قال نائب الأمين العام لـ"حزب لله" الشيخ نعيم قاسم في كلمة القاها في الذكرى السنوية الأولى لوفاة الشيخ عبد الناصر الجبري ان "الاعتصام بحبل الله أصل وأساس، والتفرقة هي التي تطرأ وتنشأ وهو انحراف عن الخط تؤدي إلى الفشل وإلى ذهاب الريح والقدرة والإمكانات، من هنا نؤكد أن عملنا من أجل الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية هو عمل دائم وجدي نبذل في سبيله المهج ونقدم من أجله كل التضحيات".
وقال: "سمعنا من وزير الأمن الإسرائيلي ليبرمان أنه يدعي أن البلوك 9 النفطي في المياه الإقليمية اللبنانية هو لإسرائيل الغاصبة المحتلة، وهو يعلم تماما بأنه كاذب بامتياز وأن كل الأدلة لا تساعد على هذه المقولة التي قالها، إذا لماذا ادعى ذلك؟ لا تستغربوا، من ادعى أن فلسطين له، ومن احتل فلسطين بحجة أنها له فمن الطبيعي أن يدعي أن البلوك 9 له، وأن لبنان له والأدرن له وسوريا له ومن الفرات إلى النيل، وهذا ما كنا نقوله دائما بأن إسرائيل كيان عدواني توسعي يريد أن يستحوذ على كل شيء، ويريد أن يسيطر على أملاك وأفكار وقناعات واقتصاديات وسياسات الناس، فهو لن يكتفي بما هو عليه في فلسطين، إذا هذا الإدعاء هو دليل عدواني آخر".
اضاف: "آن لنا أن نبرز بأن إسرائيل معتدية وأنها عدوانية، عجيب كيف تذهب إسرائيل إلى دول العالم وتصرح وتتصل وتقول بأن المقاومة لديها سلاح وتنميه، ولا أحد يقول بأن إسرائيل تنمي سلاح العدوان وسلاح الغضب، وإمكانات التدمير والإيذاء والتخريب لتكون حقيقة هي الظالمة لا المظلومة، علينا أن نشير دائما إلى أن إسرائيل معتدية، وإذا كنتم تظنون بأن إسرائيل تنفعكم فأنتم مخطئون، إسرائيل عبء على كل العالم ومشكلة للبشرية، وليست عبئا على العرب وعلى فلسطين فقط، هي عبء على الجميع من دون استثناء، لأنهم لا يراعون أبدا لا حرمة ولا كرامة للانسان، ما الذي يميزهم عن التكفيريين الذين يقتلون كل ما عداهم، ويسلبون إمكانات كل من عداهم، ولا يقبلون إلاَ بأفرادهم وقياداتهم، كلاهما في الخانة الواحدة. الإرهاب التكفيري والإرهاب الصهيوني أمة واحدة وإرهاب واحد، وآثارهما واحدة وعلينا أن نواجه هذا الخطر بكل قوة وصلابة".
وتابع: "إن إعلان ليبرمان وحد بحمد الله تعالى الموقف اللبناني في ظل أجواء كانت مربكة، ولكن هذا الموقف الموحد ضد العدوان الإسرائيلي بالتصريح المعتدي على البلوك 9 يعتبر إضاءة مهمة، وتحية إلى الرؤساء الثلاثة وإلى كل المسؤولين في لبنان الذين برزوا مدافعين عن الحق اللبناني والوطن اللبناني وفي مواجهة العدو الإسرائيلي يدا واحدة على الرغم من كل الصعوبات والمشاكل والتحديات".
واردف: "وهنا نرى بين الحين والآخر وخاصة في الفترة الأخيرة أن المسؤولين الإسرائيليين كثفوا كثيرا من عنترياتهم وتهديداتهم للبنان، ونحن لم نرد على هذه العنتريات التي نعتبرها جزءا لا يتجزأ من معالجة أزمات نفسية يعيشونها اتجاه قوة وحضور المقاومة لا بعسكرها فقط بل بشعبها وجيشها وهذا التماسك العظيم الذي شكل قوة منيعة ردعت إسرائيل حتى الآن منذ سنة 2006 من أن تتجرأ وتقوم بأي عمل في لبنان، لكن سرعان ما اكتشفوا أن هذه التهديدات للصهاينة وليست للبنان، لأن شعبهم خاف وارتعب، ما الذي سيهمه أن تقول له: سندمر لبنان وفي آن معا ستدمر بيوتهم وسيخسرون أمنهم وما هم عليه، ولذلك سارع نتنياهو ليقول: أنا لا أخوض حربا ضد لبنان، هذا ليس كرم أخلاق، هذا نتيجة جهوزية المقاومة وقدرة الردع والتوكل على الله، لأنهم يعلمون أننا جاهزون على الزناد عندما يرتكبون أي حماقة، وبالتالي هم يحسبون ألف حساب قبل أي خطوة، وهم في هذه الحالة مضطرون أن يعلنوا بأنهم ليسوا في دائرة الحرب ليس كرم أخلاق وإنما ردع إلهي وبشري ببركة "حزب الله" ومجاهدي المقاومة وهذا الالتفاف بين الجيش والشعب والمقاومة".
وقال: "نحن في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران في 11 شباط 1979، هذه الثورة الإسلامية التي أنجبت دولة إسلامية مميزة وأنشأت خطوات الجمهورية الإسلامية التي تتميز عن الشرق والغرب بكل أسسها ومعالمها وأهدافها وخطواتها. هذه الجمهورية الإسلامية بقيادة الولي الفقيه، استطاعت أن تجد لها مكانا في المنطقة يميزها على أقرانها ومكانا في العالم يجعلها محل منافسة تضطر الدول الكبرى أن تجلس معها لتناقش قضايا المستقبل".
