حضر المؤتمر الذي قدّمته الإعلامية غادة العريضي وزراء: الشؤون الإجتماعية ريشارد قيوميجيان، التربية والتعليم العالي اكرم شهيب والصناعة وائل ابو فاعور، وحشد من السفراء العرب والاجانب، فادي ظريفة ممثلا رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، النواب: مروان حمادة، هنري حلو، بلال عبدالله، هادي ابو الحسن، النواب السابقون غازي العريضي، فادي الهبر، صلاح الحركة، علاء ترو وايلي عون، وزير التربية السابق حسن منيمنة، ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ميراي جيرار، نورا جنبلاط، مدير عام وزارة التربية فادي يرق، وشخصيات سياسية وحزبية وتربوية واجتماعية.
وتحدّث قيوميجيان، فقال: "أتوجه الى الرئيس وليد جنبلاط، هناك أحداث تحصل معنا في الحياة فنحتفظ بها لانفسنا الى ان يأتي الوقت المناسب لنبوح بها. ففي عز الحرب لم أخف اعجابي بكمال جنبلاط، السياسي والمفكر والفيلسوف، ولو ان اختلفت معه سياسيا، أنا الذي ترعرعت في منزل كان نموذجا في الانتماء الحزب اليميني الكسليكي الانعزالي، وفق التعريف الجنبلاطي آنذاك".
وأضاف: "القصة أن والدي ضبطني بالجرم المشهود وأنا أقرأ لكمال جنبلاط! وما زاد الطين بلة انه وجد بين كتبي كتابا لكارل ماركس وآخر عن السيرة الذاتية وفكر أنطون سعادة. انا فخور اليوم ان اقف هنا على منبر الحزب التقدمي الاشتراكي وقد يكون والدي انصفني اخيرا من عليائه ولكن الاهم اننا جميعا انصفنا كمال جنبلاط وها هي صورته ترفع في كل لبنان الى جانب صور بشير الجميل ورينيه معوض ورفيق الحريري والمفتي حسن خالد وجبران تويني وكل شهداء ثورة الارز. وها هو النظام الذي قتل كمال جنبلاط واللبنانيين، يقتل مئات الالاف من شعبه ويشرد ويهجر أكثر من عشرة ملايين نازح داخل سوريا وخارجها".
وتابع قيوميجيان: "نعم ذهبنا الى بروكسل وطالبنا بمزيد من الدعم للبنان وللدولة اللبنانية لنتمكن من ملاقاة أزمة متأتية من وجود حوالي مليون ونصف مليون نازح على أرضها". وأشار الى ان "هذا التمويل كان قائما منذ ثماني سنوات حتى عندما لم تكن "القوات اللبنانية" مشاركة في الحكومة"، سائلا: "على العكس حصل هذا التمويل وحصلت مؤتمرات بروكسل السابقة بموافقة حكومات شاركتم فيها بعشرات الوزراء فلماذا المزايدة الرخيصة اليوم.؟"
وأردف: "لنفترض أننا لم نأت بأي تمويل وتركنا الغرب بشأننا، فماذا تفعلون للتخفيف عن لبنان اعباء النازحين ودعم مجتمعاته المضيفة؟ نعم ذهبنا الى بروكسيل وطالبنا بعودة النازحين الى ديارهم، في كل لقاءاتنا مع أعلى المسؤولين الدوليين في الاتحاد الاوروبي والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين ومع مساعدي الامين العام للامم المتحدة، وطرحنا معهم سبل العودة والخطوات الواجب تحقيقها لانجاح هذه العودة التي باتت اليوم في سلم اولويات الغرب، ولكن ماذا فعلتم انتم غير المزايدة والشعبوية واستغلال عوز اللبنانيين والبطالة واللعب على الغرائز الطائفية؟".
