بعد النشيد الوطني وكلمة عريفة الاحتفال كاتيا ريا، ألقى العميد الركن سعيد القزح كلمة قال فيها: "يندرج هذا المؤتمر في سياق المؤتمرات التي ثابر مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية على اقامتها وتنظيمها، والتي تمحورت حول اوضاع الشرق الاوسط والاحداث التي يشهدها، وضمت مجموعة كبيرة من الباحثين والاكاديميين والخبراء، وذلك بشكل سنوي منذ عام 2011. أما في هذا العام، وتماشيا مع ما يشهده العالم أجمع من تقدم على الصعد كافة، بحيث بات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وانترنت الاشياء والتحول الرقمي من اهم العومل المؤثرة في عصرنا الحالي ضمن القطاعين العام والخاص، فتقرر خوض غمار جديد من البحث العلمي والتكنولوجي. وبالفعل، أحدثت التكنولوجيا الذكية تغيرات جذرية في السياسات المعتمدة في الامن والدفاع على الصعيدين الاستراتيجي والعملاني، لا سيما الحروب السيرانية الوقائية والهجمات الالكترونية".
وأضاف: "وعليه، وايمانا من قيادة الجيش بأهمية التعاون العسكري - المدني وانفتاح مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية على كل مراكز الابحاث في الجيوش والدول الصديقة، ورغبته في التعاون مع الجامعات في لبنان والخارج، قرر المركز، وبتوجيه خاص واشراف مباشر من حضرة قائد الجيش العماد جوزاف عون، اقامة المؤتمر التاسع بعنوان الذكاء الاصطناعي في الامن والدفاع، بالتعاون مع الجمعية اللبنانية للأنظمة المعلوماتية في بيروت، وجميعة الشرق الاوسط وشمال افريقيا للانظمة المعلوماتية، وجمعية تكنولوجيا المعلومات والتواصل في المؤسسات في باريس، وهي خطوة تضع لبنان في مصاف الدول التي تواكب التكنولوجيا الحديثة وتأثيرها على المجالات العسكرية والأمنية".
وتابع: "لا يخفى على أحد التحديات الكثيرة والمفاعيل السلبية الناتجة من الذكاء الاصطناعي، أولها مقارعة العقل البشري الذي يبقى هو الاساس، فرغم التسهيلات التكنولوجية التي وفرها هذا الذكاء، الا انه في المقابل قد يختزل بعضا من الطاقة البشرية، ما سيؤدي الى نوع من البطالة لاحقا في بعض المجالات. وإن التحدي الاكبر الذي يواجه المؤسسات الامنية والعسكرية في تطبيقه هو اعتماد المعايير الدولية في الحق الانساني، وهو امر يشدد عليه الجيش اللبناني ويعتبره اساسا في مختلف عملياته العسكرية، وقد انشأ لذلك مديرية القانون الدولي والانساني، وهو الصورة الحضارية والراقية للجيش".
وأردف: "انطلاقا من اهتمام الجيش اللبناني بأهمية الذكاء الاصطناعي، كان له شرف تنظيم مؤتمر الذكاء الاصطناعي في الامن والدفاع، واستضافته برعاية كريمة من فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبمشاركة لافتة ومقدرة من قبل نخبة من المفكرين والباحثين من لبنان والمنطقة والعالم. سيكون هذا المؤتمر منصة رائدة لمناقشة المواضيع المتعلقة بتأثير الذكاء الاصطناعي على الامن والدفاع وتبادل الافكار ووجهات النظر التي ستغني في ختامه التوصيات الصادرة عنه، آملا في ان يتم استثماره بشكل ايجابي، لما فيه مصلحة لبنان والدول الصديقة. ولا يغيب عن بالنا ان هذا المؤتمر يثبت ان لبنان كان وسيبقى مساحة تلاق وحوار، وتبادل افكار وآراء لخدمة البشرية وتطوير قدراتها".
