فقد عادت حركتا "فتح" و"حماس"، اللتان تعتبران طرفي الانقسام، بالاختلاف على طبيعة وآليات تنفيذ اتفاق المصالحة.
"حركة فتح" تريد الالتزام باتفاق المصالحة الأخير، وترفض تجاوز حكومة الوفاق الفلسطينية التي شكلت عام 2014، بينما تطالب حركة "حماس" بتطبيق اتفاق عام 2011 وتشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة بديلة عن الحكومة الحالية.
وعلى الرغم من أن اتفاق المصالحة الأخير 2017، يستند بشكل أساسي على الاتفاق الموقع عام 2011؛ إلا أنه يعتبر اتفاقا إجرائيا "جزئيا" يطرح آليات مُتفق عليها لتنفيذ ملف واحد من ملفات اتفاق 2011 وهو ملف "الحكومة"، وفق المحللين.
وتنعدم بوادر التوصل إلى حل وسطي، بين الطرفين يقرب وجهات النظر، في ظل تمسّك الحركتين بمطالبهما وعدم وجود نوايا حقيقة لإنهاء الانقسام، رغم التحديات الكبيرة التي تواجه القضية الفلسطينية، بحسب المحللين.
اتفاق 2011
هو اتفاق للمصالحة مُعروف باسم "اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني"، وقّعت عليها أغلب الفصائل الفلسطينية المهمة، بما فيها "فتح" و"حماس" في العاصمة المصرية القاهرة، يوم 4 أيارعام 2011.
وتتمثل أول بنود الاتفاق في "الانتخابات" حيث يتفق الطرفان مع بقية الفصائل الفلسطينية على تحديد أسماء لجنة الانتخابات المركزية، ورفعها للرئيس الفلسطيني ليصدر مرسوما بتشكيلها.
وجاء فيه أن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني تجرى مترافقة، بعد عام من تاريخ توقيع اتفاقية الوفاق الوطني من جانب الفصائل الفلسطينية.
وفي ما يتعلق بمنظمة التحرير الفلسطينية، اتفقت الحركتان على أن تكون مهام وقرارات الإطار القيادي المؤقت، غير قابلة للتعطيل وبما لا يتعارض مع صلاحية اللجنة التنفيذية للمنظمة.
وفي ملف الأمن، اتفق الطرفان على تشكيل لجنة أمنية عليا تتكون من ضباط مهنيين يتم اختيارهم بالتوافق؛ على أن يصدر الرئيس الفلسطيني مرسوماً بشأن اللجنة.
وفي ما يتعلق بالحكومة، فإن الاتفاق نص على تشكيل حكومة فلسطينية من كفاءات وطنية وتعيين رئيس الوزراء والوزراء بالتوافق.
ويقع على عاتق تلك الحكومة، وفق الاتفاق، تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، والإشراف على معالجة قضايا المصالحة الداخلية، ومتابعة عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، وإنهاء الحصار الإسرائيلي.
إلى جانب ذلك، تتابع الحكومة الفلسطينية تنفيذ ما ورد في اتفاقية الوفاق الوطني وفقا لصلاحيتها، ومعالجة القضايا المدنية والمشاكل الإدارية الناجمة عن الانقسام، وتوحيد مؤسسات السلطة بالضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، كما أنها مطالبة بتسوية أوضاع الجمعيات والمؤسسات الأهلية والخيرية.
وفي ما يتعلق بالهيئة الفلسطينية التشريعية، فقد نص الاتفاق على تفعيل المجلس التشريعي الفلسطيني طبقاً للقانون الأساسي.
اتفاق عام 2017
وقّعت حركتا "فتح" و"حماس" في 12 تشرين الأول عام 2017، على اتفاق للمصالحة في العاصمة المصرية القاهرة.
عن حركة "فتح" وقع الاتفاق عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية، وعن حركة "حماس" صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.
وجاء توقيع الاتفاق بعد سلسلة من الاجتماعات بين حركتي "فتح" و"حماس" برعاية مصرية، على مدار يومي 10-11 تشرين الأول عام 2017؛ لبحث ملف المصالحة الفلسطينية.