وذكر بأنّ "حزب القوات" طرح، في مؤتمر صحافي، "مبادرة حل لعودة النازحين السوريين، فلم يسمع منهم لا انتقادا ولا تأييدا ولا حتى موقفا بل نعوتا صهيونية امبريالية بائدة".
وسأل قيومجيان: "تريدون عودة النازحين؟ ونحن نريدها. فعلوا مبادرة "حزب الله" الذي شكل لجانا للعودة لم تأت بأي نتائج بعد بل تبين بعد سنتين ان التغيير الديموغرافي قائم على قدم وساق في القصير والقلمون وكل غرب القلمون. فعلوا مبادرة الأمن العام اللبناني وعند اللوائح التي رفعها باسم طالبي العودة الخبر اليقين عن اسلوب النظام في انتقاء نسبة عائدين صغيرة لا تتعدى العشرين بالمئة ممن يقبل بعودتهم. تحركوا باتجاه المجتمع الدولي كما فعلنا نحن، واضغطوا على روسيا لتفعل مبادرتها وهي الأولى بالضغط على نظام مدين لها بالبقاء، واضغطوا على صديقكم وحليفكم بشار، وللبعض ولي أمركم بشار، وليبدي حسن النية وليدعو النازحين السوريين للعودة إلى ارضهم دون شروط وإجراءات وعوائق وقوانين تسرق الممتلكات والأراضي منهم".
وشدد على ان "كل الكلام حول عودة النازحين والتهديد بفرط الحكومة وكل التطبيل والتزمير ورفع السقوف لا يلغي حقيقة ساطعة يعرفها حلفاء النظام قبل أخصامه، وهي أن شروط العودة موجودة في سوريا وليس في لبنان"، مؤكدا "ان الظروف الافضل في سوريا تعني الشروط الافضل للعودة، وهذه الشروط ليست عند الحكومة اللبنانية ولا عند الأمم المتحدة أو الاتحاد الاوروبي بل عند النظام السوري الذي لا يريد عودة النازحين". وختم بالقول: "لا تدعوه يأخذ منكم تطبيعا يتيما ليعطيكم بالمقابل عودة زائفة، أو حتى لا عودة".
واعتبرت ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين ان "المؤتمر مهم وينعقد في الوقت المناسب"، وقالت: "لا يزال الوضع هشا في لبنان رغم انه حصل على الكثير من التمويل، لكنه لم يكن كافيا لتقليص المساعدات المتزايدة. هناك الكثير مما تم انجازه، فتمكنا من تأمين الغذاء والخدمات الصحية والتعليمية".
ورأت أنّ "الاستجابة للازمة السورية في هذه المنطقة أمر هام"، وقالت: "بات واضحا ان هذا العدد الكبير من النازحين مسؤولية لا تقع على عاتق الدولة المضيفة فقط، ويجب ان نستعد جيدا للتحديات الآتية"، موضحةً أنّ "ما قدمه مؤتمر بروكسل يؤكد اننا لن نتخلى عن الدول المضيفة، وقد بدأنا بتطبيق توصيات مؤتمر سيدر والبنك الدولي".
وأكّدت أنّ "الجهات المانحة ستستمر بالدعم لتخفيف اعباء النازحين عن الدول المضيفة"، لافتة الى ان "20 في المئة من النازحين في مخيمات في مناطق ريفية، وربما ليس كل النازحين، يحترمون شروط البيئة ونحن نحتاج الى المزيد من اجل تخفيف التوتر"، وقالت: "يجب العمل على تحسين جمع النفايات الصلبة لنوفر بيئة افضل للجميع، ولكن هناك مشاكل اخرى ومن المهم ان نحدد الاسباب خلف كل مشكلة".
