افتتاحية صحيفة النهار
لقاء بعبدا على وقع بداية الاستحقاق
يعقد في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الاجتماع الرئاسي الذي يجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري. وليس من جدول أعمال مسبق للاجتماع الذي استدعت عقده التهديدات الإسرائيلية المتمثّلة ببناء الجدار الإسمنتي على الحدود البرية وادعاء ملكية اسرائيل بلوك النفط الرقم 9.
ومن المتوقع ان يكون تقرير قيادة الجيش قد وصل عن اجتماع اللجنة الثلاثية اللبنانية – الدولية – الاسرائيلية أمس في الناقورة ليتفق الرؤساء الثلاثة على موقف موحّد من الخروقات والتهديدات، والتحرك المفترض القيام به لمواجهة هذه التطورات.
وينتظر أيضاً الخوض في تفاصيل الازمة السياسية الاخيرة ومتفرعاتها وتداعياتها، بحثاً عن تفاهمات من شأنها اعادة تفعيل العمل الحكومي ومعاودة جلسات مجلس الوزراء لمعالجة الملفات الحيوية ومنها مناقشة الموازنة واقرارها وإحالتها على مجلس النواب في أسرع وقت لإقرار قانونها قبل انتهاء ولاية المجلس. ويأتي في هذا السياق الاتفاق على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب لتمكينه من التشريع في الوقت المتبقي من ولايته، مع العلم ان مرسوم فتح الدورة لا يحتاج الى تشاور مع رأس السلطة التشريعية.
وفي ازمة مرسوم الاقدمية للضباط، علم انه لا مشروع حل بعد وان المواقف على حالها، الا اذا طرح أحد الطرفين تسوية، وفي غير هذه الحال يتفقان على ارجاء معالجة الخلاف الى ما بعد الانتخابات النيابية.
اما المشكلة الناجمة عن كلام وزير الخارجية جبران باسيل وما أعقبه من ردود فعل على الارض، فليس معروفاً ما اذا كان سيثيرها الرئيس عون صاحب الدعوة الى الاجتماع، من دون استبعاد إكمال ما كان بدأه ببيانه ومن ثم خلال اتصاله بالرئيس بري الخميس الماضي.
في أي حال، انتهى الاجتماع العسكري الثلاثي الدولي اللبناني – الاسرائيلي في مقر قيادة “اليونيفيل” برأس الناقورة أمس الى اعلان القيادة الدولية ان “الجانبين اللبناني والاسرئيلي اكدا التزامهما مواصلة استخدام الآليات التي تضطلع بها اليونيفيل لمعالجة اي مسائل يمكن ان تؤدي الى توترات”. وشدد قائد “اليونيفيل” اللواء مايكل بيري على ان “لا أحد يريد العودة الى فترة تصعيد التوتر وخرق وقف الاعمال العدائية”. وافاد الجيش اللبناني انه “عرض مسألة الجدار الذي ينوي العدو الإسرائيلي إقامته على الحدود اللبنانية الفلسطينية، مؤكدا موقف الحكومة اللبنانية الرافض لإنشاء هذا الجدار كونه يمس بالسيادة اللبنانية، خصوصا إن هناك أراضي على الخط الأزرق يتحفظ عنها لبنان، كما عبر عن شجب الحكومة لتهديدات بعض قادة العدو ومزاعمهم حول عدم أحقية لبنان بإستغلال البلوك البحري النفطي رقم 9، مشددا على أن هذا البلوك يقع بكامله ضمن المياه الإقليمية والإقتصادية اللبنانية، كذلك عرض لخروقات العدو الجوية والبحرية والبرية لأراضي لبنان وطالب بوقفها فوراً”.
بدء الترشيحات
في غضون ذلك، بدأ أمس العد العكسي للانتخابات النيابية مع فتح باب الترشيح وبدء الحملات الاعلامية رسمياً. وصرح وزير الداخلية نهاد المشنوق بأن “هذه العملية الانتخابية ستكون مميزة اذ انها ليست كسابقاتها في تاريخ الجمهورية اللبنانية”. ووصفها أيضاً بانها “جزء من عملية تطوير وتحديث لا سابق لها”، نظراً الى العوامل التغييرية التي تميزها. ودعا جميع الذين سيشاركون في الحملات الانتخابية الى “التحلي بروح المسؤولية الوطنية واعتماد لغة تخاطب تستند الى العقل والاعتدال واحترام الرأي الآخر”.
اعلام وقضاء
وتزامن فتح باب الترشيحات النيابية مع جلسة اكتسبت اهمية مميزة للجنة الاعلام والاتصالات النيابية في مجلس النواب شارك فيها جميع الاطراف المعنيين بالعلاقة بين الاعلام والقضاء الذي شكل محور المناقشات. وأفاد وزير الاعلام ملحم الرياشي ان الجلسة شهدت “تشديداعلى اهمية دور القضاء وحمايته من بعض التفلت وحماية الاعلام وحريته”، معتبراً انه “في الصيغة الاستنسابية التي تسير فيها الاستدعاءات الى القضاء الاعلام اكثر من مظلوم”. وقال رئيس اللجنة النائب حسن فضل الله ان البحث تناول “كل الوضع الاعلامي والملابسات التي حصلت في المرحلة الماضية ودور القضاء” وأن الحوار الذي حصل كان من “ارقى الحوارات التي شهدناها في بلدنا”. وتحدث عن انجازات اتفق عليها منها استعجال اقرار قانون الاعلام والتوافق على وحدة المعايير في طرح القضايا القانونية المتعلقة بالاعلام، مشيراً الى ان ممثلي وسائل الاعلام اكدوا انهم تحت سقف القانون لكن مطلبهم عدم الاستنسابية. ويذكر في هذا السياق ان الجلسة تناولت موضوع تبرئة القضاءفي حكم اصدره امس لمحطة “ام تي في” في ملف شركة “ستوديو فيزيون”.
“القوات” و”التيار”
وسط هذه الاجواء، بدأت الرياح الانتخابية تعصف في اتجاهات من شأنها ان تعيد التباينات بين حلفاء سياسيين وحزبيين. وكان أول مؤشرات هذا المناخ حملة عنيفة شنتها النائبة ستريدا جعجع أمس على وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل متهمة اياه باتباع “نهج الزبائنية السياسية عبر خدمات انتخابية تلبية لرغبات حالم بكرسي في مجلس النواب وحليف انتخابي مفترض”. كما اتهمته بتوظيف خمسة مياومين في شركة قاديشا بناء على طلب جهة سياسية محلية.
ذكرى “التفاهم”
الى ذلك، لوحظ ان “حزب الله” بادر الى اصدار بيان عشية الذكرى الـ12 لتفاهمه مع “التيار الوطني الحر” شدد فيه على التمسك بهذا التفاهم. وقال إن هذه الذكرى “تؤكد أهمية هذا الحدث التاريخي، الذي رسم طريقاً جديداً على الساحة اللبنانية وثبتت نجاعته خلال المراحل التي مرّ بها لبنان منذ حرب تموز العدوانية عام 2006 وصولاً إلى الحرب على الإرهاب في السنوات الأخيرة، ومروراً بالأحداث المتعددة التي عاشتها البلاد على مدى أكثر من عقد”.
وأكد ان ” تفاهم مار مخايل لم يكن لقاءً بين قادة سياسيين فحسب، وإنما برهن خلال السنوات الماضية أنه فرصة تلاقٍ كبيرة وجسر تعارف وثقة بين قاعدتي حزب الله والتيار الوطني الحر، وهذا ما يعطي هذا التفاهم أهمية أكبر ويجعله بوّابة جمع لكل اللبنانيين، بما يرتقي بلبنان إلى ساحة تفاهم وتوافق، ومن هنا أهمية الحرص الشديد على صون هذا التفاهم والحفاظ عليه في مواجهة القوى الخارجية التي عملت ولا تزال تعمل على استهدافه وضربه”. وجدد “إلتزامه التام له ونشدد على استمرار السير فيه وصولاً لتحقيق الأهداف الكبرى التي يطمح إليها والنهوض بلبنان وأبنائه نحو مستقبلٍ أفضل”.
وفي المقابل غرد وزير العدل سليم جريصاتي عبر موقع “تويتر”: “عشية الذكرى الثانية عشرة لمذكرة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله، تبقى العبرة واحدة: إن تفاهماتنا المبدئية وليس السلطوية، إنما هي التي تحصن وحدتنا الداخلية وتزيل الهواجس إن وجدت، وتؤدي الى قيام مشروع الدولة الضامنة”.
