أخبار عاجلة
بشأن وقف النار في لبنان.. رسائل بين واشنطن وطهران! -
أميركا: قصف منشأة لتخزين الأسلحة في سوريا -
بيان جديد لمصرف لبنان -

في لبنان داسوه كما يفعلون بأعقاب السجائر...وفي السويد ارتقوا به

في لبنان داسوه كما يفعلون بأعقاب السجائر...وفي السويد ارتقوا به
في لبنان داسوه كما يفعلون بأعقاب السجائر...وفي السويد ارتقوا به
بدأت القصة في العام 1988... آنذاك، منعت السويد التدخين خلال رحلات الخطوط الجوية الإسكندنافية الداخلية. وفي العام نفسه، بات التدخين ممنوعاً خلال كلّ الرحلات. في العام 1993، ولد أول قانون متعلق بالتبغ، فتمّ حظر التدخين في أماكن العمل بهدف خلق بيئة آمنة وخالية من أضرار السجائر. هذا في السويد، نُذكّر.

بعد عام واحد، لم تعد الأماكن المخصصة للتدخين في خارج المدارس موجودة. و"صارت سنة الـ 2000"، وطبعاً في أسوج، فمنعت شركة القطارات SJ التدخين على متن كلّ القطارات X2000، علماً أنّه كان على المدخنين الدخول إلى ردهات خاصة في القطارات عندما يريدون التدخين، منذ العام 1997. في العام 2005، ودّع السويديون التدخين في الملاهي الليلية وأماكن تقديم الطعام والأماكن الداخلية. وبعد عشر سنوات، تمّ حظر التدخين على المدرجات الخارجية لمترو أنفاق ستوكهولم! هذا في السويد، نُذكّر.

القصة لم تنته هنا، ولن. في بداية العام 2018، قدمت الحكومة اقتراحًا لحظر التدخين في أماكن عامة عدّة في الهواء الطلق، فما مضت سنة إلا وكان البرلمان السويدي قد وافق على القانون الذي ينُتظر البدء بتطبيقه مطلع شهر تموز المقبل. وبموجب هذا القانون الجديد، فلن يتمكن أحد من إشعال سيجارة، لا "تقليدية" ولا إلكترونية، أثناء تناول الطعام في الهواء الطلق، وكذلك في محطات الحافلات والقطارات والملاعب والمقاهي والمنتزهات السياحية المفتوحة... وقبل أن يحلّ العام 2019 الذي يبدو أنه سيكون صعباً على المدخنين وممتعاً بالنسبة إلى كارهي السجائر، فقد أعلن بعض شركات تأجير الشقق السكنية حظر التدخين في الداخل... وعلى الشرفات أيضاً! إنه السويد. البلد الذي وضع خطة للوصول إلى بلد خال من التدخين بحلول العام 2025، وانكبّ على تطبيقها!

ماذا عن لبنان؟!
يستدعي السؤال المقتضب والعميق البكاء أكثر من الضحك، على الرغم من نزعة اللبنانيين المتفاقمة مؤخراً في تحويل قضاياهم نكاتا وتعليقات ساخرة وحفلات ضحك وقهقهة على السوشيل ميديا.

"سجل" لبنان المتعلق بمكافحة التدخين مخز على رغم عدد الضحايا التي تسقط سنوياً بسبب الأمراض المُرتبطة بالتدخين (أربعة آلاف يموتون في لبنان سنوياً بحسب أرقام وزارة الصحةّ)، وعلى رغم توقيعه الاتفاقية الإطارية العالمية لمكافحة التبغ.

ففي شهر آب من العام 2012 صدر القانون رقم 174 بعد نضال خاضه ناشطون وجمعيات أهلية، وهو ينصّ صراحة على منع التدخين في كلّ الأماكن العامة المغلقة وأماكن العمل ووسائل النقل العام.

