أردوغان: قرار قتل الخاشقجي صدر من أعلى مستوى سعودي… وليس الملك سلمان
واشنطن تعترف باستحالة معادلة الصفر في النفط الإيراني وتتأقلم مع نصف الكمية
تشاور قيادات 8 آذار لعقد اجتماع نيابي موسّع يخاطب الرئيسين بصيغ التمثيل الحكومي
كتب المحرّر السياسيّ – البناء
يضغط على المشهد الدولي تطوّر متسارع لملفين حساسين، واحد يطال مستقبل السعودية من بوابة تداعيات قضية قتل جمال الخاشقجي التي فتحت ملف مصير حكام دولة الحروب الفاشلة، وتحوّلها عبئاً على السياسات الدولية والإقليمية بحجم يفوق حجمها الفعلي وقدرتها على الإيفاء بالتعهدات لحلفائها، وفي مقدمتهم واشنطن، وتوريطهم في حسابات وهمية تكشفها نتائج الحرب على سورية والحرب في اليمن والعجز في تنفيذ الالتزامات بتأمين الشريك الفلسطيني القادر على التنازل عن القدس وحق العودة. وهذا منح تركيا ورئيسها كشريك سابق في حروب السعودية مكانة قيادية في المرحلة الانتقالية التي تواجهها السعودية، خصوصاً أن قتل الخاشقجي تمّ على الأراضي التركية وفي انتهاك سافر لمعاهدة فيينا للتمثيل الدبلوماسي وشروط الحصانات الممنوحة للسفارات والقنصليات. وينهمك الرئيس التركي رجب أردوغان في مواكبة لحظات الموقف الدقيق كي لا تفوته سانحة، معلناً أمس، أن قرار قتل الخاشقجي قد اتخذ وصدر بصيغة أمر للتنفيذ للأجهزة الحكومية السعودية من أعلى مستوى في القرار داخل الحكم السعودي، مؤكداً ثقته بأن الملك سلمان ليس صاحب القرار، موحياً بشكل مباشر بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو الذي تجب ملاحقته قضائياً بالمسؤولية عن عملية القتل، ضمن سياق متصاعد تواكب من خلاله تركيا مناخاً أميركياً وأوروبياً يضيق ذرعاً بوضع ولي العهد السعودي، يستشعر بالتعديل في مكانة ولي العهد ومكانة السعودية ضرورة لترتيبات جديدة في المنطقة.
بالتوازي كانت واشنطن التي تبشّر بالحزمة الخانقة لعقوباتها على إيران، كما وصفتها، تشدّد على جدية مبادرتها في وقف حرب اليمن، موجّهة كلامها لحليفتيها السعودية والإمارات بأن الشهر الممنوح لوقف الحرب غير قابل للتمديد، في ظلّ تحليلات تحفل بها الصحافة الأميركية عن رسالة ضمنية مريحة لإيران عشية ما يفترض أنها العقوبات الخانقة، وفي إشارة لمحدودية نظام العقوبات والفشل في تحقيق هدف معادلة الصفر النفطي في الصادرات الإيرانية، تواكبت مواقف أميركية عن تعقيدات تحول دون تحقيق الهدف كدول الجوار البري لإيران وفقاً لكلام مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، وبالحديث عن عدم إلحاق الأذى بحلفاء وفقاً لكلام بولتون ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، أو الإعلان عن لائحة إعفاءات من العقوبات وفقاً لكلام بومبيو عن إعفاءات ستطال أبرز مستوردي النفط والغاز من إيران في تركيا والهند، بحيث تسود الأوساط الأميركية اعتراف بأن التأقلم مع بيع إيران نصف كميات النفط التي تبيعها اليوم سيكون مقبولاً، هذا إضافة لما أعلنه وزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف عن مناخات الاتفاق الإيراني الأوروبي للحفاظ على تصدير مليون برميل نفط يومياً من إيران وفقاً لنظام سداد لا تطاله العقوبات الأميركية.