افتتاحية صحيفة الحياة
اجتماع الرؤساء الثلاثة أمام تحدي المصارحة في مقاربة الخلافات السياسية المستمرة في لبنان
تترقب الأوساط السياسية الاجتماع الثلاثي بين رؤساء الجمهورية العماد ميشال عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة سعد الحريري، الثلثاء المقبل، لمعرفة مدى مساهمته في إزالة الخلافات السياسية، بعد أن تم نزع فتيل الاحتقان من الشارع الخميس الماضي باتصال عون مع بري.
وقال مصدر وزاري فاعل لـ «الحياة» إن معالجة التوتر بين الرئاستين بسبب إساءة وزير الخارجية جبران باسيل للرئيس بري تنهي الخلافات السياسية المتراكمة، خصوصاً أن البلد مقبل على انتخابات نيابية يرجح أن يستخدم كل فريق فيها موقفه من القضايا الخلافية في التعبئة الانتخابية. ولم يستبعد المصدر الوزاري أن يؤدي ذلك إلى تجميد العديد من الملفات التي تحتاج إلى معالجة ومنها موازنة 2018 التي تنتظر الدول المستعدة لدعم اقتصاد لبنان إقرارها وخفض العجز فيها، من أجل تشجيع المستثمرين على تقديم المساعدة.
وتشير مصادر نيابية ووزارية إلى أن من التقوا الرئيس بري في اليومين الماضيين لمسوا أن التوافق إثر الاتصال الذي نزع فتيل الاحتقان لم يعدل في الموقف من الملفات الخلافية، والتي كان آخرها استبعاد عون والحريري توقيع وزير المال علي حسن خليل على مرسوم منح الأقدمية لضباط دورة 1994 الذي فاقم الخلافات على أمور أخرى، منها موضوع الكهرباء وموضوع التعديلات التي طلبها باسيل على قانون الانتخاب والتي كرر الحديث عنها في كلمته المتلفزة أول من أمس لمؤتمر الممغتربين في أبيدجان، هذا فضلاً عن الإصرار على التوزيع الطائفي لوظائف ما دون الفئة الأولى خلافاً لاتفاق الطائف.
وفي وقت ترى مصادر سياسية مواكبة للمنحى التصاعدي في الخلافات منذ أشهر أن على الرؤساء الثلاثة مقاربة التباعد في التعاطي مع مسألة الصلاحيات وأدوار الرئاسات في إدارة شؤون البلد، فإن من التقوا بري يرجحون أن يطرح الأمور بصراحة تامة في اجتماع الثلثاء، بعد أن قيل الكثير في شأن الجنوح نحو مخالفة اتفاق الطائف والدستور وحديث بعض الفرقاء، ومنهم أعضاء في «اللقاء النيابي الديموقراطي» (وزير التربية مروان حمادة) عن جنوح نحو نظام رئاسي يقوض النظام البرلماني الديموقراطي.
ويقول زوار بري لـ «الحياة» إن الاجتماع الثلاثي سيركز حكماً على الإجراءات المفترض اتخاذها في مواجهة التهديدات الإسرائيلية حيال الملف النفطي واستثمار لبنان للبلوك الرقم 9 والتهيؤ لتلزيم التنقيب عن الغاز فيهن، بمواجهة الادعاء الإسرائيلي بملكيته، وهذا يسهل على الاجتماع التوافق في شأنه مع ما يتطلبه من خطوات في اتجاه الأمم المتحدة. إلا أن بري أكد لهؤلاء الزوار أنه ما زال على موقفه من سائر القضايا المختلف عليها ولا سيما ما يعتبر تجاوزاً لحد السلطة.
ويعتبر زوار بري انه لو لم يكن وراء إساءة باسيل خلفيات سياسية لما كانت الأمور بلغت الحد الذي بلغته، وإلا لكان الرئيس عون بادر إلى التواصل معه منذ اليوم الأول ولما كان انتظر أن يتصاعد الاحتقان في الشارع ليبادر، أو كي يبلغه «حزب الله» بأنه لم يعد يحتمل ما يحصل ولا يمكنه القبول بالتعاطي مع رئيس البرلمان بهذا الشكل. وفي هذا السياق ينقل الزوار عن بري أنه ما زال على عتبه على الحريري منذ توقيعه مرسوم الضباط في شكل هز الثقة بينهما، وهذا سبب إضافي كي تحصل مصارحة في الاجتماع الثلاثي.
باسيل – «حزب الله»
وإذ يترتب على الرؤساء الثلاثة مقاربة الخلافات وعدم الاكتفاء بنزع فتيل الشارع تقول مصادر سياسية متعددة لـ «الحياة» إنه أضيف إلى المشهد السياسي المضطرب ما قاله الوزير باسيل عن «حزب الله» لمجلة «الماغازين» عن أسفه لوجود اختلافات مع «حزب الله» وقرارات يتخذها الحزب داخلياً لا تخدم الدولة وتجعل لبنان يدفع الثمن»، مشيراً إلى أن بند بناء الدولة في وثيقة التفاهم معه لا يطبق بحجة قضايا السياسة الخارجية».
وفي وقت يكتفي المسؤولون في «حزب الله» بالقول «لا تعليق» رداً على هذا الكلام، فإن انطباع المتصلين بالحزب يلمحون إلى أن قيادته غير مطمئنة إلى وجود خلفيات خارجية لهذا الموقف وأن هذا أحد الأسباب التي دفعتها إلى الوقوف مع بري رداً على تناوله منذ اليوم الأول.
وتتعامل قيادة الحزب عادة مع حليف مثل «قيادة «التيار الوطني الحر» عبر قنوات التواصل المباشر لإبداء ملاحظاتها على مواقف من هذا النوع، ما يفترض أن تحصل على توضيحات من باسيل في شأن ما قاله، في ظل مواصلة واشنطن إصدارها العقوبات ضد من يتعامل معه. كما أن قياديين في «التيار الحر» لم يجدوا تفسيراً لكلام باسيل وأبدوا استغرابهم لصدوره حين جرت اتصالات معهم حوله.
وكان موقف باسيل الأخير حيال «حزب الله» لقي تأييداً من رموز تأخذ على «التيار الحر» تحالفه معه مثل النائب السابق فارس سعيد الذي سرب تسجيلاً صوتياً له عبر «واتس أب» جاء فيه: «انشالله لا يصيبه مكروه جبران باسيل، والله يحميه، وما يفعله عمل جيد جداً، وهذا يعني أن الرجل نضج، وأنه من خلال موقعه يتعرّف ويعرف ما يحصل، وعليه أن يكمل على الطريق نفسه، وكل لبنان إلى جانبه، ولا أحد يجرؤ أن يلمسه لأن إحاطته الدولية، والآن إحاطته العربية تكبر وعليه أن يكمل كما هو».
افتتاحية صحيفة الجمهورية
مانشيت:قصر بعبدا يستضيف الرؤساء: أجندة مفتوحة لبحث الخلافات وإيجاد العلاجات
الحدث في بعبدا اليوم، الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري يلتقون بعد طول افتراق واختلاف حول مجموعة من الملفات السياسية، وبعدما مرَّ البلد في قطوع كاد يطيح بكلّ شيء لو لم يتمّ تدارُك الأمور في اللحظات الأخيرة. في الشكل يعوَّل على الصورة الجامعة للرؤساء أن تشيع مناخاً مريحاً يساهم في تنفيس بالونات الهواء الأصفر الذي ضَرب لبنان في الآونة الأخيرة. وأمّا في المضمون، فالعنوان العريض الذي يُظلله هو «المصالحة والمصارحة». اللقاء ينعقد بلا جدول أعمال محدّد، إلّا أنّ ما حصَل في الأيام الأخيرة هو البند الأساس الذي يفرض نفسَه فيه وسيشكّل منطلقاً لبحثِ كلّ النقاط الخلافية، علَّ الرؤساء يتمكّنون من بناء مساحات مشتركة حولها، والوصول إلى حلول وسطى حول الملفّات الخلافية، خصوصاً تلك التي تسبَّبت بالأزمة الأخيرة.
موعد اللقاء الرئاسي محدّد في الحادية عشرة قبل الظهر، وعلمت «الجمهورية» أنّ هذا اللقاء قد يبدأ ثنائياً بين عون وبري، إذ قد يتأخّر وصول رئيس الحكومة لبعض الوقت عن الموعد المحدّد لارتباطه برعاية الاحتفال الخاص بإطلاق استراتيجية الرؤية الجديدة لـ«OGERO» في السراي الحكومي.
