صحيفة الجمهورية
فيما أوغل التأليف في طور جديد من التعقيد مجدداً بعنوان «العقدة السنية»، تَصدّر الاهتمامات والمتابعات على مختلف المستويات التباين في المواقف الذي ظهر بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«حزب الله» حول هذه العقدة وسبل معالجتها. وفي الوقت الذي بَدا انّ عون لم يبدِ بعد أي اشارة الى تغيّر إيجابي في موقفه، قَلّلت مصادر مطلعة على موقف «الحزب» من أهمية ما يجري، مرجّحة ان يكون التعبير قد خان رئيس الجمهورية في ما عبّر عنه من مواقف أمس الأول، ومشيرة الى وجود رغبة لديه في أن تكون للبلاد حكومة في أسرع وقت.
تأكد أمس أن لا شيء متوقعاً قريباً على جبهة التأليف الحكومي، وذلك بعد سفر الرئيس المكلف سعد الحريري الى باريس، في زيارة شدّدت مصادر «المستقبل» لـ«الجمهورية» على «طابعها الخاص»، مؤكدة «أنّ فرنسا لا تتدخل في الشأن الحكومي وإنما تطلب، كالجميع، ان تؤلّف الحكومة في أسرع وقت، ولا تهتم بالتشكيلة الوزارية او في اي أمر آخر».
لكنّ المراقبين توقفوا عند هذه الزيارة الحريرية من حيث توقيتها، متوقعين ان تكون للحريري لقاءات واتصالات بعيداً من الأضواء، خصوصاً انّ تعقيدات الوضع الحكومي في لبنان إقليمية، وتحديداً إيرانية.
ومعلوم انّ فرنسا تجري منذ نحو شهر اتصالات في شأن لبنان بعيداً من الاضواء، وكادت ان تنجح مرتين في خلال الاسابيع الثلاثة الاخيرة، ومن الطبيعي ان يتم التشاور معها في هذا الموضوع إذ لا يُستبعد أن ترسل موفداً سرّياً الى طهران للتفاوض في هذه المسألة.
خلاف عون ـ «الحزب»
وفي هذه الاجواء، كان لافتاً الخلاف الذي برز، للمرة الأولى منذ مشاورات التأليف، بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«حزب الله» حول تمثيل أحد نواب «اللقاء التشاوري السنّي».
وفي المعلومات انّ اتصالات ستحصل اليوم بين الجانبين لتوضيح بعض الامور، ولكن يبدو انّ تأليف الحكومة صار أبعد من توزير هذا الفريق او ذاك، ليصبح جزءاً من الكباش الدائر في المنطقة، خصوصاً انّ موعد 5 تشرين الثاني الجاري قد اقترب، وهو تاريخ البدء بتنفيذ الرزمة الجديدة من العقوبات الاميركية على ايران، والتي سبقتها زيارة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لسلطنة عمان، وما قيل عن ارتباطها بالملف الايراني ـ الاسرائيلي أكثر مما هي مرتبطة بالملف الاسرائيلي ـ الفلسطيني.
«الحزب» لـ«الجمهورية»
في غضون ذلك، قالت مصادر «حزب الله» لـ«الجمهورية»: «انّ الحزب لن يدخل في سجال مع رئيس الجمهورية على الاطلاق، ولن يكون لدينا أي موقف معلن من كلامه. واذا كان لدينا بعض الملاحظات او كنّا مختلفَين، فكلامنا نقوله لرئيس الجمهورية في المجالس المغلقة وليس في العلن».
ونَفت المصادر أي زيارة قريبة لوفد من «الحزب» الى القصر الجمهوري، كما تردّد أخيراً.
من جهتها، نَفت مصادر قصر بعبدا وجود اي موعد محدّد لوفد من «الحزب» على لائحة زوّار عون، وقالت لـ«الجمهورية»: «اذا كانت هناك فكرة من هذا النوع فلم يطلب أحد حتى الآن أي موعد».
العقدة السنية
وعلمت «الجمهورية» انّ موقف «حزب الله» إزاء قضية تمثيل السنة المستقلين يتلخص بالآتي:
– أولاً: انّ مسألة تمثيل السنة المستقلين ليست بنت أسبوع ولا أمس، وهي مطروحة منذ اليوم الاول من التكليف، ولكن لم يتم الاشارة اليها في الاعلام لأنّ جَو الرئيس سعد الحريري كان يُحَتّم تأجيل البحث فيها، وتركزت المساعي على حل عقدة «القوات اللبنانية» طوال 5 أشهر، مع العلم انّ كل اتصال مع الحريري كان يتم خلاله تذكيره بالتمثيل السني. ولذلك، فإنّ هذه المسألة ليست طارئة ولا مستجدة، وإنما هي قديمة قِدَم التكليف، ومطروحة منذ اليوم الاول للتكليف.
– ثانياً: عندما كان «حزب الله» يصرّ على المعيار الواحد للتمثيل إنما كان يشير ضمناً الى انّ أي معيار يُعتمَد لا بد من ان يطاول التمثيل السنّي المستقل، ولكنّ الرئيس المكلف لم يكن يدير بالاً الى هذه المسألة. وخلاصة الامر انّ هؤلاء السنّة المستقلون لهم تمثيلهم الشعبي الوازن الذي لا يمكن تجاهله اذا اردنا تشكيل حكومة وحدة وطنية.