وختم: "أتوجه بالشكر الى فخامة رئيس الجمهورية الذي شرفنا برعايته المؤتمر، والى مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية الذي تولى التنظيم والاشراف. كما احيي السادة المشاركين، واشكرهم على ثقتهم بلبنان وتفاعلهم اللافت مع المؤتمر على امل اللقاء في مناسبات أخرى".
ثمّ تحدث قائد الجيس فقال: "شكل مفهوم الذكاء الاصطناعي نقطة تحول هامة في عصرنا الحالي، مسجلا انقلابا جذريا في مختلف الميادين التي باتت تستخدم التكنولوجيا كمسهل لشؤونها، ومن ضمنها المؤسسات الأمنية والعسكرية، التي تعتمد اليوم بشكل رئيسي على تقنيات التكنولوجيا الذكية لتطوير قدراتها العسكرية في الأمن والدفاع.
وفي وقت يسعى لبنان الى مواكبة هذا التطور وحجز مكانة له في هذا العالم الرقمي، يحقق الجيش اللبناني خطوات متقدمة نحو الحداثة واستخدام تطبيقات التكنولوجيا الذكية في مختلف أعماله العسكرية، إضافة الى تدريب عناصره على حسن استخدامها، وهذا ما أهله لنيل الثقة المحلية والدولية".
وأضاف: "إن الاستثمار في الأمن هو الركيزة الأساسية للاستثمار في الاقتصاد وتعزيز الاستقرار، في ظل التحديات الأمنية التي تعيشها المنطقة بشكل عام، والتي تطال شظاياها الوضع في لبنان، ولا يغيب عن بالنا، ما يهدد استقرارنا وسيادتنا من قبل عدوين يتربصان بنا شرا، هماالعدو الاسرائيلي الذي لا يخفي مطامعه تجاه ثرواتنا، ويسعى دوما الى احتكار التطور التكنولوجي والمعلوماتي، والارهاب الذي يطل بأوجه متعددة، وبالتالي فإن استخدام الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الأمنية التكنولوجيا الحديثة في مجال اختصاصها، يساهم في مواجهة هذه التحديات، الخارجي منها والداخلي أيضا، ما يؤدي الى تحسين أدائها العسكري وتعزيز إدارتها اللوجستية والقيادية، وحسن اتخاذ القرارات في مختلف الظروف".
وتابع: "انطلاقا من هذا الواقع، فإن الجميع مدعو الى وضع رؤية مستقبلية لمواكبة ثورة "الذكاء الاصطناعي"، وكيفية استثماره وتطبيقه بما يتلاءم مع حاجاتنا وقدراتنا في مجالي التكنولوجيا والمعلوماتية. نعم أيها السادة، لقد جمع مؤتمر "الذكاء الاصطناعي في الأمن والدفاع" أكاديميين وباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الذكية من اثنين وأربعين دولة، إضافة الى البلد المضيف لبنان ملتقى الحضارات وجسر العبور بين الشرق والغرب، إنه لبنان جامع الأديان والبلد الرسالة، إنه مركز حوار الحضارات على ما أعلنه فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، راعي المؤتمر والمشجع الأول على التطور والتقدم وكل ما من شأنه إيصال وطننا الى بر الأمان".
وختم: "أيها الأصدقاء القادمون من كل أصقاع الأرض ومن البلدان الصديقة، نرحب بكم في وطنكم لبنان الذي يفخر باحتضانكم في مؤتمركم هذا، ونتمنى لكم طيب الاقامة، آملين في الاستفادة من خبراتكم وأفكاركم سعيا للتوصل الى نتائج علمية مفيدة للتطور والتقدم".