وتابعت: "يجب ان نقوم بتحليل موضوعي مشترك لكي ننجح، والمساعدة الانسانية سوف تستمر في دعمها للقطاعات المختلفة، ولكن هل هذا الدعم سوف يجعل النازحين يبقون اكثر؟ ولكن وفق الاحصاءات فإن معظمهم يريدون العودة". وأعلنت ان "عملية اعادة البناء قد لا تكون كافية لجذب النازحين للعودة، ولذلك نعمل على تحديد الاسباب التي تساعدهم على العودة"، مشيرة الى ان "وصول المساعدات الى النازحين تشكل عنصرا من عناصر الثقة التي تساعد النازحين على العودة ويجب تأمين الكرامة لهؤلاء والعيش السلمي". وختمت: "يجب ان نبذل قصارى جهدنا لكي نقوم بتقديم استجابة جدية وعقلانية ومبنية على الوقائع وتكون ناجحة".
وألقى شهيب كلمة رئيس "التقدمي" وليد جنبلاط فقال: "منذ أن انطلق الشعب السوري الشقيق في انتفاضته السلمية للمطالبة بالعيش بحرية وكرامة، والحرب عليه مستمرة، مستمرة من النظام نفسه الذي ارتكب بحقه أفظع المجازر، أضيفت إليها التنظيمات الارهابية التي استولدها النظام واستخدمها في مواجهة صوت الشعب الذي نادى بقليل من الحرية والديموقراطية، فالرد كان: قمعا، سجنا وتهجيرا، وفي أغلب الأحيان قتلا وتنكيلا".
وأضاف: "منذ اليوم الأول رفعنا الصوت عاليا منددين بما يتعرض له هذ الشعب المكافح والمناضل، وأعلنا عن وقوفنا إلى جانبه سلميا لدعمه، وعملنا وما زلنا نعمل على توفير أفضل سبل العيش الكريم لمن تهجر منه إلى لبنان، رغم الضائقة الكبيرة التي نمر بها".
وأكد شهيب ثلاث ثوابت هي:
1. الدستور اللبناني واضح لجهة رفض التوطين وكل أشكاله.
2. كل القوى السياسية اللبنانية ترفض التوطين وتجمع من دون تردد على حق العودة الآمنة.
3. نؤمن بأن حق الشعب السوري بالعودة إلى أرضه وملكيته حق مقدس للحفاظ على النسيج الاجتماعي ووحدة الأرض السورية".
وقال: "منذ نشوب النزاع في سوريا، اعتقل النظام عشرات وأخفى الآلاف من السوريين الابرياء، وهذه الاعتقالات وأعمال التعذيب والقتل مستمرة حتى يومنا هذا، ولتأكيد رفضه لعودة من نزحوا أكانوا في الداخل أم إلى الخارج، أصدر النظام قوانين وأنظمة تؤكد نظرته في رفض العودة. إن مستقبل اللاجئين السوريين ليس في لبنان، بل في سوريا. الكل متفق على ذلك، لكن المشكلة ليست فقط في إعادة الاعمار والبنى التحتية، ولا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي، بل العائق الرئيس هو مناخ الخوف والظلم في سوريا".
وأعلن شهيب انه "بعد مصادرة الأراضي، وقوانين التجنيد الاجباري، والنظام القضائي الحزبي، تشير الاستطلاعات إلى أن 5% فقط من النازحين ينوون العودة إلى سوريا خلال العام المقبل". وقال: "إنها مأساة الشعب السوري ... تعب الموت ولم يتعبوا. أما آن لهذا الشعب أن يستريح وينعم بعودة آمنة ومستقرة".
وأكد أن "تعليم أولاد النازحين من وجهة نظرنا، واجب انساني اجتماعي يصب في مصلحة لبنان والنازحين على السواء. فبالتعليم نعزز ثقافة الحوار وقيم الاعتراف بالآخر. ونساهم في منع الشباب من الإنغماس في التطرف والعنف، ونجمع النازحين حول القيم الانسانية والعمل التنموي الذي سيساهم بلا شك في المستقبل ببناء سوريا ديموقراطية تعددية بعيدة عن حكم الحزب الواحد".
