هديل فرفور – الأخبار
قبل سنة، تبنّت إدارة الجامعة الأميركية في بيروت ما سمته «سياسة الامتثال لبرامج العقوبات الاقتصادية الأميركية». كان ذلك نتيجة تسوية توصّلت إليها مع وزارة العدل الأميركية على خلفية استضافة الأولى صحافيين يعملون في مؤسسات إعلامية تابعة لحزب الله. اعتذرت إدارة الجامعة التي تقدم نفسها كـ«مساحة للحريات» عن «فعلتها الشنيعة»، ووعدت بعدم تكرارها. فيما يبدو أنها ذاهبة في «الامتثال» إلى حد الانبطاح. فإلى جانب التضييق على الكادر التعليمي والنشاط الطلابي للحؤول دون أي «تطبيع» مع جهات لا ترضى عنها واشنطن، تخشى مصادر في الجامعة من أن تطال سياسة الامتثال غير المشروط المنح الدراسية للطلاب الذين يُحسبون على «بيئة المقاومة».
في آذار 2017، أعلنت وزارة العدل الأميركية التوصّل الى تسوية مع الجامعة الأميركية في بيروت، تدفع الأخيرة بموجبها 700 ألف دولار و«تعتذر عن فعلتها»، بسبب استضافتها صحافيين من تلفزيون «المنار» وإذاعة «النور» في ورشات عمل تدريبية بين عامي 2007 و2009، ولإدراجها اسم «مؤسسة جهاد البناء» على لائحة المنظّمات غير الحكومية التابعة لها. هذه «الفعلة» اعتبرتها وزارة العدل حينها خرقاً لاتفاقات الدعم الخاصّة بالجامعة، باعتبار أن هذه المؤسسات مدرجة على لائحة «قائمة المواطنين الملحوظين» (SDN) ضمن قائمة «OFAC» للعقوبات الأميركية.
التسوية التي عقدت مع المُدّعي العام في مانهاتن جون كيم قضت بإقرار الجامعة بـ«سلوكها» غير المقبول، وبـ«اتخاذ الاحتياطات المناسبة لضمان عدم تكراره»، وفق ما نقلت وكالة «رويترز» يومها. وبالفعل، تبنّت الجامعة في 17 آذار 2017 «السياسة المتعلّقة بالامتثال لبرامج العقوبات الاقتصادية الأميركية»، ونشرت إدارتها «ورقة» تتضمن «المبادئ العامة» لهذه السياسة التي ينبغي احترامها.
مصادر في «الأميركية» قالت لـ«الأخبار» إنّ إدارة الجامعة قرّرت إجراءات «تذهب بعيداً في التمادي» في تطبيق هذه السياسة، لافتة الى أن هذه الاجراءات، في إطار العقوبات الأميركية المرتقبة، قد تطال المساعدات المالية التي تمنحها الجامعة لبعض الطلاب.
ومعلوم أن الطلبات في هذا الشأن تنظر فيها لجنة تابعة لمكتب المُساعدات المالية في الجامعة. وهي تضمّ إداريين وعدداً من أعضاء هيئة التدريس وموظفين لبنانيين وأميركيين. وتخضع دراسة الطلبات لمجموعة من المعايير التي تتبعها الإدارة، على أن تُرفق الطلبات بأوراق رسمية تُفيد بالمدخول الوظيفي للأهل والأملاك المُسجّلة باسمهم، ويؤخذ في الاعتبار عدد أفراد الأُسرة وإذا ما كان الأهل يتقاضون بدل أقساط مدرسية من المؤسسات التي يعملون فيها وغيرها. وتقتضي القواعد التي تحكم دراسة الطلبات، وفق المصادر نفسها، غضّ النظر عن أية اعتبارات سياسية أو دينية أو جغرافية.
مصادر مُقرّبة من اللجنة تؤكّد أنّ أي تغيير لم يطرأ على قواعد دراسة الطلبات ولم تُضف أي معايير جديدة «مكتوبة». لكنها تُشير الى أن اللجنة، في سياق «سياسة الامتثال» غير المشروط التي يطبّقها رئيس الجامعة فضلو خوري، قد تعمد الى الحدّ من المنح التي تعطى لطلاب محسوبين على جهات لا ترضى عنها واشنطن.
«الأخبار» نقلت هذه الهواجس إلى الإدارة التي اكتفت مصادرها بنفي تامّ لأي توجه الى الحد من اعطاء المنح الدراسية كما يشمل الحديث عن «مبالغة» إدارة الجامعة في تطبيق قانون العقوبات المالية.
ولفتت مصادر أخرى الى صعوبة تطبيق توجّه كهذا في وقت يستهدف برنامج المُساعدات المالية الأميركية usaid طلاباً متفوقين في المدارس الرسمية ومنها تلك الواقعة جغرافيا في بيئة حزب الله. وتؤكد أن الجامعة ملزمة بقبول هؤلاء الطلاب الذين قد يُصنّفون ضمن الفئات غير المرغوب بها أميركياً.