اضاف: "الجمهورية الإسلامية في كل تاريخها أعطت ولم تأخذ، وانتقلت من الضعف إلى القوة، ومن المقلب الإسرائيلي إلى المقلب الإسلامي المقاوم، ومن التبعية إلى الاستقلال، ومن الاستسلام إلى المواجهة، ومن العصر الإسرائيلي إلى عصر المجاهدين، كلها إنجازات عظيمة، لم تقتصر خيراتها على إيران بل عمت خيراتها المنطقة بأسرها، فكان من بركات الجمهورية الإسلامية أن استمرت شعلة المقاومة في مواجهة إسرائيل، بل اتقدت وازدادت وأنجزت وحققت انتصارات متنقلة في لبنان وفلسطين، وانعكست على انتصارات حصلت في سوريا والعراق وفي كل موقع كان لإيران فيه موقف مؤازر ومؤيد للمقاومين ولأصحاب الحق".
وتابع: "لقد اعتدوا على إيران ولم تعتد على أحد، وحاولوا اسقاط نظامها عدة مرات ولم تتدخل في أنظمة الدول، ساعدت ولم تطلب المساعدة من أحد، ومدت يدها إلى دول الخليج فرفضوا مد اليد لأنهم عاجزون، ولأنهم يعتقدون أن إيران إذا دخلت في اتفاق أو صلح معهم فإنها أسرع إلى قلوب شعوبهم من أنظمتها، ولذا هم يريدون وضع السد المنيع خشية أن يكون هذا النموذج الخير موجودا في القلوب والعقول في أنظمة فاسدة مستبدة لا تراعي حرمة لإنسان".
واردف: " من مصلحة دول الخليج أن تتفق مع إيران، وليس من مصلحتها أن تتفق مع إسرائيل، إسرائيل ستبتلعها، وإسرائيل لا أمان لها، وأميركا أيضا لا أمان لها، كل الاتفاقات التي عقدتها أميركا مع عدد من الدول لم تلتزم بها على الإطلاق، والآن من يعيق الحل السياسي في سوريا أميركا، ومن يلعب بورقة الأكراد في جهة معهم وفي عفرين ضدهم لتجعلهم في حالة إرباك وحاجة لأميركا دون أن يأخذوا منها شيئا هي تجربة ماثلة أمامنا. وتركيا الحليفة مع أميركا لا تحصل على جواب ما الذي تريده أميركا في مستقبل المنطقة، هي مع تركيا بعدم وجود دولة كردية؟ أم هي ضد تركيا في إيجاد دولة كردية؟ على الأتراك أن يحلوا الأحاجي وخلال الطريق لا يفهم أحد ما الذي ستفعله أميركا، وفي النهاية هي تعمل لمصلحتها".
وقال: "عندما سقط المشروع الكردي الإنفصالي في العراق سقط بعد إيعازات من أميركا بأنها معهم، ولكن تتركهم لترى النتائج، وبعد أن فشلوا بحكم المعادلات الموجودة في المنطقة تنصلت واتهموا أميركا بالخيانة، مهلا، لستم أول من اتهم أميركا بالخيانة، أميركا بإداراتها المتعاقبة هي دائما خائنة للشعوب لأنها تفكر بمصالحها حتى ولو دمرت العالم".
واضاف: "وأخيرا، حزب الله أنشأ مدرسة سياسية مميزة في لبنان، قائمة على الصراحة في إعلان المواقف مع جمهوره، وكذلك في الوفاء للتفاهمات والاتفاقات التي يعقدها مع القوى السياسية المختلفة، لم نعلن يوما موقفا وخالفناه، ولم نعقد اتفاقا ثم تركناه، بل كنا دائما عندما نلتزم بأمر حتى ولو اكتشفنا بعد ذلك أن فيه بعض الخسائر لنا، نقف عند الوفاء وعند الكلمة وعند العهد وعند الالتزام، ولذلك تحالفاتنا في الساحة تحالفات صادقة واستراتيجيات، هذه التحالفات ندفع ثمنها تنازلات على مستوى المكاسب الخاصة، ونحن راضون، لأننا نعتبر أن الاتفاق حول المقاومة أولى من بعض الوظائف، ونعتبر أن نجاحنا في أن نكون كتلة واحدة في لبنان أولى من بعض المشاريع المحدودة، وهذا ما أدى إلى أن يكون لبنان على هذه الصورة وعلى هذه القوة، بسبب وجود هذه الركيزة التي اسمها "حزب الله" تعمل من أجل الجمع وعدم التفرقة، وتعزيز المواطنة والوطنية وعدم الاستئثار ومحاولة معالجة المشاكل المختلفة. ولذلك أقول: إذا خرجت بعض التصريحات أو بعض المشاكل أو بعض العقبات فهذه لها طريق في الحل، ولا يعقل أن يكون هناك موقف أو تصريح سببا من أجل إنهاء علاقة أو تحالف".
وختم: "نحن في ذكرى التفاهم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، هذا التفاهم اليوم هو أصلب بكثير من الوقت الذي أنشئ فيه، وكان هناك رهانات كثيرة خلال كل الفترة الماضية على ضرب هذا التفاهم، بأساليب مختلفة ولكن الحمد لله يوما بعد يوم ترسخ أكثر فأكثر، وأقول: من يراهن على أن تسقط تلك التفاهمات والعلاقات مع حلفائنا فهو واهم، هذه التحالفات سياسية وأخلاقية مبدئية لا تبنى على منافع آنية وإنما تبنى على مستقبل ونحن نلتزم بكل ما له علاقة بهذا المستقبل".