قمة بوتين وترامب في باريس تتحوّل لقاء تمهيدياً لقمة واشنطن… بطلب من ماكرون
الانتخابات النصفية الأميركية: مشاركة واسعة… محورها سياسات وأداء ترامب
لماذا الحملة على حزب الله؟… أصحاب المولدات أقوى من الحكم… والكهرباء أهم من الحكومة
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
لم تقدم التطورات السياسية الخارجية والداخلية للرئيس الأميركي دونالد ترامب ما يجعله يشعر بالقوة الكافية لعقد قمة شاملة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما كان مقرراً للقاء الرئيسين في باريس في الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، كي يمدّد إقامته الباريسية ليوم إضافي لعقد القمة بعد انتهاء المراسم الفرنسية المزدحمة للاحتفال، التي تمنّى الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون مشاركة الرئيسين فيها. فالانتخابات النصفية للكونغرس، لن تحمل فوزاً حاسماً للحزب الجمهوري وربما تحمل مفاجآت غير سارة للرئيس ترامب، والعقوبات على إيران في أيامها الأولى مخيّبة للآمال الأميركية ووعود الصفر النفطي التي أفرط في إطلاقها ترامب وأركان إدارته. والمأزق الناجم عن قضية تورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قتل جمال الخاشقجي والطابع الدرامي للعملية وما أثارته من تداعيات يربك ترامب وإدارته، فتحوّل مشروع القمة في باريس إلى لقاء تمهيدي للقمة التي سيوجّه الرئيس الأميركي للرئيس الروسي الدعوة لعقدها في واشنطن مطلع العام المقبل.
الانتخابات التي تشغل الأميركيين والعالم معهم، ستشهد انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب التي يبلغ عددها 435 مقعداً و35 مقعداً من أعضاء مجلس الشيوخ الـ100 إضافة إلى 36 من حكام الولايات. وفيما يسيطر الحزب الجمهوري المساند لترامب على أغلبية المقاعد في المجلسين، يتطلّع الديمقراطيون لزعزعة هذه الأغلبية، مستفيدين من مشاركة واسعة تشهدها صناديق الاقتراع. ومن قلق يجتاح الوسط العرقي للملوّنين من أصول إسبانية وصينية وشرق أوسطية بسبب السياسات العنصرية التي يستعدّ ترامب لتشريعها حول الهجرة ونيل الجنسية وفي ظل استقطاب حاد خلقته وسائل الإعلام الغاضبة من أداء ترامب وسلوكه السياسي والشخصي، ونجاح هذا الاستقطاب بجعل الانتخابات بعيدة عن البرامج والشعارات الانتخابية، حيث بدا بوضوح كما أشارت استطلاعات الراي أن محورها هو الانقسام بين مَن يريد أن يقول نعم أو لا للرئيس ترامب. وهي نعم أو لا تجريبية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عامين التي يستعدّ ترامب للترشّح خلالها لولاية ثانية.
وفيما استبعدت الاستطلاعات أن يستعيد الجمهوريون سيطرتهم على مجلسَي النواب والشيوخ، تشير بعض الاستطلاعات إلى أن الديمقراطيين قد يحصلون على 23 مقعداً يحتاجونها للسيطرة على مجلس النواب، وكذلك نحو 15 مقعداً إضافياً، لكن التوقعات أجمعت على صعوبة نجاح الديمقراطيين في الحصول على مقعدين يحتاجونهما للسيطرة على مجلس الشيوخ.
لبنانياً، بقي الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري في إجازته الباريسية، بينما تواصلت الحملة على حزب الله تحت شعار تحميله مسؤولية عرقلة تشكيل الحكومة، وربطت موقف حزب الله بالاحتماء بوجه العقوبات الأميركية. وقد علقت مصادر متابعة على ذلك بالقول إنه إذا كانت العقوبات قاسية على حزب الله إلى هذا الحدّ، فالمنطقي أن يسعى للاحتماء بالحكومة لا بتعطيلها كما يتم اتهامه، مضيفة أن هذا المنطق يفسر سبب تجاهل رسائل حزب الله للمعنيين بتشكيل الحكومة بأنه إذا كان غير معني بكيفية تقاسم المقاعد الوزارية بين الأطراف الأخرى، فإن تطبيق المعيار الواحد يجب أن يطال حلفاءه وإلا لن يقدّم أياً من أسماء مرشحيه للحكومة.
