ويعترف مصدر وزاري واكب تلك المرحلة التي اقرت فيها هذه الهيئة لـ "المركزية" فيقول ان معظم الوزراء الذي كان عليهم التعاطي مع الهيئات الناظمة إن في قطاع الطاقة والكهرباء او في الإتصالات، وجدوا فيها العدو الأول لصلاحياتهم لأن تشكيلها سيحول دون التصرف بقدرات القطاعات كافة. فيعود اليهم الدور الأساسي الذي اناطه الدستور بوزير الوصاية "المحجم" لا اكثر ولا اقل كما هي وصاية وزارة الشؤون الإجتماعية على المؤسسة العامة للإسكان او وصاية وزير العمل على الضمان الإجتماعي، لأنها مؤسسات لها موازناتها الخاصة والقدرة على إدارة شؤونها الداخلية وليس للوزير أكثر من الدور الرعائي ليس إلا.
ويضيف: لو شكلت الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وبوجود مجلس إدارة كامل المواصفات في تركيبته واختصاص أعضائه، لما كان لوزير الطاقة أي رأي فاعل في إدارة القطاع وهو ما ادى بوزراء الطاقة في السنوات الأخيرة الى الإمعان في تعطيلها عن قصد او غير قصد او عدم تشكيلها.
وايا كانت مجريات جلسات اللجنة النيابية للأشغال والنقل وصولا الى الجلسة التشريعية الأسبوع المقبل، يلفت المصدرالوزراي الى ان خرق الدستور بات امرا عاديا في لبنان - وخصوصا عندما يصبح خطوة إجبارية لا بد منها - للخروج من أزمة كأزمة الكهرباء. ولكن على المعنيين بالأمر مصارحة اللبنانيين بهذه الخروق والقول ان ما هو مطروح من تعديل سيفتح الباب امام خصخصة قطاع الإنتاج للطاقة الكهربائية بشقيه المستدام والمؤقت لتوفير الطاقة التي يحتاجها لبنان ووقف برامج التقنين والعمل بفاتورتين كهربائيتين.
واستطرد المصدر مذكرا بمضمون القانون 228/2000 الذي قال بما قال به البيان الوزاري للحكومة الحالية عند مقاربته لموضوع الكهرباء. فالخصخصة جزء لا يتجزأ من الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة على صعيد المالية العامة وإعادة هيكلة القطاع العام. فهي ليست في حد ذاتها علاجاً عاماً بل جزء من برنامج الحكومة الاقتصادي، الذي يسعى إلى إنشاء حلقة مثمرة تؤدي إلى انخفاض نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي، وهبوط معدلات الفائدة، وارتفاع النمو الاقتصادي. كذلك فهي عملية تعزز خطط الحكومة الرامية إلى إصلاح المؤسسات وإنشاء إطار تنظيمي ورقابي فعال، وتعزيز الكفاءة في مختلف مؤسسات الدولة والقطاع العام.
وما بين هذه النظريات والمعادلات يظهر ان ما هو موعود من الخطة الجديدة للكهرباء، لن يتم، ما لم يُخرق الدستور في مكان ما، فيخير المواطنون بين أمرين: إن ارادوا الطاقة وتوحيد فواتيرها مثلا، فعليهم القبول طوعا بتجاوز الدستور، وفي حال العكس، فلينتظروا لسنوات الى حين تربح الدولة "ورقة لوتو" لتغيير الواقع في كهرباء لبنان لتقوم بما يحتاجه القطاع.