصول إلى حل للمناطق الحدودية، التي ستسمح للبنانيين والإسرائيليين الاستفادة من مواردهم الطبيعية وتفادي خطأ محتمل في الحسابات في المنطقة المتنازع عليها.
هل الاتفاق سيمنع أميركا من فرض عقوبات على الرئيس بري أو حزب الله في المستقبل؟
العقوبات أداة سياسية وتستخدمها الولايات المتحدة لدعم سياسة معينة. وأعتقد أن واشنطن ستقرر بشأن أي عقوبات في المستقبل استناداً إلى قناعتها ما إذا كانت العقوبات ستدفع سياسة معينة.
وأنا مقتنع الآن أن الأميركيين مركزون على كيفية السير قدما، واستناداً إلى اتفاق الإطار، في حل قضايا كادت تؤدي إلى صراع والتي منعت استخدام الموارد الطبيعية من قبل الدولتين والتي استخدمها حزب الله بصراحة كواحدة من تبريراته عدة مرات.
أي شيء يمكن عمله لتخفيض إحتمال النزاع هو أمر إيجابي. والنظر في كيفية حل قضايا حدودية بشكل سلمي أفضل بكثير من محاولة استخدام وسائل عسكرية أو صواريخ لإثبات حقائق على الأرض.
هل مزارع شبعا ستكون مدار بحث بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني؟
أنت تعلم كم هي معقدة مسألة مزارع شبعا. المزارع احتلت عام 1967. وعندما احتلت إسرائيل هضبة الجولان فقد شملت هذه المنطقة مزارع شبعا واللبنانيون لم يثروا مسألة احتلال المزارع في الأمم المتحدة أو غيرها إلا بعد وقت طويل جداً بعد عام 2000 على إثر انسحاب الإسرائيليين.
وهي ليست جزءاً من الخط الأزرق بعد عام 1967 بين لبنان وإسرائيل، إنها جزء من الخطوط السورية الإسرائيلية.
أتساءل ما إذا كان حزب الله يتطلع إلى أن يحتفظ بكعكته ويأكلها في نفس الوقت كما يقال باللغة الإنجليزية. يعني أن يسمح بحل قضية الحدود البحرية من خلال اتفاق الإطار الذي رعاه الأميركيون، فيمكن للبنان أن يستفيد من احتياطات الغاز.
وربما يحل أيضاً الخلافات البرية بعد عام 1967، أي الحدود اللبنانية الإسرائيلية حيث قامت قوات اليونيفيل بالكثير من العمل في هذا الصدد مع الطرفين، إذ هناك فقط 13 نقطة أحد الأطراف لديه تحفظات عليها.
وقد يكون ممكناً حل هذه المسائل الحدودية ولكن هذا لا يحل مسألة مزارع شبعا مما يبقي لحزب الله عذر وحجة للحفاظ على ترسانته التي تشكل خطراً على لبنان.