لبنانياً، مع سفر الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري عند نقطة الصفر التي بلغتها الاتصالات حول تشكيل الحكومة، وموقف رئيس الجمهورية الرافض رؤية قوى الثامن من آذار لتمثيل النواب السنة المنتمين لصفوفها، يدور تشاور بين قيادات قوى الثامن من آذار لمناقشة فكرة عقد لقاء جامع لنواب هذا الفريق الذين يبلغ عددهم 45 نائباً، تحت عنوان إنهاء التلاعب بمعايير تشكيل الحكومة والحديث عن تمثيل مزدوج لنواب الثامن من آذار بين كتلها، وقالت مصادر في الثامن من آذار، إن تساهل فريقها لتمكين الرئيسين من الخروج بتشكيلة حكومية بأقل المصاعب أدّى إلى تهميش فريقها حكومياً، بحيث ينال وهو الذي يتمثل بـ 45 نائباً حصة تكاد توازي حصة التيار الوطني الحر الممثل بـ29 نائباً، أي 7 وزراء لكل منهما، بينما ينال تقريباً نصف حصة قوى الرابع عشر من آذار الممثلة بـ44 نائباً، والتي نالت 12 وزيراً، وأن هدف الاجتماع هو تظهير التضليل الذي يتضمّنه الكلام عن عدم أحقية نيل هذا الفريق مزيداً من المقاعد الحكومية، ودعوة للعودة للبحث في التشكيلة الحكومية على قواعد تحقق التوازن في التمثيل السياسي والطائفي. وتتساءل المصادر، لماذا يتم الخلط بالحسابات عندما يتصل الأمر بتمثيل فريقنا، فنحن لا نمانع بتمثيل جميع الآخرين في المجلس النيابي، رداً على الكلام عن المسيحيين المستقلين، فبالنهاية المجلس النيابي مكوّن من 128 نائباً، موزعين بين 8 و14 آذار والتيار الوطني الحر، وعشرة نواب خارج هذه الكتل هي نواب كتلة الرئيس نجيب ميقاتي، ونواب الكتائب وثلاثة نواب هم ميشال المر وفؤاد مخزومي وبولا يعقوبيان، ولماذا لا يتمّ تمثيلهما بوزير لكل من كتلة ميقاتي والكتائب، على قاعدة لكل خمسة نواب وزير، فتكون حصة كل من 8 و14 تسعة وزراء وللتيار الوطني الحر ستة وزراء، ووزيرين لكتلتي ميقاتي والكتائب وأربعة وزراء لرئيس الجمهورية، وإذا رفض كلّ من تكتل ميقاتي والكتائب يقرّر الرئيسان مصير المقعدين، ولن تتدخل قوى 8 آذار في منحهما لرئيس الحكومة، وأضافت المصادر أن وجود النائب طلال إرسلان على لائحة تكتل التيار الوطني الحر وتمثيله ضمن حصته، يتيح لقيادات 8 آذار توزيع مقاعدها الوزارية التسعة على ستة لثنائي حركة امل وحزب الله شيعياً ومقعد لتيار المردة ومقعد للقوميين ومقعد لسنّة الثامن من آذار، وبالمقابل تتوزّع قوى 14 آذار مقاعدها بوزيرين درزيين للحزب التقدمي الاشتراكي وثلاثة وزراء مسيحيين للقوات اللبنانية وأربعة وزراء ثلاثة منهم سنّة وواحد مسيحي لتيار المستقبل، وفقاً لنسب النواب في كل من الكتل. وختمت المصادر أنه ما لم تتوصل المساعي التي يبذلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى التوصل لتسوية ما فإن التداول بهذا الاجتماع النيابي سيتقدّم بقوة.
هل يكون سكرية هو الحل؟
لم يُسجَّل أي خرق في جدار المواقف حول عقدة رفض الرئيس المكلف سعد الحريري تمثيل سنّة «اللقاء التشاوري»، بينما واصل الحريري اعتكافه في باريس يملئ فراغ التأليف بتأدية واجباته الاجتماعية والعائلية ومعاينة مرضى، لتقع المعاينة الحكومية على رئيس الجمهورية وحزب الله، حيث فُعلت الاتصالات ونشط الوسطاء على خط بعبدا حارة حريك يتقدّمهم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يعمل بعيداً عن الإعلام لمعالجة العقدة القائمة. وقد طُرح في التداول اقتراح يتضمن توزير عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب الوليد سكرية من حصة حزب الله وليس من حصة تيار المستقبل، ما يشكّل حلاً وسطياً بين عون وحزب الله ولا يلقى ممانعة الحريري، غير أن لا موافقة نهائية على هذا الاقتراح حتى الآن. وقد برزت إيجابية أبداها النائب سكرية تجاه الرئيس عون حملت مرونة للحل بقوله في حديث تلفزيوني: «الرئيس عون يمون علينا بأن لا نشارك في الحكومة ونصبح في المعارضة حتى لو يشارك حلفاؤنا فيها»، لافتاً إلى أن «الرئيس عون يريد إطلاق العهد بشكل سريع وكان أحسن أن يتحدّث مع الحريري ويقول له إنه هناك سنّة غيره في الشارع السني».