واتفقت الحركتان على "إجراءات تمكين حكومة الوفاق الوطني (شكلت عام 2014) من ممارسة مهامها، والقيام بمسؤولياتها الكاملة في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية بحد أقصى في الأول من كانون الأول 2017، مع العمل على إزالة كافة المشاكل الناجمة عن الانقسام".
ونص الاتفاق على ضرورة سرعة إنجاز اللجنة القانونية الإدارية المشكّلة من قبل حكومة "الوفاق الوطني"، لإيجاد حلول لموظفي قطاع غزة الذين عينتهم حركة حماس، لمهامها قبل الأول من شهر شباط 2018 كحد أقصى، مع مشاركة خبراء ومتخصصين ومطلعين من قطاع غزة للجنة المذكورة.
وجاء في الاتفاق أن حكومة الوفاق الوطني، مكلفة بالإشراف على استمرار استلام هؤلاء الموظفين لرواتبهم التي كانت تدفع لهم من قبل حركة حماس، خلال عمل اللجنة اعتبارا من راتب شهر تشرين الثاني 2017، فور تمكين الحكومة من القيام بصلاحياتها الإدارية والمالية بما في ذلك تحصيل الجباية.
وفي الأول من شهر تشرين الثاني عام 2017، تسلّمت الحكومة الفلسطينية، إدارة معابر قطاع غزة، من حركة "حماس"، حسبما نص اتفاق المصالحة.
غير أن الحركتين أعلنتا بداية كانون الأول ، في بيان مشترك، تأجيل استلام الحكومة الفلسطينية لمهامها في غزة إلى العاشر من ذات الشهر، لاستكمال الترتيبات اللازمة لاستلام الحكومة لمهامها، من أجل ضمان تنفيذ خطوات إنجاز المصالحة.
وجاء التأجيل بعد ساعات من دعوة الحكومة الفلسطينية موظفيها المُعينين قبل سيطرة "حماس" على قطاع غزة، عام 2007، للعودة إلى أعمالهم، ما تسبب بتوترٍ بين الجانبين.
وقالت حماس آنذاك إن القرار مخالف لاتفاق المصالحة الموقع في القاهرة عام 2011، الذي ينص على عودة الموظفين القدامى للعمل، بعد انتهاء "اللجنة القانونية الإدارية" التي تم التوافق عليها، من دراسة ملفات المعينين بعد عام 2007، فيما قالت فتح إن القرار قانوني.
وأعادت الحكومة الفلسطينية المئات من موظفيها الذين استنكفوا عن العمل بناء على طلب منها إبان أحداث الانقسام، إلا أن مشكلة الموظفين الذين عيّنتهم حركة "حماس" خلال فترة إدارتها للقطاع لم تُحل.
وخلال العام الماضي، تبادلت حركتا "فتح" و"حماس" الاتهامات حول المتسبب بتعثّر ملف المصالحة.
المصالحة بعيدة المنال
يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فرص نجاح المصالحة في هذه الفترة، ضئيلة، ويقول:" نحن بعيدون جدا عن المصالحة الفلسطينية، بحسب المعطيات الواقعة، فكل طرف يعتبر نفسه قويا، يمتلك نفس القوة ونفس الأوراق، ويريد الهيمنة على النظام السياسي الفلسطيني، وغير قابل للتراجع خطوات أو التنازل في سبيل المصلحة الوطنية".
ويعتقد عوكل أن الاختلاف الاساسي بين حركتي "فتح" و"حماس" ليس اختلافا على قضايا سياسية، لافتاً إلى أن الطرفين متفقان في مجمل القضايا السياسية كـ"القدس، والاستيطان، والأسرى، واليوم يتفقان أمام الأمم المتحدة برفض مشروع القرار الأمريكي الذي يدين حماس"، الا ان فتح تريد شراكة سياسية مع حماس والفصائل الأخرى قائمة على شراكة الملحقين، فيما تريد حماس شراكة قائمة على كونها صاحبة الأغلبية في المجلس التشريعي، وتريد حصة في النظام السياسي كما فتح تماماً، وبالتالي فان المشكلة القائمة بين الطرفين بأنها "أزمة حسابات حزبية".
ويلفت إلى أن اتفاق المصالحة الموقع عام 2017، يطرح آليات لتنفيذ جزء من اتفاق 2011، يتعلق بملف الحكومة وبعض القضايا المرتبطة فيه.