وإذا كان يَطيب للبعض أن يُسقط على اللقاء الرئاسي وصفَ «غسل قلوب» إلى جانب المصالحة والمصارحة، فإنه يكتسي أهمّية بالغة في هذه المرحلة، ويعوّل عليه أن ينجح، ليس في اللقاء لمجرّد اللقاء والتقاط صورة الرؤساء الثلاثة جنباً إلى جنب، بل في بناء الأرضية الصالحة لتفكيك صواعق الاحتقان من النفوس المشحونة وما رافقَها من ممارسات على الارض، وكادت تذهب بالبلد الى ما لا تُحمد عقباه على كلّ الصُعد.
أجواء الرئاسات الثلاث توحي بإيجابيات، ونيّات بالنأي بالبلد عن أيّ المناخات السلبية، ورغبات معلنة بضرورة تجفيف مصادر التوتير، ومقاربة اسبابها بما تتطلبه من تحسُّسٍ بالمسؤولية، بالاستفادة من تجربة الايام الاخيرة التي استعاد فيها البلد أشباح الحرب الأهلية.
وإذا كان عون، بحسب أجواء القصر الجمهوري يعوّل على أن يخرج اللقاء بنتائج مثمرة ومريحة يَشعر بها كلّ اللبنانيين، فإنّ أجواء عين التينة تعكس بدورها الأملَ في فتحِ صفحة جديدة على مستوى كلّ البلد، وعلى كلّ الصعد. ويقارب بري اللقاءَ بإيجابية ويُنقل عنه قوله: «إن شاءَ الله خير، وتفاءَلوا بالخير تجدوه». فيما عكسَت أجواء بيت الوسط ارتياحاً للجوّ التوافقي، مع تشديد الحريري على الحاجة دائماً الى التلاقي وحلِّ كلّ الامور بالحوار.
وسط هذه النيات الإيجابية السابقة لانعقاد اللقاء والتي أشاعت في الساعات الماضية أجواء إيجابية على الخط الحكومي عزّزت احتمال عقدِ جلسةٍ لمجلس الوزراء في القصر الجمهوري في بعبدا بعد غدٍ الخميس وبجدول أعمال فضفاض، علمت «الجمهورية» أنّ بعض الوزراء تلقّوا إشارات في فترة بعد ظهر أمس حول أنّ رئيس الحكومة بصددِ توجيه دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء، ولكن من دون تحديد متى سيتمّ ذلك.
وعشيّة اللقاء الرئاسي في بعبدا، يَبرز السؤال حول مصير القضايا الخلافية الحسّاسة التي تحرّك البلد على إيقاعها منذ ما قبل نهاية العام الماضي، وتحديداً قضية مرسوم الأقدمية. وقالت مصادر مواكِبة للتحضيرات «إنّ اللقاء كناية عن «أجندة مفتوحة»، ما يعني أنّ كلّ الأمور على الطاولة».
وأكّدت «أنه في ظلّ المناخ الإيجابي السائد، يمكن افتراض أنه سينسحب على النقاشات والمقاربات، ما يمكن أن يؤسّس لمعالجات جذرية وتحديداً للملفات التي تتطلّب تراجعات متبادلة عن المواقف المتصلبة، والاقترابَ من حلول وسطى حولها، إلّا أنّ ذلك لا يلغي أيضاً احتمالَ أن يقرّ الرأي الرئاسي على إبقاء بعض الملفات الحسّاسة على رفّ التجميد، من دون تطوير الخلاف السياسي حولها».
وأشارت المصادر «إلى أنّ أولوية النقاش الرئاسي ستتركّز على التهديدات الإسرائيلية الأخيرة باجتياح لبنان، وكذلك حول الحقل الغازي التاسع واعتبارِه ملكاً لإسرئيل، والبحث هنا سينطلق من تقرير قيادة الجيش حول الاجتماع العسكري الثلاثي في الناقورة أمس، والذي بَحث في موضوع بناء اسرائيل لجدار على الحدود الجنوبية في المنطقة المتنازَع عليها بين لبنان وإسرائيل وبطريقة تبدأ بقضمِ الارض برّاً وتصلُ في تهديدها الى الثروة النفطية اللبنانية في البحر.
وهو الأمر الذي أكّد عليه الجانب اللبناني في الاجتماع لناحية رفضِ الحكومة اللبنانية لإنشاء هذا الجدار كونه يمسّ السيادة اللبنانية، خصوصاً وأنّ هناك أراضيَ على الخط الأزرق يتحفّظ عليها لبنان. كذلك عبَّر «عن شجبِ الحكومة لتهديدات بعض قادة العدو ومزاعِمهم حول عدم أحقّية لبنان باستغلال البلوك البحري النفطي رقم 9»، مشدّداً على أنّ هذا البلوك يقع بكامله ضِمن المياه الإقليمية والاقتصادية اللبنانية، كذلك عرض لخروقات العدو الجوّية والبحرية والبرية لأراضي لبنان وطالبَ بوقفِها فوراً.
إنطلاق الترشيحات
من جهةٍ ثانية، انطلقت مرحلة الترشيحات للانتخابات النيابية المقبلة، ودوّنَت بورصة التسجيل أمس أسماء مرشحين. وترافقَ ذلك مع تأكيد وزارة الداخلية مجدّداً على أنّ قطار الانتخابات قد انطلق في اتجاه هدفِه بجهوزية تامّة ومِن دون عوائق.
فيما نُقل عن رئيس المجلس تأكيده أيضاً «أنّ الانتخابات بأمان ولا خوفَ عليها وستجري في موعدها»، مشيراً إلى «أنّ لبنان كما هو مهتمّ بانتخاباته، فالعالم كلّه مهتم أيضاً بالانتخابات وضرورة إجرائها، وهو ما يؤكّد عليه كثيرون من الرؤساء والمسؤولين في الدول الغربية».
«القوات»
إلى ذلك، أسِفت مصادر «القوات اللبنانية» لِما سمّته «الكلام المتداوَل، ولو على نطاق ضيّق، عن تأجيل الانتخابات، فيما الانتخابات حاصلة حتماً، والاستعدادات لخوضِها انطلقت لدى معظم القوى السياسية».
وأكّدت لـ«الجمهورية» أنّ «القوات» التي استكملت جهوزيتَها الانتخابية تواصِل حركتها التفاوضية مع أكثر من طرف سياسي من أجل توحيد الرؤية الانتخابية بعدما عملت مع تلك الأطراف على إعادة توحيد النظرة السياسية».
واعتبَرت «أنّ الأزمات التي شهدها لبنان في الأشهر الأخيرة دلّت على متانة الوضع السياسي، خلافاً لِما يروِّج له البعض، وأنه في اللحظة التي كادت تتفلّت فيها الأمور تمّ استدراك الوضع سريعاً، لأن لا مصلحة لأيّ طرف بانهيار الاستقرار الذي يشكّل مصلحةً مشتركة للجميع».
وأكّدت المصادر أنه «لا يجب لأيّ خلاف سياسي أن يخرج من المؤسسات الدستورية إلى الشارع، لأنه يسيء إلى صورة الدولة والمؤسسات، فيما كلّ الأزمات قابلة للحلّ تحت سقف الدستور والمؤسسات».
واعتبَرت «أنّ انتقال الأولوية في لبنان إلى الانتخابات النيابية لا يعني إطلاقاً إهمالَ الملفات الحياتية التي تهمّ الناس والحيوية والسيادية لجهةِ السهر على سياسة النأي بالنفس وإبقاء لبنان بمنأى عن صراعات المحاور»، وشدّدت على «أنّ الحكومة وحدها مسؤولة عن السيادة والثروات اللبنانية»، واعتبَرت ما صَدر من مواقف عن «حزب الله» بأنّ «المقاومة تحمي الثروةَ النفطية» يشكّل انتهاكاً للسيادة وخروجاً عن سياسة النأي بالنفس وتجاوُزاً فاضحاً لدور الحكومة». وكرّرت ما كان سبقَ لرئيس «القوات» سمير جعجع أن أكّده بأنّ الحكومة اللبنانية بوكالتها عن الشعب اللبناني بأسره تتولّى حصراً هذا الملف من دونِ تدخّلِ أيّ طرف آخر لبناني أو غير لبناني فيه، لتبقى المسألة مسألة حقوقٍ وطنية لبنانية بدلاً من أن تنقلبَ جزءاً مِن الصراع الكبير في المنطقة».
