الصدر حاضرت في طرابلس: لتدريب الإنسان على الإيمان بالقيم

الصدر حاضرت في طرابلس: لتدريب الإنسان على الإيمان بالقيم
الصدر حاضرت في طرابلس: لتدريب الإنسان على الإيمان بالقيم
ألقت رئيسة "مؤسّسات الإمام موسى الصدر" رباب الصدر، محاضرة تحت عنوان: "المجتمع والإنسان" بدعوة من "الاتحاد العربي للمرأة المتخصصة"، في القاعة الزجاجية في غرفة التجارة والصناعة في طرابلس والشمال، بحضور شخصيات وفاعليات سياسية واجتماعية وأكاديمية. 

وأعربت الصّدر في كلمتها عن سعادتها لوجودها "في هذه الأمسية المميزة مع وجوه محببة في هذه البلدة الحبيبة وألتقي بأهلها وأتحدث معهم"، وقالت: "الامام الإمام موسى الصدر يعتبر أنّ الأديان كانت من أجل تنظيم حياة الإنسان وتيسير أموره، وبصفته الدينية، لا يستطيع إلا أن يعمل من خلال دوره الديني الذي يرتبط بحاجات الإنسان وشؤونه، كل شؤونه، ليس انفصالاً عما بين شأن وآخر. ويعتبر أن الدين هو تنظيم العلاقات بين الإنسان والعالم، وأي أمر كان من اهتمامات الإنسان يعني أنها من اهتمامات الدين. ويعتبر الدين في الأساس هو لبناء الإنسان وتربيته". 


ورأت أنه "يجب تدريب الإنسان على الإيمان بالقيم وممارستها في مجتمعه. الإنسان الفرد والإنسان الجماعة والمجتمع، الإنسان الثقافة والتربية والعلم، الرجل والمرأة والأسرة، المحروم والعامل والمقاوم، الأرض والوطن والكون، وغير هذا، كل هذا ما حدده الإمام الصدر دورا له يهدف لبناء الإنسان النموذج، إنسان الله الذي يريده للعرب والمسلمين والعالم. وقد تفرغ الإمام الصدر في حركته الاجتماعية للانسان. فالإنسان موضوع كل حركة عقلية في تحوله وتطوره وارتقائه، في تفاعلاته الخارجية وتأثراته وتأثيراته، في وظائف أعضائه الداخلية، في مؤسساته وظواهره الاجتماعية في كنه ذاته ونفسه انه ذو الأبعاد المتعددة الذي شغل كل بعد منه فكر الباحثين والعلماء على مدى التاريخ كما هو موضوع الوجود والخلق". 

وتابعت: "يقول الإمام الصدر: إنّ الإنسان في حاجاته وفي كفاءاته وضمن المجتمع الذي يحتضنه، يجب أن يكون منسجما مع مجتمعه. فكلما نمت حاجة من حاجاته على حساب الأخرى، أصبحت وبالا. وكلما نما الفرد أو حاجات الفرد على بقية الأفراد، أصبح وبالا. وكلما نمت جماعة أو نمت حاجات الجماعة على حساب جماعات وحاجات الأفراد أصبحت وبالا ومصيبة. ومن هذا القول نجد أن تأكيده على تأهيل الإنسان وتنمية طاقاته هو لأجل خلق مجتمع صالح وناجح ليصبح انسجاما وتفاعلا بين الإنسان ومجتمعه. ويضيف: ان طاقات الإنسان كلها وطاقات كل إنسان يجب صيانتها، والمجتمع إنسان كبير واحد وليس فيه صراع ولا طبقات ولا فئات، انه يتكون من أفراد متفاوتة الكفاءات والطاقات، ولكنها متعاطفة ومتعاونة، تتبادل الخدمات بينها فيتكامل في أن يأخذ كلّ من الآخر ويسمو بما يبذل كل للآخر". 