وتساءلت المصادر عن مسؤولية حزب الله في العتمة التي خيّمت على المناطق اللبنانية بعد ظهر أمس، بقرار من أصحاب المولدات الذين ظهر أنهم أقوى من الحكم وأقدر على التعطيل، بينما يعلم المسؤولون أن الكهرباء عند المواطنين أهم من الحكومة.
وختمت المصادر بالقول، أليس لافتاً أن تطال حزب الله هذه الحملة السياسية والإعلامية وكأنها الجزء المخفي من العقوبات التي يُقال إن المطلوب تسريع تشكيل الحكومة لحمايته منها؟
«المستقبل»: الحريري لن يستقيل وإن بقي مُكلَّفاً…
يبدو أن الرئيس المكلف سعد الحريري قد مدّد «إقامته الطوعية» في فرنسا، وقد طاب له المقام في منزله الباريسي بعيداً عن الضجة الحكومية والمناكفات السياسية وعناء تذليل العقدة القديمة الجديدة، ما فُسِر تأكيدٌ من الحريري أنه ليس معنياً بالعقدة السنية. وهو «أخذ ع خاطرو» من حزب الله، كما قالت مصادر نيابية لـ«البناء» ويربط عودته الى ملعب التأليف بكفّ الحزب عن رمي كرة تمثيل «سنة المعارضة» في الحكومة في ملعب بيت الوسط، غير أن مشاركة رئيس حكومة تصريف الأعمال في منتدى السلام العالمي في 10 و11 الحالي سيفرض عليه العودة مطلع الاسبوع المقبل مع تأكيد أوساط بيت الوسط لـ«البناء» على أن «الحريري ليس مُعتكفاً بل أجرى اتصالين بالرئيسين ميشال عون ونبيه بري خلال اليومين الماضيين وسيعود الى بيروت في أقرب وقت ولا يزال عند موقفه من تمثيل النواب السنة خارج تيار المستقبل، وأن مَن افتعل العقدة عليه حلها»، وإذ لفتت الأوساط الى أن «التواصل مقطوع بين الحريري وحزب الله، أكدت أن الرئيس المكلف لن يقدّم استقالته وإن بقي رئيساً مكلفاً لوقت طويل، فالدستور لم يحدد مهلة للتأليف ومنحه صلاحية تأليف الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية». وأوضحت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أن «التيار يرفض توزير سنّة المعارضة حتى من حصة رئيس الجمهورية».
ولم تُفضِ الوساطات على خط بعبدا حارة حريك الى نتيجة إيجابية بخصوص تمثيل العقدة الحريرية وسط انقطاع الاتصالات المباشرة بين الحزب ورئيس الجمهورية، بحسب أوساط نيابية في التيار الوطني الحر التي أكدت أن العلاقة بين الحزب والتيار أعمق بكثير من تباين حكومي تفصيلي مهما كانت تداعياته، مشيرة لـ«البناء» الى «أننا نتفهم موقف حزب الله الأخلاقي ووفائه لحلفائه. ونحن خبرنا موقفه هذا معنا في موضوع رئاسة الجمهورية ما أدى الى وصول العماد عون الى بعبدا»، موضحة أننا كتيار لسنا ضد تمثيل سنة المعارضة، ودعونا للحوار لحل هذه العقدة، لكننا لسنا شركاء كتيار في حلها، بل الأمر في عهدة الرئيسين ميشال عون والحريري وحزب الله، وفي حال توافقوا تؤلف الحكومة في يوم واحد». ولفتت الى أن المبادرات القائمة لم تؤد الى حل توافقي للأزمة حتى الآن»، وعن الترجمة العملية لكلام رئيس التيار الوزير جبران باسيل من أيام بالمساعدة والتضحية لحل العقدة، أجابت المصادر: «لم يتمّ التداول بذلك والمشكلة مش عنّا».