سجال
وفي ما بدا أنّه سجال انتخابي، لفتَ أمس، قصفٌ سياسيّ بين «القوات» و«التيار الوطني الحر»، تمثّلَ في هجومٍ عنيف شنّته النائبة ستريدا جعجع على وزير الطاقة سيزار أبي خليل على خلفية «توظيفِ الوزير 5 مياومين في شركة كهرباء قاديشا بناءً على طلبِ جهةٍ سياسيّة محلّية» وقالت: «ليس بغريب أن تظهر الخدمات الانتخابيّة جهاراً كلّما اقتربنا من الانتخابات النيابيّة في بلد يَحكمه نهجُ الزبائنيّة السياسيّة، إلّا أنّ العجيب هو أن تطلّ برأسِها في وزارة من يدّعي مكافحة الهدرِ والفساد، فوزارةُ الطاقة والمياة تقع في المحظور من جديد، وهذه المرّة عبر خدمات انتخابيّة تلبيةً لرغبات حالمٍ بكرسيّ في مجلس النواب وحليفٍ انتخابي مفترَض».
وردّ أبي خليل على جعجع بقوله: «جواب واحد: لو تمَّ الأخذ بمطالبها غير المقبولة لكانت انتفَت الزبائنية».
تفاهُم مار مخايل
على صعيدٍ آخر، تُصادف اليوم الذكرى الثانية عشرة لتوقيع التفاهم بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، بين الرئيس عون والأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، في كنيسة مار مخايل في الشياح. ولوحِظ في هذا الإطار صدور بيانٍ عن الحزب، من دون أن يصدر بيان مماثل عن «التيار».
حيث أعاد الحزب وصفَ التفاهم بـ«الحدث التاريخي» الذي «جَمع قلوبَ وعقول وإرادات فريقين كبيرين وأساسيَين من اللبنانيين كانت مفاعيله حاسمةً في تحقيق الأمن والسلم الأهلي والاستقرار السياسي، وهو لعبَ دوراً كبيراً في معالجة الكثير من القضايا الشائكة على المستوى المحلي، ليكونَ بذلك نموذجاً يُحتذى في بناء العلاقات بين القوى السياسية في لبنان.» وجدّد التزامَه التامّ بالتفاهم، مشدّداً على استمرار السير فيه وصولاً لتحقيق الأهداف الكبرى التي يَطمح إليها والنهوضِ بلبنان وأبنائه نحو مستقبلٍ أفضل».
عون
وقال النائب آلان عون لـ«الجمهورية»: «إنّ هذا التفاهم سَلك مساراً متدرّجاً من تفاهمٍ إلى تحالفٍ، بعدما مرّ بتجارب عدة قرَّبت بين الفريقين ووَطّدت العلاقة وزادت الثقة بينهما، وهو حقّقَ الكثير على المستوى السياسي كتمتينِ الاستقرار الداخلي وحماية السلم الأهلي في عزّ المواجهة الإقليمية بين معسكرَي ٨ و١٤ آذار، كما وإعادة إرساء شراكة حقيقية في البلد تُوّجت بوصول العماد عون إلى رئاسة الجمهورية.
ولولا صلابة هذا التفاهم لَما تمكّنا من تجاوزِ الكثير من المشاكل التي كان آخرَها بعضُ التداعيات الخطيرة للأزمة بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل». وعلى رغم تشكيكِ الكثيرين بها، فإنّ هذه العلاقة قابلة للاستمرار. فصحيح أنّها تتعرّض للاختبار أو لهزّات أحياناً، إنّما هي تختزن داخلها ما يكفي من إرادة وقناعة للمحافظة عليها».
أضاف عون: «في هذه الذكرى، يَختبر تفاهم مار مخايل مدى قدرته على الاستمرارية على مستويَين:
– الأوّل في ظلّ إطارٍ سياسيّ جديد لم يعُد فيه هذا التفاهم حصرياً بين «التيار» و«حزب الله»، فالتسوية الرئاسية شرّعت الأبواب على تفاهمات أخرى مع «المستقبل» و«القوات» وغيرِهم، وليس هدفها استبدال التفاهم مع «حزب الله» بل استكماله على المستوى الوطني.
– والثاني، هو في ظلّ تطوّراتٍ سياسية لم يعُد فيها التفاهم محصوراً بالاستراتيجيات والمواجهات الإقليمية، بل هو يواجه استحقاقاتٍ وشؤوناً داخلية وإدارةَ الدولة وممارسة السلطة مع كلّ ما تحمله من تناقضات وتباينات وتعقيدات وتشعّبات بين مختلف الأفرقاء».
افتتاحية صحيفة اللواء
«الترويكا الرئاسي» «يفك الإشـتباك» ويمهِّد لمجلس الوزراء الخميس
إجتماع عسكري في الناقورة يؤكِّد إلتزام الخط الأزرق.. والتريُّث سيّد الترشيحات
استحقاقان يرتبطان على نحو مباشر بنجاح الاجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر اليوم: الأوّل يتعلق بجلسة مجلس الوزراء، التي سيدعو إليها الرئيس سعد الحريري، ويقال انها ستعقد في بعبدا بجدول أعمال عادي، بعد ان غابت الجلسة الأسبوع الماضي، على الرغم من ان جدول الأعمال، الذي يوزّع اليوم كان قيد الإنجاز..
والثاني، يتعلق بتأخير عقود تلزيم البلوك 9 لاستخراج الغاز والنفط، وهو البلوك، الذي يزعم الجانب الإسرائيلي، ان ملكيته تعود له، داعياً الشركات، لعدم توقيع أية عقود مع لبنان، حيث أعلنت بعض الشركات انسحابها.
ولعل هذا الزعم، الذي وصفه كبار المسؤولين، بالاعتداء، هو الذي يشكّل السبب الفعلي وراء عقد الاجتماع الثلاثي، الذي بادر الرئيس ميشال عون بالدعوة إليه، فاتصل بالرئيسين نبيه برّي والحريري لهذه الغاية.
وتعوّل مصادر مطلعة على ترطيب الأجواء الداخلية، مع إطلاق السباق الانتخابي، إذ ترشح اثنان، أحدهما في بيروت الأولى، عن أحد المقاعد السنية، والثاني عن أحد المقاعد السنية أيضاً في طرابلس، وذلك في اليوم الأوّل لفتح باب الترشيحات، والذي رأى فيه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مناسبة للردّ البليغ على المشككين بحصول الانتخابات.
ولا تخفي المصادر قلقها من الأجواء غير الصحية، التي أصابت البلاد في الأيام الماضية، على خلفية «فيديو باسيل» الذي أصاب الرئيس برّي، وأحدث ما أحدث من ردّات فعل في شوارع العاصمة، وتعتبر ان الفرصة متاحة الآن لاحتواء الخلافات، خصوصاً وأن الاجتماع الثلاثي مفتوح على «العناوين والمستجدات الحاصلة على الساحة الداخلية»، وأن توحيد الموقف اللبناني حول الأمن والاستقرار، مسألة مطلوبة لإنجاح المؤتمرات الدولية الخاصة بمساعدة الجيش اللبناني والاقتصاد سواء في باريس أو روما أو بروكسيل على حدّ تعبير الرئيس الحريري امام أعضاء السلك القنصلي..
ولم يستبعد مصدر نيابي ان تكون النقاط السلبية التي عصفت بالساحة السياسية على طاولة اللقاء الثنائي، المرشح ان يتحوّل ثلاثياً، من زاوية ان المصارحة هي الطريق الأقصر لتبريد الأجواء، ومعالجة الملفات السلبية المتراكمة.
برودة انتخابية
وإذا كان اليوم الأوّل لبدء السباق الانتخابي قد اتسم ببرودة ظاهرة، حيث انتهى على مرشحين اثنين، الأوّل وهو عبد الناصر المصري عن المقعد السني في دائرة الشمال الثانية (طرابلس والضنية والمنية) والثاني المهندس فؤاد مخزومي عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية، فإن هذه البرودة ليست مجرّد قلة حماسة انتخابية، تشهدها عادة الأيام الأولى على فتح باب الترشيح، بل لأن المعنيين في هذا السباق ما زالوا في طور درس خياراتهم وتقييم فرص الفوز والخسارة، في ظل قانون جديد ما يزال في طور مرحلة التجارب، لا سيما وانه يفرض خوض المرشحين للانتخابات ضمن لوائح معلنة، بما يعنيه ذلك من خيارات التحالف والائتلاف المرحلي والتي ستتحكم في ما بعد بصورة المجلس النيابي العتيد.
عدا عن ذلك، فإن البلاد ما زالت منخرطة في أجواء الأزمات السياسية التي تضغط عادة على التحركات والتطلعات ما يشغل السياسيين والطامحين إلى استعادة احجامهم واوزانهم، عن التفكير بشكل سوي، تحت وطأة استمرار الصراعات السياسية مما يحول دون وضوح صورة البحث في التحالفات، قبل ان ترسو عليه ما يمكن ان ينتج من محاولات كسر الخلافات أو رأب الصدع بين الرئاسات.
