وشكر الأب الأقدس، الرئيس عون على رسالة التضامن التي كان بعثها اليه على اثر "يوم الصلاة والتأمل للشرق الأوسط" الذي دعا اليه البابا فرنسيس، وجمع فيه بطاركة الشرق من كاثوليك واورثوذكس في مدينة باري الايطالية في شهر تموز الماضي. واغتنم البابا فرنسيس المناسبة لتأكيد صلاته "الدائمة للبنان واللبنانيين"، مستمطرا على "الشعب اللبناني بركته الرسولية".
كلام الأب الاقدس جاء في خلال رسالة وجهها الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نقلها اليه السفير البابوي المونسنيور جوزف سبيتري الذي استقبله الرئيس عون قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا.
في مستهل اللقاء، نقل السفير سبيتري الى رئيس الجمهورية تحيات البابا فرنسيس، وأطلعه على الزيارة التي ينوي عميد مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري القيام بها للبنان من 13 الى 16 الجاري، بصفته رئيسا لاتحاد وكالات المساعدات للكنائس الشرقية "ROACO"، بهدف لقاء البطاركة والاساقفة الكاثوليك، في اطار النشاطات واللقاءات التي يعقدها المجمع لمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس الاتحاد.
ورد رئيس الجمهورية شاكرا البابا فرنسيس على "عاطفته تجاه لبنان، واهتمامه الدائم بدعم قضاياه المحقة والسلام في الشرق الاوسط والعالم". وحمل الرئيس عون السفير البابوي تحياته "البنوية الى الاب الاقدس"، منوها ب"الدور الذي يقوم به الكرسي الرسولي في سبيل ارساء ثقافة الحوار والتلاقي بين الشعوب، والتي هي في صلب رسالة لبنان المنطلق من تجربته في التعددية والساعي الى تكريس هذه الرسالة من خلال انشاء "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" على ارضه، والتي طرحها لبنان امام المجتمع الدولي خلال اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك في شهر ايلول الماضي".
الى ذلك، استقبل الرئيس عون، كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الاوسط الجنرال السير جون لوريمر، في حضور القائم باعمال السفارة البريطانية في بيروت بنيامين واستناج والوفد المرافق، وعرض معه الاوضاع العامة في لبنان والمنطقة والدعم الذي تقدمه المملكة المتحدة للجيش اللبناني لا سيما لجهة بناء ابراج المراقبة على الحدود وتجهيز افواج الحدود البرية واعداد دوريات تدريبية للضباط من الاختصاصات كافة.
وخلال اللقاء، شكر الرئيس عون الحكومة البريطانية على "ما قدمته للجيش اللبناني خلال معركته ضد الارهاب والخلايا النائمة"، مشددا على "ضرورة اليقظة الدائمة للمحافظة على الاستقرار والامان".
وعرض الرئيس عون "موقف لبنان من ملف النازحين السوريين وضرورة عودتهم بامان الى بلادهم، لا سيما وان تداعيات نزوحهم بكثافة الى لبنان كثيرة على مختلف الاصعدة". ورحب ب"المساعي الجارية لايجاد حل للازمة السورية"، مشددا على "وحدة الاراضي السورية"، محذرا من "اي تقسيم لها"، مجددا التأكيد على ان "لبنان لا يمكن ان ينتظر الحل السياسي لهذه الازمة حتى يعود النازحون".
ولفت الرئيس عون الى "تزايد الادعاءات الاسرائيلية حول وجود صواريخ في اماكن آهلة، لا سيما قرب مطار رفيق الحريري الدولي"، مؤكدا "زيف هذه الادعاءات التي تتزامن مع استمرار الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية".
وفيما كرر الرئيس عون الدعوة "للعمل على ايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية"، لفت الى "الانعكاسات السلبية لوقف تمويل منظمة "الاونروا" وما يخفيه من نوايا لتوطين الفلسطينيين في دول اللجوء ومنها لبنان".
واستقبل الرئيس عون، وفدا من "مركز ابناء النور للمكفوفين المنسيين" برئاسة رئيس المركز جبران فرح، الذي ألقى كلمة طالب فيها بحقوق المكفوفين "لا سيما لجهة الحصول على فرص عمل". وقال: "نريد وظيفة بعرق الجبين. هنيئا لنا بالوالد العظيم لشعب لبنان العظيم، وهنيئا لنا منارة الشرق أنتم وخلاص لبنان بأياديكم الطاهرة وقلبكم الابيض".
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، معتبرا ان "المكفوف يعاني من نقص في النظر، إلا أنه يعوض عن ذلك عبر استعمال بقية حواسه وعقله". وأكد "ضرورة أن يتابع المكفوفون تعليمهم ودراستهم، فهم يستطيعون أن يروا العالم بعقلهم، ويبذلون جهدا استثنائيا عبر تصميمهم على متابعة تحصيلهم العلمي الجامعي، ما يشير الى عصامية لا توجد حتى عند الانسان المكتمل الحواس".
وقال: "لن أتمكن اليوم من أن أعبر لكم بالكلمة عن مدى شعوري تجاهكم واعتزازي بكم. فأنتم تعبتم وتستحقون أن تحصلوا على حقوقكم التي انتم محرومون منها حتى الآن، اني أحبكم، وقد استقبلت سابقا العديد من الاشخاص ذوي الحاجات الخاصة وهذا عمل اجتماعي يجب أن نسلط الضوء عليه، لأن الدولة كانت مقصرة بحقكم ليس لأنها فقيرة، بل لأنها نهبت. وامنيتي اليوم أن أتمكن من مساعدتكم فتحظوا بفرص عمل، وسنسعى بكل جهدنا لتحقيق ذلك قريبا".
وفي قصر بعبدا، رئيس "لجنة دعم مسيحيي الشرق" في بلجيكا واوروبا الدكتور سيمون نجم، الذي قدم لرئيس الجمهورية كتاب "مسيحييو الشرق" الذي اعدته اللجنة واطلق في معرض الكتاب الفرانكوفوني في "البيال" في تحويطة فرن الشباك.
من جهة اخرى، ابرق رئيس الجمهورية الى نظيره المصري عبد الفتاح السيسي معزيا بضحايا الهجوم الذي استهدف الاسبوع الماضي حافلة للأقباط كانت تقل حجاجا إلى دير الأنبا صموئيل.