كلام أبو الحسن، جاء خلال إلقائه كلمة "الحزب التقدمي الاشتراكي"، في المأتم الحزبي والشعبي، الذي أقيم للمحازب أيمن مجيد المصري المعروف ب"أبو عمار"، ممثلا رئيس الحزب وليد جنبلاط ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط، في حضور الوزير السابق أيمن شقير، رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى مروان صالحة، رئيس الأركان السابق اللواء شوقي المصري، وكيل داخلية المتن في الحزب عصام المصري، فاعليات اقتصادية وعسكرية واجتماعية، حشد من المشايخ، كوادر حزبية، ممثلين المؤسسات الرافدة للحزب، جمع من المحازبين وأهالي المتن الأعلى والجوار.
وعاهد أبو الحسن الفقيد، بالقول: "سنبقى سويا نقبض على الجمر، نضع بين العيون الشمس والفولاذ في العصب، وستبقى قاماتنا شامخة، وراياتنا خفاقة عالية، وحناجرنا تصدح بالحق، وسواعدنا مرفوعة، وكرامتنا محفوظة".
وأضاف: "بالأمس كان المتن على موعد مع القدر، بالأمس سكت القلب الكبير وعم الخبر، وبكى الرجال أعز الرجال، رفيق الدرب في كل مجال. بالأمس رحل عنا، من كان حاضرا في كل موقف، وفي كل ساح. غاب عنا من نذر نفسه، وأمضى عمره بالنضال والكفاح. بالأمس ترجل من اعتنق القضية وامتشق البندقية، ومن حمى الأرض وصان العرض وحفظ الهوية".
وتابع: "واليوم شاء القدر، أن أقف هذه الوقفة الأليمة القاسية، التي لم أخالها يوما في حياتي! أقف في يوم وداعه، وفي ذكرى ميلاده، لأتحدث عنه وأتحدث إليه. لكن يا للحسرة لن يسمعني أيمن بعد اليوم. لقد رحل عنا لتبقى الذكريات، وتخنقنا الحسرة وتنهال الدموع وتنساب الكلمات، وكأنها عربون وفاء لرمز العطاء ورمز الوفاء، وشهادة حق في مناضل لم ينل حقه أبدا".
وأردف: "أقف في يومه هذا، لأرثي رفيق العمر، وألقي عليه نظرة الوداع الأخيرة. وحسرتي أنني أراه اليوم، ولا يراني، أخاطب من حميت ومن حماني، ومن صادقت ومن صادقني، بكل إخلاص ووفاء ومحبة وتفان. أجل أيها المشيعون الكرام، أقولها بغصة، ونحن الذين ما انقطعنا عن التواصل والتشاور والتخاطر يوما، ونحن الذين خضنا مع فقيدنا الراحل، النضال المشترك في أصعب الظروف وأقسى المراحل، منذ ما يزيد عن سبعة وثلاثين عاما وحتى الأمس. ونحن الذين تقاسمنا المر معا، وتشاركنا الحلو معا، ناضلنا معا وعشنا الأيام العجاف، وسهرنا الليالي الحالكات معا، وسلكنا الدروب الصعبة معا، وواجهنا معا وانتصرنا معا، وكنت دائما، يا أبا عمار، خير رفيق، ونعم الأخ والصديق".
واستطرد: "اليوم يطفو فيض الذكريات، ويتراءى أمامي شريط الأحداث المليء بالمواقف والمحطات، التي لم يغب عنها فقيدنا الغالي، أيمن، يوما، وكأني أرى وجه ذلك المناضل المؤمن الملتزم، البطل الجريء المقدام، رأس حربة دوما موقعه في الأمام، يتقدم صفوف المناضلين، لا يهاب ولا يأبى الصعاب، شامخ كالجبال قدوة ومثال، قائد، واعد، شهم، شجاع، نظيف، عفيف، كريم، وسيم، صادق، شفاف، صاحب الكلمة الجريئة، منحاز إلى الحق باحث عن الحقيقة، ولقد تحمل الكثير. وهو الصلب القدير، الذي سلك درب المشقة ولم يجزع. عاكسته الظروف فلم يخضع، خرج من الحرب صامدا، سالما، نظيفا، نقيا وشفافا، لكن قدره كان كقدر كل الأوادم الشرفاء الأوفياء، الذين انتصرت قيمهم وأخلاقهم على المغريات وما أكثرها، فاختار مجددا درب المشقة، فصال وجال، وتحمل الأعباء والأثقال، وانتقل إلى القارة الإفريقية، بحثا عن لقمة العيش الحلال، وانتصر مجددا في معركة الحياة، واحتضن أسرته ورعاها وأكرمها، وأثبت مجددا ريادته وقدرته ونظافة كفه ونجاحه وتألقه، فنعم وعائلته برغد العيش الكريم، بعد عسر وعذاب اليم، إلى أن وافته المنية، وهو في عز عطائه ونجاحه، ليترك لنا في القلب حسرة، وفي الصدر غصة وفي الحياة نغصة".
وخاطب الراحل: "تغيب عنا يا أبا عمار، ولم تنتظر لتتلقى جوابا، على سؤال لطالما أقلقك: "شو الوضع ولوين رايحين؟" وكان موعدنا بالأمس، لنتشاور كالعادة، لكنك غادرتنا بغفلة قبل أن يأتيك الجواب، فاطمئن أيها الرفيق الحبيب، نؤكد لك اليوم، وفي كل يوم، أننا سنبقى معا، وتهتز الأرض ولا تهتز عزيمتنا. هذا وعدنا، وهذا عهدنا إليك. نم قرير العين يا أبا عمار، يا صفوة القوم يا زينة الأخيار".
وختم: "يوجعنا القدر بإكمال الدرب من دونك، لكن طيفك باق معنا في كل خطوة وفي كل مهمة، وفي كل موقع وموقف، وقدري أيها الحبيب، في يوم وداعك، أن أقف أتلقى وأقدم التعازي في آن. فباسم الرئيس الذي أحببت، قائد مسيرتنا ورمز عزتنا وليد كمال جنبلاط، وباسم رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط وباسم الرفاق في الحزب جميعا، أتقدم من أسرة فقيدنا الغالي ومن آل المصري وآل هلال الكرام ومن عموم أهالي بلدتي القلعة والخلوات ومن أبناء منطقة المتن الاوفياء عموما، بأحر التعازي. رحمك الله يا أيمن وأسكنك فسيح جناته. وداعا يا رفيق الدرب، وداعا يا شقيق القلب، وداعا أبا عمار".