واستهل أبو فاعور كلمته، قائلا: "إن هدفي من هذا اللقاء اليوم، هو واضح، وهو أن نقدر أن نصل إلى قناعة مشتركة، حول كيفية التعاطي مع مسألة مهمة جدا، لحياة أبناء البقاع ولحياة اللبنانيين. وأنا حاضر هنا اليوم، بصفتي وزيرا للصناعة، وأيضا بصفتي نائبا عن أبناء هذه المنطقة، التي نحن معنيون بها وبأبنائها وبكل اللبنانيين، لأن ما يجرى على ضفاف الليطاني، لا يعنى به فقط أبناء البقاع، بل يتأثر به معظم اللبنانيين. وبالنسبة إلي، هذا الأمر يرقى إلى حجم المهمة الوطنية".
أضاف: "إن رغبتي في عقد هذا اللقاء، هي للاستماع أكثر من الحديث، لأنني من المعنيين والمهتمين في فترة من الفترات، في مسألة تلوث نهر الليطاني، وأعرف معاناة أبناء هذه المنطقة، وأعرف المعدلات العالية من مرض السرطان، كما أعرف نوعية الحياة السيئة، التي يعيشها المواطنون. كما كان لدي تجربة، كوني كنت وزيرا سابقا للصحة، ومن خلالها قمنا ببعض الفحوصات، لبعض الأصناف والمزروعات والمياه، في بعض المناطق، واكتشفنا ما يندى له الجبين، ولطالما كنت أسمع أن نهر الليطاني، كان سابقا، مصدرا لمياه الشفة للاهالي، وكان القمح يصول فيه، وكانت مياهه عذبة ونظيفة وشريانا للحياة، لكن للاسف نتيجة للانفلات وغياب الرقابة وبعض الجشع، وعدم وجود إدارات فاعلة للدولة، على مدى تراكم السنوات، تحول نهر الليطاني من نعمة إلى نقمة، على أبناء المنطقة وعلى اللبنانيين".
وتابع: "في حديث مع الزملاء الصناعيين، باعتباري وزيرا للصناعة، أؤكد أن مهمتي الأساسية هي دعم الصناعة، وأنا أعتبر أنه تاريخيا، لم تحظ الصناعة بالمكانة، التي كان يجب أن تحظى بها الصناعة، في نظر السلطة السياسية في لبنان، ومع بدايات الكيان اللبناني، مع الأمير فخر الدين المعني الثاني، بدأت الصناعات وبدأ التصدير في صيدا مع خان الفرنج، ومع الوقت تحول خان الافرنج وتحولت معه الموانئ والمرافئ والسواحل اللبنانية، إلى مكان للاستيراد، وليس مكانا للتصدير".
ورأى أن "الذي يجري اليوم، أن هناك ظلما كبيرا يلحق بالقطاعات الإنتاجية في لبنان، سواء في القطاع الزراعي، أو الصناعي، أو غيرهما من القطاعات الإنتاجية، لأن هناك نظرية سادت في البلد في السنوات الماضية، تقول بإعطاء الدفع والدعم للقطاعات الخدماتية والقطاعات التجارية والريعية، على حساب القطاعات الإنتاجية"، لافتا إلى أن "هناك بعض الدول، التي تقوم بشراء قطعة أرض في غير دول، التي تزرع فيها، لكي تحفظ أمنها الغذائي، بينما نحن لا نقوم بالحفاظ على الزراعات الموجودة في بلادنا، وهناك دول تقوم باستثمارات في دول أخرى، لإنشاء مصانع، لكي تحافظ على أمنها الصناعي وعلى إمكاناتها الإنتاجية، فيما نحن لا نحافظ على الصناعات الموجودة بين أيدينا".
