نظمت جمعية "نساء المستقبل" ندوة لمناسبة الذكرى الثالثة عشرة على استشهاد الرئيس رفيق الحريري في مسجد محمد الأمين، برعاية السيدة نازك الحريري ممثلة بالسيدة هدى طبارة وحضور الرؤساء سعد الحريري ممثلا بالنائب باسم الجسر، حسين الحسيني، فؤاد السنيورة ووزراء.
وقال السنيورة: "أتحدث عن رفيق الحريري ولا يمكنني أن أفيه حقه. فلقد كان رفيق الحريري ظاهرة استثنائية بكل ما للكلمة من معنى.
أول ما كان يميز هذا الرجل، الذي كانت خسارتنا به في لبنان ودنيا العرب كبيرة جدا، أنه كان مثالا للايثار، حيث كانت الأولوية لديه التفكير بلبنان واللبنانيين أكثر من التفكير بنفسه. كان يفكر بمدينته صيدا وبشباب لبنان ومستقبل أجياله وبالشعب اللبناني بشكل عام ويسعى من أجلهم".
وتابع: "كانت رؤية رفيق الحريري ترتكز على أن ثروة لبنان الحقيقية هي في إعادة بناء قدرات اللبنانيين وبناء الإنسان اللبناني الذي سيتولى هو إعادة بناء وطنه. ولذلك كان شغله الشاغل تعليم الشباب والشابات الذين سيكون لبنان بحاجة إليهم وإلى قدراتهم وطاقاتهم وعلمهم الحديث والنافع. ولهذا كان يبعث أفواج الشباب الى مختلف الجامعات في لبنان والجامعات الأخرى في مختلف أرجاء الدنيا لكي يعودوا الى عائلاتهم مزودين بالعلم الحديث والكفؤ والنافع، وليكونوا منارات خفاقة بالعلوم الحديثة والثقافة المتفتحة على آفاق التفكير الرحب والواعد من أجل الإعداد للتلاؤم مع مقتضيات وحاجات المستقبل".
وقال: "لقد كان المدخل الجديد لإعادة البناء الوطني عنده إذا يستند إلى أمور ثلاثة: التنمية الإنسانية والاقتصادية والعمرانية، والتعليم المتلائم مع حركة العصر ومع حاجات لبنان وشعبه من أجل تحقيق النهوض المنشود. وهاتان ميزتان للبنان، يجمع عليهما اللبنانيون. أما الأمر الثالث فهو البناء السياسي باعتباره أبرز تجليات العيش المشترك. إذ إن اللبنانيين طمحوا دائما لإقامة الدولة السيدة والقوية والعادلة والمستقلة التي تستطيع أن تحملهم إلى المستقبل الواعد".
واشار الى أن "رؤية الرئيس الحريري كانت في أن الأزمة يجب أن تنتهي يوما ولا يمكن أن يبقى لبنان في قلب الأزمة الطاحنة، ولهذا كان يرى أن على اللبنانيين أن يعملوا للخروج من هذا الأتون المدمر، وأن عليهم التحضر لكي يكونوا على أهبة الاستعداد للانطلاق مجددا نحو التلاؤم مع محيطهم العربي ومع العالم من حولهم، بحيث يشكلون هم ووطنهم لبنان قيمة مضافة لهم ولمحيطهم العربي وللعالم".
اضاف: "لقد كان لرفيق الحريري، كما يعرف كل الذين شاركوا في الطائف الدور الكبير ولو من خلف الكواليس لإنجاز هذا الاتفاق عبر المشاركة في تحضير الصيغ والمقترحات والنصوص التي جرى إعدادها تحضيرا للاجتماع".
واشار الى انه "حين انطلق الرئيس الحريري في عمله ومسؤولياته السياسية والحكومية، كانت الورشة التي أطلقها كبيرة بل هائلة. لكن الصعاب التي واجهته كانت كبيرة وكبيرة جدا. فمن احتلال وتهديد إسرائيلي إلى مشكلات دائمة مع الوجود السوري، ومعاناة شديدة من تدخلات ومكائد النظام الأمني السوري اللبناني، إلى مجالدة المشكلات السياسية المحلية والمشكلات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت تعصف بلبنان من كل حدب وصوب. فهو كلما كان ينجح في تخطي حاجز أو مشكلة، كانت، وبقدرة قادرة، تنتصب أمامه حواجز ومشكلات، ولكن لم يكن ذلك ليضعف من همته ولا ليؤثر على عزيمته وجلده وإصراره وصبره ومثابرته على استيلاد الحلول من رحم المشكلات".
وشدد على انه "من الطبيعي عدم الاستسلام لأولئك وأن يستمر السعي مع الأمل أن يتعزز التمسك بالإنجازات التي عمل الرئيس الشهيد من أجلها وأهمها الحفاظ على الطائف والدستور والدولة المدنية الحرة المستقلة السيدة على كامل أرضها وإداراتها ومؤسساتها، دولة المواطنة القادرة على احتضان كل اللبنانيين وخدمتهم، والعمل بكفاءة من أجل النهوض والتلاؤم مع مقتضيات المستقبل. وعلى أمل أن نرى العدالة وقد تحققت بكشف المحكمة الدولية الخاصة بلبنان للمجرمين الذين اغتالوا ذلك الإنسان العظيم ورفاقه الشهداء، نسأله تعالى أن يسبغ على رفيق الحريري ورفاقه الشهداء الابطال فيضا من رحماته وأن يسكنهم فسيح جناته".