من جهة ثانية لم يُرصَد أي تغيير في موقف حزب الله وأمل و8 آذار المتمسّكين بإدخال حلفائهم السنّة للمرّة الأولى الى الحكومة منذ ما بعد اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، غير أن الاقتراحات المعروضة في التداول لم تحظَ بتوافق المعنيين كموافقة الحريري على توزير أحد نواب اللقاء التشاوري إن أعلنوا جميعاً الخروج من كتلهم وتأليف كتلة موحّدة». ودعا النائب جهاد الصمد إلى «تطبيق معيار واحد في تشكيل الحكومة وتنتهي عندها المشكلة». وقال في حديث إلى «إذاعة النور»: «منذ العام 2005 نعاني من الاستئثار بالقرار السياسي للطائفة السنية من قبل تيار المستقبل، وقد صمدنا في أصعب الظروف، وواجهنا في سبيل إعادة البوصلة إلى اتجاهها الحقيقي في الشارع السني». وشنّ الصمد هجوماً على الحريري قائلاً: «هو الذي يُضعف مقام رئاسة الحكومة وليس توزير أحد النواب السنّة المستقلين، وغير مقبول التنازل عن صلاحيات رئيس الحكومة من أجل الحصول على مكاسب ومناصب، وبهدف أن يبقى الممثل الأوحد للطائفة السنية في الحكومة وحصوله على حصة السنة كاملة في الإدارة. ونرفض التفريط بموقع رئاسة الحكومة بالحق وليس بالباطل».
أما اللافت فهو دخول البطريركية المارونية على خطّ التأليف والعقدة السنية، علماً أنها لم تحرّك ساكناً ولاذت بصمت مريب حيال تعطيل القوات اللبنانية تأليف الحكومة طيلة ستة أشهر، فلماذا تدعو حزب الله الى تسهيل التأليف ولم تفعل مع القوات اللبنانية؟ أما الأكثر ريبة فهو توقيت زيارة البطريرك بشارة الراعي الى بعبدا التي ظهرت على أنها تضامن مع رئيس الجمهورية في خلافه مع حزب الله وحركة أمل في موضوع توزير سنة 8 آذار في الوقت الذي لم يزُر بعبدا ولم ينطق ببنت شفا بأي موقف داعم للرئاسة الأولى عندما تعرضت الى هجوم ثلاثي شرس مستقبلي قواتي اشتراكي؟ ما يرسم علامات استفهام عدة حول دور البطريريك الراعي السياسي الذي يؤديه في الداخل ومدى تماهيه مع الخارج!
وبانتظار عودة الرئيس المكلف الميمونة لم يُسجّل أي جديد على خط عقدة رفض رئيسي الجمهورية والحكومة تمثيل مكوّن نيابي في حكومة يفترض أنها وحدة وطنية، شهد المسرح الحكومي حركة دبلوماسية لافتة، عبر جولة للموفد الخاص للرئيس الفرنسي اوريليان لوشافالييه على المسؤولين والمستشارين السياسيين للرؤساء ظلت بعيدة من الاضواء، غير أن مصادر مراقبة ربطت بين الحراك الفرنسي واعتكاف الحريري في باريس بعد العقدة التي أدت الى فرملة ولادة الحكومة. كما نقل السفير المصري في بيروت نزيه النجاري رسالة من القيادة المصرية للرؤساء والقيادات السياسية في لبنان بضرورة العمل على التعجيل بتشكيل الحكومة من اجل استقرار لبنان.
وإذ دخلت الحكومة في إجازة طويلة بانتظار بلورة المبادرات والوساطات القائمة، فُهِم من دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى جلسات تشريعية الأسبوع المقبل بأن تأليف الحكومة تأجل حتى إشعار آخر وحمل رسالة أخرى مفادها بأن ولادة الحكومة مرهون بتمثيل سنة المعارضة فيها.
وأكدت كتلة المستقبل النيابية أن الجهود التي قام بها الحريري أفضت إلى جهوز التشكيلة الحكومية للصدور، ما فاقم الصدمة التي أحدثها اختراع مطلب تعجيزي جديد أدى إلى وقف عملية التشكيل. وبعد اجتماعها الدوري في «بيت الوسط» بغياب الحريري حيث جلست النائب بهية الحريري مكانه، رحبت الكتلة بموقف رئيس الجمهورية الرافض لهذا المطلب التعجيزي، واعتبرت أن موقفه يدلّ على حسّ رفيع بالمسؤولية الوطنية وحرص على تشكيل الحكومة بأسرع وقت لمواجهة المخاطر الداهمة على اللبنانيين واقتصادهم وأمانهم. وقرّرت الكتلة المشاركة في الجلسة التشريعية صونًا لمصالح لبنان واللبنانيين الحيوية». وتحدّثت المعلومات عن مشاركة رئيس المستقبل في الجلسة ثم يغادر مجدداً الى فرنسا.
