"هذه الدولة لا تحترم نفسها لأنها لا تحترم شعبها... هذه الدولة تعاقب اربعة ملايينِ لبناني لأنها لا تجرؤ على معاقبة "اربعين حرامي"... هذه دولة عراضات واستعراضات وتفشيخ لأنها لا تحاسب ولا تراقب ولا تعاقب ولا تواكب بل تعتذر، وهذا أضعفُ الإيمان لكن كلفتَه "بلاش".
ما حصل اليوم فضيحة بكل المقاييس:
تدريباتٌ على عرض عسكري في آخر يوم عمل من الأسبوع، وقبل بداية ِأسبوع ٍ فيه يوما تعطيل، وعليه فالناس سيكونون في هذا اليوم في ذروة الحركة لأنهاء اشغالهم قبل عطلة نهاية الاسبوع وقبل يومَي تعطيل الأسبوع المقبل.
كلُّ هذه الاعتبارات لم يأخذها بعين الاعتبار مَن قرر أو مَن قرروا التدريبات للعرض العسكري بمناسبة الإستقلال، فاختنق السير... وما زاد في الطين بلَّة، شاحنة ٌقفزت فوق جسر انطلياس فقطعت الطريق...
وثالثة الأثافي، أنّ المجارير في الرملة البيضاء انفجرت فحوَّلت الأوتوستراد إلى شلالات من المجارير، ليتبيَّن ان أحدَ اسبابِ انفجارها إقفالُ مسرب ٍمنها كان يصب قرب أحد المنتجعات السياحية، فتحوَّلت كلُّ المسارب إلى اوتوستراد الرملة البيضا.
وجاء محافظ بيروت، وبدلًا من أن يفتح المجرور، فتَح تحقيقًا، علما أن التحقيق كان يجب ان يُفتَح قبل انفجار المجرور لا بعده، وانسدادُ المجرور كان معروفًا قبل أكثرَ من شهر، وقد فُتِح هذا المساء، ولكنْ بعد الطوفان.
"طوشتم الأرضَ" بتشريع الضرورة وبالمطالبة بمجالسِ وزراءِ الضرورة، لماذا يسهو عن بالِكم "محاسبة الضرورة" و"مساءلةُ الضرورة"؟
إنقضى اليوم ولم نقرأ إسمًا واحدًا تحوّلَ إلى التحقيق: مَنْ المسؤول عن الزحمة التي سببتها التدريبات على العرض؟ مَن المسؤولُ عن انفجار المجارير في وجه الناس؟ مَن المسؤول عن جنون الشاحنات على الطرقات؟ لا أحد تحوَّل إلى التحقيق.
هذه دولة ٌلا تحاسب ولا تراقب ولا تعاقب... لو كانت تحاسب لكنَّا قرأنا إسمًا واحدًا على الأقل تحوَّل إلى التحقيق. لكن مَن يجرؤ على التحقيق؟ إن دولة لا تجرؤ على محاسبة صاحب مولِّد، كيف تجرؤُ على محاسبة من "زَرَبَ" مليون لبناني في سياراتهم.
إن دولة لا تجرؤ على تطبيق قانون السير على الشاحنات، كيف ستجرؤ على محاسبة مَن تسبَّبَ بإقفال مجرور لتنفجر مجارير أخرى؟
هل تعرف الدولة أنّ الخسائر المحققة اليوم والتي تكبِّدها المواطنون بسبب الزحمة، تفوق الثلاثين مليون دولار، فمَن يعوِّض عنهم خسائرهُم؟ هل توزِّعُ عليهم رسائل اعتذارات؟
وماذا تنفع الإعتذارات لمَن سبقتهُ طائرتُه أو لمَن تأخر عن موعد عمليته الجراحية أو لمَن تأخرتْ عن عملية ولادة أو لمَن تأخر عن موعِد عمله؟ هل يحملونَ في جيوبهم كتبَ الإعتذار ويُبرِزونها إلى مَن يعنيهم الأمر؟ لا... كفى إذلالًا للناس.
وبالمناسبة، إذا كان العرضُ العسكري غيرَ مُتاح سوى لمئات من المدعويين وغيرَ متاح للناس الا عبر الشاشات، فلماذا لا يكون في وزارة الدفاع او في المدرسة الحربية؟ أو في اي مكان آخرَ لا يتسبب بإرهاق الناس؟
وأخيرًا وليس آخراً: إن شعباً تحت احتلال المئة مليار دولار دَينًا، وتحت احتلال أعلى نسبة فساد، وتحت احتلال أعلى نسبة تلوث، وتحتَ احتلال تحكُّم أصحاب المولدات، وتحت احتلال اللفت المُسرطِن، وتحت احتلال الدواء المرتفع الثمن، هو شعبٌ لا يشعر بالإستقلال بل بالذُّل والمَهانة. أمّا مَن يشعرون بالإستقلال فنقول لهم: أعذرونا، لكًم استقلالُكم ولنا احتلالاُتنا".
لمشاهدة المقدّمة إضغط هنا.