ثمة "كارثة" قد تحلّ على أكثر من 80% من العائلات في لبنان اللواتي يعتمدن اعتماداً وثيقاً على "الحضانة" لمساعدتهم في الاهتمام والعناية بأطفالهم خلال دوامات العمل. صرخة رفعها نقيب أصحاب الحضانات المتخصصة شربل أبي نادر الذي هدد بأن هذه المؤسسات قد تقفل مع مطلع العام المقبل بسبب طلب وزارة المالية من الحضانات تسديد ضرائب بمفعول رجعي عن سنوات سابقة، وبالتالي، فإن آلاف الاطفال، ومعهم عائلاتهم، سوف يتضررون!
لكن ما هي خلفيات هذه الصرخة التي أطلقها أبي نادر اليوم، وما سبب هذا التصعيد المفاجئ؟
في حديث مع "لبنان 24" شرح النقيب أبي نادر أزمة الحضانات مع ضريبة القيمة المضافة، قائلا انه "ومنذ ان تطبيق قانون تحصيل الـTVA في لبنان (2000)، لم تلحظ وزارتي "المالية" و"الصحة" الحضانات كمؤسسات تربوية - صحية، علماً ان قانون الـضريبة يعفي المؤسسات الصحية والتثقيفية والتربوية من الرضيبة على القيمة المضافة".
وأضاف: "لم تتنبه وزارة الصحة حينئذ الى هذه السقطة لأنه لم يكن هناك نقابة حينها، ولم يهتم المسؤولون المعنيون للقضايا المتعلقة بالحضانات"، محذرا من أن دفع الضريبة سيحتم على إدارة الحضانات إجبار الاهالي على دفع 15% زائد على السعر الثابت الشهري، علماً ان 10% من الحضانات تقوم بدفع الضريبة بينما 90% لم يمتثلوا لقانون الضريبة.
وهل من أساس تشريعي تعتمد عليه النقابة، ولماذا هذا التوقيت بالذات لرفع الصوت؟
يجيب أبي نادر: "أنا كنقيب أدرك ماذا أقول، والحضانات هي مؤسسات تربوية تهتم بصحة الأطفال ولا يتوجب عليه دفع ضريبة، وهي ليست ملحوظة في القانون، لذلك قدمت طعناً بشكل متكرر منذ أن كان (الرئيس) فؤاد السنيورة وزيراً المالية مروراً بكل الوزراء الذين توالو بعده، لكن الطعن كان يقابل دائما بالوعود، والآن وبعد 15 عاماً، أحدٌ لم يفِ بتلك الوعود"، مشدداً على ان "هذا تبعات هذا الخطأ تقع على عاتق الدولة!"، مشدداً على انه "يجب تصحيح هذا الأمر لأنني لن أقبل برفع البدل الشهري على الأهالي لتمويل دفع الضريبة".
ولكن، لماذا لا تدفع الحضانات من البدل الذي تتقاضاه حالياً للوزارة؟ يجيب: "لماذا ندفع على أمر غير محقّ قانوناً؟ الجديد أن وزارة المالية "تتهجم"، بحسب تعبيره، على الحضانات التي لم تلتزم بدفع الضريبة وتنذرها بدفع الضرائب مع مفعول رجعي من 2005 و2012 و2015، ما يعني دفع مئات الملايين من الدولارات، وقد بلغ عددها 60 حضانة حتى الآن، لذا يطالب النقيب بإصدار مُذكرة داخلية لوقف ملاحقة الحضانات وإعفائها من الـTVA وإلا سيتم إقفال 500 حضانة في لبنان!
ماذا عن الحضانات غير المرخصة أصلاً وفقاً للأصول القانونية؟ يجيب أبي نادر أنهم يمثلون 10% فقط من الحضانات جميعها بعدما كانوا حوالى الـ50%، وهذا إنجاز للنقابة، ومستمرون في هذا المسار.
"المالية" ترد
في المقابل، يؤكد مصدر في وزارة المالية أن "الوزارة لا علم لها بهذه الانذارات، لكن هذه الحضانات هي مؤسسات تجارية ويستوجب عليها دفع ضريبة TVA"، سائلا "ألا يدفع الأهالي مالاً مقابل وضع أودلاهم في هذه الحضانات؟ إذاً هذه مؤسسات تجارية!".
بدوره، يعلّق أبي نارد على هذا الكلام سائلاً "لماذا تلزّم الدولة الحضانات برخصة للقبول بفتح المؤسسة، ولماذا تفرض شروطا وواجبات ومعايير على أصحاب دور الحضانة إذا كانت هذه الدور مجرد مؤسسات تجارية؟"
أما مسؤول الواردات في "وزارة المال" لؤي الحاج شحادة فيؤكد رداً على سؤال لـ "لبنان 24" اننا "نطبق النصوص القانونية الصادرة عن المجلس النيابي كما هي، وهي تحدد ما هي المؤسسات التعليمية والتربوية المعفاة، والحضانات ليست من بينها"، مؤكدا ان "عدداً كبيراً من الحضانات تلتزم بدفع الضريبة (11%) وتصرّح عنها بشكل دائم من دون أية مشاكل".
بالنسبة الى الوزارة، كل شخص يمارس العمل بصورة مستقلة وحجم عمالته تفوق الـ100 مليون ليرة، فهو يخضع لقانون الـTVA ويصبح مكلفا. "حفاظاً على المال العام" يقول الحاج شحادة ، ويضيف: "نحن نقوم بهذه الإجراءات لأن الضريبة هي المورد الوحيد للخزينة العامة حاليا التي بدورها تموّل الدولة، لذا إن لم نأخذ الضريبة من المؤسسات والمجموعات، فمن مَن سنأخذها؟ من الموظفين فقط؟!"
والحل لهذا الاشتباك؟ يقول "هناك مهلة تنتهي في31\1\2019 للإستفادة من اعفاءات وزارة المالية من دفع الرسوم والضرائب والتي تصل الى 90%
أما عن نداء النقيب الى وزير المال، فيؤكد الحاج شحادة أن "ليس من سلطة الوزير الإعفاء من الضرائب، فهو لن يطلب من جهاز الوزارة أن تعمل بشكل يناقض القوانين".
أسئلة كثيرة ومواجهات أكبر، لكن الاهم ألا تتحول العائلات الى كبش محرقة بين صرخة محقة بنظر النقيب، ومسار قانوني بحت بحسب وزارة المالية، وألا يدفع الاطفال ثمن معركة ليسوا طرفاً فيها!