وبحسب مصادر سياسية، فإن «لقاء بعبدا» الذي سيجمع اليوم الرؤساء الثلاثة، سيكون بمثابة لقاء مفصلي بسبب تشعب الملفات التي يمكن ان تطرح خلاله، خصوصاً وأنه يجب ان يتسم بالمصارحة للوصول إلى المصالحة الضرورية في هذه المرحلة، كما ان من شانه ان يرسم ايضا ملامح المرحلة المقبلة الفاصلة عن موعد الانتخابات المقررة في السادس من ايار القادم بين اركان الدولة ، مع العلم ان هذا الاجتماع يعقد عشية اجتماع مجلس الدفاع الاعلى غداً والذي لا يقل اهمية لا بالشكل و لا بالمضمون عن لقاء اليوم، خصوصا وان على جدول اعماله الكثير من الملفات الاساسية الساخنة والمتعلقة ايضا بالازمة المستجدة مع اسرائيل على اثر التصاريح الاخيرة لمسؤولين اسرائيلين. كما انه من المتوقع ايضا ان تنعكس اجواء لقاء اليوم على اجواء جلسة مجلس الوزراء التي سيدعو لعقدها رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يوم الخميس المقبل في القصر الجمهوري كما علمت «اللواء» بعد ان غابت هذه الجلسة الاسبوع الماضي رغم تحضير جدول اعمالها، بسبب ما شهدته الساحتان السياسية والامنية من تطورات دراماتيكية ساخنة كادت تطيح بالحكومة والبلد في آن معا.
وإذ رفضت مصادر وزارية متابعة، عبر «اللواء» الخوض في توقعاتها حول الأجواء التي ستسود جلسة الخميس، على إيقاع ما حصل من تطورات في الأسبوع الماضي، والتي تجاوزت كل المحظورات، فإن المصادر نفسه استبعدت ان يتضمن جدول الأعمال الذي سيوزع اليوم على الوزراء أي بنود هامة أو خلافية، مشيرة إلى ان اهمية الجلسة هي بانعقادها برئاسة رئيس الجمهورية، خصوصاً وان لبنان امام استحقاقات مهمة وكبيرة، وفي مقدمها الأطماع الإسرائيلية بالثروة النفطية اللبنانية في مياهه البحرية، وعلى الحكومة اليوم إدارة الأزمة السياسية الراهنة حتى موعد اجراء الانتخابات.
ونقلت هذه المصادر عن الرئيس سعد الحريري ارتياحه لعودة التوافق والحوار بين اللبنانيين من خلال عودة لغة العقل التي سادت في اليومين الماضيين، آملاً باستمرار هذا التوافق السياسي لأنه يبقى السبيل الوحيد للحفاظ على أمن واستقرار البلد، مشدداً على أهمية تحييد الحكومة والتمسك بالطائف وباجراء الانتخابات عن أي خلافات سياسية قد تطرأ، باعتبار هذه الثوابت الثلاث أولوية في هذه الظروف الدقيقة والمفصلية.
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان لقاء بعبدا قد يكون مفتوحا في مناقشة سلسلة مواضيع رئيسية خصوصا ان ما من بنود محددة للبحث حتى وإن كان البلوك رقم 9 والتهديدات الإسرائيلية في مقدمها.
ولفتت إلى أن أجواء اللقاء قد تسمح بأن يتشعب النقاش لعدد من الملفات التي شكلت محور تباين بين المعنيين.
وأكدت أن هذا اللقاء من شأنه أن يحدد التوجه بالنسبة إلى عودة عمل المؤسسات الدستورية ولاسيما مجلس الوزراء. ورأت أن أي أمر مرهون بهذا اللقاء، وهو يأتي في ظل التحضيرات لإجراء الانتخابات النيابية ولذلك سيكون هذا الملف في صلب المحادثات على أن يكون التركيز على أهمية الأستقرار. ولم تستبعد أن يصدر بيان بعد الاجتماع الذي حدد قبل الظهر.
وأشارت إلى أن مجرد انعقاده مؤشر إيجابي للمرحلة المقبلة سواء اتخذ عنوان ربط النزاع أم لا.
وأكدت أن اجتماع اليوم سيؤسس لمرحلة جديدة يفترض بها أن تكون مرحلة هدوء سياسي، لا سيما بعد أن وصلت كل من بعبدا وعين التينة إلى الدرجة الأخيرة من السلم. حيث لا يستطيع أحد ان يتقدّم مخافة السقوط ولا أحد يرغب بالتراجع للاخر لكي لا يحسب ذلك انكساراً.
اما مصادر عين التينة، فقد أكدت ان لقاء اليوم سيركز على التهديدات الإسرائيلية للبنان من باب الثروة النفطية والبلوك 9 إضافة إلى الجدار الفاصل جنوباً، إضافة إلى الوضع الأمني وضرورة تحصينه، خصوصاً بعد إصرار الرئيس نبيه برّي على ان هناك طابوراً خامساً يسعى لتخريب الوضع في لبنان، كما انه يطمح إلى ان يُصار إلى مناقشة مرسوم اقدمية ضباط دورة العام 1994 وانتظام عمل المؤسسات الدستورية، رغم ان الرئيس عون يعتبر المرسوم ناجزاً، وغير قابل للبحث.
اجتماع الناقورة
وكان موضوع الجدار الإسرائيلي والتهديدات الإسرائيلية للبلوك 9 البند الأوّل على جدول أعمال الاجتماع العسكري الثلاثي الأوّل لهذا العام، اللبناني والإسرائيلي برعاية قائد قوات «اليونيفل» في الجنوب الجنرال مايكل بيري الذي انعقد أمس في مقر اليونيفل في رأس الناقورة، وحضره وفد من ضباط الجيش اللبناني برئاسة مُنسّق الحكومة لدى قوات «اليونيفل» العميد الركن مالك شمص.
وبحسب البيان الذي صدر عن قيادة الجيش، فانه تمت في هذا الاجتماع مناقشة المواضيع المتعلقة بتطبيق القرار 1701 والحوادث الحاصلة في الفترة الأخيرة في منطقة جنوب الليطاني.
وأوضح البيان ان الجانب اللبناني عرض مسألة الجدار الذي ينوي العدو الإسرائيلي اقامته على الحدود اللبنانية – الفلسطينية مؤكدا موقف الحكومة اللبنانية الرافض لإنشاء هذا الجدار كونه يمس السيادة اللبنانية، خصوصا وان هناك أراضي على الخط الأزرق يتحفظ عليها لبنان، كما عبر عن شجب الحكومة لتهديدات بعض قادة العدو (وزير الدفاع افيغدور ليبرمان) ومزاعمهم حول عدم أحقية لبنان باستغلال البلوك البحري النفطي رقم 9، مشددا على ان هذا البلوك يقع بكامله ضمن المياه الإقليمية والاقتصادية اللبنانية، كذلك عرض لخروقات العدو الجوية والبحرية والبرية لأراضي لبنان وطالب بوقفها فوراً».
ومن جهته، ركّز الجنرال بيري بحسب بيان قيادة الجيش على ضرورة الالتزام الدقيق بمندرجات القرار 1701 وبترتيبات التنسيق والارتباط، مؤكدا ان المحافظة على الاستقرار هي مسؤولية الجانبين، وان القوات الدولية جاهزة لمساعدتهما على ذلك».
وفيما لم يعط الجانب الإسرائيلي أي جواب حول ما طرحه الجانب اللبناني، بحجة انه يريد مراجعة قيادته، أوضح بيان «لليونيفل» ان المناقشات ترتكزت على ترتيبات الارتباط والتنسيق التي تضطلع بها «اليونيفل» والآيلة إلى تفادي حدوث أي سوء تفاهم أو سوء تقدير على طول الخط الأزرق من أجل ضمان استمرار مناخ الهدوء والاستقرار.
ولفت البيان إلى ان موقف «اليونيفل» من أعمال البناء التي اقترحها الجيش الإسرائيلي هو ان أي نشاط بالقرب من الخط الأزرق ينبغي الا يكون مفاجئاً، بحيث يتم الإخطار عنه بشكل مسبق وكاف لاتاحة المجال للتنسيق من جانب الأطراف، وتم الاتفاق على مواصلة استخدام «المنتدى الثلاثي» لمعالجة هذه المسألة.