وقال: "أمام هذا الواقع، وما لمسناه من خلال اللقاءات التي عقدناها في لبنان وفي بروكسل الذي هو المصدر الوحيد لاعانة دول الجوار ومنها لبنان على تحمل عبء النزوح، إضافة إلى الاستطلاعات بين اللاجئين السوريين في دول النزوح، نجد أن أكثر من 83% من اللاجئين يرغبون في نهاية الأمر بالعودة، لكن 5% منهم فقط يريدون العودة خلال هذه السنة".
وأردف: "رسالة وزارة التربية في مؤتمر بروكسل كانت واضحة لناحية حث الدول المانحة على القيام بواجبها في دعم مشروع تأمين التعليم الجيد للأطفال والأولاد السوريين ودعم المدارس اللبنانية الحاضنة، والذي يوفر أعداد التلامذة النازحين في المدارس الرسمية وفي برنامج التعليم غير النظامي الذي يؤهلهم للالتحاق بالتعليم النظامي او دخول التعليم والتدريب المهني والتقني.
هناك 215 ألف طالب سوري يدرسون في لبنان بالتعليم الرسمي، و60 ألف في التعليم الخاص، وهناك برامج خاصة Non formal education للذين لم يلتحقوا حتى الساعة بالمدارس من أجل احتواء كل الأطفال والأولاد الذين هم دون ال 18 سنة من عمرهم".
وأعلن "ان وزارة التربية مستمرة في جهودها لتوفير دعم أكبر من الجهات المانحة، حتى نستمر بتوفير تعليم جيد، لأن المجتمع الحاضن يستهلك أيضا، كمدارس وإنشاءات ومعلمين، وهناك مواليد بنسبة عالية في لبنان من النازحين السوريين، وهم يحتاجون إلى الاحتضان والتعليم"، مشيرا الى أرقام مفوضية اللاجئين إلى تسجيل 175 ألف ولادة بين النازحين خلال السنوات الأخيرة، وعلى افتراض أن 30% منهم وصلوا إلى سن التعليم، فهذا يرتب أعباء إضافية على وزارة التربية وهذه النسبة ستتكرر سنويا خلال أعوام النزوح".
وقال: "هناك أطفال وأولاد يعانون من أوضاع نفسية نتيجة تفكك أسرهم، أو فقدان أحد أفرادها، لذلك هم بحاجة إلى رعاية خاصة، يضاف إليهم الاهتمام الخاص بالأطفال والأولاد من ذوي الحاجات الخاصة"، موضحاً أنّ "أرقام المفوضية العليا للاجئين التي توقفت عن تسجيل أرقام النازحين منذ العام 2015، تشير الى أن عدد النازحين السوريين الذين هم دون الثامنة عشرة من عمرهم، أي في سن التعليم، يبلغ حوالي 450 ألف نازح، فإذا كان نصف هؤلاء يتابعون تعليمهم، فإن من المقلق هو غياب أي معلومات تتعلق بالنصف الآخر ووجهتهم، فأين البديل؟".
اضاف: "إننا نعلن تأييدنا لأي مبادرة جدية لاعادة آمنة للنازحين اليوم قبل الغد، والمبادرة الوحيدة حتى اليوم هي المبادرة الروسية والتي نؤيدها، بحاجة إلى توفير مزيد من الضمانات التي تقنع النازحين بالعودة على المستوى الأمني والنفسي والقانوني".
وتابع: "طالما أن أزمة النزوح مستمرة، وقرار النظام بمنع العودة قائم ومطبق، آمل أن يبقى ملف التعليم بعيدا من التجاذبات السياسية اليومية، والعمل على استيعاب أولاد النازحين السوريين من هم خارج التعليم، حماية للبنان اليوم ولسوريا مستقبلا". وختم شهيب كلامه بالقول: "ببساطة، المشكلة هي النظام السوري وليس في صلاحيات الوزارات في لبنان".