– ثالثاً: في مكوّنات مجلس الوزراء، وبعد حل عقدة «القوات اللبنانية»، يلاحظ التنوّع الشيعي في التمثيل، وكذلك التنوّع المسيحي، وحتى التنوّع الدرزي وجدت له تسوية ما في المقعد الوزاري الثالث، فلماذا الحصرية في التمثيل السني؟
– رابعاً: إنّ تمثيل السنة المستقلين ليس مطلباً لـ«حزب الله»، وإنما هو مطلبهم، وهو مطلب محقّ يدعمهم فيه «حزب الله» ويؤيّدهم.
«المستقبل»
في هذا الوقت، بَدا انّ طرح توزير شخصية سنّية تحظى بثقة رئيس الجمهورية وتلقى قبولاً لدى 8 آذار و«حزب الله» ولا تستفزّ الحريري، لا يعني تيار «المستقبل» الذي قالت مصادره لـ«الجمهورية»: «الوزراء السنّة معروفون، 5 يسمّيهم الرئيس المكلف، والسادس يسمّيه رئيس الجمهورية. وبالتالي، ليس هناك اي طرح من هذا القبيل». واكدت انّ موقف الحريري الرافض توزير سنّي من فريق 8 آذار «هو موقف حاسم ونهائي».
وعمّا اذا كانت المفاوضات قد عُلّقت بفعل سفر الرئيس المكلف؟ أجابت المصادر: «ليس هناك من مفاوضات، بل هناك 3 اسماء ناقصة لكي تكون الحكومة مكتملة. وما يحصل اليوم هو انهم يحاولون الإتيان بهذه الاسماء».
«اللقاء التشاوري»
في المقابل، يستعد «اللقاء التشاوري السنّي» للاجتماع وتحديد خطواته المقبلة، وأكدت مصادره لـ«الجمهورية» رفضها طرح توزير شخصية سنية من خارج «اللقاء» «إستناداً الى انّ الوكالة الشعبية قد أُعطيت للنواب السنّة المستقلين الستة، والاتفاق في الاساس هو ان يتمثّل نائب من بينهم وليس من خارج «اللقاء»، ولذلك الاصرار كبير على ان يتمثّل أحد من بينهم».
وإذ كررت المصادر «ان لا شيء يمنع من زيارة قصر بعبدا، أوضحت ان اللقاء لم يطلب اي موعد لزيارة رئيس الجمهورية بعد، مشيرة الى انها لم تتبلغ من «حزب الله» عن أي تحرك مرتقب له في اتجاه عون، مبدية اطمئنانها الى موقف الحزب ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووصفته بأنه موقف «واضح وجاد وصريح». وقالت: «لا نعتقد انّ هناك أي تبديل في موقف حلفائنا».
واعتبرت «انّ من يعرقل تأليف الحكومة هو صاحب القرار الذي يرفض أن تتمثّل فئة مهمة حسب المعيار الذي وضعه بنفسه، فهل يتحمل مسؤولية عرقلة الدولة؟ لسنا نحن من يعرقل، على العكس نحن نسعى لمصلحة الوطن، لكنها عرقلة غير طبيعية لحق طبيعي، ولا يجوز ان يحتكر شخص واحد تمثيل طائفة بكاملها، لأنّ النتائج الانتخابية أثبتت انه ليس الممثل الوحيد، صحيح أنه الممثل الاكبر ولكنه ليس الأوحد».
المشنوق: طفح الكيل
وكان الوزير نهاد المشنوق قال من تعنايل خلال جولة في منطقة البقاع الأوسط: «لن نكون كاريتاس سياسي، وكما علينا واجبات فلنا حقوق، ومن غير المقبول أن تصبح رئاسة الحكومة وحدها مركز خبرات لتفكيك العبوات السياسية وإزالة الألغام المتتالية التي تتكاثر يوماً بعد يوم».
واعتبر أنّ «الخزّان الكبير الذي اسمه المسؤولية الوطنية لدى أهل السُنة بدأ ينفد، بعدما تعرّض للاستنزاف حتى لا أقول للابتزاز. فلسنا وحدنا المسؤولين والمعنيين بالميثاقية، ولسنا وحدنا «أُم الصبي»، فكيف إذا عوملت الأم بطريقة سيئة؟! ليس أكيداً بعدها أن يبقى الصبي على قيد الحياة لنحرص عليه».
وقال: «كل يوم يخلقون لغماً جديداً، ويبتكرون معايير جديدة ويطبّقونها بنحو انتقائي وحيث يحلو لهم، ويطبّقون عكسها في مكان آخر»، سائلاً: «لماذا لا تكون مثلاً مبادلة الوزراء بين جميع الأطراف؟ وإذا كانت المبادلة مكسباً وطنياً، فلتكسب كل الأطراف منها، ونحن نقبل أن نكون آخر الكاسبين. بصراحة لقد طفح الكيل لأنّ الامور وصلت إلى مكان حيث لا يمكن السكوت عنه».
وفد فرنسي
على صعيد آخر، يصل الى بيروت وفد فرنسي نهاية الأسبوع، يضم الوزيرة المكلفة شؤون المياه السيدة كورين لو باج، يرافقها وفد إداري كبير يضم كلّاً من رئيس اكاديمية المياه في فرنسا السيد بريس لالوند وعدد من الخبراء الفرنسيين، بهدف حضور فعاليات معرض الكتاب الفرنسي الذي سيقام في بيروت، والمشاركة في ندوة تعقد على هامشه الى جانب وزير الطاقة سيزار ابو خليل وعدد من المتخصصين في شؤون الطاقة والمياه.
كذلك سيشارك الوفد في حفلة توقيع كتاب المدير العام لوزارة الطاقة فادي قمير عن المياه في لبنان، التي ستقام في 7 الجاري في قاعة «نيوـ بيال» في فرن الشباك.