وبرأي الكاتب فالقرار لم يكن مفاجئاً، فمنذ أكثر من شهر، كان يمهّد حزب "العدالة والتنمية" وكذلك الصحافة التركية، لهذا القرار عبر الحديث عن وجود مخالفات وتجاوزات من قبل القائمين على عملية التصويت.
وذكّر الكاتب بحادثة مماثلة وتحديدًا خلال استفتاء العام 2017 الدستوري، الذي استبدل النظام البرلماني بالنظام الرئاسي الحالي، ولكن يوجد اختلاف هذه المرة بأنّ الفائز الشرعي في اسطنبول هو أكرم إمام أوغلو، وهو مرشح حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، وقد نجح في خوض سباق انتخابي مثالي تقريبًا، إذ ركز على القضايا المحلية ولم يشارك في مبارزات علنية مع أردوغان وأتباعه، الذين قالوا إنّ هذه الانتخابات كانت في الواقع تتعلق بالقضايا الوطنية والمؤامرات الأجنبية والإرهاب وسوريا، وسلسلة من القضايا التي لا علاقة لها بمشكلات محلية مثل المياه والنقل وسوء الخدمات.
واعتبر الكاتب أنّه من خلال إلغاء النتائج، يضاعف أردوغان الخطأ الاستراتيجي المتمثل في إدخال نفسه في الانتخابات المحلية في المقام الأول. ويخاطر أردوغان برد فعل عنيف هائل من الناخبين، الذين سيعتبرون القرار غير عادل وسيحاولون الفوز بأي وسيلة ممكنة.
وهناك 3 تفسيرات لخوض أردوغان هذه المخاطر، وهي:
أولاً، اسطنبول ليست المدينة الأكبر فحسب، بل هي العاصمة الاقتصادية والثقافية لتركيا. وعلى هذا النحو، فإن اسطنبول تعد بمثابة البقرة التي يحلب نقودها حزب "العدالة والتنمية". وبحسب الكاتب فقد تم تحويل مشاريع كبيرة بمليارات الدولارات، إلى دائرة رجال الأعمال المقربين من أردوغان، وفي هذه الأثناء، قام بإعادة تشكيل وتوطين القطاع الخاص في تركيا. وبالتالي، فإن خسارة اسطنبول من شأنها تجفيف منابع تمويل حزب العدالة والتنمية بشدة.
ثانياً، اسطنبول هي قاعدة أردوغان الرئيسية؛ التي بدأ حياته السياسية منها عندما تم انتخابه لأول مرة رئيساً للبلدية في عام 1994. وإلى جانب رمزية فقدان مسقط رأسه السياسي بعدما استثمر الكثير في الحفاظ عليها، فإنه يدرك أن عمدة المعارضة الناجح، وبخاصة إذا كان بذكاء ومهارات أكرم أوغلو المدهشة، يمكن أن يكون منافساً له في الانتخابات ذات يوم.
ثالثًا، يدرك أردوغان أنه بعد ما يقرب من عقدين من الحكم ربما يكون الشعب التركي متعباً منه. على الرغم من أنه ألقى اللوم خلال الحملة على الأجانب، أي الولايات المتحدة والغرب، بسبب الحالة المتدهورة للاقتصاد التركي، فإن الكثير من الناخبين يختلفون معه. ويخشى أن خسارة اسطنبول، ستشكل مزيداً من التشققات في درعه ويعطي تصوراً بأن سلطاته تتناقص. وربما يفسر بعض الأتراك الخسارة بأنها بداية النهاية بالنسبة لأردوغان، الذي سبق أن قال في عام 2017، إنه "إذا فقدنا (العدالة والتنمية) اسطنبول، سيكون بمثابة خسارة تركيا".
وخلص مقال "فورين بوليسي" إلى أن "أردوغان سيندم على قراره بإلغاء نتائج انتخابات اسطنبول".