وقال: "أنا أعلن بصراحة، أننا كحزب تقدمي اشتراكي في وزارة الصناعة، من دعاة دعم الصناعة والزراعة اللبنانية، الدعم المالي وغير المالي للصناعة اللبنانية، وعندما أقول حماية، أنا أعني ما أقول. فالحماية لها أصولها، هناك لجان بين وزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة والزراعة، مهمتها تصنيف ودراسة السلع والبضائع والمنتجات، التي تتعرض لعملية إغراق، ولا يكفي التهويل على الصناعيين والزراعيين وعلى وزيري الصناعة والزراعة، بأن هناك اتفاقيات"، سائلا: "هل الدول الموقعة على اتفاقيات مع الدولة اللبنانية، تلتزم بهذه الاتفاقيات؟ بالطبع لا. هل هناك تعامل شريف مع الصناعة والزراعة اللبنانية والإنتاج اللبناني، من قبل كل الأطراف الإقليميين والدوليين؟ أيضا الجواب هو لا. حتى إذا كانت الاتفاقات أحيانا، تسمح بالتصدير، يتم اختراع آليات غير قانونية ذكية، لإعاقة التصدير اللبناني، مرة تحت ذريعة المواصفات، ومرة أخرى، تحت ذريعة غير المواصفات، وبالتالي فإن القطاعات الإنتاجية اللبنانية، ليست في موقع المنافسة الشريفة مع الصناعات والزراعات، التي تأتي إلى لبنان. وهناك استباحة للقطاعات الإنتاجية في لبنان".
أضاف: "طبعا هذا الأمر، يقتضي معركة كبرى، وقد أرسلت كتابا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الأسبوع الماضي، أولى قرارات حماية لخمسة أصناف لبنانية، تحتاج إلى الحماية، لأنها تتعرض للاغراق، وقمت بزيارة رئيسي الجمهورية والحكومة ورئيس مجلس النواب، وطلبت منهم المؤازرة والدعم، وطلبت إدراج هذا الأمر، على أول جلسة لمجلس الوزراء، لإقرار أول سلع تحتاج إلى الحماية الفعلية، أي الحماية القانونية".
وتابع: "كذلك الأسبوع الماضي، قابلت رئيس مجلس الوزراء، الذي لمست منه كل الدعم، وأرسلت كتابا أطالب فيه، إعطاء الصناعات اللبنانية الأفضلية في المناقصات العمومية، التي تجري في الدولة اللبنانية. هناك أكثر من مرسوم صادر عن الحكومات اللبنانية، آخرها مرسوم صادر في عام 2012، الذي يقضي بأنه يجب إعطاء الأفضلية في المشتريات المحلية العامة والمناقصات العمومية، التي تجري في الدولة اللبنانية، للصناعات اللبنانية، وهذا الأمر لا يطبق".
وأردف: "أرسلنا كتبا إلى رئاسة الحكومة ودائرة إدارة المناقصات وإلى ديوان المحاسبة وإلى مجلس الإنماء والإعمار، إلى الجيش اللبناني وإلى كافة الأجهزة الأمنية، إلى مجلس الجنوب وإلى كل الإدارات، التي تخضع لإدارة المناقصات، أو لديها هياكلها الخاصة للمناقصات، بأن تلتزم بهذا القرار، كما طلبت من الرئيس الحريري، أن يعقد اجتماعا، ووعدني بعقده في الأسبوع المقبل، لكل هذه المؤسسات والإدارات، ولمصالح المياه، حيث يتم الاتفاق من خلاله، على آلية، للالتزام أو إعطاء الأفضلية للصناعات اللبنانية، إلى حدود فارق 10 إلى 15 بالمئة، بفارق الأسعار من قبل الإدارات المتعددة، كذلك هناك مشروع أعده الوزير السابق الدكتور حسين الحاج حسن، لدعم الطاقة للمصانع اللبنانية، دعما مختلفا لأربعين مصنع تستهلك الطاقة كثيرا، وهناك مصانع تستهلك أقل، وهناك معادلة وضعت في الإدارة، سنرفعها أيضا إلى مجلس الوزراء".
واستطرد: "كل هذه الإجراءات وغيرها، جلسنا مع إدارة المرفأ الأسبوع الماضي، ومع جمعية الصناعيين، حيث تم الاتفاق على تخفيض الرسوم، رسوم الاستيراد والتصدير على الصناعيين، إضافة إلى مواد جديدة، لتخفيض الرسوم عليها، غير المواد التي كان متفقا عليها سابقا، بتخفيض رسومها، وما نتعهد به كحزب موجود في هذه الوزارة، وخاض غمارا كبيرة، لأجل أن يكون في وزارة الصناعة، لأنها ستلقى الدعم الكافي واللازم، ونحن نعرف أن هناك معركة سياسية، يجب أن تخاض، لتغيير بعض النهج، وبعض العقلية الاقتصادية، التي تتعامل مع القطاعات الإنتاجية كلزوم ما يلزم".