وأكّد الجانبان ايضا التزامهما بمواصلة استخدام الآليات التي تضطلع بها «اليونيفل» من اجتماع ثلاثي وارتباط لمعالجة أي مسائل يُمكن ان تؤدي إلى امكانية حدوث توترات الى جانب تقليل نطاق أي سوء فهم بين الأطراف، كما أكدوا مجددا دعمهم لتنفيذ ولاية «اليونيفل» بموجب قرار مجلس الأمن 1701 (2006) والفقرات العملياتية لقرار مجلس الأمن الدولي 2373 (2017).
عون
من جهته، شدد الرئيس عون، خلال استقباله وزير الدفاع اليوناني بانوس كامينوس الذي زار ايضا الرئيسين برّي والحريري وأجرى محادثات مع نظيره اللبناني يعقوب الصرّاف، على أهمية التعاون بين الدول لمكافحة الإرهاب وملاحقة خلاياه السرية لوضع حدّ للأضرار التي احدثها أو يُمكن ان يحدثها في الدول والشعوب. وقال ان لبنان يُشجّع كل تعاون مع اليونان وقبرص في سبيل تعزيز السلامة البحرية والأمن البحري، لا سيما وان الدول الثلاث تواجه تحديات مشتركة لعل أهمها الإرهاب الذي يتفشى في المنطقة ويتوسع، إضافة إلى تداعياته السلبية الكثيرة المتمثلة خصوصا بالنزوح الكثيف وتهريب البشر عبر البحر المتوسط.
أمنياً، أعلن الجيش اللبناني امس استشهاد جندي بالاضافة إلى مقتل أحد المطلوبين نتيجة تبادل لاطلاق النار خلال مداهمة أمنية في مدينة طرابلس.
وأوضح أنه أثناء قيام وحداته بمداهمة في منطقة باب التبانة في طرابلس الأحد بحثاً عن «عدد من المطلوبين»، تعرضت قواته «لإطلاق نار ورمي رمانات يدوية، ما أدى إلى استشهاد أحد العسكريين وجرح عدد آخر».
وأعلن في بيان ثان أن وحداته لاحقت «الإرهابي مطلق النار المدعو هاجر العبدالله واشتبكت معه ما أدّى إلى مقتله»، مشيراً إلى أنه أوقف شقيقه كما «تمّ ضبط كمية من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية والمبالغ المالية».
اضراب الخاصة
تربوياً، تلبية لدعوة من نقابة معلمي المدارس الخاصة في لبنان، نفذ الاساتذة إضرابا عاما، يستمر لثلاثة ايام، للمطالبة بتطبيق القانون رقم 46 ودفع الدرجات الست، وتفاوتت نسب الالتزام بالاضراب في المدارس، حيث بلغت 40 في المئة.
وأبدى نقيب المعلمين رودولف عبود إستغرابه لعدم البحث في موازنات المدارس، مؤكدا عدم التراجع عن الاضراب المحدد من قبل النقابة الا في حال حصول مبادرة ايجابية، مشيرا الى ان المطلوب من المعلمين الالتزام بقرار النقابة بالرغم من الضغوط التي يتعرضون لها من قبل بعض المدارس.
وشدّد عبود على أنه تم تحييد بعض المدارس التي دفعت مستحقات المعلمين بحسب القانون، لافتا الى ان نسبة الالتزام في الاضراب امس كانت جيدة.
هذا، ومن المقرر ان يعقد عبود مؤتمرا صحافيا اليوم عند الواحدة ظهرا اليوم امام مبنى وزارة التربية.
افتتاحية صحيفة الديار
سوريا جمعت ارسلان ووهاب في لائحة وحزب الله جمعهم مع التيار الوطني
جنبلاط شعر باختراق حزب الله لمنطقة نفوذه والنسبية قد تؤدي إلى خروقات
شارل أيوب
حصل تطور هام على صعيد معركة الانتخابات في الدائرة الانتخابية عاليه والشوف واقليم الخروب حيث يخوض تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية المعركة الانتخابية وحزب الكتائب معهم ضد لائحة يبدو انها ستظهر بفعل رغبة سورية ادت الى اقناع الامير طلال ارسلان بالتحالف مع الوزير السابق وئام وهاب المرشح عن المقعد الدرزي في الشوف فيما الامير طلال ارسلان مرشح عن المقعد الدرزي في قضاء عاليه، وسيقوم حزب الله باتمام لائحة ارسلان – وهاب للتحالف مع التيار الوطني الحر في الدائرة الانتخابية اقليم الخروب – الشوف – عاليه، كذلك من خلال دعم انصار لحزب الله في اقليم الخروب كذلك دعم الحزب السوري القومي الاجتماعي للائحة حتى لو لم يشترك في اللائحة مرشح عن الحزب القومي السوري الاجتماعي.
وهكذا تكون معركة الوزير وليد جنبلاط التي كانت سهلة في قضاء عاليه والشوف واقليم الخروب قد اصبحت صعبة الان من خلال مواجهة لائحة يرأسها الامير طلال ارسلان وتضم الوزير السابق وئام وهاب وتتحالف مع التيار الوطني الحر الذي له قاعدة مسيحية قوية في الدائرة الانتخابية اقليم الخروب والشوف وعاليه وبسبب قانون النسبية فان لائحة ارسلان – وهاب – التيار الوطني الحر قد تخرق لائحة الوزير وليد جنبلاط بعدد هام من المقاعد.
وفي المقابل، يمكن اعتبار ان سوريا وحزب الله قرروا خوض معركة ضد الوزير وليد جنبلاط في عقر داره في الشوف وعاليه وحتى في اقليم الخروب.
ونتيجة قوة التيار الوطني الحر وقوة الامير طلال ارسلان الشعبية وقوة الوزير السابق وئام وهاب اضافة الى الحزب السوري القومي الاجتماعي واضافة الى انصار حزب الله في الاقضية الثلاث فان المعركة الانتخابية لن تكون سهلة بل هي موجهة ضد الوزير وليد جنبلاط من قبل سوريا وحزب الله، رغم ان حزب الله لا يريد عداوة وخصومة وتوتر بينه وبين الحزب التقدمي الاشتراكي لكن حزب الله كذلك القيادة السورية تريد ان لا تجعل الوزير وليد جنبلاط يسيطر على الدائرة الانتخابية في عاليه والشوف واقليم الخروب.
وفي المقابل فان حزب الكتائب والقوات اللبنانية وتيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي سيكونوا في لائحة واحدة ويخوضون المعركة حيث لتيار المستقبل شعبية هامة في اقليم الخروب اضافة الى حجم ناخبي حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب في صفوف الناخبين المسيحيين في هذه الدائرة.
اضافة الى قوة الوزير وليد جنبلاط على صعيد طائفة الموحدين الدروز في الشوف وعاليه كذلك امتداد نفوذ الوزير وليد جنبلاط الى اقليم الخروب لكن قوة تيار المستقبل هي الاولى في اقليم الخروب وعلى الصعيد الدرزي فان الوزير وليد جنبلاط اقوى من الامير طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب بمسافة في القاعدة الدرزية، اما في القاعدة المسيحية، فليس هنالك من احصاء دقيق عن قوة التيار الوطني الحر مقابل قوة حزب القوات اللبنانية والكتائب.
واذا كان الوزير وليد جنبلاط قد قرر اتباع سياسة الاعتدال ومهادنة حزب الله والتنسيق مع الرئيس نبيه بري والابتعاد عن اي جو توتر سياسي متطرف فان المعركة الانتخابية في قضاء عاليه – الشوف – اقليم الخروب جعلت الوزير وليد جنبلاط يستنفد كل طاقاته في الساحة الدرزية اضافة الى استنهاض القوات اللبنانية وحزب الكتائب لمؤيديهم اضافة الى تحرك تيار المستقبل بقوة كبرى في اقليم الخروب.
واذا فاز وعلى الارجح سيفوز قسم من لائحة ارسلان – وهاب – التيار الوطني الحر فان التيار – المقاومة يكون حقق خطوة جريئة عبر خوض الانتخابات ضد الوزير وليد جنبلاط في عاليه والشوف واقليم الخروب وضد الرئيس سعد الحريري المتحالف معه وضد القوات وحزب الكتائب اللبنانية.
ويبدو ان حزب الله يسعى الى الحصول على حوالي 45 نائبا ابتداء من مرشح في عكار قد يحصل عليه اضافة الى تحالفه مع الوزير السابق فيصل كرامي المرجح ان ينجح في الانتخابات كذلك تفاهمه مع الرئيس نجيب ميقاتي دون ان يكون تحالف بين الرئيس نجيب ميقاتي وحزب الله.