وأردفت: "تفاوت الكفاءات تساعد في أن يستثمر كل فرد واعتمادا على كفاءاته مسخرات الطبيعة لصالح مجتمعه وتطوير وسائل العيش وتجهيز المعرفة للارتقاء بالمجتمع والأفراد بخط سليم مستقيم، وهذا لا يكون إلا ضمن منظومة أخلاقية توازن ما بين المادة المتوفرة وإمكانات الإنتاج والغايات المتوخاة للنهوض، وان لم يكن هذا محكوما بما في تراث المجتمع من خلقيات، فيعني أن يسيطر الفساد على كل ما هناك من مرافق وتنحل العرى في البنية العامة، بحيث نرى الانحطاط والتخلف يتحكم بسلوكيات الناس، بينما تصل منتجات التكنولوجيا الى ما يدهش، وهذا التباعد بين خلقيات الأفراد بشكل عام في الوقت الذي تتوفر طاقات العلم بيد مجموعة صغيرة تتصرف بالأقدار دون وازع خلقي مما يحدث تزلزلا ينعكس على مجتمعات أخرى فيتهدم البنيان الذي يراه الإمام الصدر متوحدا، ويقول: الإنسانية تعيش بوجود واحد، يتفاعل بمختلف أجزائه بعضها مع بعض، وكلما ارتقت ثقافة الإنسان وازدادت معرفته، تجلت هذه الحقيقة وازدادت وضوحاً".

وقالت: "هذا الوجود الواحد، كان الإمام الصدر يعمل لتحقيقه أولا في لبنان ليكون لبنان هو النموذج الذي يمكن ان يحتذى من قبل جماعات أخرى، وقد قدم لوحدة هذا الوجود منظومة فكرية تقوم على قاعدة من الإيمان بالقيم، وبالتالي وضعها ضمن دائرة من الممارسة لتوجهات مندرجات هذا الإيمان وموجبات روحيته وروحانيته. وفي متابعتنا لكلمات وخطب الإمام السيد موسى الصدر، نرى أنّه أولاً، يشرع بنظرته إلى الكون ونظامه وسيره ضمن خط دقيق وحركة مستقيمة وترابط ما بين مفرداتها من أرض وأجواء ومناخات ووتائر، وهذا ما يعتبره الإمام الصدر صورة للعدل الإلهي تمثل بتنظيم حركة الكون، وعلى الإنسان المهيأ لأن يكون خليفة الله في الأرض، لان يلحظ العدل في حركة الكون ويبني عليها حركته وقوانينها في المجتمع ليكون عادلا في سيره ومحدداً في مساره".

أضافت: "وبعد وضع هذه الأسس في قواعد البنى الاجتماعية على مفاهيم وروح العدل ننتقل مع الإمام الصدر إلى الأسس المفترضة في التشكيل الذهني للانسان. وإذ هي أربعة: أن يكون ذا إرادة وحرية قرار، انه موجود كوني يسير ضمن أنظمة الكون وقوانينه، انه فرد في مجتمع يتفاعل معه وينفعل به وانه مخلوق لله. وهذه العناصر مجتمعة هي التي تعطي الإنسان صفاته ومميزاته التي بها تصح نسبة الإنسانية لكل فرد بشري يفكر ويعمل بقلب سليم، وبها يصبح مؤهلا لخلافة الله في الأرض وما عليه هنا إلا أن يشرع بإقامة البنيان المجتمعي الذي يتعامل في مجمل مكوناته".

ولفتت إلى أن "الانسان ارتبط في المرحلة الأولى بالكون من خلال مراقبته للعدالة فيه، ثم ارتبط بالأرض ليقيم العدل الذي عاشه مع الكون فيها، وعليه، في المرحلة الثالثة، أن يضع القواعد المناسبة من خلال وعيه للعناصر. تبدأ هذه المرحلة بانتماء الفرد للجماعة التي يتفاضل فيها فرد عن آخر عند الله بالتقوى، ومن خلال الأمر الإلهي بالكفاءات المتوفرة عند فرد دون الآخر، ومجموع هذه الكفاءات التي تجتمع في بقعة واحدة مع جماعة بشرية تتمايز بما يشدّ بعضها عناصر متعددة تميزهم عن سواهم من الجماعات البشرية، فلذا على الجماعة ان توائم بين الكفاءات والطاقات المتوافرة ضمنها، لتنتج مصالح مشتركة يكون كل فرد فيها بحاجة للآخر، وتتم الموائمة بوضع قوانين ونظم ترعى عملية التوائم، فيتم عندها الأمر الإلهي بالتعاون والتكاتف وشدّ الأزر والاهتمام بالشؤون العامة وشؤون الأفراد، كما أن الأفراد لا يخرجون عن كونهم في مجتمع عليهم أن يؤدوا مصالحه لتتم من هنا العدالة. هذه لمحة سريعة لفهمي للامام الصدر ولنظرته لبناء الإنسان بناء قائماً على الإيمان بالله وعلى العمل لصالح الجماعة".

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أميركا للبنان: أعلنوا وقف إطلاق النار من جانب واحد!