وقال: "ولكن في الوقت نفسه، في جلساتنا مع جمعية الصناعيين، اتفقنا على معادلة ذهبية، أن للصناعين علينا حق الدعم الرعاية والحماية، تأمين كل المستلزمات النهوض الصناعي، لرفع مساهمة الصناعة في الناتج الوطني، لكن في المقابل، لنا عليهم بعض الأمور، أولها حقوق العمال، التي لا يجب أن تتعرض إلى أي افتئات، وتأمين كل الضمانات الاجتماعية والحقوق المشروعة للعمال، يجب المحافظه عليها، ولنا على الصناعيين وتحديدا في الصناعات الغذائية، سلامة الغذاء وجودة المواصفات، بما يعني الصحة، ولنا عليهم ثالثا، مسألة حماية البيئة، وهنا يتطرق موضوع تلوث نهر الليطاني، وهذا الموضوع إلى هنا، لكي استمع من الصناعيين، ولكن أيضا، لكي أعلن عن قرار حاسم، بأن قرار وزارة الصناعة، هو أن يكون في وقت قريب جدا، نصل إلى حالة صفر بالمئة تلوث صناعي في مياه نهر الليطاني"، متمنيا على "الإخوة الصناعيين، أن يتقبلوا الأمر وأن يعملوا على أساسه".
وقال: "لقد شكلنا فريقا مشتركا بين وزارة الصناعة وبين مصلحة مياه الليطاني. أعرف أن هناك إشكالات وقعت مع هذه المصلحة، التي تعمل بجهد كبير، لأجل تنظيف مجرى هذا النهر وحمايته بيئيا. ونحن سنتعاون مع مصلحة الليطاني بشكل كبير جدا، ولكن أتمنى على الإخوة الصناعيين، أن يعرفوا أن ما مضى قد مضى، ونحن في زمن جديد، لن تقبل فيه وزارة الصناعة، أن يستمر التلوث الصناعي في نهر الليطاني. أنا مستعد لكي أتفهم الاعتبارات الموضوعية، بمعنى المهل الزمنية لتركيب محطات التكرير ضمن المعقول، لكن وزارة الصناعة ليست في وارد تفهم الاعتبارات غير الموضوعية، وسوف تتخذ إجراءات قاسية، وبكل حرص على الصناعة، لأنه لا يمكن أن نستمر بتلويث الليطاني".
أضاف: "وقد يقول البعض، إن هناك أسباب تلويث أخرى لليطاني، مثل المستشفيات ومؤسسات أخرى وبلديات، أنا لا أحمل المسؤولية فقط على الصناعيين، ولا أضع العبء كاملا على الصناعيين، ولكن من موقعي الوزاري، أتصرف في القطاع الذي هو من مسؤوليات، أنا أعرف أن هناك مهلا أعطيت من وزاره البيئة، وبعض هذه المهل تم تجاوزها. المؤسسات الصناعية من الفئة الأولى، كان مفترض أن تنتهي في أواخر 2018، نحن الآن في شهر شباط 2019. الفئة الثانية، حتى أواخر العام 2019. أما الفئة الثالثة في أواخر 2020، وبصراحة، إن وزارة الاقتصاد، ليست ملتزمة بهذه المهل، مع التقدير والاحترام والجهد لوزير البيئة السابق، ولما قد يكون من رأى إلى معالي وزير البيئة الحالي، لأن هذه المهل مطولة جدا، ويجب أن يتم الاتفاق على مهل جديدة وسريعة، وأتأمل أن أصل معكم في وقت قريب جدا، لأن الصناعة اللبنانية، تعطي المثال الناصع، بأنه تم رفع جميع التعديات عن نهر الليطاني، لأنه واجب قانوني، واجب أخلاقي وواجب بيئي، وأيضا واجب اتجاه أنفسنا. فنحن نعيش بجانب الليطاني، ونحن من نتضرر منه، ومن يضمن صحته وصحة عائلته هو نحن، فنحن جميعا معرضون، ونحن نقوم بهذا الجهد لأنفسنا ونسدي هذه الخدمة لأنفسنا، وليس لأي طرف آخر".