في المقابل عكس بيان تكتل لبنان القويّ مناخ التهدئة بين الرئيس عون وحزب الله، وأشار أمين سر التكتل ابراهيم كنعان الى أن «الحوار اساس حل العقد والحفاظ على الميثاقية وكل المكونات اساسي للحفاظ على الاستقرار». وقال: «أي انتصار لا يتحقق الا بالتكافل والتضامن في ما بيننا جميعاً». وأضاف كنعان: «التكتل هو جسر وصل بين كل القوى تحت سقف الدستور وندعو لحل سريع، لأن هيبة الدولة والمؤسسات هي ربح للجميع وليست حكراً لأحد».
وأعلن كنعان مشاركة التكتل في جلسات التشريع، لكنه ليس بديلاً للحكومة بل حاجة للبنانيين في ضوء الضرورات التي يحتاجها مجتمعنا.
وأكّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي بزي ، أنه «بعدما تعرقل تشكيل الحكومة، لم يعُد بإمكان المجلس النيابي تعطيل دوره بحجة عدم تشكيل الحكومة». وأشار بزي في حديث تلفزيوني إلى «أن تشريع الضرورة يستوجب انعقاد جلسة تشريعية، وهناك مشاريع قوانين مهمة يجب الإسراع في إقرارها وعلى رأسها طلب وزارة الطاقة والمياه لسلفة خزينة لشراء مادة الفيول، والتي لا يمكن لوزارة المالية أن تتخطّى القوانين وتمرّر السلفة من دون قانون من مجلس النواب».
«المولّدات» هددوا بالعتمة و«الاقتصاد» تُحذّرهم…
على صعيد أزمة الكهرباء صعّد تجمع مالكي المولدات الخاصة في لبنان موقفه ووجّه رسالة الى الدولة وعمد المالكون الى إطفاء المولدات في المناطق كافة لمدة ساعتين يوم أمس، بمثابة «بروفا» عما يمكن أن يحصل في ما لو استمرت الدولة في قرارها، وأعلن التجمع في بيان أننا «لن نسكت بعد اليوم على التطاول على كرامتنا، ولن يكون هناك صاحب مولّد محتجزة حريّته ولا تزال مولداته تسدّ نقص وعجز الدولة». في المقابل أكد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الاعمال رائد خوري أن «لا تراجع عن قرار تركيب عدادات للمولدات على الأراضي اللبنانية والحل الوحيد المطروح حالياً في هذه القضية هو تطبيق القوانين»، مستغرباً في حديث تلفزيوني أن تقول جهة غير قانونية في مؤتمر صحافي إنها لن تطبق القوانين والنيابة العامة ستتخذ الإجراءات اللازمة اثر هذا المؤتمر، مشدداً على «أننا لن ندعهم يأكلون أرزاق الناس»، وأضاف متوجهاً لأصحاب المولدات: «لا نسعى الى جعلكم تخسرون الا أنه عليكم أن تنسوا الارباح الطائلة التي كنتم تجنونها سابقاً والقضاء والنيابات العامة بأتم جهوزية لمواكبة القوى الأمنية لتنفيذ قرار تركيب العدادات». خلاف يُنذر بعتمة شاملة تُغرِق البلد في ظل نفاد الفيول من مؤسسة كهرباء لبنان ورفض وزارة المال منح سلفة مالية الى وزارة الطاقة والمياه لشراء الفيول لاعتبار أنها تحتاج الى قانون في المجلس النيابي، إذ بات المواطن ضحية الظلمة وعالق بين مطرقة خلاف وزارتي المالية والطاقة وسندان صراع وزارة الاقتصاد وأصحاب المولدات الخاصة. وفي هذا السياق استقبل رئيس الجمهورية سفير لبنان في الجزائر محمد محمود حسن، وعرض معه العلاقات اللبنانية – الجزائرية، إضافة إلى موضوع تزويد شركة «سوناتراك» الفيول لصالح مؤسسة كهرباء لبنان.