ثم ألقى الوزير بو صعب كلمة قال فيها: "يسعدني أن أرحب بداية بأصحاب المعالي والسعادة وبقائد الجيش العماد عون، وبالشخصيات الوطنية والدبلوماسية والعسكرية، وبالباحثين والأكاديميين وأهل الاختصاص، وبحجم المشاركة الدولية في هذا المؤتمر الضخم الذي يقام في لبنان، ما يعكس أهميته ومكانته المرموقة كمنصة رائدة لمناقشة مواضيع متعلقة بالذكاء الاصطناعي وتأثيره على استراتيجيات دول العالم كافة. يسرني أن أقف بينكم ممثلا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمناسبة إطلاق أعمال المؤتمر التاسع الذي ينظمه مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "الذكاء الاصطناعي في الأمن والدفاع"، والذي يهدف إلى تسليط الضوء على أهمية التكنولوجيا والبحث في سبل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز مستويات الدفاع والأمن والمؤسسات والمجتمع، فضلا عن الأطر القانونية والأخلاقية للتكنولوجيا".
أضاف: "ينعقد هذا المؤتمر، في وقت يشهد فيه العالم تغيرات جذرية ناتجة من الطفرة التكنولوجية الرقمية المتسمة بالتطور والابتكار المستمرين، وهو يندرج ضمن سياق الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لمواكبة هذا التطور من خلال تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها بأفضل السبل الممكنة لدعم الاستقرار والسلام في لبنان".
وأشار إلى أن "مؤسسة الجيش اللبناني هي العمود الفقري للوطن، وهي تأتي في طليعة المؤسسات الضامنة للأمن والاستقرار والمدافعة عن وحدة لبنان وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ومياهه، وهي أثبتت جدارتها وكفاءتها العاليتين في التصدي للارهاب والانتصار عليه، رغم إمكاناتها المحدودة"، وقال: "من هنا، وبالتعاون مع قائد الجيش العماد جوزاف عون وقيادة الجيش، وضعنا في سلم أولوياتنا إعلاء اسم الجيش اللبناني في لبنان والعالم، والعمل على إعادة هيكلته والسعي إلى تطويره وتحديثه بكل ما أوتينا من طاقات وإمكانات من خلال تحقيق الاستفادة المثلى من التطور التكنولوجي وتفعيل الابتكار وجعله جزءا من استراتيجيتنا وأهدافنا وعملنا اليومي لكي نتمكن من حماية لبنان من كل أنواع الأخطار المحتملة".
وأضاف: "اليوم، فرض التطور الرقمي والذكاء الاصطناعي على دول العالم كافة منظومة جديدة من العمل ونهجا جديدا من التحديات الأمنية والعسكرية التي لم تكن مألوفة، وذلك بسبب ما وصلت إليه التقنيات الحديثة من قدرة على تطوير الأسلحة وجعلها أكثر دقة وفتكا. وبالتالي، فإن شكل الحرب سيتغير في المستقبل ولم تعد المدرسة التقليدية في الدفاع تستطيع أن تواكبه".
وتابع: "لقد أصبح الذكاء الاصطناعي الاتجاه العام المتبع لدى معظم الدول، والركيزة الأساسية التي تعتمد عليها لرسم خريطة مستقبلها لا سيما أن الهجمات لم تعد تستهدف أفرادا كما في السابق، بل أصبحت تطال مؤسسات الدولة، الأمر الذي يحتم علينا زيادة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي لحماية بلادنا بشكل أكثر كفاءة وتسخير تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في الدفاع عن الوطن".
وختم: "تكمن أهمية هذا المؤتمر في تمحوره حول تطوير نظم الدفاع (Cyber Warfare) وآليات حماية النظم الحكومية في ظل الثورة الصناعية الرابعة وتعزيز مستويات الأمن من خلال عقد ورش عمل وتبادل الخبرات بين فعاليات عالمية متخصصة في هذا المجال. وفي الختام، أود أن أتوجه بالتقدير إلى قيادة الجيش ومركز البحوث والدراسات الاستراتيجية على العمل الدؤوب الذي تم القيام به. كما أود أن أشكر الهيئة الناظمة والجهات كافة التي أسهمت في إقامة هذا المؤتمر وإنجاحه".