وختم "هناك أنواع من المؤسسات الخاضعة لسلطة وزارة الصناعة، لمسألة رفع التعديات، لا تكبد أصحابها أي كلفة، ولا تحتاج إلى الوقت. أنا لا أميز بين صناعات كبرى وصناعات صغرى، لكن هناك مؤسسات صغيرة، يجب أن ترفع الضرر فورا، وإلا سيتم اتخاذ إجراءات بحقها، فمن غير الطبيعي أن يقوم أصحاب المسالخ ومناشير الحجر، برمي نفاياتها في النهر، وهناك مؤسسات تلوث الليطاني، وأنا على استعداد لاتخاذ أي قرار".
ضاهر
من جهته، قال ضاهر: "أنا كنائب عن المنطقة، كما تهمني صحة المواطن، كذلك تهمني صحة الوضع الصناعي".
وإذ أكد أن "هناك تشويها متعمدا للصناعة اللبنانية"، سأل: "لماذا لا تتم معالجة القضايا في القضاء، بدلا من أن تتم عبر الصحافة وفي الإعلام؟"، معتبرا أن "هذا ضررا يشوه الصناعة اللبنانية".
وقال: "علينا أن نأخذ بالاعتبار، أن هناك مؤسسات صناعية صغيرة، وهذه المؤسسات الصغيرة معرضة للاقفال، مثل مصانع الحليب"، طالبا "إقامة محطة مركزية، حيث يطلب من أصحاب مصانع الحليب، شراء سيارات صغيرة لنقل النفايات إلى المنطقة، لأنه اليوم، حين يطلب من أصحاب المزارع الصغيرة تركيب محطات تكرير، فنكون بهذا القرار، قد أعدمنا هذا القطاع، لأن هناك تركيزا كبيرا على قصة الصناعيين في تلوث نهر الليطاني".
أضاف: "هناك مجاري مياه الصرف الصحي لحوالي مليون ونصف مليون شخص، تدار إلى حوض الليطاني، أضف إليهم مخيمات النازحين السوريين، واليوم أنا كمسؤول ونتيجة عجز الدولة عن تأمين محطات مركزية لمعالجة الصرف الصحي، أصبح الصناعيون، كبش محرقة، عوضا عن توجيه اللوم إلى مكان آخر".
وختم "أنا مع تنظيف مجرى الليطاني من الملوثات الصناعية، لكن في المقابل، لا يجوز تحميل الصناعيين عبئا أكبر منهم، نتيجة عجز الدولة المتراكم منذ عشرات السنين".
مداخلات
وكانت مداخلات لرؤساء البلديات، الذين أكدوا أنهم "عاجزون عن إيجاد حل لشبكات الصرف الصحي، وما طالبنا به القضاء، أمر غير قابل للتطبيق".
وقدم صناعيون مداخلات، عما يعانوه من "مظلومية" حيث تحولوا إلى "مطلوبين للعدالة، ويتم تبليغنا بمذكرات جلب".
وتحدث صناعييون آخرون عن "التهويل والإساءة إلى التشهير بمؤسساتنا الصناعية، عدا الرسوم التي نتكبدها، ونوعية الفحوصات المخبرية، وقيماتها المالية المرتفعة".
ووعد أبو فاعور ب"معالجة هذه الأمور"، في المقابل شدد على الصناعيين ب"ضرورة المباشرة، بدءا من اليوم، بمعالجة سليمة لصناعاتهم"، مؤكدا "أريد صفر تلوث صناعي، ولن أنتظر معالجة الضرر، بل يجب توقيفه، ومن ثم إكمال الإنتاج الصناعي"، لافتا إلى أن "موضوع المهل، سيعاد النظر فيه، وسيتم استبداله بمهل قصيرة المدى".
وردا على سؤال خلال مداخلة لأحد الصناعيين، عن "تأمين موقع من قبل وزارة الصناعة لرمي النفايات العضوية"، أكد أبو فاعور أن "تأمين مكان رمي البقايا الصناعية، هي من واجبات صاحب المعمل، فلن نقبل بعد اليوم برمي النفايات في النهر، وإلحاق الضرر بالناس، فيما يجني أصحاب المعامل الربح على حساب صحة المواطن".