آنذاك، لم يتقبّل أصحاب المطاعم والمقاهي وسائر المرافق السياحيّة القانون برحابة صدر إذ اعتبروه سيفاً مسلطاً على رقاب الأرزاق والسياحة! لكن، أعطي هؤلاء مهلة لإعداد التجهيزات اللازمة لمنع الرواد من التدخين، وبدا في ذلك الوقت أن "رئة" لبنان ستتغيّر بفضل الحماسة التي تمظهرت حينها والعزم على تطبيقه.

لم يمرّ وقت طويل قبل تحوّل القانون مجرد حبر على ورق، حاله حال قوانين أخرى في السراديب وغياهب النسيان. هو وقت قصير جداً. شهورٌ تعدّ على أصابع اليد الواحدة. إخفاق فاضح في تطبيق قانون يُعنى بالسلامة العامة، وتباعاً بالفاتورة الصحية والاقتصاد اللبناني. من المسؤول؟!

إنها حتماً مسؤولية مشتركة، يقول البعض. ثمة من وجّع أصابع الاتهام إلى الشعب اللبناني المبتلي بثقافة "شو وقفت عليّ" و"المبدع" في القفز على القوانين، أو بالأحرى، "المتألق" في الدوس عليها بأصابع أرجله. وثمّة من لام المؤسسات السياحية والمنتفعين من دخان السجائر والنراجيل باعتبار أنهم اتحدوا فشكلّوا ما يشبه "اللوبي" الذي نجح في إطفاء "نيران" قانون الحدّ من التدخين.

لكن هل حقاً من يصدق ذلك؟! هل إنّ المسؤولية مشتركة فعلاً؟!

قد يكون في العودة إلى "CV" السويد المتعلقة بالتدخين بعض إجابات وخلاصات. أما من يقرأ التعليقات التي راح يكتبها بعض السويديين عقب التدابير الأخيرة (منع التدخين في الشرفات المنزلية، أو منع التدخين في المزيد من الأماكن العامة المفتوحة)، فلربما يجد إجابات أكثر وضوحاً!

والحال أنّ البعض في الدولة الاسكندينافية لم يتقبل "الارتقاء" بالقوانين المتعلقة بمكافحة التدخين إلى الحدود التي وصلت إليها، فكتب أنّ هذه الإجراءات تنمّ عن ديكتاتورية وانتهاك لحقوق الفرد في فعل ما يشاء سيّما وأنه لا يؤذي غيره، وأنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية بفعل التشدد والقمع.

ومع هذا، مضت السلطات السويدية وتمضي في تطبيق خطتها البعيدة المدى، من دون أن تكترث كثيراً للاعتراضات والمواقف المناهضة، بل إنها تضرب بيد من حديد لتطبيق القوانين والقرارات، وما على الشعب إلا أن ينفذ، ولو اعترض!

تبدو الخلاصة، وإن لم يوافق عليها البعض أو يتبناها، واضحة: إنها مسؤولية الدولة. أولاً، وأساساً. دولة لبنانية لا تكترث أصلاً لوضع خطط طويلة الأمد، وإن وضعتها فللشكل والتباهي ليس إلا. يحصل هذا في مختلف القطاعات. لا خطط واستراتيجيات في ملف إدارة النفايات. ولا في إنتاج الكهرباء. ولا للتخلص من زحمة السير والحفاظ على السلامة العامة. ولا في محاربة التغيّر المناخي. ولا في تطوير الاقتصاد.

إنها دولة تضع قوانين وتعمل على تطبيق بعضها باستنسابية. وليس قانون الحدّ من التدخين إلا مثالاً. الدولة، هي من داست عليه كمدخن يدوس على أعقاب سجائره. إنها مشكلة، بل معضلة عميقة، عناوينها الفساد والاستلشاق والإهمال والتراخي واللامسؤولية. أما عواقبها، فخوفٌ حقيقي من أن تستحيل هذه الدولة، دخاناً مضرّاً يتبدد في العراء الملوّث، كدخان نراجيل وسجائر تنفث في مطعم يكتظّ بالناس

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أميركا للبنان: أعلنوا وقف إطلاق النار من جانب واحد!