لكن هنالك تنسيق مقبول في هذا المجال خاصة وان الرئيس نجيب ميقاتي اقام تحالفا في الشمال مع الوزير سليمان فرنجية وترشيح الوزير السابق جان عبيد.
كما ان حزب الله يعتبر ان المقعد الشيعي في جبيل سيفوز به اضافة الى الحصول على مقاعد في المتن الجنوبي ومن ثم في الجنوب بدءا من صيدا حيث يعتقد ان المرشح اسامة سعد سيصل الى المجلس النيابي كذلك السيد ابراهيم سمير عازار سيصل ايضا ثم ان لوائح الثنائي الشيعي في الجنوب قوية جدا وفي البقاع قوية اضافة الى اعتبار حزب الله تيار الممانعة انه سيكون لهم مقاعد في البقاع الغربي وخاصة في البقاع الاوسط وقضاء زحلة.
والان مع انشاء لائحة في دائرة عالية – الشوف – اقليم الخروب فان عدد المقاعد التي تدور في فلك حزب الله وخط المقاومة سيصل الى 45 نائبا او 40 دون تعداد عدد نواب حزب التيار الوطني الحر لكن من حيث المبدأ تم التأكيد امس في ذكرى 5 شباط ذكرى توقيع مذكرة تفاهم بين الرئيس العماد ميشال عون وسماحة السيد حسن نصرالله على استمرار التحالف بين التيار الوطني الحر وحزب الله وعبر ورقة التفاهم، وبالتالي فانه مع عدد نواب حزب التيار الوطني الحر قد يقترب حزب الله مع حلفائه من الحصول على الاكثرية النيابية او اقل منها بقليل. ويجب على اللبنانيين ان لا يأخذوا معركة دائرة عاليه – الشوف واقليم الخروب باستخفاف بل هي معركة سياسية هامة استراتيجية رأس الحربة فيها هو الوزير وليد جنبلاط يقابله حزب الله دون حصول معارك عسكرية او اصطدام سياسي عنيف، انما على صعيد الماكينات الانتخابية والارض والتحرك الشعبي سيكون هنالك استنفار الى اقصى درجة بالقوة التي ستسيطر على دائرة اقليم الخروب – الشوف – عاليه.
فكيف سيتعامل من الان وصاعدا الوزير وليد جنبلاط مع سوريا وخاصة مع حزب الله الذي رعى تحالف ارسلان – وهاب – التيار الوطني الحر ضد لائحة جنبلاط – المستقبل – القوات – الكتائب، خصوصا وان الوزير جنبلاط على مدى 30 سنة كان الزعيم شبه الاوحد في قضاء عاليه والشوف وحتى في اقليم الخروب بالمشاركة مع تيار المستقبل، لكن هذه المرة يقوم حزب الله وبرغبة سورية ادت الى اقناع الامير طلال ارسلان بالتحالف مع الوزير السابق وئام وهاب واكمل حزب الله التحالف بالتفاهم مع التيار الوطني الحر وقوى اخرى مؤيدة له. ولذلك فهذه المعركة هي معركة عنيفة ولها دلالات كبيرة على مستوى جبل لبنان وعلى مستوى الطائفة الدرزية بالتجديد خاصة لان وجود الطائفة الدرزية الاساسي والكبير هو في قضاء عاليه وقضاء الشوف.
ومن هنا تعتبر اوساط جنبلاطية ان حزب الله قرر اختراق منطقة الوزير وليد جنبلاط وترشيح لائحة حليفة له كي يضمن اكثرية قوية في المجلس النيابي القادم، وتكون لهذه الكتلة التي يتزعمها حزب الله بصورة غير مباشرة التمثيل الوزاري الوازن والقوي في الحكومة القادمة.
افتتاحية صحيفة الشرق
لقاء بعبدا الثلاثي يعيد تصويب المسارات
بعدما تجاوز لبنان قطوع «شريط محمرش المسرّب» بنسبة أضرار سياسية وشعبية لا يمكن وصفها بالعرضية، لكن كان يمكن ان تكون أكبر، فإن علامات استفهام كثيرة بدأت ترتسم في الافق الداخلي عن طبيعة المرحلة المقبلة والمناخات التي ستحكم الساحة المحلية حتى موعد الانتخابات النيابية المقررة في 6 أيار المقبل. فهل تؤسس الهدنة التي تم إرساؤها باتصال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه بري، لتسوية سياسية أعرض تعالج جبال الخلافات التي تباعد بينهما وتحلحل رزمة الملفات العالقة اداريا وانمائيا في أدراج المؤسسات الدستورية، بسبب المناكفات؟ أم ان الكباش سيبقى على حاله وسيستمر في مجلسي الوزراء والنواب الى حين تدق ساعة الاستحقاق النيابي؟
حتى اللحظة، لا يمكن ايجاد جواب حاسم لهذه الاسئلة، على حد تعبير مصادر سياسية متابعة لـ»المركزية»، غير ان الاجتماع الرئاسي الذي سيضم الرئيس عون الى رئيسي مجلس النواب والحكومة بري وسعد الحريري اليوم الثلاثاء في قصر بعبدا، للتحضير لاجتماع المجلس الاعلى للدفاع الاربعاء، سيساهم الى حد كبير في استشراف المسار الذي ستسلكه الامور مستقبلا، لاسيما على صعيد مرسوم الاقدمية لضباط دورة العام 1994. وبحسب المصادر، فإن هذا اللقاء الثلاثي مفصلي، ليس فقط لأنه سيعرض لكيفية تصدي لبنان لمخططات اسرائيل العدوانية أكان عبر إنشاء الجدار الحدودي او عبر طمعها بثروة لبنان النفطية، بل لأن مدى تقارب وجهات النظر إزاء هذه النقاط، قد يساهم في التخفيف من حدة التوتر الذي حكم في المرحلة الماضية، العلاقاتِ بين بعبدا وعين التينة، ليشكل ربما قاعدة لتفاهمات جديدة بين الطرفين، خصوصا اذا ما سمع رئيس المجلس مباشرة من رئيس الجمهورية تمسّكه باتفاق الطائف وبالدستور نصا وروحا، علما ان الرئيس عون لا ينفك يكرر هذه المواقف أكان أمام زواره او في الاعلام.
لكن قبل تبلور صورة ما سيتمخّض عن خلوة الثلاثاء المنتظرة، والتي قد تُستتبع على هامش قداس مار مارون في 9 شباط، من الصعب ان تستعيد الحكومة عافيتها التامة، ما يعني وفق المصادر، ان اي جلسة لمجلس الوزراء قد لا تعقد في الايام القليلة المقبلة في انتظار تنفيس الاحتقان الذي خلقته مواقف وزير الخارجية جبران باسيل من الرئيس نبيه بري، الى الحدود الدنيا، اذ يجدر الانتباه الى ان رئيس المجلس يبدو قرر الفصل بين علاقة «أمل» بالرئيس عون وبين علاقة «الحركة» بالوزير باسيل.
غير ان عاملا جديدا طرأ أخيراً قد يزيد الواقع الداخلي عموما والحكومي خصوصا، تعقيدا، تمثل – هذه المرة أيضا – بمواقف لباسيل أدلى بها لمجلة «ماغازين». فالمصادر تشير الى ان الاخير قد يكون فتح باب مشكل جديد مع حليفه الاساسي وشريكه في ورقة التفاهم عشية عيدها الـ12، أي حزب الله، بعد السهام الاولى من نوعها التي وجهها اليه. ومع ان وزير الخارجية سارع الى توضيح كلامه وحاول تلطيفه بتمسّكه بتفاهم «مار مخايل»، الا ان الشق الذي أبقى عليه والذي قال فيه «ثمّة قرارات يتخذها الحزب في الموضوع الداخلي لا تخدم الدولة، وهذا ما يجعل لبنان يدفع الثمن، وأنّ بنداً اساسياً هو بناء الدولة في وثيقة التفاهم لا يطبّق بحجة قضايا السياسة الخارجية»، من المتوقّع الا يُهضم بسهولة لدى اوساط الضاحية، دائما في رأي المصادر.
