بعدما كان الاحتفال بعيد الحب في الموصل جريمة عقابها الإعدام بأحكام تنظيم داعش، يصر أهالي ثاني أكبر مدن البلاد اليوم على تغيير رمز اللون الأحمر من الدم إلى الفرح.
تؤكد الشابة رفل فتحي (22 عاما) التي جاءت إلى السوق لشراء دمية حمراء وورود، وابتسمت حين سؤلت إذا ما كانت لحبيبها، أنها تريد "توجيه رسالة إلى العالم بأن الموصل تغيرت".
وتضيف الطالبة الجامعية التي كانت ترتدي عباءة سوداء ستبدلها مساء لارتداء ثياب العيد أن المدينة "أصبحت بخلاف ما كانت تعيشه أيام داعش من تشدد وتقييد للحريات. أنا على قناعة بأن غالبية الأهالي سيحتفلون بهذه المناسبة".
وأعلنت القوات العراقية في العاشر من تموز الماضي استعادة مدينة الموصل بعد تسعة أشهر من المعارك الدامية قبل ان تفرض سيطرتها نهاية آب على كامل محافظة نينوى.
ولم تمنع الأمطار والطقس البارد الناس من ارتياد الأسواق والمحال التجارية في الجزء الشرقي من المدينة، الذي اصطبغ باللون الأحمر للدمى والورود والبالونات على شكل قلوب، وسط انهماك الباعة بإعداد الهدايا داخل متاجرهم.
يقول قصي مال الله (50 عاما) في متجره في شرق الموصل، إن "هناك حركة كبيرة، الغالبية تأتي لشراء الورود لأن أسعارها في متناول اليد. أكثر الزبائن هم من النساء والفتيات".
"الأيمن حبيب الأيسر"
لكن اليوم، يبيع حسن الازهار والهدايا على الملأ، بعدما عادت المدينة نسبيا إلى سابق عهدها، فصارت الساحات التي كانت مكانا لتنفيذ أحكام الإعدام، مزارا للطامحين إلى نشر مفاهيم الحب.
في سوق النبي يونس التجاري، تجمهر عدد من الشبان ورقصوا على وقع أنغام آلات موسيقية تعزف أغان موصلية.
يقول الناشط المدني محمد معن زكريا (28 عاما) إن "هذه أول مرة نحتفل فيها هكذا، المدينة بحاجة للفرح والسعادة".
ويضيف "في النبي يونس كان داعش يقوم باعتقالات وإعدامات، والآن صارت سوقا للفرح".
ولكن رغم ذلك، يخفي بعض الناس مظاهر الفرح، حرصا على مشاعر ذوى الضحايا الذين قتل أبناؤهم وأفراد عائلاتهم في ظل حكم الجهاديين أو خلال المعارك لاستعادة المدينة.
يقول الشاب هشام حمدون (28 عاما) إن "الدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية في محافظة نينوى، ومقتل الآلاف من أبناء المحافظة جعل البعض لا يحتفل بعيد الحب بشكل غير علني".
لكن رغم ذلك، يعتبر حسن أن "علينا محاربة أفكار داعش وبقايا آثاره، على كل شخص من أبناء الموصل شراء وردة حمراء".
ورغم عودة الحياة تدريجيا إلى الضفة الشرقية من المدينة، لا يزال الجزء الغربي منها حيث المدينة القديمة، يفتقد لمقومات الحياة، بعدما صار أطلالا وتلالا من الدمار بفعل العمليات العسكرية.
وكانت منطقة الموصل الغنية بالنفط تعتبر مركزا تجاريا كبيرا يقع على مفترق شبكة طرق سريعة في شمال العراق تربط العراق بسوريا غربا وبتركيا شمالا. لكنها كانت بشكل عام معارضة لحكومة بغداد منذ سقوط نظام صدام حسين في أعقاب الغزو الأميركي في العام 2003.
وقبل دخول تنظيم داعش في العام 2014، فرضت جماعات متطرفة قوانينها في مناطق معينة لم تكن القوات العراقية قادرة على الدخول اليها.
ولهذا، اقترح حسن أن يشتري "كل موصلي وردة أو هدية ويضعها أمام بيت أو متجر في الساحل الأيمن (غرب) المدمر، لأنه حبيب الساحل الأيسر (شرق)".