عماد مرمل – الجمهورية
تورّمت «العِقدة السنّية» خلال الساعات الماضية، بعدما كانت «مكتومة القيد» طيلة الفترة الماضية، تاركة للعقدة «القواتية» أن تستحوذ على الحيّز الأكبر من الاهتمام و«الدلال». أمّا وانّ حصة معراب في الحكومة الجديدة قد حُسمت، فإنّ «جمر» توزير النواب الستة خرج من تحت الرماد.
بينما كان يُفترض أن يترأس الرئيس المكلّف سعد الحريري أمس اجتماع كتلة «المستقبل»، على وقع التجاذب الحاد حول التمثيل السنّي، تغيّر شكل الاجتماع ومضمونه بفعل غياب الحريري عنه، لاضطراره إلى زيارة قصر بعبدا في إطار التشاور مع رئيس الجمهورية، فتولت النائب بهية الحريري ترؤس جلسة الكتلة التي تحوّلت تشاورية، وتركّزت على أمور إجرائية وتنظيمية، في نوع من الـ«بروفة» لعمّة الرئيس المكلّف التي ستناط بها رسمياً مهمة رئاسة الكتلة بعد تشكيل الحكومة وتفرّغ سعد الحريري لها.
وعُلم أنّ بهية الحريري ناقشت مع أعضاء الكتلة سبل التعاون والتنسيق في المرحلة المقبلة، وركّزت على طريقة تنظيم العمل وتوزيع الأدوار والمهمات من الناحية التشريعية المتعلقة بعمل مجلس النواب.
لكن، وعلى رغم ذلك، ظلّ شبح العقدة السنّية يحوم فوق بيت الوسط ويرخي بظلاله على المشاورات المُعلنة والمستترة، لاسيما أنّ كلاً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري و«حزب الله» جدّد أمس تأكيد الالتزام بدعم حق المجموعة المستقلة عن «تيّار المستقبل» في أن تتمثل بوزير، فيما يبدو الحريري مصراً أكثر من أي وقت مضى على رفض تجرّع هذه «الكأس المرّة».
ويؤكّد القريبون من الحريري، أنّه من المستحيل ان يبدّل قراره، مشددين على أنّ موقفه حازم وحاسم، وهو قطعاً لن يقبل بتوزير سُنّة «حزب الله»، على حدّ توصيف هؤلاء لمجموعة النواب الستة، معتبرين، أنّ أحداً لا يمكنه أن يفرض على الرئيس المكلّف طريقة عمله، «إذ انّ صلاحياته كرئيس مكلّف واضحة في الدستور، وليس مقبولاً الانتقاص منها، وبالتالي، فإنّ رئيس الجمهورية ميشال عون، صاحب التوقيع الإلزامي على مراسيم التأليف، هو وحده من يحق له استخدام حق الفيتو، لا «الحزب» ولا غيره».
ويعتبر القريبون من بيت الوسط، انّ من يتمسّك بتمثيل سنّة 8 آذار يستطيع الاعتراض على عدم توزيرهم، عبر حجب الثقة عن الحكومة وفق الأصول الدستورية والديموقراطية، لافتين الى انّ «حزب الله» يتحمّل المسؤولية عن كل لحظة تأخير في تشكيل الحكومة منذ معالجة العقدة «القواتية»، وملاحظين انّ هناك نفخاً متعمداً في حجم النواب الستة خلافاً لحقيقة الأرقام الإنتخابية التي تؤشّر الى انّ نسبة تمثيلهم في الطائفة السنّية لا تتجاوز حدود 9 في المئة.
وتعليقاً على قول المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل بانّ «الحزب» ليس في وارد سحب التكليف من الحريري، يعتبر أحد المحيطين بالرئيس المكلّف انّ المطلوب القبول بالحريري كما هو، وليس كما يريده البعض، ملاحظاً انّ هناك من يتمسّك ببقاء الحريري في رئاسة الحكومة ولكن شرط ان يكون ضعيفاً ومكبلاً بقيود وزارية.
وبينما يوضح العارفون انّ الحريري لا يمانع في أن يتمثل النواب الستة ضمن حصّة عون، إذا اراد رئيس الجمهورية ذلك، يُنقل عن نواب في تكتل «لبنان القوي» تأكّيدهم انّ عون ليس في هذا الوارد، أقلّه حتى الآن.
وأمام ثبات الحريري على الامتناع عن تجيير مقعد من حصّته الوزارية الى النواب السنّة المستقلّين، يرجح مصدر في «المستقبل» أن يتمّ في نهاية المطاف اعتماد واحد من الخيارات الآتية:
-أن يسمّي عون وزيراً سنّياً منتمياً الى 8 آذار من حصّته.
-أن يتنازل «حزب الله» او «حركة أمل» عن أحد المقاعد العائدة لهما.
-أن يخوض «الحزب» معركة لبضعة ايام من اجل توزير حلفائه السنّة بغية تبرئة ذمته، ثم يتراجع ويسهّل تشكيل الحكومة من دونهم، على قاعدة انّه بذل أقصى ما يُمكن من جهد وضغط لمنحهم مقعداً، ولا يستطيع ان يتحمّل إبقاء الحكومة معلّقة حتى إشعار آخر في ظل التحدّيات الصعبة التي تواجه لبنان.