وفي حين يتمسّك الثنائي الشيعي بموقفه من تمثيل حليفه السني لم تُقفل بعبدا أبوابها على الحل بحسب مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء»، التي أكدت أن «التواصل قائم بين الرئيس وقيادة الحزب لتأمين مخارج توافقية للعقدة السنية»، لكن اللافت هو ما يقوم به إعلام وسياسيو 14 آذار باللعب على وتر العلاقة بين الرئيس ميشال عون والحزب وتضخيم التباين الحكومي وتداعياته السلبية على تفاهم مار مخايل بين الحزب والتيار، رغم تأكيد الحزبين على الثوابت الاستراتيجية ومتانة التحالف، وأكدت مصادر التيار أن «العلاقة بين التيار والحزب أقوى من أي خلاف حكومي ولا يتأثر بخلاف من هنا وتباين من هناك، بل هو تحالف سياسي ووطني للحفاظ على الاستقرار السياسي وحماية الوحدة الوطنية »، بينما لوحظت كثرة إشادات تيار المستقبل بموقف الرئيس عون من توزير سنة 8 آذار، علماً أن الفريق نفسه قاد ومنذ خمسة شهور حملة عنيفة على رئاسة الجمهورية وعلى العهد واتهامه بالسعي الى مصادرة صلاحيات رئيس الحكومة بالممارسة وضرب اتفاق الطائف، على أن مصادر 8 آذار لفتت لـ»البناء» الى أن «التقارب بين الرئيسين عون والحريري لا يزعج الحزب كما يدّعي إعلام 14 آذار بل لطالما دعا السيد حسن نصرالله الى التفاهم بين الرئاسات لتحصين الوحدة الوطنية، لكن جُل ما دعا اليه الحزب هو مقاربة هادئة وموضوعية ووطنية للتشكيلة الحكومية وتمثيل جميع المكوّنات فيها». في المقابل أكدت أوساط الرئيس المكلف لقناة الـ»أو تي في» أن «موقفه لم يتبدّل والحكومة جاهزة ينقصها اسمان وعند تسليمي إياها تسير الحكومة».
وإذ يعود الحريري الى بيروت خلال الأيام القليلة المقبلة يغادر مجدداً إلى باريس للمشاركة في مؤتمر حول السلام دعا إليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
في المقابل جدّدت مصادر اللقاء التشاوري تمسكها بحقها في التمثيل في الحكومة بوزير واحد من حصة الطائفة السنية، وليس من حصة الثنائي الشيعي ولا من حصة رئيس الجمهورية أو المسيحيين وأشارت لـ»البناء» الى أن «حقنا في التمثيل ينطلق من حجم تمثيلنا النيابي، وبالتالي لا مساومة على هذا الحق تحت أي ظروف وحسابات». ونفت المصادر أي تواصل مع اللقاء من قبل الرئيس الحريري أو الرئيس ميشال عون لحل العقدة، موضحة أن «الانقسام السياسي في البلد لا زال بين فريقي 8 و14 آذار، رغم تغيير خريطة التحالفات خلال العامين الماضيين»، معتبرة «أننا نمثل جزءاً أساسياً من فريق وخط سياسي مقاوم لا يزال موجوداً هو 8 آذار وليس شريحة نيابية سنية فقط»، وأوضحت «أننا لم نطلب موعداً مع رئيس الجمهورية بعد، رغم أننا كنا سنفعل ذلك، لكن بسبب سفر بعض أعضاء اللقاء فضلنا إرجاء الزيارة الى بعبدا، غير أنه وبعد موقف الرئيس عون والرسالة التي وجّهها إلينا في الحوار الإعلامي وتأييده للرئيس الحريري لم يعُد من شيء يُقال في هذا المجال «والمكتوب بينقرا من عنوانو»، بحسب المصادر لتضيف: «كنا نتمنى على الرئيس عون أن يسمع وجهة نظرنا قبل أن يحسم موقفه، لكنه سارع الى تبني وجهة نظر الحريري». ولفتت الى أن الرئيس عون في السابق لم يمانع تمثيلنا، لكن ماذا حصل كي يبدل رأيه؟