وفي وقت عاد أمس باسيل من الخارج الى البترون حيث استقبله عدد من المناصرين بالتصفيق، تكشف المصادر ان حركة اتصالات «استيضاحية» انطلقت بين الرابية والضاحية في الساعات الماضية. واذ لا تستبعد ان يكون باسيل أراد عبر مواقفه، الرد على عدم وقوف «الحزب» الى جانبه في كباشه مع الرئيس بري وعلى انحيازه التام لرئيس مجلس النواب، تسأل «عما اذا كان رئيس التيار الوطني استشعر اصرارا دوليا واسعا على استهداف «الحزب» بالتزامن مع إنضاج طبخة التسوية الكبرى للمنطقة، آخر تجلياته كان امس بفرض الخزانة الأميركية عقوبات على 6 أفراد و7 كيانات لارتباطهم بالحزب، فقرر البدء بفك ارتباطه به تدريجيا؟
وسأل عضو تكتل التغيير والاصلاح النائب ناجي غاريوس، «هل يعني كلامنا السياسي لبناء الدولة بالطريقة المثلى، أننا نتعدى على حزب الله؟ ما يقصده باسيل يكمن في إطلاق تنبيه معين. فهو يقول إن هناك بعض القرارات تتخذ بطريقة تدل إلى استفراد معين، غير أنهم أعضاء في الحكومة، إلى جانبنا، إضافة إلى عناصر سياسية أخرى. تبعا لذلك، يأتي كلام الوزير باسيل في سياق المطالبة بمعالجة هذا الوضع ضمن الحكومة. غير أنه لا يعني أن حزب الله مستفرد بالقرارات الكبيرة أو أنه يدير ظهره للجميع، ولا يجوز النظر إليه إلا من الزاوية الايجابية». وشدد غاريوس على أن «اتفاق مار مخايل لس مهددا، بدليل المشهد الذي سجل أمس في بلدة الحدث. ونحن نرسم علاقاتنا السياسية مع كل الأفرقاء ضمن منطق بناء الدولة، لذلك نختلف في بعض الأحيان في وجهات النظر. غير أن بناء الدولة هذا يمر بالمؤسسات أكان البرلمان أو في الحكومة».
القوات فالكتائب: على أي حال، تؤكد المصادر ان التطورات المتسارعة هذه كلها، ستؤثر بلا شك على الاستحقاق النيابي في الربيع، وستفعل فعلها في خريطة التحالفات الانتخابية التي تبقى ضبابية حتى الساعة، وليس ثابتا فيها الا تحالف الثنائي الشيعي أمل – حزب الله. وفيما تتواصل الاتصالات على خطي معراب – بيت الوسط ومعراب – الرابية لتنقية العلاقات الثنائية من ترسّبات حقبة استقالة الرئيس الحريري، ستكون لرئيس القوات اللبنانية سمير جعجع سلسلة مواقف عند الرابعة من بعد الظهر، خلال حفل إطلاق المصالح الحزبية لماكينتها الإنتخابية في معراب. أما حزب الكتائب اللبنانية، فيطلق غدا حملته الانتخابية، تحت عنوان «نبض بكرا»، من الفوروم دو بيروت.
ان اللقاء الثلاثي الدولي – اللبناني – الاسرائيلي سيعقد في العاشرة من صباح الاثنين المقبل في رأس الناقورة لدراسة جدول اعمال مثقل بالملفات الساخنة ابرز بنوده الجدار الذي تبنيه اسرائيل على الحدود الجنوبية حيث افادت مصادر معنية «المركزية» ان اسرائيل تناور في هذا الملف من خلال طرح ابعاد الجدار مسافة متر واحد عن النقاط الـ13 المتنازع عليها على ان يقتصر البناء الاسمنتي على المناطق المواجهة لبلدتي بليدا وميس الجبل فيما يمتد في سائر المناطق على شكل شريط شائك. الا ان الجانب اللبناني سيؤكد في الاجتماع الثلاثي رفضه الخطوة الاسرائيلية الاستفزازية التي تتزامن مع مناورات اسرائيلية ضخمة على الحدود اعتبارا من الاثنين المقبل. والى الجدار، سيثير وفد لبنان ملف البلوك النفطي رقم 9 الذي ادعى وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ملكيته، حيث سيثبت بالوثائق والخرائط ملكيته.
افتتاحية صحيفة الشرق الأوسط
«الكتائب» يفتتح معركته الانتخابية بخطاب ناري
تفاهم ثابت مع «الاشتراكي» في الجبل وريفي في الشمال
بيروت: يوسف دياب
يلفّ الغموض مصير التحالفات الانتخابية للقوى السياسية والأحزاب اللبنانية المنضوية داخل الحكومة، فيما تبدو الصورة أكثر وضوحاً لدى الأحزاب التي تقف في جبهة المعارضة مع شخصيات مستقلّة، بفعل ابتعادها عن إحراجات أهل السلطة.
وقبل أن يتضح المشهد الانتخابي على صعيد التحالفات والترشيحات، عند مكوّنات الحكومة، كان لافتاً مسارعة حزب «الكتائب اللبنانية» إلى افتتاح معركته الانتخابية، بخطاب ناري أطلقه رئيسه النائب سامي الجميّل حمل فيه بشدّة على السلطة، ودعا اللبنانيين إلى التصويت بكثافة لمشروع سياسي يحررهم من الصفقات والمحاصصة والسلاح غير الشرعي، وبدا فيه كمن يقطع جسور التحالف مع قوى السلطة.
لكنّ عضو كتلة «الكتائب» النائب فادي الهبر أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن النائب الجميّل «لم يهاجم الطبقة السياسية، ولم يقطع خطوط التواصل معها، إنما كشف عيوب سلطة الفساد والمحاصصة»، لافتاً إلى أن «السلطة القائمة اليوم صُنِعت من خلال تقاطع مصالح إقليمية وداخلية تخدم (حزب الله) والجو الإيراني، وهي باتت بشكل أو بآخر تغطّي تفلت سلاح «حزب الله وقتاله في العالم العربي».
وأشار الهبر إلى أن خطاب سامي الجميّل «ليس مجرّد كلام انتخابي لاستنهاض الجمهور أو القواعد الشعبية، إنما طرح حالة تصحيحية، وخلق فرصة أمام اللبنانيين لإنقاذ البلد من حالة الجمود والتراجع الذي يعيشه».
لكن السقف العالي لخطاب الجميّل، لا يعني إقفال باب التحالفات الانتخابية مع القوى السياسية الأخرى، حتى ممن شملهم هذا الهجوم، برأي الخبير في الشؤون الانتخابية ربيع الهبر، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «حزب الكتائب قادر على نسج شبكة تحالفات جيدة في كثير من الدوائر الانتخابية». وقال: «في دائرة المتن الشمالي لا يحتاج (الكتائب) إلى تحالفات مع أحد، إذ لديه قوة مرجحة وقوة تجييرية، بمعنى أن الآخرين بحاجة إليه في المتن وليس العكس». ولم يستبعد أي تفاهم بين «الكتائب» والنائب السابق فريد هيكل الخازن ورجل الأعمال نعمت أفرام في كسروان، لافتاً إلى أن «تحالف الكتائب مع بطرس حرب في البترون قد يحدث فرقاً في الأصوات بمقابل لائحة التيار الوطني الحرّ»، وهذا ينسحب على انتخابات زحلة (البقاع) في حال تحالف مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف.
وكان «حزب الكتائب» رفض الدخول في الحكومة الحالية، بعدما عرضت على تمثيله بوزير دولة فقط، ما جعله على خصومة سياسية حتى مع حلفائه في قوى «14 آذار» مثل تيار «المستقبل»، وعلى تباين مع «القوات اللبنانية»، فيما حافظ على علاقته الوثيقة مع الحزب التقدمي الاشتراكي.
ولم يخف النائب «فادي الهبر، وجود مشروع تحالف بين (الكتائب) وبعض الأحزاب الممثلة في الحكومة، متوقعاً «إعلان تحالفه مع الحزب التقدمي الاشتراكي في جبل لبنان، انطلاقاً من مصالحة الجبل التي رعاها البطريرك (الماروني نصر الله) صفير في عام 2000، ثم وثيقة المختارة (مقر زعامة النائب وليد جنبلاط) في جبل لبنان، من أجل الحفاظ على خصوصية الجبل»، مشيراً إلى أن إمكانية التحالف مع القوات اللبنانية في الشمال (الكورة والبترون)». وقال: «نحن طلبنا من (القوات) الخروج من السلطة لكنهم قرروا البقاء ليربحوا على كل الجبهات»، مؤكداً أن «التحالفات ستكون على القطعة»، أي في مناطق مع هذا الفريق ومناطق أخرى مع فريق آخر. وإذ لفت الهبر إلى هامش ضيّق جداً للتحالف مع تيار «المستقبل»، أكد أن «هناك تفاهماً مع اللواء أشرف ريفي (وير العدل السابق) في طرابلس ومناطق أخرى (البقاع الأوسط)، لأننا نتفق معه على المستوى السيادي وتحرير البلد من هيمنة سلاح (حزب الله)، ونحن نقدر نضاله السياسي».