فيما تقبع تلك المجموعات، بين سندان تركيا ومطرقة داعش، في وقت سعت الى فتح قنوات الحوار مع حكومة دمشق، من دون نتائج ملموسة حتى الساعة.
اما على الخط الأميركي، فيبدو أن واشنطن بدأت تسحب البساط من تحت قدمي "شركائها" الأكراد، تمهيداً لتسوية تريح الجانب التركي بالحدّ الأدنى.
واشنطن تتنصل من التزاماتها!
فقد أعلن قائد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي تقاتل داعش في العراق وسوريا الجنرال بول لاكاميرا، أن الولايات المتحدة ستضطر لوقف مساعداتها العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والتي تقاتل تنظيم داعش في حال تحالف مقاتليها مع الرئيس السوري بشار الأسد أو روسيا.
وقال القائد العسكري الأميركي "سنستمر في تدريبهم وتسليحهم إذا بقوا شركاء لنا"، مشيداً بانتصاراتهم الصعبة ضد داعش.
وتسلّط تصريحات الجنرال الأميركي الضوء على القرارات الصعبة التي تواجه قوات سوريا الديمقراطية مع استعداد واشنطن لسحب قواتها من سوريا.
وسعى قادة أكراد سوريون إلى إجراء محادثات مع حكومة الأسد بغية حماية منطقتهم التي تتمتع بحكم ذاتي بعد انسحاب القوات الأميركية الداعمة لهم حاليا.
ويخشى الأكراد التعرض لهجوم من تركيا المجاورة التي هددت بسحق وحدات حماية الشعب الكردية. ولا تميز الحكومة التركية بين الوحدات وحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمرداً داخل تركيا.
الأكراد يطالبون بـ"قوة دولية"
ودعا الأكراد السوريون اليوم الاثنين، الدول الأوروبية إلى "عدم التخلي عنهم" عندما يتم القضاء على تنظيم داعش وإلى المساهمة في تأسيس قوة دولية في شمال شرق سوريا في مواجهة تركيا.
وحذّر ألدار خليل أحد أبرز القياديين الأكراد من أن "تلك الدول لديها التزامات سياسية وأخلاقية إذا لم يفوا بها، فهم يتخلون عنا"، داعياً فرنسا العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي خصوصاً، إلى أن تعمل لصالح نشر قوة دولية في سوريا فور انسحاب القوات الأميركية منها.
غزوة أوروبا!
وفيما يبدو أن قوات سوريا الديموقراطية تتأهب لانتزاع السيطرة على آخر معقل لتنظيم داعش في سوريا، في ظل القرار الأميركي بالانسحاب من البلاد، يلحّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب على فرنسا وبريطانيا وألمانيا لاستعادة أكثر من 800 مقاتل من التنظيم تم اعتقالهم، من أجل محاكمتهم في بلادهم.
الا أن فرنسا لن تنصاع الى طلبات ترامب، وفق ما أعلنت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه، مشيرة الى أن بلادها لن تتخذ أي إجراء في الوقت الحالي بناء على دعوة ترامب، وستعيد المقاتلين على أساس مبدأ "كل حالة على حدة".
وقالت بيلوبيه إن "هناك وضع جيوسياسي جديد في ظلّ الانسحاب الأميركي. ولن نغير سياستنا في الوقت الحالي... لن تستجيب فرنسا في هذه المرحلة لمطالب ترامب".
وتقضي سياسة الحكومة الفرنسية برفض استعادة المقاتلين وزوجاتهم رفضاً قاطعاً. وأشار إليهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان باعتبارهم "أعداء" الأمة الذين يجب أن يمثلوا أمام العدالة سواء في سوريا أو العراق، لكن وزير الداخلية كريستوف كاستانير أعلن في أواخر كانون الثاني أن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا أجبر فرنسا على الاستعداد لعودة عشرات المتشددين الفرنسيين الذين تحتجزهم قوات سوريا الديموقراطية.
بدورها، أعلنت ألمانيا أنه من حق كل مقاتلي تنظيم "داعش" الذين يحملون الجنسية الألمانية، العودة، رغم أنها كانت قد ردت بفتور على مطالب ترامب وقالت إنها لا يمكن أن تستعيد مقاتلي التنظيم إلا بعد زيارات قنصلية.
ونقلت "رويترز" عن كبير المتحدثين باسم الحكومة قوله، إن ألمانيا تجري مشاورات عن كثب مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فيما يتعلق بالمواطنين الأوروبيين هناك.
وأكد المتحدث باسم الداخلية أن "كل المواطنين الألمان ومن بينهم من يشتبه في ارتباطهم بتنظيم داعش لهم حق أصيل" في الوجود بألمانيا.
تزامناً، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أن السلطات الكردية في الشمال السوري لن تطلق أسرى "داعش" وعلى دولهم العمل على إعادتهم، مشيرة الى أن معتقلي داعش بمثابة قنبلة موقوتة وقد يفرون بأي هجوم.