وشددت المصادر على «وقوف الثنائي الشيعي معهم». واعتبر النائب جهاد الصمد أن «الانتخابات النيابية أثبتت أن تيار المستقبل لم يعد الممثل الأوحد للطائفة السنية في لبنان. وتابع «فليلغوا حكومة الوحدة الوطنية ويقولوا لا نريد تمثيل السنة المستقلين»، مذكّراً ان «رئيس الجمهورية طلب في كل المناسبات سابقاً احترام نتائج الانتخابات النيابية في تشكيل الحكومة». وقال الصمد «لا يزايدنّ أحد على «سنّيتي» او حرصي على موقع رئاسة الحكومة، ومن لا يعرف مرشد الصمد و»مين خلّف مرشد الصمد» فليقرأ التاريخ». واعتبر أن «المشكلة الحقيقية، أن هناك مَن «يستقتل» ليكون رئيساً للحكومة، ومن «يستقتل» ليصبح رئيساً للجمهورية».
وكان عون استقبل في قصر بعبدا، سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه وأجرى معه جولة أفق تناولت التطورات الراهنة محلياً وإقليمياً، والعلاقات اللبنانية الفرنسية ومسار تشكيل الحكومة الجديدة. وأكد السفير الفرنسي استمرار بلاده في مساعدة لبنان على تجاوز الصعوبات والتحديات التي تواجهه على مختلف المستويات. وفيما تردّدت معلومات عن دخول فرنسي على خط معالجة الأزمة الحكومية، تحدث وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي عن مخاوف فرنسية من تداعيات انتظار ولادة الحكومة.
وفيما التغذية الحكومية وصلت إلى حدّها الأدنى منذرة بمرض قد يصيبها يعطل ولادتها في الأمد المنظور، عاد شبح العتمة ليخيم على لبنان واللبنانيين على عتبة فصل الشتاء مع الحديث عن خفض ساعات التغذية بساعات الكهرباء نتيجة نفاد الفيول في مؤسسة كهرباء لبنان وتعذّر صرف اعتمادات مالية لشرائه من دون قانون في المجلس النيابي الأمر غير المتوفر في الوقت الراهن لغياب جلسات التشريع في المجلس الذي ربطها رئيس المجلس نبيه بري بالتطورات على صعيد تأليف الحكومة، ما يفتح الباب على أزمة كهربائية قد تطال معظم المناطق اللبنانية، في الوقت الذي يتفاقم الوضع الاقتصادي. وفي سياق ذلك، دعت «كتلة ضمانة الجبل» إثر اجتماعها الدوري في دار خلده برئاسة النائب طلال أرسلان إلى «ضرورة حل العقد المتبقية للوصول إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية لا تستثني أحداً، كي تتمكن من العمل على خطط اقتصادية ومالية تحدّ من الخطر الداهم الذي قد ينتج عن تأخير ولادة الحكومة».
على صعيد أزمة مولدات الكهرباء، أكد وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري في حديث تلفزيوني له «اننا نذهب الى صاحب المولد ونطلع على عدد العدادات التي تم تركيبها للمشتركين لديه، ومَن يمضون على عريضة تؤكد أنهم لا يريدون العداد نذهب إليهم ونتأكد منهم أنهم مضوا على ذلك».
أما على خط أزمة النازحين، فأوضحت المديرية العامة للأمن العام أنّه اعتباراً من شهر تموز 2018 ولغاية تاريخه بلغ عدد النازحين السوريين المغادرين إلى سورية مستفيدين من التسهيلات المقدّمة من المديرية العام للأمن العام على المعابر الحدودية لتشجيعهم على العودة حوالي 80 ألف نازح. كما بلغ عدد النازحين الذين عادوا ضمن حملات العودة الطوعيّة التي تنظّمها المديرية 7670 نازحاً. وبذلك يصبح مجموع النازحين الذين عادوا إلى سورية قد بلغ حتى تاريخه حوالي 87670 نازحاً.