وباتت هذه العائلات، التي تضم نحو 2500 طفل، تشكل عبئاً على الإدارة الذاتية، بينما تتجنب حكومات دول العالم الإقتراب من هذه القضية الشائكة التي تنطوي على تبعات قانونية وحقوقية وسياسية، فضلاً عن البعد الإنساني.
وفي ظل ما سمي بـ "دولة الخلافة الإسلامية"، التي دامت نحو خمس سنوات، ولد الآلاف من الأطفال الذين وجدوا أنفسهم في أتون حرب ضروس، إختلطت فيها الأجناس والأنساب والهويات، وهو ما يعيق تحديد جنسيات الأطفال بصورة دقيقة.
وعدم القدرة على تحديد هويات الأطفال يمثل ذريعة لحكومات دول أوروبا وشمال أفريقيا وأواسط آسيا، صاحبة الحصة الأكبر من الدواعش، للتهرب من تحمل مسؤولية أولئك الأطفال الذين ولدوا وسط دوي المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية والتنظيم المتشدد.
وفي أحدث إحصائية صدرت الشهر الماضي، نقلت إذاعة "آرتا إف إم" المحلية، عن المتحدث باسم العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، كمال عاكف، قوله إن "نحو 12 ألف امرأة يعشن في مخيم الهول بينهن 8000 طفل وامرأة من رعايا دول أجنبية غير سوريا والعراق".
وإلى ذلك، قدرت الأمم المتحدة، الأربعاء، في بيان أن "أكثر من 40 ألفًا من المقاتلين من أكثر من 110 دول، سافروا للانضمام إلى الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق".
ورغم النداءات والمناشدات المتكررة التي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية لحث الدول على استعادة أطفالها المحتجزين لديها، إلا أن سلطات تلك الدول تتجنب الاعتراف بهذه المعضلة.
وكان السودان قد استعاد خمسة أطفال من سلطات الإدارة الذاتية في شهر نيسان الماضي، كما استعادت كوسو عدداً من العائلات، غير أن هذه الأعداد الضئيلة لا تشكل حلاً جذرياً للمشكلة المستعصية، بحسب المسؤولين الأكراد.
وتشاطر الأمم المتحدة المخاوف مع الإدارة الذاتية الكردية، حيال مصير الأطفال الدواعش، وتدعو الحكومات إلى تحمل مسؤولياتها في هذا الصدد.
وكان بانوس مومسيس، منسق الأمم المتحدة الإقليمي للشؤون الإنسانية، المعني بالأزمة السورية، قد دعا مؤخراً الحكومات، للمساعدة في حل أزمة 2500 طفل أجنبي، محتجزين بين 75 ألف شخص يكتظ بهم مخيم الهول المصمم لاستيعاب 38 ألف شخص فقط.
وطالب مومسيس بوجوب "معاملة الأطفال كضحايا في المقام الأول"، لافتا إلى أن أي حلول يتم التوصل إليها يجب أن تكون على أساس ما يحقق أفضل مصلحة للطفل بغض النظر عن عمر أو جنس الأطفال، أو أي تصور بشأن انتماء الأسرة.
وتشرف قوات سوريا الديمقراطية على إدارة مخيم الهول، وتعمل على تقديم الخدمات لهم، ضمن إمكاناتها المتواضعة.
وتوضع عائلات مسلحي تنظيم داعش في أقسام خاصة بالمخيّم، وتحت حراسة أمنية مشددة، وسط تقارير عن نشوب خلافات بين الدواعش السوريين والعراقيين، ونظرائهم من دول أخرى ممن يوصفون بالمهاجرين الذين يظهرون تشددًا مضاعفًا.
وفي أحدث موقف فرنسي بهذا الشأن، أعلنت وزيرة الجيوش الفرنسي فلورنس بارلي، الأربعاء، أن فرنسا ستقوم على الأرجح بإعادة أطفال يتامى أبناء متشددين فرنسيين من سوريا.
ورداً على سؤال لإذاعة مونتي كارلو، حول إحتمال إعادة مزيد من الأطفال بعد إعادة خمسة منهم "يتامى أو مفصولين" عن أسرهم في 15 آذار الماضي، قالت بارلي "هذا مرجح جداً، وأضافت، أن بلادها تبذل قصارى جهدها لإعادة الأيتام كما يتم تعريفهم على هذا النحو، لكن باريس ترفض إعادة مواطنيها، رجالاً أو نساء، من تنظيم داعش.
وقالت الوزيرة الفرنسية "ينبغي علينا أولاً التأكد من أن هؤلاء الأطفال يتامى"، مشيرة إلى أن "هناك بعثات أرسلتها وزارة الخارجية لتحديد الحالات بشكل واضح حتى نتمكن من القيام بمزيد من عمليات الإعادة إلى الوطن".
وترفض السلطات الفرنسية حالياً إعادة المتشددين من سوريا، رغم دعوات منظمات حقوقية تقول إنه لا يمكن لفرنسا منع رعاياها من دخول أراضيها.
وقد دعا الرئيس الفرنسي السابق، فرنسوا هولاند، الثلاثاء، إلى إعادة كل الأيتام الفرنسيين من سوريا "في أسرع وقت ممكن"، وهو إجراء يعارضه، حتى الآن، الرئيس إيمانويل ماكرون الذي يطالب بالنظر في هذه القضية، ثم الإقرار بشأن العودة من عدمها.